البلاغة والإعراب والبيان في القرآن الكريم

الظلم مؤذن بخراب العمران
مارس 1, 2020
عجائب الانقياد والطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم
يوليو 25, 2020
الظلم مؤذن بخراب العمران
مارس 1, 2020
عجائب الانقياد والطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم
يوليو 25, 2020

( أول سورة القصص )

بقلم : معالي الشيخ الدكتور راشد عبد الله الفرحان *

7 ( وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِى وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ) .

الإيجاز :

الآية من معجزات الإيجاز ، لاشتمالها على أمرين ، ونهيين ، وخبرين ، متضمنين بشارتين في أسهل نظم ، وأسلس لفظ ، وأوجز   عبارة .

15 ( فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ) .

جعله من عمل الشيطان فلكونه معتدياً على الإسرائيلي ، ولكونه لا يؤمن بالله من قوم فرعون ، ولم يكن موسى عليه السلام يقصد قتله ، لذلك ندم واستغفر ربه .

19 ( فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِى ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ ) .

فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ :

” أن ” الأولى ليست زائدةً ، وإنما أفادت الفعل بعدها التراخي كما تدل عليه قصة موسى ، فموسى لم يتعجل بمد يده إليه ، وإلا لقتله من أول وهلة .

32 ( ٱسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ ) .

البلاغة – التكرير :

التكرير في ( ٱسْلُكْ يَدَكَ ) و ( وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ) كرر المعنى الواحد لاختلاف الغرضين ، وذلك في إحداهما : خروج اليد بيضاء ، والثاني : إخفاء الرعب .

34 ( وَأَخِى هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِىَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِى إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ) .

يَقْتُلُونِ – ويُكَذِّبُونِ :

جاء قبله ( يَقْتُلُونِ ) و يُكَذِّبُونِ في هذه الآية حذفت منها نون الرفع كما حذفت كذلك ياء المتكلم للوقف ، أما هذه النون فهي للغاية ، ومعنى ردءاً : مساعداً ومعيناً .

35 ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ ) .

الاستعارة التمثيلية :

في ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ) .

37 ( وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ ) .

بِمَن – مَن :

جاء في الآية 85 ( إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِى ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) حذفت منه الباء اكتفاءً بدلالة الآية الأولى عليه .

وجيئ بالباء تقويةً للعامل في الآية الأولى لضعفه عن العمل .

38 ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّى صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي َلأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ ) .

وجاء في سورة غافر : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰهَامَانُ ٱبْنِ لِى صَرْحاً لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ ) 36 .

لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ – لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ :

حذف من الآية الأولى في القصص لتقدم ( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ  غَيْرِى ) من غير ذكر أرض [1] ، فناسبه الحذف ، وفي غافر تقدمه ( إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ) فناسبه مقابلته بالسماء في قوله ( لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ . أَسْبَابَ ٱلسَّمَاوَاتِ ) .

60 ( وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) .

وَمَآ أُوتِيتُم – فَمَآ أُوتِيتُم :

وجاء في سورة الشورى بالفاء ( فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ) 36 ، قال هنا بالواو لأنه لم يتعلق بما قبله كبير تعلق ، فناسب الإتيان بالواو ، المقتضية لمطلق الجمع .

أما في الشورى متعلق بما قبله أشد تعلق ، لأنه جاء بعد ما لهم من المخافة ، بما لهم من الأمن ، فناسب الإتيان بالفاء ، المقتضية للتعقيب .

فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا – فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا :

جاء في القصص بزيادة ( وَزِينَتُهَا ) وحذفه من الشورى ، وذلك لأن في سورة القصص قد سبقه ذكر جميع ما بسط من رزق أعراض الدنيا فذكر ( وَزِينَتُهَا ) مع المتاع ، يستوعب جميع ذلك ، إذ المتاع لا بد منه في الحياة ، وحذفه في سورة الشورى اختصاراً .

71 ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ ) .

72 ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ ) .

أَفَلاَ تَسْمَعُونَ – أَفلاَ تُبْصِرُونَ :

ختام الآيتين :

قال في الأولى : ( أَفَلاَ تَسْمَعُونَ ) لمناسبة الليل المظلم الساكن للسماع ، وقال في الثانية : ( أَفلاَ تُبْصِرُونَ ) لمناسبة النهار النير للإبصار .

76 ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِى ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ ) .

المبالغة :

بولغ في وصف كنوز قارون ، حيث ذكرها جميعاً وجمع المفاتيح أيضاً .

82 ( وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ ) .

الصرف :

( وَيْكَأَنَّ ) : ألم تر يا هذا إن الله يبسط الرزق ، ويضيق على من يشاء ، أصلها ( ويك ) و ( أن ) .

*  وزير الأوقاف والشئون الإسلامية في دولة الكويت سابقاً .

[1] الآية 26 ، غافر ( أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ) .