المذهب الشافعي : مصادره ومراجعه

قضية مطالبة الوالدين من الابن عن تطليق زوجته
ديسمبر 4, 2021
مكانة القرآن الكريم في التشريع الإسلامي
يناير 2, 2022
قضية مطالبة الوالدين من الابن عن تطليق زوجته
ديسمبر 4, 2021
مكانة القرآن الكريم في التشريع الإسلامي
يناير 2, 2022

الفقه الإسلامي :

المذهب الشافعي : مصادره ومراجعه

د . خورشيد أشرف إقبال الندوي ( لكناؤ )

إن المذهب الشافعي هو أحد المذاهب السنية المتبعة في مختلف بقاع الأرض ، وصاحبه هو الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي الشافعي ( 150 – 204هـ ) ، ثالث الأئمة الأربعة لأهل السنة ، ناصر السنة ، حجة في الدين واللغة ، رأساً في الحديث والفقه والأدب ، تميز بالذكاء وقوة الحفظ وحدة البصيرة ، ومناقبه كثيرة يصعب حصرها .

قال فيه الإمام أحمد بن حنبل : ” كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن ، فانظر هل لهذين من عوض أو خلف ” . وقال أيضاً :    ” كان أفقه الناس في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ” .

صنف الإمام الشافعي كتباً عدةً في الفقه والأصول منها :           ” كتاب الحُجة ” وهو الكتاب الذي يشتمل على الأحكام الفقهية التي أفتى بها الإمام الشافعي في العراق . و ” الأم ” وهو الكتاب الذي يشتمل على المسائل التي أفتى بها الإمام الشافعي في مصر ، وما استقر عليه في المذهب ، و ” الرسالة ” وهو الكتاب الذي وضع فيه علم أصول الفقه ، ويشتمل على أصول مذهبه ، وكتاب ” إبطال الاستحسان ” .

وقد قيّض الله – سبحانه – للمذهب الشافعي فقهاء أعلام وعلماء أجلاء قاموا بترويج المذهب وتحرير مسائله ووضع الكتب والمصنفات في أحكامه ، جاعلين من الإمام الشافعي قدوةً لهم في التأليف والتصنيف ، ومن أشهرهم :

أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي ( ت 231هـ ) ، وهو من أكبر أصحاب الشافعي المصريين ، وكان إماماً جليلاً وفقيهاً ذا قدرة عالية على المناظرة والاحتجاج ، وحرملة بن يحيى ( ت 243هـ ) ، وأبو ثور إبراهيم بن خالد البغدادي ( ت 240 أو 246هـ ) ، والحسين بن علي الكرابيسي ( ت 248 أو 245هـ ) ، والحسن بن محمد الزعفراني ( ت 260هـ ) ، وإسماعيل بن يحيى المزني (ت 264هـ ) ، وهو يعد من كبار مناصري المذهب الشافعي ، كان ذا علم جم وحجة وبراعة في الفقه والمناظرة ، والربيع بن سليمان الجيزي المرادي ( ت 270هـ ) ، وأحمد بن عمرو الزعفراني ( ت 306هـ ) ، ومحمد بن أحمد المعروف بالحداد ( ت 345هـ ) ، وعبد العزيز بن عبد الله الداركي ( ت 375هـ ) ، وأحمد بن محمد الضبي ( ت 415هـ ) ، وعبد الله أحمد المعروف بالقفال الصغير     ( ت 417هـ ) ، وإبراهيم بن محمد الإسفراييني ( 418هـ ) ، وعبد الله بن يوسف الجويني ( 434 أو 438هـ ) ، وعلي بن محمد البصري الماوردي ( ت 450هـ ) ، وأحمد بن الحسين بن علي البيهقي ( ت 458هـ ) ، وإبراهيم بن على بن يوسف الشيرازي ( ت 476هـ ) ، وعبد الملك بن عبدالله الجويني   ( ت 478هـ ) ، وحامد بن محمد الغزالي ( ت 505هـ ) ، وعبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني ( ت 623هـ ) ، ويحيى بن شرف النووي ( ت 676هـ ) ، وغيرهم [1] .

