جبهات الدعوة الإسلامية ومجالاتها الرئيسية

سنة الله في الكون
أكتوبر 17, 2022
قدرة الله وقوته في الكون
نوفمبر 5, 2022
سنة الله في الكون
أكتوبر 17, 2022
قدرة الله وقوته في الكون
نوفمبر 5, 2022

التوجيه الإسلامي :

جبهات الدعوة الإسلامية ومجالاتها الرئيسية

بقلم : الإمام الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي

إن موضوع الدعوة أيها السادة ! موضوع مطروق معالج ، كثرت عنه الأحاديث ، وازدحمت فيه الكتابات والبحوث خصوصاً في الزمن الأخير وتكونت فيه مكتبة ذات قامة وقيمة ، فأريد أن أحدِّد بحثي في جبهات الدعوة الحاسمة ، ومجالاتها الرئيسية المقررة لمصير العالم الإسلامي فضلاً عن مسيرة الدعوة ، وأركز على النقاط المختارة العلمية ( في ضوء دراساتي القاصرة ، وفي ضوء الواقع ، وتجارب الماضي ) ، لحماية الأقطار الإسلامية من التحديات والفتن ، وبالله التوفيق .

(1) تحريك الإيمان في نفوس الشعوب والجماهير المسلمة ، وإثارة الشعور الديني فيها ، فإن تمسك هذه الشعوب والجماهير بالإسلام وتحمسها له هو الشعور القوي العالي الذي يعتمد عليه في بقاء هذه البلاد ، وكثير من القيادات وحكومات العالم الإسلامي في حظيرة الإسلام ، وهي مادة الإسلام ، ورأس ماله ، والخامات الكريمة التي تستخدم لأي غاية نبيلة ، وهي من أقوى المجموعات البشرية ، وأحسنها سلامة صدر وقوة عاطفة ، وإخلاص .

وذلك مع تحقيق الشروط والصفات التي تستحق بها هذه الشعوب والتغلب على المشكلات ، والانتصار على العدو ، كتصحيح العقيدة ، وإخلاص الدين لله ، والابتعاد عن كل أنواع الشرك والعقائد الفاسدة ، والعادات الجاهلية ، والتقاليد غير الإسلامية ، وعن النفاق والتناقض بين العقائد والحياة ، والقول والعمل ، وسير الأمم القديمة التي استحقت بها عذاب الله وخذلانه ، وكذلك سيرة الأمم المعاصرة التي نسيت الله ، فأنساها نفسها ، وقادت العالم إلى النار والدمار .

هذا مع تنمية الوعي الصحيح ، وتربيته ، والفهم للحقائق والقضايا ، والتمييز بين الصديق والعدو ، وعدم الانخداع بالشعارات والمظاهر ، حتى لا تتكرر مآسي وقوع هذه الشعوب فريسةً للهتافات الجاهلية ، والنعرات القومية ، أو العصبيات اللغوية والثقافية ، ولعبة القيادات الداهية والمؤامرات الأجنبية ، فتذهب ضحيةً سذاجتها وضعفها في الوعي الديني ، والعقل الإيماني .

(2) صيانة الحقائق الدينية ، والمفاهيم الإسلامية من التحريف ، ومن إخضاعها للتصورات العصـريـة الغـربيـة ، أو المصطلحات السياسية والاقتصادية ، والتجنّب عن تفسير الإسلام تفسيراً سياسياً بحتاً ، والمغالاة في ” تنظير الإسلام ” ، ووضعه على مستوى الفلسفات العصرية ، والنظم الإنسانية ، لأن هذه الحقائق الدينية هي أساس للإسلام الدائم ، والأصل الذي منه البداية وإليه النهاية ، وإليها كانت دعوة الأنبياء ، وفي سبيلها كان جهادهم وجهودهم ، وبها نزلت الصحف السماوية .

