أدب المسرحية في العالم العربي
يناير 6, 2021استخدام كلمة ” النداء “و ” الدعاء ” في منظور القرآن الكريم
فبراير 21, 2021دراسات وأبحاث :
اللغة العربية في كيرالا ومراحل تطوّرهـا عبر العقود
د . جمال الدين الفاروقي ، ويناد، كيرالا
كانت للغة العربية علاقة قلبية بولاية كيرالا منذ أقدم العصور ، وعلاقتها بالجزيرة العربية وشعوبها تطورت عبر القرون ، وذلك بالتجارة البحرية التي كان يقودها العرب . كما أن ظهور الإسلام في مطلع القـرن السابع الميلادي هو الآخر سبباً تكثفت به مسيرة اللغة في هذه المنطقة . والمساجد العشرة التي أسّسها السيد مالك بن حبيب والمشار إليها في ” تحفة المجاهدين ” لمؤشر صادق إلى انتشار اللغة في ربوعها وإسهامها في تكوين المناخ الثقافي والحضاري بكيرالا . وقد ورد في كتاب ” تاريخ ظهور الإسلام في مليبار ” أن قد تم تأسيسها بين عامي 21 – 22 الهجري ، مما يمكن القول إن دراسة العربية وتدريسها بدأت بصورة منتظمة منذ تلك الأيام . ويضاف إلى هذا أن المقابر الموجودة في قرية ” نلا موتم ” ( Nilamuttam ) الواقعة في مقاطعة كانور ، كُتبت أسماء الوفيات عليها بأحرف غير منقوطة . وهذا إن دلّ على شيئ فإنه يدل على انتشار العربية في ربوع كيرالا قبل الستينات الهجرية . لأن تجديد الحروف العربية وتطويرها قد تمّ على يد نصر بن عاصم بأمر من الحجاج بن يوسف الثقفـي . وبما أن العربية ضرورية لتلاوة القـرآن ودراسته ، كان من المفروض أن المسلمين أقبلوا عليها وتحمسوا فيها .
أول وثيقة عربية في كيرالا :
ويقال : إن اللغة العربية بكيرالا ظهرت حروفها أولاً في الوثيقة النحاسية التي منحها الملك ستانو روي كولاشيكرا ( Stanu Ravi Kulashekara ) للمقيمين المسيحيين في مدينية كولام موافقةً منه لبناء كنيسة لهم ، وقد وقّع فيها بعض التجار العرب وكتبوا أسماءهم بالخط الكوفي . وكان ذلك في عام 849 الميلادي . وكتاب ” القيد الجامع ” الذي ألفه الفقيه حسين في دارمادام ( Dharmadam ) هو المؤلَّف العربي الأول في الولاية . وقد ذكر الرحالة ابن بطوطة اسم هذا العالم في كتابه عن الهند . ( رحلة ابن بطوطة ، ص : 374 ) .
ظهور الأسرة المخدومية ودورهم في تطوير العربية :
إن العربية قويت وتطورت كثيراً مع ظهور الأسرة المخدومية في خارطة كيرالا الثقافية . وإليهم يرجع الفضل في تكثيف حركة التعليم الديني في الولاية وتنظيمه وإيجاد الفرص للتحقيق في العلوم الدينية ، كما أن زعماءها كانوا في طليعة مَن كافح وحارب رجالَ الاستعمار الذين بثوا نفوذهم آنذاك بين البلاد والعباد . وصلت هذه الأسرة إلى كيرالا من ” معبر ” في تامل نادو ، وكان أولهم وصولا السيد زين الدين إبراهم بن أحمد المعبري الذي نزل في مدينة كوشن ، ثم انتقل إلى فوناني . وقد أنجبت هذه الأسرة زعماء وعلماء أجلاء من أمثال السيد زين الدين المخدوم الأول ( 1467 – 1522 ) ، وهو ابن أخيه المذكور . تلقى العلوم في الحديث والفقه من الشيخ شهاب الدين بن عثمان بمكة المكرمة ، ثم التحق بجامعة الأزهر ، ولعله كان هو الأول من أبناء مليبار ممن درس في جامعة الأزهر . وأساتذته آنذاك في الأزهر من العلماء العباقرة المشهورين . وفي هذه الفترة تحمست فيه الأفكار التربوية والتعليمية ، وتأسيس المدارس الدينية في فوناني ، جاء تتويجاً لهذه الأفكار . وما إن تخرج من الأزهر حتى قفل عائداً إلى فوناني وقام بمبادرته التعليمية ، كما بدأ حياته التعلمية والتأليفية مشتغلاً بالإفادة والاستفادة ، وقد كتب الكثير في التصّوف والفقه الإسلامي ، وقصيدته ” تحريض أهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان ” ذات 173 بيتاً ، نداء للمسلمين ليتحركوا ضد احتلال البرتقال وإنقاذ البلاد من براثنهم . وقصيدة أخرى ” هداية الأذكياء إلى طريق الأولياء ” تحتوي على وصايا ونصائح تمس القلوب وتملأها إيماناً وإخلاصاً . ومن مؤلفاته : مرشد الطلاب ، وسراج القلوب ، والسراج المنير ، والمسعد في ذكر الموت ، وشمس الهدى ، وتحفة الأحبة ، وإرشاد القاصدين ، وشعب الإيمان ، وتسهيل القافية ، وشرح الألفية ، وقصص الأنبياء ، وشرح تحفة الوردية ، والسيرة النبوية . وكتاب شعب الإيمان ترجمته من الأصل الفارسي .