يتميز المذهب الشافعي عن المذاهب الأخرى بتنظيمه على أصول موضوعة وقواعد ثابتة ومضبوطة ضبطاً دقيقاً ، ومن أبرز خصائص هذا المذهب أن الإمام الشافعي كان قريباً من نفوس كبار المحدثين بالإضافة إلى قربه من فقهاء أعلام ، ومن هنا أعطى الشافعي – رحمه الله – الحديث الشريف المكانة الأولى في اجتهاداته واستنباطاته ، وضيق القياس والرأي فيه ؛ ولم يلغ القياس والرأي ، بل قعد لهما بما ينسجم مع أصول مذهبه ، فجاء مذهبه وسطاً بين أهل الرأي وأهل الحديث .

مصادر المذهب ومراجعه :

  • الأم للإمام أبي عبد الله محمد الشافعي ( ت 204هـ ) : كتاب جامع رائع بديع ، وموسوعة ضخمة ، يضم عدداً هائلاً من الأحاديث والآثار ، وكذلك المناظرات والنقاشات الثرية والاستدلالات من النصوص الشرعية ، ويُعد الأصل في المذهب ، يجمع بين دفتيه جميع أبواب الفقه ، وهو مرتب على الكتب ، وكل كتاب منها عدة أبواب ، يبدأ فيه المؤلف كل موضوع فقهي مستدلاً بالكتاب والسنة الصحيحة ، ثم يعقب باستنباط الأحكام المستفادة منها بطريقة موضوعية دقيقة ، ويجمع بين الرأي والحديث ، ويمزج بين الآثار والسنة والاستدلال والعقل ، ويؤسس منهجاً تطبيقياً للقواعد الأصولية ، وبناء الأحكام الفروعية على أساسها في صورة فقهية متكاملة ، كما تبيّن العلاقة بين الفقه والأصول ، وتوضّح بطريقة علمية كيفية استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية في أسلوب سلس جميل وبيان واضح ، وبشكل مفصل .

هذا ، وقد أملى الإمام الشافعي كتابه ” الأم ” على تلاميذه في مصر بما وصل إليه رأيه في آخر حياته ، ويعبر عن المسائل فيه بأنها ” مذهب الشافعي الجديد ” بعد أن غيَّر اجتهاده في بعض المسائل ، ورواه عنه تلاميذه بمصر . وقد اعتنى العلماء به عنايةً كبيرةً ، فقاموا على تفسيره واختصاره .

  • مختصر المزني لأبي إبراهيم إسماعيل بن يحى المزني ( ت 264هـ ) : اختصار لكتاب الأم للشافعي ، وهو أول ما صنف في المذهب الشافعي ، ويجمع الفروع الفقهية على مذهب الشافعية ، ويعد أحد الكتب الخمس المشهورة بين الشافعية ، التي يتداولونها أكثر تداول : المهذب ، والتنبيه والوسيط والوجيز .

قال المزني في مقدمته : ” اختصرت هذا الكتاب من علم الشافعي ، ومن معنى قوله ؛ لأقربه على من أراده ، مع إعلامه نهيه عن تقليده ، وتقليد غيره ؛ لينظر فيه لدينه ، ويحتاط فيه لنفسه وبالله التوفيق ” .