الحذر من كل ما يقلِّل من قيمة الصلة بين الله والعبد ، والإيمان بالآخرة وأهميتها ، ويضعف في المسلم عاطفة امتثال أمر الله ، وطلب رضاه : والإيمان ، والاحتساب ، والقرب عند الله تعالى ، وهذا التحول يفقد هذه الأمة شخصيتها ، وقوتها ، وقيمتها عند الله ، وكذلك الحذر من كل ما يقلِّل من شناعة الوثنية العقائدية ، والشرك الجلي ، والعادات ، والعبادات الجاهلية ، والاكتفاء بمحـاربـة النظـم ، والتشريعـات ، والحكومات غير الإسلامية ، فإن ذلك يتجه بهذا الدين عن منهجه القديم السماوي إلى المنهج الجديد السياسي .

(3) تقوية الصلة الروحية ، والعقلية ، والعاطفية بالنبي صلى الله عليه وسلم والحب العميق له ، الذي يؤثره على النفس ، والأهل والولد ، كما جاء في الحديث الصحيح ، والإيمان به كخاتم الرسل ، وإمام الكل ، ومنير السبل ، والحذر من كل العوامل والمؤثرات التي تسبب تجفيف منابع هذا الحب ، وإضعافه على الأقل ، وتحدث جفافاً في الشعور ، وضعفاً في العمل بالسنة ، وتجرؤاً في القول ، وانصرافاً عن الافتخار به ، والولوع بدراسة سيرته ، وكل ما يحرِّك هذا الحب ، ويغذيه . ولعل البلاد العربية ( بفعل أحداث ، ودعوات قومية ) أحوج إلى العناية بهذه النقطة ، وأحق بها من غيرها ، ففيها كانت البعثة المحمدية ، وفي لغتها نزل القرآن ، ونطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم .

(4) إعادة الثقة في نفوس الطبقة المثقفة ، ومن بيدهم القيادة الفكرية ، والتربوية ، والإعلامية في البلاد والحكومات الإسلامية بصلاحية الإسلام وقدرته ، لا على مسايرة العصر وتطوراته وتحقيق مطالبه ، بل على قيادة الركب البشري إلى الغاية المثلى ، وتجديف سفينة الحياة إلى بر السلام والسعادة ، وإنقاذ المجتمع البشري من الانهيار والانتحار الذي تعرض لهما تحت القيادة الغربية الخرقاء ، وأنه ليس        ” بطارية ” قد نفدت شحنتها ، أو ذبالة قد نفد زيتها ، واحترقت فتيلتها ، بل هو الرسالة العالمية الخالدة ، وسفينة النجاة التي هي كسفينة نوح ، لا ينجو إلا من ركبها .

إن ضعف هذه الثقة ، أو فقدها هو داء هذه الطبقة المثقفة الناشئة في أحضان الثقافة العربية ، أو تحت ضغطها ، وهو المسؤول عن كل تصرفاتها وسبب الردة الفكرية والحضارية ، والتشريعية التي تكتسح العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه ، وتعاني منه الشعوب المسلمة – التي لا تفهم إلا لغة الإيمان والقرآن ، ولا تتحمس إلا للإسلام – وسبب حدوث هذا الخليج العميـق الـواسـع بيـن القيادات والحكـومـات والشعـوب والجماهير ، وسبب القلق الذي يساور النفوس ، ويستهلك القـوى والطاقات فيما لا يعود على الأمة والبلاد بفائدة .