ومن هذه السلالة عبد العزيز المخدوم ، ( 1508 – 1586 ) وهو ابن زيد الدين المخدوم الأول . كان أيضاً رجلاً عبقرياً ، وخلفاً صالحاً لوالده ، إذ قام بدوره في كتابة الشروح لمعظم كتبه ، إلى جانب مؤلفاته المستقلة ، ومنها : باب معرفة الصغرى والكبرى ، وإرشاد الألباء ، وقصيدة الأقسام ، وشرح ألفية بن مالك ، وأركان الإيمان ، ومرقاة القلوب ، والمتفرد ، ومسلك الأتقياء . وأما العالم الأكثر شهرةً وسمعةً في هذه الأسرة وهو الشيخ زين الدين المخدوم الثاني حفيد زين الدين الأول . قدم خدمات جليلةً للأمة المسلمة والعلوم العربية ، وسعى إلى نشر العلوم دراسةً وتدريساً وتأليفاً . وبعد الدراسة الابتدائية قصد مكة المكرمة وأقام بها عشر سنوات ليتلقى العلوم من جهابذة علمائها . ومن أساتذته هناك الشيخ ابن حجر الهيتمي أبرز علماء الشافعية . وبعد أن وصل إلى كيرالا شرع في كتابة المقررات للدراسة الدينية وجعل لها منهجاً مؤثراً ونظاماً متقناً ، مما جعل طلبة العلم من كل قاصية ودانية يقصدون فوناني للتحصيل العلمي . وعمله الرائع ” تحفة المجاهدين ” يبقى نموذجاً فذاً للتأليف العربي الأصيل ، كما أنه هو الأول والأبرز الذي يسلط الضوء على تاريخ كيرالا القديم . تمت ترجمته إلى خمس وثلاثين لغة في العالم . والكتاب يجسد مسيرة كيرالا التاريخية الممتدة 85 عاماً بدءًا من 1498 وحتى 1583 . وفيه دراسة مفصلة عن تاريخ ظهور الإسلام في مليبار ، والعادات المنتشرة في المجتمع الهندوكي ، والأعمال الوحشية التي قام بها الجنود البرتقال ، وضرورية الاصطفاف لمقاومتهم . ولا يزال يبقى مرجعاً فريداً لمن يشتغل بالدراسات الاجتماعية عن كيرالا القديمة . وكتاب فتح المعين ، هو الآخـر شهرة من بين مؤلفاته ، تناوله بعض العلماء العرب دراسةً وشرحاً ، ومنهم الشيخ علي بن السيد أحمد السقاف اليمني وكتابه ترشيح المستفيدين . والشيخ أبو بكر البكري صاحب كتاب إعانة الطالبين . وفي كيرالا كتب الشيخ علي بن عبد الرحمن ( كونجوتي مسليار ) كتابه ” تنشيط المطالعين ” شرحاً له في العربية .