  • ” التلخيص لأبي العباس أحمد بن محمد المعروف بابن القاص الطبري ( ت 335هـ ) : يعتبر أجمع كتاب في فنه للأصول والفروع رغم صغر حجمه ، يذكر في كل باب مسائل منصوصة ومخرجة ، كما يذكر أموراً ذهب إليه الحنفية على خلاف قاعدتهم .
  • الحاوي الكبير لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي ( ت 450 هـ ) : كتاب في الفقه على المذهب الشافعي ، وفي الفقه المقارن مع بقية المذاهب ، شرح به مختصر المزني ، وحاول استيعاب المذهب في شرحه واستيفاء اختلاف الفقهاء المغلق به ، والكتاب ليس شرحاً فحسب ، وإنما هو موسوعة ضخمة في مجلدات كثيرة ، لم تر عيني مثله في المذاهب الأخرى ، اهتم فيه المؤلف بذكر الأحكام الفقهية على المذهب وأدلتها من الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين والإجماع والقياس ، وحاول ترجيح مذهب الشافعي على وجه التفصيل في أوضح تقديم وأصح ترتيب وأسهل مآخذ . وقد جاء الكتاب حاوياً آراءً كثيرةً من المذاهب المختلفة كالحنفية والمالكية والحنابلة ، واحتوى على أقوال عديدة لأصحاب المذاهب المندثرة ، كما يذكر المؤلف الخلاف في كل مسألة مع أدلة كل مذهب ، ثم يناقشها بإسهاب ليصل إلى الترجيح ، وأعتقد أن كل من يطالعه يشهد للحاوي بالتبحر والعلم الغزير في الفقه ، والمعرفة التامة بالمذهب الشافعي .
  • الأحكام السلطانية والولايات الدينية لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي ( ت 450هـ ) : وهو كتاب في النظم الإسلامية : السياسية والمالية والقضائية والإدارية والعسكرية ، بحث فيه الماوردي الأحكام الشرعية المتعلقة بالإمامة والخلافة ، والوزارة بأنواعها وشروطها ، والإمارة على الجهاد والبلاد ، وولاية القضاء ، وولاية المظالم ، وإمامة الصلاة والولاية على الحج والصدقات ، وتحدث المؤلف عن نظام القضاء وديوان المظالم وقضاء الحسبة ، وذكر بعض وظائف الدولة ، وعلاقة الراعي بالرعية ، وبين أحكام الفيء والجزية والخراج وإحياء الموات ، والحمى والإرفاق والإقطاع والمعادن ، ووضع الدواوين وأحكامها ، ثم تعرض لأهم أحكام الجرائم والعقوبات الشرعية في الحدود والقصاص والتعزير .
  • الإبانة لأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الفوزاني ( ت 476هـ ) : تعد أحد الكتب الشافعية التي لقيت قبولاً عظيماً بين علمائهم ، حيث شغل الدارسين وبحث المحصلين ؛ لأنه يذكر أصول المذهب الشافعي بأدلتها وما تفرّع على أصوله في المسائل المشكلة بأدلتها .
  • المهذب في فقه الإمام الشافعي ، لأبي إسحاق إبراهيم بن على بن يوسف الشيرازي ( ت 476هـ ) : كتاب جليل القدر يعد نتاج اختصار العلماء لعدد من كتب الإمام الشافعي ، ألفه الشيرازي بناءً على أدلة الإمام الشافعي ، ليبني بأدلتها أصول فقهه عليها ، ويبين ما يتفرع على هذه الأصول ، وقد استغرق تأليفه عشر سنوات ، ويعتبر أحد الاختصارات التي لقيت قبولاً عظيماً عند الشافعية ، ومما يدل على أهميته لديهم أن فقهاء مشهورين منهم ألفوا شرحه في ثلاثة أدوار ، وأهم شروحه كتاب ” المجموع ” ، وهو كتاب صغير الحجم غاية التدقيق كثير الفائدة ، ومن عجائب التصانيف يحير العقول في تقريره وتهذيبه ، ذكر فيه المؤلف أصول مذهب الشافعي بأدلتها ، وما تفرّع على أصوله في المسائل المشكلة بعللها .
  • التنبيه في فروع الشافعية لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي ( ت 476 هـ ) : كتاب مختصر ، اقتصر فيه المؤلف على بيان الأحكام الشرعية مجردةً من الأدلة والخلاف والمناقشة ، أخذه الشيرازي من تعليقة الشيخ أبي حامد المروزي ، ويُعتبر من الكتب المعتمدة في المذهب ؛ حيث اهتم به فقهاء الشافعية فتناولوه بالشرح والاختصار ، ومن بينها شرح الإمام النووي سماه ” التحرير ” .
  • نهاية المطلب في دراية المذهب لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبدالله الجويني ( ت 478هـ ) : كتاب مهم في الفقه على المذهب الشافعي والفقه المقارن ، ومن أبرز مصنفات إمام الحرمين وأشهرها وأوسعها ، ويتضمن جميع الأبواب الفقهية . وهو شرح لمختصر المزني ، لكنه شرح موسع على منهج الفقهاء بأن يعرض الحكم مع دليله ، ثم يقارن مع سائر الآراء في المذهب ، ثم يقارن مع أقوال المذاهب الأخرى ، ويستدل لهم ، ثم يناقش أدلتهم ، ويرد على أقوالهم بأسلوب جدلي ، كما يحوي الكتاب تقرير القواعد وتحرير الضوابط والمقاعد في تعليل الأصول وتبيين مآخذ الفروع ، ويشتمل على حل المشكلات وإبانة المعضلات والتنبيه على المعاصات والمعوصات ، ويهتم بنسب النصوص التي نقلها من المزني إليه ، ويتعرض لشرح ما يتعلق بالفقه منها ، ويذكر ما اشتهر فيه خلاف الأصحاب ، وينبه على الوجه الغريب والنادر ، حتى أطلق العلماء على هذا الكتاب ” المذهب الكبير ” . وقال ابن السبكي : لم يصنف في المذهب مثلها فيما أجزم به . وقال ابن عساكر : ” وأتى فيه من البحث والتقرير والتحقيق بما يشفي الغليل ” .