(5) قلب نظام التربية والتعليم المستورد من الغرب ، المنتشر السائد في العالم الإسلامي ، رأساً على عقب ، وصوغه صوغاً إسلامياً جديداً ، يتفق مع شخصية هذه الشعوب المسلمة ، وعقيدتها ، ورسالتها ، وقامتها ، وقيمتها ، لا يبعد هذا الصوغ عنه عناصر الإلحاد أو المادية ، وتصور هذا الكون تصوراً مادياً ، والعلوم وحدات متناثرة متناقضة ، والطبيعة حرة قاهرة ، والتاريخ حوادث غير مرتبطة خاضعة لقلق وصراع دائمين ، ولا يصلح نظام التربية والتعليم إصلاحاً جزئياً فحسب ، بل يبتكر ابتكاراً جذرياً ، مهما استنفد من الطاقات ، وكلّف من الوسائل ، والنبوغ والعبقريات ، وبغير ذلك لا يقوم العالم الإسلامي على قدميه وبرأسه . وعقله ، وإرادته وتفكيره ، ولا تدار الحكومات والأجهزة الإدارية ، والمرافق العامة إلا برجال مؤمنين أقوياء أمناء مخلصين ، يطبقون التعاليم الإسلامية في الحكومة والإدارة ، والتربية ، والإعلام ، والمجتمع ، فتمثل الحياة الإسلامية بجمالها وكمالها ، وينشأ المجتمع الإسلامي في سماته  وخصائصه .

(6) حركة علمية قوية دولية ، تعرّف الطبقة المثقفة الجديدة بذخائر الإسلام العلمية وتراثه المجيد ، وتنفخ في العلوم الإسلامية روحاً من جديد ، وتثبت للعالم المتمدن : أن الفقه الإسلامي وقانونه من أرقى القوانين ، وأوسعها في العالم ، وهو يقوم على أساس من المبادئ الخالدة التي لن تبلى ، ولن تفقد صلاحيتها في يوم من الأيام ، وهي تصلح لمسايرة الحياة الإنسانية في كل زمان ومكان ، وتغنيها عن كل قانون وضعته أيدي الناس .

(7) الحضارة عميقة الجذور في أعماق النفس الإنسانية وفي مشاعر الأمة وأحاسيسها ، وتجريد أمة عن حضارتها الخاصة – التي نشأت تحت ظلال دينها ، وتعاليم شريعتها ، وكان في صياغتها نصيب كبير للذوق الديني الخاص ، وطابع هذه الأمة الخاص – مرادف لعزلها عن الحياة ، وتحديدها في إطار العقيدة والعبادة والطقوس الدينية الضيق ، وفصل حاضرها عن ماضيها ، فلا بد للحكومات الإسلامية والمجتمعات الإسلامية من التخطيط المدني الإسلامي المستقل ، البعيـد عن تقليد الغرب الأعمى ، والارتجالية ، ومركب النقص ، ولا بد من تمثيل الحضارة الإسلامية في عواصمها ، وفي دوائرها ، وفي بيوتها ، وفي مجتمعاتها ، وفي فنادقها ، ومتنزهاتها ، وإلى حد في مكاتبها ، وطائراتها ، وسفاراتها ، وبذلك لا يعرض العالم الإسلامي نموذجاً للحياة الإسلامية والمثل الإسلامية فحسب ، بل يقوم بدعوة صامتة للإسلام .

(8) معاملة الحضارة العربية – بعلومها ونظرياتها واكتشافاتها وطاقاتها – كمواد خام يصوغ منها قادة الفكر ، وولاة الأمور في العالم الإسلامي ، حضارةً قويةً عصريةً ، مؤسّسةً على الإيمان والأخلاق ، والتقوى ، والرحمة ، والعدل في جانب ، وعلى القوة والإنتاج ، والرفاهية ، وحب الابتكار في جانب آخر ، يأخذون من علوم الغرب ما تفتقر إليه أمتهم ، وبلادهم ، وما ينفع عملياً ، وما ليس عليه طابع غرب ، وشرق ، ويستغنون عن غيره ، ويعاملون الغرب كزميل وقرين ، إن كان في حاجة إلى أن يتعلموا منه كثيراً فهو في حاجة إلى أن يتعلم منهم كثيراً ، وربما كان ما يتعلّمه الغرب منهم أفضل مما يتعلمونه هم من الغرب .

(9) إقناع الحكومات – في بعض البلاد الإسلامية التي مثلت دوراً رائعاً في تاريخ الدعوة والحضارة الإسلامي – المشغولة بحرب إبادة للعنصر الإسلامي ، أو عملية ” تطوير للإسلام ”  وتفسيره وفق مصالحها السياسية ، أو أهواء قادتها الشخصية ، بأنها سياسة عقيمة لم تنجح في بلد إسلامي ، وإقناعها بتوجيه طاقاتها وإمكانياتها ، إلى عدو مشترك ، وإلى ما يقوي البلاد ، والأمة .