وللشيخ زين الدين المخدوم ، بجانب هذا ، كتب أخرى في العربية ذات القيمة العلمية مثل :
- مختصر شرح الصدور
- الأجوبة العجيبة عن المسألة الغريبة
- المنهج الواضح
- الفتاوى الهندية
- الجواهر في عقوبة أهل الكبائر
- أحكام إحكام النكاح
- إرشاد العباد
وقد أعد ” إرشاد العباد ” شرحاً وإيضاحاً للكتابين : الزواجر لابن حجر الهيتمي ، ومرشد الطلاب لجـده زين الدين المخدوم الأول . أما ” الأجوبة العجيبة ” وهو الفتاوى الدينية التي أفتى بها في مختلف المناسبات .
والشيخ عثمان بن جمال الدين المعبرى ( 1504 – 1583 ) تلميذ وزوج ابنة المخدوم الأول عالم آخر في هذه الأسرة المباركة ، وقد كتب شرحاً عربياً لكتاب قطر الندى في علوم النحو . ومن الجدير بالذكر أن علماء المخدومية ساهمـوا كثيراً في إعداد الموسوعة الطبية (Hortus Malabaricus ) ومعناه رياض مليبار ، تولى تدوينه الحاكم الهولندي هنرك وان ريد ( Hendrik Van Rheede ) ويحتوي على دراسة 742 نباتاً دوائياً من الأعشاب الموجودة في غابات مليبار وكرناتكا ، استغرقت أعمال الجمع والتحقيق ثلاثين سنةً ليصدر الكتاب في 12 مجلداً في آمستردام عام 1678 . وقد أدرجت فيه أسماء النباتات في اللغات : اللاتينية والمليالمية والعربية وديواناكري . والأسماء العربية فيه كانت من مساهمات المخاديم . ومن هذا القبيل كتب الشيخ إبراهيم مسليار ( 1871 – 1951 ) في العربية كتاب ” مختزن المفردات الطبية ” الذي قام الدكتور محمد يوسف الندوي موخرا بدراسته وتحقيقه .
وعالم آخر عاش فترة الاحتلال البرتقالي هو القاضي محمد الكالكوتي ( 1572 – 1616 ) وقد عاش عمره بقلمه السيال وقلبه الفياض مربياً الأجيال ومتحدياً الأعداء . ونفخ روح التفاني في الشعوب في قصيدته الجليلة ” الفتح المبين ” وناداهم للوقوف أمام تيارات البرتغال دفاعاً عن الوطن . كما أنه قام بدوره في التأليف العربي ، ومن كتبه :
- الدرة الفصيحة
- القصيدة في نصيحة الإخوان
- منظومة في علم الحساب
- ملتقط الفـرائض
- مقاصد النكاح
- منظومة في تجويد القـرآن
- مدخل الجنان
- منظومة في علم الأفلاك والنجوم
- منظومة في الرسائل والخطوط
وتستهل المرحلة الثانية لتطور اللغة العربية في كيرالا مع القرن التاسع عشر الميلادي . ويطلع علينا في هذه المرحلة السيد جفـري المتوفي عام 1222هـ ، صاحب المؤلفات العربية : كنز البراهين ، الكواكب الذرية ، والإرشادات الجفـرية . والعالم الملباري الأكثر صيتاً والأحسن بلاءً في مقاومة الاحتلال هو القاضي عمر ( 1177 – 1273 ) . وكان ممن وقف في طليعة الكفاح والنضال في حركة الاستقلال ومقاومة الإنجليز . وصب عليهم جام غضبه في كتبه وخُطبه ، وأبصر الناس بمكايد الإنجليز لتفتيت الوحدة الشعبية في البلاد . وفي خلال ذلك خدم اللغة بتآليفه العربية التي أكثرها منظومة ، ومنها :
- نفائس الدرر
- لاح الإله
- صلى الإله
- مقاصد النكاح
- كتاب الذبح والاصطياد
والسيد مامبورم علوي تنغل هو الآخر ممن له جولات وصولات في الكفاحات والكتابة العربية . وكتابه ” السيف البتار على من يوالي الكفار ” يجسد أفكاره الوهاجة ضد الإنجليز المحتلين . وكذلك نجله السيد فضل تنغل ، وقف وقفات حاسمة ضد الغطرسة الإنجليزية ، وقاد حركة المقاومة الشعبية تكاتف فيها المسلمون وغيرهم . وكتابه ” عدة الأمراء والحكام لإهانة الكفرة وعبدة الأصنام ” يجسد شخصيته وعقليته الغيور ، ويوحي إلى المواطن الصادق الحماسة وروح الإقدام . وتمثل مقاومة هذه الفترة مرحلة متميزة من مراحل الكفاح ضد الإنجليز . ومن مؤلفاته : حُلل الإحسان في تزيين الإنسان ، وأساسُ الإسلام ببيان الأحكام ، ورسالة المسلم العالي لإدراك المعالي . وحين حاول الإنجليز نفيه سافـر إلى عمان ومنها إلى تركيا حيث أكرمه السلطان عبد الحميد الثاني وتولى منصب المستشار الرئيس .