  • غياث الأمم في التياث الظلم لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني ( ت 478هـ ) : وهو كتاب في الفكر السياسي ونظام الحكم في الإسلام ، بين فيه المؤلف نظرية الخلافة الإسلامية ، وما يتصل بها من أمور فقهية ، وموضوعات أصولية ، وأحكام شرعية ، وحدد هدفه بأنه يريد إنقاذ بني البشر مما يتردون فيه من الظلم والجور ، ويعتمد في ذلك على نصوص القرآن والسنة ، بعيداً عن التبعية للأنظمة المختلفة ، أو التأثر بالفلسفة اليونانية ، مستقرئاً أحداث التاريخ الإسلامي في الخلافة الراشدة وما بعدها ، مجتنباً للإطناب والتطويل ، جريئاً في بحث المشاكل المطروحة في عصره ، وما يمكن أن تتعرض له الأمة الإسلامية ، مثل بيان أحكام الله عند خلو الزمن من الأئمة أو انقراض العلماء والمفتين .
  • البسيط في الفروع لأبي حامد بن محمد الغزالي ( ت 505هـ ) : هو كالمختصر لنهاية المطلب للجويني ، كتاب جليل اهتم به الشافعية في كل العصور ؛ حيث إنه حسن الترتيب غزير الفوائد ، نقي من الحشو والتزويق ، مشتمل على محض الهمم وعين التحقيق .
  • الوسيط في فروع المذهب لأبي حامد بن محمد الغزالي ( ت 505هـ ) : مختصر لكتابه البسيط مع بعض الزيادات ، يُعد أحد الكتب الخمسة المشهورة المتداولة عند الشافعية ، عمد فيه الغزالي إلى حذف الأقوال الضعيفة والتفريعات الشاذة .
  • الوجيز في فقه الإمام الشافعي لأبي حامد بن محمد الغزالي ( ت 505هـ ) : مختصر لكتابه البسيط والوسيط ، وزاد فيه أموراً ، يُعتبر أحد الكتب الخمسة المشهورة المتداولة عند الشافعية ، مخض فيه الغزالي جملة الفقه واستخرج زبدته ، أدمج جميع مسائله بأصولها وفروعها بألفاظ محررة ، واكتفى بنقل الظاهر من مذهب الشافعي ، كما عرف بمذهب مالك ، وأبي حنيفة ، والمزني ، والوجوه البعيدة للأصحاب بالعلامات . اهتم العلماء به اهتماماً بالغاً ، فكان له شروحات كثيرة لعدد من العلماء الشافعية ، من أشهرهم الرافعي .
  • حلية العلماء في مذاهب الفقهاء لأبي بكر محمد بن أحمد القفال الشاشي ( ت 507هـ ) : كتاب مستقل كبير ، صنف للخليفة العباسي المستظر بالله ، ووافق ما فعله وعدل عن الجمع فيه ، اهتم فيه بذكر الاختلاف الواقع بين الائمة في كل مسألة .
  • المحرر في فروع الشافعية لأبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي ( ت 623هـ ) : استقاه مؤلفه من كتاب الوجيز للغزالي ، والتزم فيه أن ينص على ما صححه معظم الأصحاب ، الكتاب كثير الفوائد عمدة في تحقيق المذهب ، اهتم به العلماء بالشرح والاختصار والتدريس ، من شروحه ” كشف الدرر في في شرح المحرر ” للحصكفي .
  • فتح العزيز في شرح الوجيز لأبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي ( ت 623هـ ) : شرح فيه كتاب الوجيز للغزالي ، ويعد من خير ما ألف في فقه المذهب الشافعي ، لما حوى من الأحكام الشرعية الكثيرة ، والأدلة الوفيرة ، والتحقيقات الدقيقة ، كما عمد فيه الرافعي إلى توضيح فقه مسائل الوجيز وتوجيهها ، وكشف عما انغلق من مسائله .
  • أدب القضاء للقاضي شهاب الدين إبراهيم بن عبد الله المعروف بابن أبي الدم الحموي ( ت 642هـ ) : وهو ” الدرر المنظومات في الأقضية والحكومات ” واشتهر باسم ” أدب القضاء ” ، ويأتي في قمة كتب أدب القضاء عند الشافعي من حيث الترتيب والتنظيم والتبويب ، ومن حيث الموضوع وتلخيص الأقوال الفقهية ، وبيان أوجه الأصحاب في أحكام القضاء والدعوى والإثبات والأحكام .
  • المجموع شرح المهذب لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي ( ت 676هـ ) : إنه ليس شرحاً لمهذب الشيرازي والمذهب الشافعي كله ، بل هو شرح لمذاهب العلماء كلهم والحديث وجمل من اللغة والتاريخ والأسماء ، اهتم فيه النووي بذكر آراء المذهب الشافعي ، فلم يترك قولاً ولا وجهاً ولا نقلاً ولو كان ضعيفاً ، وبين رجحان الراجح ، وضعف الضعيف ، وزيف الزائف ولم يهب من تغليط الغالط ولو كان من أكابر العلماء ، كما ذكر آراء غيره من الأئمة بأدلتها ، وكان يهتم بنقل الأقوال من كتب أصحابها ، كما عنى فيه بالاستدلال والمناقشة وترجيح الآراء .

