المقارنة بين كتابات العلامة شبلي النعماني ومحمد حسين هيكل : دراسة تحليلية ( الحلقة الأولى )

مجهودات الدكتور محمد تقي الدين الهلالي في مجال الصحافة العربية ( الحلقة الأولى )
مايو 3, 2021
الإدغام بحسب الصفة من القرآن الكريم
مايو 3, 2021
مجهودات الدكتور محمد تقي الدين الهلالي في مجال الصحافة العربية ( الحلقة الأولى )
مايو 3, 2021
الإدغام بحسب الصفة من القرآن الكريم
مايو 3, 2021

دراسات وأبحاث :

المقارنة بين كتابات العلامة شبلي النعماني

ومحمد حسين هيكل : دراسة تحليلية

( الحلقة الأولى )

الباحث محمد يعقوب *

المقدمة :

الدراسة المقارنة فن تظهر فيه مقارنة بين شيئين أو أكثر بهدف اكتشاف شيئ يكون بين كتابين أو الشعراء . على الرغم من أن مجال هذه الدراسة قد حظي باهتمام كبير في الدول الغربية منذ القرن التاسع عشر الميلادي ، إلا أن هذا الصنف انتشر في الآونة الأخيرة في الجامعات الهندية . وجد هذا الفرع من البحث الأدبي استحساناً خاصاً لدى الباحثين والعلماء . تمكن هذه الدراسة الناس من فهم أدب اللغة بخلاف لغتهم . يمكن اعتبار الشخصيات المختلفة والعصور المختلفة والحركات المختلفة كموضوعات للدراسة المقارنة . العلامة شبلي النعماني ومحمد حسين هيكل كاتبان بارزان في مجال اللغة العربية والأدب . لقد ساهموا مساهمةً كبيرةً في إقامة صرح الثقافة الأدبية والإسلامية الشامخ .

نبذة عن حياة العلامة شبلي النعماني :

فكانت شخصية العلامة شبلي النعماني ( 1857م – 1914م ) شخصيةً عبقريةً معروفةً في العرب والعجم ، هو عالم كبير ورائد النهضة العلمية في المجتمع الإسلامي الهندي ، كان كاتباً للسيرة ، ومؤرخاً ، وناثراً ، وناقداً ، وشاعراً ، وأديباً ، ومصلحاً ، وسياسياً ، ولد بقرية ” بندول ” من مديرية ” أعظم جراه ” ، ونشأ في بيئة علمية ، قد حصل العلامة على تعليم الابتدائية والثانوية في قرية أعظم جراه ، ثم سافر إلى لكناؤ ، ولاهور ، ورامفور ، وسهارنفور وغير ذلك للتعليم الأعلى ، وقد أخذ كثيراً من العلوم والفنون باللغة العربية والأردية حينما يدرس في كلية علي جراه الإسلامية ، فقد ألف كتباً علميةً قيمةً بالأدب والسيرة والتاريخ والدراسات الإسلامية باللغة الأردية والعربية والفارسية .

أهم أعمال شبلي النعماني :

وإذا ألقينا نظرةً عابرةً على مؤلفات شبلي النعماني وجدنا قائمةً طويلةً لمؤلفاته في مجال البحث والتحقيق حول موضوعات مختلفة من السيرة والتراجم والشعر والأدب والنقد والتاريخ وما إلى ذلك [1] . وكان العلامة شبلي النعماني مطبوعاً على ذوق الدراسة والتأليف منذ طفولته ، اشتاق إلى الدراسة والاشتغال بالتأليف بعد وصوله إلى علي جراه ، لأنه استفاد هنا من مكتبة سر سيد أحمد خان استفادةً علميةً  ، واطلع على بعض الكتب النادرة ، وإنه قد تلمذ على جهابذة العلم والأدب وسافر من بلد إلى بلد آخر لكسب العلوم والآداب ، وله مصنفات عربية ، ومن أهمها : الانتقاد على تاريخ التمدن الإسلامي ، وكتاب الجزية ، وتاريخ بدء الإسلام ، وإسكات المعتدي على إنصات المقتدي باللغة العربية ، ورتب مؤلفات عديدة أيضاً باللغة الأردية ، ومن أشهرها : سيرة النبي ،   والمأمون ، والفاروق ، وسيرة النعمان ، والغزالي ، وشعر العجم وموازنة أنيس ودبير ، وغيرها من الكتب التي نالت قبولاً عاماً بين أصحاب العلم والأدب .

المأمون :

صنف الشيخ شبلي النعماني كتاباً رائعاً باللغة الأردية حول التاريخ الإسلامي الذي يحتوي على تاريخ وسيرة المأمون واحد من الخلفاء في دولة بني عباس ، كان المأمون بطلاً من أبرز أبطال الإسلام ، وأكمل هذا الكتاب في سنة 1898م في عهد شبلي النعماني في كلية علي جراه حينما هو كان يدرّس هناك ، وهكذا كتب سر سيد أحمد خان في نفسه المقدمة لهذا الكتاب في اللغة الأردية .