وإقناع الحكومات المسلمة – المسالمة للإسلام – بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية ، وتهيئة الجو المناسب ، المساعد على ذلك ، وما يستتبع هذا الأمر من سعادة ، وبركة ، ونصر من الله ، وسعي لتكوين قيادة موحدة تقوم على مبدأ الشورى الإسلامي ، والتعاون على البر والتقوى – والشعور بالتقصير على الأقل – بعدم وجود الإمامة العامة ، أو الخلافة الإسلامية التي كُلّف بها المسلمون ، وسيحاسبون عليها .

(10) أما بالنسبة إلى البلاد غير الإسلامية ، فالقيام بالدعوة إلى الإسلام والتعريف به بأساليب حكيمة تتفق مع طبيعة الإسلام وروح العصر ، أما البلاد التي فيها الأقليات المسلمة ، فالاهتمام بتمثيل الإسلام ، والحياة الإسلامية تمثيلاً يلفت إليه الأنظار ، ويستهوي القلوب ، والقيام بالقيادة الخلقية والروحية ، وقبول مسؤولية إنقاذ البلاد والمجتمع من الانهيار الخلقي ، والخواء الروحي ، والتدهور الاجتماعي الذي تعرضت له هذه البلاد ، حكومةً وشعباً ، حتى يتهيأ للإسلام أن يثبت جدارته وحاجة البلاد إليه ، ويتهيأ للمسلمين أن يقوموا بدورهم البلاغي ، والقيادي في هذه البلاد .

(11) وأخيراً لا آخراً هو ما تفرضه طبيعة الإسلام وتاريخه المجيد ، وتقتضيه الفطرة السليمة ، ونفسية الإنسان الدائمة ، والأوضاع السائدة ، هو وجود حركة إيمانية ، إيجابية قوية في العالم الإسلامي ، تقترن بصفات الرجولة والطموح وعلو الهمة ، وبعد النظر ، والقدرة على مواجهة الطاقات الرئيسية القائدة التي تملكت زمام قيادة البشرية ، وأصبحت تتحكم في مصاير الشعوب ، والأقطار الإسلامية وغير الإسلامية – من غير حق ومبرر – وذلك بإيمان القائمين بهذه الحركة والدعوة القوي ، وثقتهم بفضل الإسلام وحاجة البشرية إليه .

ويقترن نشاط هذه الحركة أو الدعوة الإسلامية بروح التضحية والبطولة والجلادة والتقشف والقدرة على المغامرات – إن كان لا بد منها – فإن الناس ما زالوا مفطورين على تقدير الإيمان القوي ، والاعتزاز بالعقيدة والمبدأ والاستهانة بالمادة واللذة ، والعزة ، وروح المخاطرة ، وعلى الإجلال لشيئ لا يجدونه عندهم ، فالضعيف مفطور على احترام القوي ، والفقير مفطور على احترام الغني ، والأمي مفطور على احترام العالم ، حتى اللئيم مفطور على احترام الكريم ، ولأن تاريخ الإسلام مليئ بالبطولات والمغامرات ، ولأن الواعين والمتتبعين لواقع الأمم والبلاد ، وأصحاب الضمائر الحية قد سئموا ، وضاقوا ذرعاً بسياسة الحكومات ، والقيادات الغربية ، والشرقية ، وأصبحوا يمقتونها ، ويكرهونها كرهاً شديداً .