أعلام القـرن العشرين :
وما إن استهل القرن العشرين حتى تبوأت العربية مكاناً متميزاً في الأوساط الاجتماعية في كيرالا . وظهرت زمرة طبية من العلماء القادرين في التأليف بالعربية . كما شهدت هذه الفترة بواكير الإصلاح الديني والاجتماعي الذي كانت المساجد والمدارس أبرز منابره . والسيد جاللكات كونج أحمد حاجي المولود عام 1866 شخصية ملحوظة آنذاك . وهو الذي قام بدوره في إصلاح المجال التربوي ، ومقـره وازكاد ( Vazhakkad ) حيث أسس مدرسة تنمية العلوم عام 1906 ، وهي التي تحولت فيما بعد إلى كلية دار العلوم العربية . وبدأ الإصلاح تهب رياحه على اللغة العربية فزادتها روعةً ورونقاً . والشيخ بجانب هذه النشاطات كان مولعاً بالتأليف . ومن كتبه : حاشية على رسالة المارديني ، ورسالة الحساب ، رسالة دعوة القبلة . كما أنه حرر بعض المقررات العربية للمدارس الدينية . والشيخ وكام عبد القادر المولوي هو الأكثر بروزاً في مجال الإصلاح الديني والتربوي . وقد أصدر المجلات ذات المقالات العلمية والدعوية القيمة بهدف إصلاح المسلمين ، كما أنه سعى إلى نشر العربية في المراحل المدرسية ، وقد قدم تقريراً بهذا الخصوص إلى ملك ترفدانكور ، وعلى أساسه انعقد عام 1913 مؤتمر لزعماء المسلمين للبحث عن إمكانات دراسة العربية . وبموجب اتفاق المؤتمر قامت الحكومة بتوظيف السيد سري راما سامي آيار(Sri Rama Swamy Ayyar ) لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتعليم الأولاد المسلمين ، ولجذبهم إلى المدارس العامة ، وفي نفس العام بدأت العربية تدرّس في المدارس الابتدائية وتم تعيين أساتذتها . والسيد وكام عبد القادر هو بالذات تولى مهمة تحرير المقررات الدراسية العربية وتدريب الأساتذة ، مما جعل كيرالا الأكثرَ اهتماماً بالعربية والأحسنَ نظاماً لتدريسها قياساً لسائر الولايات الهندية . وقد نشرت مجلة المنار الصادرة من مصر عدداً من مقالات الشيخ عبد القادر في العربية .
ورحم الله بلادنا كيرالا في هذه الفترة بالعلماء المفلقين في العربية من أمثال الشيخ أبو الصباح أحمد علي خريج الأزهر ومؤسس كلية روضة العلوم العربية ، وبتأسيسها شهدت كيرالا قفزات سريعة في مجال التعليم والإصلاح الاجتماعي ، وقد سانده في مهماته كبار القادات والزعماء في الولاية . وانبثقت من روضة العلوم فيما بعد عدد من المؤسسات التعليمية والتربوية والمهنية مما تزدان به اليوم ربوة كلية الفاروق . وقد كان الشيخ أبو الصباح يكتب المقالات العربية في مجلات المرشد والاتحاد . ومن هؤلاء الشيخ كي . أم . مولوي والشيخ عز الدين مولوي ممن صدر لهم المقالات العربية في مختلف المجلات العربية ، وكذلك الشيخ بري كوتي مسليار الذي كتب المقالات العربية ونشرها في صحيفة أم القرى الصادرة من مكة المكرمة .