والكتاب بعد ذلك مرجع عظيم لمعرفة صحيح الحديث وحسنه وضعيفه ، وبيان علله ، والجمع بين الأحاديث المتعارضة ، وتأويل الخفيات ، واستنباط المهمات ، كما عمد المؤلف بعز الأحاديث إلى الكتب التي أخرجتها ، وكذلك بيّن ما وقع في الكتاب من ألفاظ اللغات وأسماء الأصحاب وغيرهم من العلماء والنقلة والرواة مبسوطاً في وقت ومختصراً في وقت بحسب الحاجة والمواطن .

أراد النووي أن يكون هذا الشرح موسوعةً فقهيةً مستوعبةً ، فبدأ بطريقة موسعة جداً ، ولكنه عدل عن ذلك بعد أن سار فيه شوطاً ، فإنه لم يكد ينتهي من كتاب الحيض حتى بلغ الكتاب ثلاث مجلدات ضخمات ، ثم اتبع طريقة متوسطة وبلغ إلى باب الربا من كتاب البيوع ، فاختاره الله تعالى إلى جواره ، ولم يقدر للنووي رحمه الله تعالى أن يتم هذا السفر النفيس ، وقد جاء هذا المقدار من الكتاب في تسعة مجلدات ، وقد قام بإتمامه تقي الدين علي بن الكافي السبكي من بعده ، ولكن وافته المنية أيضاً قبل أن يتمه ، وقد بلغت هذه التكملة أحد عشر مجلداً ، ثم من بعد السبكي أتمه الشيخ نجيب مطيعي رحمة الله عليهم أجمعين .