إن وجود هذا الفراغ – عدم وجود حركة إيمانية دعوية إيجابية قوية ، ومجتمع قوي سليم من أدواء العصر الحديث والحضارة المادية الراعنة ، يقوم على تعاليم الإسلام وقيمه ومثله – خطر كبير على الوجود الإسلامي ، وعلى العقيدة الصحيحة والحياة الإسلامية ، فإن وجود الفراغ في شيئ ضروري ، وفي مصلحة بشرية شيئ غير طبيعي ، لا يصلح للبقاء طويلاً ، وقد يسبب ذلك نشوء حركة منحرفة زائفة ، فاسدة العقيدة والمنهج ، سلبية ، هادمة ، مدمرة ، ويعرف الدارسون لتاريخ الديانات والدعوات والحركات ، وللتاريخ العام : أنه إذا وجدت هذه الحركة المنحرفة ، واقترن نشاطها ودعاويها بالتضحيات والمغامرات ، وبالتقشف ، ومظاهر الزهد ، وهتافات التحدي للطاقات الكبيرة ، ومواجهتها لتهديداتها وأخطارها بشجاعة وصمود ، ونقدها للأوضاع الفاسدة السائدة في بعض أجزاء العالم الإسلامي التي لا تتفق  مع تعاليم الإسلام وقيمه ومثله – ولو كان في ذلك نصيب كبير من الدعاية ، والمظاهرة ، ووسائل الإعلام الجبارة – كان له سحر على النفوس – خاصةً في أوساط المعلمين ، وأنصاف المتعلمين ، المتألمين من الواقع المرير الذي تورطت فيه بعض المجتمعات الإسلامية – سحر لا يبطله وعظ واعظ ، أو مقال لكاتب ، أو استدلال منطقي ، أو بحث علمي ، يشهد بذلك تاريخ الخوارج في القرن الإسلامي الأول ، وتاريخ الباطنية والفدائيين في القرن السادس والسابع الهجريين ، وحكايات حسن بن الصباح وما كان يجري في مركزه قلعة ” الموت ” وتاريخ كثير من الحركات العسكرية الثورية التي ظهرت باسم قلب الأوضاع الفاسدة باسم الإسلام والإصلاح كذباً وزوراً أحياناً كثيرةً ، وبعض الحركات والثورات المعاصرة التي استطاعت أن تجنّد ألوفاً من الشباب في تحقيق مآربها السلبية ، وأهدافها الخطيرة ، يضحون بحياتهم في سبيلها متطوعين مندفعين ، وقد استرعت انتباه العالم ، واستجابت لها بعض أوساط المعنيين باليقظة الإسلامية ، والحاملين لمجد الإسلام وعظمته ، من غير أن ينقدوها نقداً بريئاً جريئاً في ضوء النصوص القرآنية ، والعقائد الإسلامية ، والدراسات المقارنة الأمينة للفرق المنتحلة للإسلام .

ويعرف قادة المسلمين ومفكروهم : أن السيل لا يمسكه إلا سيل مثله ، والتيار لا يدفعه إلا تيار أقوى منه ، وواقع العالم الإسلامي – ومعذرةً – اليوم في الجمود ، والاستنامة ، والإخلاد إلى الراحة ، وعدم وجود دعوة إيمانية قوية ، وروح التضحية والفداء في سبيل العقيدة الصحيحة ، والأهداف الصالحة ، وعدم اكتفائهم العسكري والفكري ، نذير خطر دائم ، وممهد الطريق للوقوع في شبكة هذه الدعوات المنحرفة الزائفة ؛ التي يجد فيها شباب المسلمين والمتذمرون من الأوضاع الحالية طلبتهم ، ومنشودهم ، وما يرضي طموحهم ، ويزيل قلقهم ، وإن كان ذلك ( كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ) [ النور : 39 ] ولكنّها نفسية الإنسان ، وتجربة الأمم ، والحقيقة الأليمة التي يجب أن ينتبه لها كل معني بحاضر الإسلام ومستقبله ، وسلامة العقيدة ، وصحة التفكير ، والإيمان بالله ورسوله وتعاليمه .

وأختم هذا الحديث القصير بقوله تعالى الذي خاطب فيه المجموعة الصغيرة من الأنصار والمهاجرين التي حثها على المؤاخاة ، وربط بها مصيرالعالم والإنسانية : ( إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) [ الأنفال : 73 [ .