ومن أبرز أبناء كيرالا في هذه الأيام الشيخ محي الدين الآلوائي . وهو العالم الملباري الأكثر إنتاجاً في العربية ، وقد قام بدور الأديب والأستاذ والصحفي والإذاعي والمترجم في وقت واحد . وتركت بصماته واضحة جلية في كل المجالات . ومن مؤلفاته العربية : الأدب الهندي المعاصر ، وحاضر الإسلام والمسلمين ، ومنهاج الدعوة ، ومن خصائص الدعوة الإسلامية ، والإسلام وتطورات العالم ، وعناصر الخلود في الدعوة الإسلامية ، والإسلام وقضايا الإنسانية ، والنبوّة المحمدية ونقديات المستشرقين ، وأعلام الدعوة الإسلامية في شبه القارة الهندية ، ومنهاج المعلمين لتعليم العربية . وقد نالت هذه الأعمال تقدير العالم العربي وإعجابهم . وجامعة أزهر العلوم في آلواي تقوم ناطقةً بفضله ورمزاً لامعاً لشخصيته .
ويأتي في هذه القائمة اسم السيد عبد الرحمن الأزهري ( تنغل ) الذي تخرج من الأزهر بعد دراساته في جامعة ولور ودار العلوم ديوبند . ومن مؤلفاته : أبو نواس وحياته ، التصوف الإسلامي ، وتاريخ النحو وتطوره ، من نوابغ علماء مليبار ، ومن أعماله البارعة : العرب والعربية . والشيخ كيباتا بيران كوتي مسليار تلميذ الشيخ كي . أم . مولوي كاتب مشهور في العربية ، وقد كتب : الورقات ، وماذا وظيفة الفقهاء ، ورسالة التنبيه ، والبراهين ، وكلها ذات طابع علمي رصين في لغة الضاد .
والشيخ أحمد كويا الشالياتي المتوفي عام 1954 صاحب مؤلفات كثيرة في العربية ، ذات التنوع الموضوعي والتعدد المعرفي ، ومنها : خير الأدلة في هدي استقبال القبلة ، وتحقيق المقال في مبحث الاستقبال ، والمقال الحاوي في رد الفتاوى والدعاوي ، وإتحاف الدليل في رد التجهيل ، والسير الحثيث لتخريج أربعين الحديث ، والبيان الموثوق ، وإفادة المستعيد بإعادة المستفيد ، أسماء المؤلفين في ديار مليبار ، والعوائد الدينية في تلخيص الفوائد المدنية ، والشرح اللطيف والبيان المنيف ، وكشف الصادر لنظم عوامل الشيخ عبد القاهر الجرجاني . وقد خدم مفتياً أيام ملوك النظامية بحيدرآباد . وكان متضلعاً كذلك من العلوم العقلية مثل الكيمياء والفلك . والمكتبة الأزهرية الموجودة في شاليام مزدانة بمؤلفاته . والشيخ علي عالي مسليار ( 1853 – 1952 ) أستاذ المـذكور وأحد أبرز المكافحين في ثورة الاستقلال ، كان في طليعة علماء العربية في هذه الفترة ، وهو بجانب صموده أمام الإنجليز كان متحمساً في التدريس والتأليف العربي ، ومن كتبه : حاشية تحفة الإخوان في علم البلاغة ، وشرح التحفة الوردية في النحو . وكان الشيخ والاكولام عبد الباري مسليار المتوفي عام 1965 أحد المساهمين في هذه المرحلة . ومن مؤلفاته العربية : صحاح الشيخين ، وجمع الباري ، والمتفرد في الفقـه ، والصراط المستقيم ، والوسيلة العظمـى .
والشيخ تانور عبد الرحمن ( 1904 ) ، العالم البارز من ذوي النفوذ في المجالات الاجتماعية والروحية كان له قدرة تأليفية متميزة في العربية . ومن عطائه التأليفي : إسعاد العباد في ذكر الموت والمعاد ، وعوارف المعارف ، والإفاضة القدسية ، وأسرار المحققين في معرفة رب العالمين ، وشرح بسيط على كتاب الخفة المرسلة في علم الحقائق .
وفي هذا المضمار يجدر الإشارة إلى شخصية السيد إسماعيل شهاب الدين ( 1936 – 2012 ) الذي كان شديد الحرص على نشر العربية ، وبذل كل جهوده في مجال التدريس والتأليف . وعمله الرائع ” على هامش التفاسير ” عمل قيم في التأليف العربي بكيرالا ، أكمله في سبع مجلدات بعد أن عكف على العمل تسع سنوات ، وهو المؤلف الأول بكيرالا ممن كتب تفسيراً في العربية . ومؤخراً تم إصداره من قبل وزارة الشؤون الدينية بقطر . وبجانب هذا التفسير كتب : المرقاة في عقيدة المسلم ، وأدب المسلم في منهج الإسلام ، وصفوة الكلام في عقيدة الإسلام ، والنبراس ، والمدارج .