  • روضة الطالبين وعمدة المفتين لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي ( ت 676هـ ) : هو اختصار وترتيب وتنقيح لكتاب ” فتح العزيز في شرح الوجيز ” للرافعي ، وتعرف اختصاراً بالروضة ، يعد من الكتب المعتمدة في المذهب ، يقول المؤلف في مقدمة كتابه : ” أرجو أن من حصله أحاط بالمذهب ، وحصل له أكمل الوثوق به ، وأدرك حكم جميع ما يحتاج إليه من المسائل والواقعات ، سلك النووي في اختصاره طريقاً وسطاً بين المبالغة في الاختصار والإيضاح ، فحذف الأدلة في معظمه ، واستوهب جميع فقه الكتاب ، حتى الوجوه الغريبة المنكرة ، اقتصر على الكلام دون المؤاخذات اللفظية ، وضم إلى كثير من التفريعات والمتمات ، كما استدرك في مواضع على الرفاعي .
  • منهاج الطالبين لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي ( ت 676هـ ) : اختصر فيه كتاب ” المحرر في فروع الشافعية ” للرافعي ، ويعد من الكتب المعتمدة في المذهب ، نبه فيه النووي على قيود بعض المسائل المحذوفة من الأصل ، وأبدل ما كان في المحرر من ألفاظ غريبة أو موهمة خلاف الصواب ، بأوضح وأحضر منه بعبارات جليات ، كما بيّن في جميع الحالات  القولين والوجهين والنص ومراتب الخلاف ، فأصبح الكتاب في معنى الشرح للمحرر ، إلا أنه أكثر تحريراً للرأي المعتمد في المذهب ، ومما يدل على أهمية الكتاب أن الفقهاء المتاخرين اهتموا به اهتماماً كبيراً ، فوضعوا حوله تحرير وتقرير وشرح ومختصر .
  • الغاية القصوى في دراية الفتوى لقاضي القضاة عبد الله بن عمر البيضاوي ( ت 685هـ ) : وهو أهم كتاب فقهي للبيضاوي ، وهو اختصار لكتاب ” الوسيط ” لأبي حامد الغزالي ، وبذلك يكون كتاب ” الغاية القصوى ” فرع لسلسلة الفقه الشافعي عن طريق ” الوسيط ” ويسميه كثيرون ” مختصر الوسيط ” ، ويمتاز الكتاب بأنه كتاب فقهي مقارن ، يضم ثروة فقهية غزيرة ، ونسق بأسلوب محكم ، وعبارة دقيقة وجمل سليمة ، ولغة فصحى ، واختيار للألفاظ الجميلة ، مع بيان الأقوال الراجحة والآراء المعتمدة في المذهب ، مع الأدلة والتعليل بإيجاز ، مشملاً بالمقارنة بالمذهب الحنفي والمذهب المالكي ، والاعتماد على القواعد الفقهية ، والمناهج الأصولية ، والمناقشة المنطقية الهادئة المتزنة ، والأدب الجم مع أئمة المذاهب .
  • كفاية النبيه شرح التنبيه لنجم الدين أحمد بن محمد المعروف بـ  ” الرفعة ” ( ت 716هـ ) : هو شرح لكتاب التنبيه للشيرازي ، كتاب كبير يعتبر من الشروحات الطويلة ؛ حيث إنه لم يؤلف مثله تعليقات على التنبيه ، يشتمل على فوائد كثيرة ، وتعليقات نفيسة ، فاق غيره من الشروح .
  • الابتهاج في شرح المنهاج لتقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي ( ت 756هـ ) : شرح لكتاب ” منهاج الطالبين ” للنووي ، شرح مبسط ضخم ، يُعرّف المؤلف في أول الكتاب بالمصطلحات الفقهية ، ويذكر كل الأقوال في المسألة ، وإن كان بعضها ضعيفاً أو شاذاً أو غريباً ، كما يكثر من الاستدلال من الكتاب والسنة ، ويُبين وجه الدلالة منها .