أتم هذا الكتاب في جزئين ، كتب في الجزء الأول شتى مراحل حياة المأمون مثل مولده وتعليمه وطفولته ونشأته وشبابه وحياته ودينه وخلافته وحروبه وخلافاته مع الأمين ، كما ذكر فيه موجزاً عن حياة الأمين ووفاة المأمون [2] . أما الجزء الثاني فإنه يشتمل على نظام الحكم ومؤسسات السلطة ، ومدى وسعة رقعة البلاد ، ونظام الجيش ، والدخل والخراج ومجمل الأوضاع في ذلك العصر ، والحضارة والمجتمع ، وعادات وأخلاق الخليفة مأمون الرشيد [3] .

سيرة النعمان :

كتب العلامة شبلي كتاباً رائعاً في سيرة رائد الفقه الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، لأنه كان يحبه عظيماً ، حتى نسب نفسه إليه وتلقب بالنعماني ، وطبع هذا الكتاب أولاً في عام 1891م بمقدمة ضياء الدين الإصلاحي ، يشتمل هذا الكتاب على جزئين ، ألقى الكاتب في الجزء الأول الضوء على اسم الإمام أبي حنيفة رحمه الله ونسبه ونشأته وتعليمه وأساتذته وصلته ببلاط الأمراء ومشاركته في المناظرات الدينية ووفاته وأولاده وعاداته وذكائه وما إلى ذلك .

وأما الجزء الثاني فيتحدث الكاتب عن مؤلفات الإمام أبي حنيفة رحمه الله بالتفصيل خاصة مجهوداته في مجال الأحاديث النبوية والعلوم الإسلامية وتحقيقه في الأحاديث الصحيحة والموضوعة ، وكما يبحث عن الفقه الحنفي وتلامذة أبي حنيفة [4] .

الفاروق :

اكتسب هذا الكتاب سمعةً عالميةً ، وكان الشيخ شبلي يفتخر به وطُبع عدة مرات بسبب سمعته ، وترجم إلى لغات عديدة ، يحتوي هذا الكتاب على جزئين . أما الجزء الأول فتناول فيه نبذة عن سيرة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضى الله عنه وسيرته ، ومع ذلك ذكر أيضاً عن قبول إسلامه وهجرته مع الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، والغزوات والفتوحات والثورات والخلافات وشهادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

أما الجزء الثاني فناقش فيه عن المعلومات الكثيرة ، وأبرز الأعمال الحكومية لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وفتوحاته ونظامه الجمهوري وتقسيم البلاد إلى ولايات ، وعدل عمر وسياسته وأمانته وأخلاقه وأزواجه وأولاده [5] .

سيرة النبي :

الشيخ شبلي النعماني كتب مؤلفاً قيماً في السيرة النبوية باللغة الأردية باسم ” سيرة النبي ” في مجلدين من بين سبعة مجلدات حتى وافاه الأجل ، وطبع هذا الكتاب عام 1919م – 1920م ، وبعد موته ألف تلميذه النابغ السيد سليمان الندوي خمسة مجلداته الباقية ، طبعاً يعد هذا الكتاب من مؤلفاته الخالدة ، تناول فيه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتفصيل : من مولده إلى وفاته بالإشارة إلى عائلته وطفولته وشبابه وأشغاله وغزواته وأصحابه وخُلقه وعاداته وعباداته وخطبه وما إلى ذلك [6] .

علم الكلام :

أما في هذا الكتاب فيُذكر فيه عن تاريخ علم الكلام ، استعرض فيه مبدأ علم الكلام ونشأته وتطوره عبر العهود المختلفة ، ويبحث فيه أيضاً عن أفكاره وآرائه حول الجماعات المختلفة للمتكلّمين من المعتزلة والأشاعرة والماتريدية [7]  ، وطبع هذا الكتاب في عام 1903م [8] .

انقسم هذا الكتاب إلى قسمين ، ويبحث في القسم الأول عن عقائد المسلمين ، والقسم الثاني يتعلق بالفلسفة والحكمة ، وحاول الشيخ شبلي أن يروج الفلسفة والحكمة في كل طور من أطوار التاريخ الإسلامي ، لأن الفلسفة الإسلامية مأخوذة من الفلسفة اليونانية ، واستفاد المسلمون منها وأضافوا فيها أيضاً [9] .

الكلام :

كتب الشيخ شبلي النعماني كتاباً مهماً في الفلسفة الإسلامية سمّي ” الكلام ” ، وطبع هذا الكتاب بعد كتاب ” علم الكلام ” ، وهو يعرف باسم علم الكلام الجديد أيضاً ، لأنه كان يبين فيه أن المنهج القديم لا ينفع شيئاً في العصر الحديث ، بل أن الحياة العلمية المعاصرة تحتّم ضرورة تأليف جديد في الكلام [10] .

وإن هذا الكتاب ليس مستقلاً في فن علم الكلام ، بل هو يبحث عن علم الكلام الجديد ، واستفاد الشيخ شبلي النعماني خلال تأليفه من أمهات كتب الفلسفة والكلام ، وبين كل ما يتصل بعلم الكلام في ضوء العصر الحديث على سبيل المثال حدوث العالم ، وصفات الباري ، وقسمه إلى ثلاثة أجزاء : العقائد والعبادات والأخلاق [11] .