والشيخ فوكوتور محمد الباقوي هو الآخر ممن له جهود طيبة في التأليف العربي . وقد أتحف المجتمع الإسلامي بالمؤلفات في مختلف المواضيع ويربو عددها على 71 مؤلفاً ما بين صغير وكبير . وأبرزها : زميل القارئ في حل ألفاظ البخاري ، والنسب والماهرة ، والأضحية والعقيقة ، وإعراب الإعراب ، مداح النبي ، وبلاغ السلام ، ونجوم القـرآن ، وقواعد الخط ، ودرر الصرف ، ودراسة الألفاظ اللغوية . والشيخ عبد الرحمن مسليار المعرف بـ : كودامبوزا باوا مسليار ، المولود عام 1946 عالم مطبوع على العربية ، وكان ولا يزال يبذل جهوده الطيبة لإثراء المكتبة العربية بتأليفه ، ومن أهم أعماله : عقيدة المهام ، والأجساد العجيبة والأبدان الغريبة ، وبستان السبعة ، وإبراهيم بن أدهم – حياته وسيرته ، وينابيع الغنى ، ورزق الأصفياء ، وجنان الأدب ، وسفينة الصحراء .
والعلامة الراحل نلي كوت محمد على مسليار معروف بين علماء العربية بمساهماته الفريدة التي تهدف إلى إحياء التراث العلمي والثقافي . وكتابه القيم ” تحفة الأخيار في تاريخ علماء مليبار ” يحتوي على تراجم الأعلام البارزين في كيرالا البالغ عددهم 1800 أو يزيد . والعلامة الدكتور حمزة عبد الله المليباري شخصية متميزة بتحصيله العلمي وتحقيقه المعرفي وتأليفه العربي ، ليس فقط في كيرالا ، بل وأكثر من ذلك العالم العربي كله يعترف بفضله ودوره في تحرير وتنقيح علوم الحديث . وهو من مواليد كانور ، وحالياً يعمل مدرساً في كلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية بدبي ، وقد تخرج من جامعة الأزهر وأخذ الدكتوراه من جامعة أم القـرى ، وركـز دراساته وبحوثه في علوم الحديث . ومؤلفاته فيها صارت من المقررات الدراسية في جامعات الأردن وبغداد . ومن أبرز أعماله : ما هكذا تورد يا سعـد الإبل ، والموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، والحديث المعلول – قواعد وضوابط ، ونظرات جديدة في علوم الحديث ، وكيف يدرس علم تخريج الأحاديث ، وعبقـرية الإمام مسلم في ترتيب أحاديث الصحيح .
ومن العلماء الأجلاء الذين لهم سمعة وشهرة في العربية : الأستاذ الدكتور أحمد كوتي ، رئيس قسم العربية بجامعة كالكوت سابقاً ، والدكتور ويران محي الدين ، وعمله الرائع ” الشعر العربي في كيرالا ” مصدر هام للطلبة والباحثين في الموضوع ، والشيخ عبد الغفور القاسمي ساهم بكتابه : المسلمون في كيرالا ، في التأليف العربي . والدكتور تاج الدين المناني رئيس قسم العربية بجامعة كيرالا رجل نشيط في الكتابة والتأليف وأطروحته للدكتوراه تم إصدارها بعنوان : اللغة العربية في تامل نادو ” ، من العراق .
أما بالنسبة إلى الشعر العـربي فمساهمة علماء كيرالا فيه كثير مثير ، يكاد يضاهي دور الشعراء العرب في الصناعة والإتقان والوصف والخيال . والعقد الأخير يشهد تقدماً ملموساً في مجال ترجمة الطرائف الأدبية من العربية وإليها ، قام بها صفوة طيبة من الأساتذة والكتاب ، مما يمكننا المساهمة في التبادل الثقافي بين اللغتين والثقافتين .
وكل هذا يدل على أن لغة الضاد كانت ولا تزال تزهو وتزدهر في ماضيها وحاضرها في هذه الولاية الساحلية ، وسوف يكون لها شأن بأثرٍ أكثرَ في قادم الأيام بإذن الله تعالى .