  • تحفة المحتاج شرح المنهاج لأحمد بن محمد بن علي ابن حجر الهيتمي ( ت 974هـ ) : هو شرح لكتاب ” منهاج الطالبين ” للنووي ، كتاب معتمد في الفتوى عند فقهاء الشافعية المتأخرين ، اعتنى فيه المؤلف ببيان المسائل الفقهية ، معتمداً على الشروح المتداولة ، وبيّن ألفاظ المنهاج ومعانيه وأحكامه ، وتوسع فيها ، فأجاب عما فيه من الإرادات المتطاولة ، مع ذكر الأدلة والخلاف بين أصحاب الشافعي ، والتعليل للأقوال ، مع عزو المقالات والأبحاث لأربابها ، وينبه على الآراء المرجوحة ، ويناقش فقهاء مذهبه ، كما يذكر الأدلة مع بيان صلاحيتها للاحتجاج ، ويناقشها ، ويرد عليها .
  • مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج لشمس الدين محمد بن أحمد الشربيني الخطيب ( ت 977هـ ) : شرح لكتاب ” منهاج الطالبين ” ليحيى بن شرف النووي ، كتاب مهذب الفصول ومحقق الفروع والأصول ، ويعد عمدة الباحيثين والمفتيين وممن يتحرى الصواب ، وضح فيه الخطيب معاني ألفاظ المنهاج ، وأفصح عن مفهومه ومنطوقه ، وأبرز مكنونه ، وأظهر سرائره ، وهو شرح وسط ، خال من الحشو والتطويل ، حاو للدلائل والتعليلات الفقهية المفصلة ، كما بيَّن فيه المؤلف ما عليه المعول من كلام الفقهاء المتأخرين والأصحاب ، وذكر تحريرات وتنبيهات جيدةً ، تبعاً لما يذكره النووي من القول الراجح والمرجوح ، ليكون الكتاب عمدة للمفتي والطالب ، وغيرهما .
  • نهاية المحتاج شرح المنهاج لشمس الدين الجمال محمد بن أحمد الرملي ( ت 1004هـ ) : أحد شروحات لكتاب ” منهاج الطالبين ” للنووي ، كتاب معتمد في المذهب عند معظم فقهاء الشافيعة المصريين وغيرهم ، يشرح فيه المسائل التي ذكرت في المنهاج ،ويأتي بالأدلة من الكتاب والسنة ، ويذكر آراء كثير من علماء المذهب الشافعي ، ويرجح بين الأقوال في المذهب ، ويبين أن الراجح في المذهب من الأقوال هو ما نص على رجحانه ، وإلا فما علم تأخره ، وإلا فما فرع عليه وحده ، وإلا فما وافق مذهب مجتهد لتقويه به [2] .
  • حاشية البجيرمي على الخطيب لسليمان بن محمد البجيرمي المصري ( ت 1221هـ ) : وهي حاشية في الفقه على مذهب الإمام الشافعي ، علق بها البجيرمي على شرح ” الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ” للخطيب الشربيني ، والشرح بيان للمتن المشهور ” الغاية في الاختصار ” لأبي شجاع أحمد بن الحسن الأصبهاني .
  • حاشية الشرقاوي على شرح التحرير للشيخ لعبد الله بن حجازي بن إبراهيم الشرقاوي ( ت 1227هـ ) : وهي حاشية في الفقه الشافعي ، كتبها المؤلف على ” شرح التحرير ” لشيخ الإسلام زكريا بن محمد الأنصاري ، على مختصره نفسه ” تحرير تنقيح اللباب ” .

[1] انظر : تاريخ بغداد 2/56 ، طبقات الشافعية 1/192 ، وفيات الأعيان : 4/163، معجم الأدباء : 17/281 ، حلية الأولياء : 9/63 ، صفوة الصفوة : 2/140 ، طبقات للشيرازي ، ص 71 ، الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ، ص 200 .

[2] المذهب عند الشافعية لمحمد إبراهيم علي ، ص 44 وما بعدها ، مقدمة المجموع للنووي 1/6 وما بعدها ، البداية والنهاية لابن كثير ، 12/128، 13/111 .