الغزالي :

ألف الشيخ شبلي النعماني ” الغزالي ” بطلب من سر السيد أحمد خان ، أشار فيه إلى حياة الغزالي وآرائه وأفكاره ، وكان يعتبر هذا الكتاب رائعاً جميلاً ، وتناول فيه حياته والعناصر التي لعبت دوراً فعالاً في تكوين شخصيته ، وأنه حاول أيضاً أن يناقش مجهودات الغزالي في مجال التصوف والفقه وعلم الكلام ومكانة مؤلفات الغزالي لدى المسلمين [12] ، وطبع هذا الكتاب 1902م [13] .

ينقسم هذا الكتاب إلى جزئين ، واشتمل الجزء الأول على مولده ومنشأه وتعليمه ، وعلم الفلسفة والتصريف ، وخروجه من بغداد ، وإقامته في دمشق ، وزيارته للمسجد الأقصى ، وأدائه الحج ، وتأليفه كتاب ” إحياء علوم الدين ” ، وفن الحديث ، ووفاته وموجز سيرة تلاميذه وأبنائه ، وأما في الجزء الثاني فإنه تحدث عن مصنفاته بشكل مفصل ، وقسمه وفق مواضيعها [14] .

شعر العجم :

يعد هذا الكتاب من أهم تأليف الشيخ شبلي النعماني ، وهذا الكتاب في الحقيقة تاريخ للشعر الفارسي ، وهذا عمل أدبي ونقدي من أعماله الخالدة للأدب والنقد ، ويشتمل هذا الكتاب على خمسة مجلدات ، طبعت أربعة أجزاء منه في حياة المؤلف والجزء الخامس بعد وفاته .

فألف في المجلد الأول عن حقيقة الشعر وتدوين الشعر الفارسي ووصف وصفاً نقدياً على شعر الشعراء في العهد الغزنوي وشعراء في القرن الخامس والسادس من الهجرة ، وفي المجلد الثاني كتب النقد على شعر الشعراء من القرن السابع إلى 900هـ ، وفي المجلد الثالث كتب عن تأثر أشعار الشعراء الفارسي في أسرى التيمورية في الهند ، وفي المجلد الرابع كتب حقيقة الشعر ، وكتب في المجلد الخامس عن شعر العشق والغزل والشعر الأخلاقي والشعر الصوفي والشعر الفلسفي ، وهذا الكتاب أفضل نموذج للنقد العالي [15] .

( للبحث صلة )

* باحث الدكتوراه ، قسم اللغة العربية ، جامعة علي جراه الإسلامية ، علي جراه ، الهند. Email : yeaqubar341@gmail.com

[1] البعث الإسلامي ، ع/9 ، ج/59 ، أبريل 2014م ، ص : 65 .

[2] الدكتور سيد عبد الله ، سر سيد اور ان کے نامور رفقاء ( باللغة الأردية ) ، ص : 155 – 158 ، وشبلي النعماني ، المأمون ، ص : 55 – 60 .

[3] شبلي النعماني ، المأمون ، ص : 212 ، ومجلة الهند ، المجلد : 3 ، الأعداد : 1 – 4 ، يناير – ديسمبر 2014م ، ص : 433 .

[4] شبلي النعماني ، سيرة النعمان ، المقدمة ، ص : 13 ، 22 ، 29 ، 36 ، 58 ، 61 ، 67     و 69 .

[5] شبلي النعماني ، الفاروق ، المقدمة ، ص : 2 ، الجزء الأول ، ص : 15 ، 31 ، 73 ، 94 ، 114 و 189 ، والجزء الثاني ، ص : 11 ، 21 ، 241 و 271 ، ومجلة الهند ، المجلد : 3 ، الأعداد : 1 – 4 ، يناير – ديسمبر 2014م ، ص : 51 .

[6] شبلي النعماني ، سيرة النبي ، المقدمة .

[7] مجلة الهند ، المجلد : 3 ، الأعداد : 1 – 4 ، يناير – ديسمبر 2014م ، ص : 333 .

[8] صباح الدين عبد الرحمن ، مولانا شبلي پر ایک نظر ، ص : 45 .

[9] دكتور سيد عبد الله ، سر سيد اور ان کے نامور رفقاء ، ص : 88 .

[10] صباح الدين عبد الرحمن ، مولانا شبلي پر ایک نظر ، ص : 46 .

[11] مجلة الهند ، المجلد : 3 ، الأعداد : 1 – 4 ، يناير – ديسمبر 2014م ، ص : 335 .

[12] دكتور سيد عبد الله ، سر سيد اور ان کے نامور رفقاء ، ص : 145 .

[13] سيد سليمان الندوي ، حياة شبلي ، ص : 369 .

[14] محمود حافظ عبد الرب مرزا ، الشيخ شبلي النعماني : حياته وأفكاره ، ص : 74 .

[15] صباح الدين عبد الرحمن ، مولانا شبلي پر ایک نظر ، ص : 62 – 67 .