القاضي عبد المقتدر الكندي وقصيدته اللامية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم

منهج عملي لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها
يونيو 2, 2021
التناص القرآني وتجلّياته في كتاب ” ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ” للإمام أبي الحسن الندوي
يوليو 13, 2021
منهج عملي لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها
يونيو 2, 2021
التناص القرآني وتجلّياته في كتاب ” ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ” للإمام أبي الحسن الندوي
يوليو 13, 2021

دراسات وأبحاث :

القاضي عبد المقتدر الكندي

وقصيدته اللامية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم

الدكتور محمود عالم الصديقي *

قصيدته اللامية في مدح النبي صلي الله عليه وسلم :

كان القاضي عبد المقتدر الكندي أعظم الشعراء بلا         جدال ، وقال الشعر متأثراً بالشعراء الجاهليين والإسلاميين والفن الذي تفوق به على أقرانه هو قدرته على صياغة القصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم التي تقوم على ركنين من الغزل : أحدهما الحوار والآخر القصص ، وفي كليهما أجاد ” القاضي عبد المقتدر الكندي ” كل الإجادة . وقد قرض القاضي عدداً من القصائد والغزل ، كما يقول عنه صاحب ” أخبار الأخيار ” : ” إن القاضي عبد المقتدر الكندي قال عدداً كبيراً من القصائد والغزل ” [1] ، ولكن لا نعثر إلا على قصيدته الشهيرة اللامية التي قرضها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه القصيدة قصيدة رائعة خلابة مشتملة على 49 بيتاً وفقاً للأبيات التي جمعها المؤرخ الكبير الهندي العلامة عبد الحي الحسني في كتابه الشهير ” نزهة الخواطر ” . ولكن قد عثرت على بيتين مزيدين من نفس القصيدة خلال البحث في القاضي وشعره في كتاب ” أخبار الأخيار ” للشيخ عبد الحق الدهلوي ، فضممتهما إلى هذه القصيدة وقد أشرت إليهما عند   كتابتهما ، فهي مشتملة الآن على 51 بيتاً . وفضل القاضي عبد المقتدر الكندي وشهرته إنما هما بهذه القصيدة الرائعة الخلابة التي صاغها على نسق قصيدة لامية للطغرائي .

تعتبر القصيدة اللامية للقاضي من أروع القصائد التي قرضها العلماء الهنود في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ومثالاً رائعاً للأسلوب الشعري الرفيع وللأدب البليغ وللثقافة الإسلامية العربية في الهند ، والنضج العلمي والفكري للعلماء الهنود . وهذه القصيدة الرائعة أكبر دليل على امتلاكه ناصية اللغة العربية وقدرته على التعبير عن مشاعره الذاتية وبراعته في الشعر كل البراعة وفكرته السليمة الواضحة وذوقه الأدبي الفائض بالعواطف السامية ، كما هي تصوير صادق لحميته الإسلامية وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم . وهذه القصيدة هي التي أخرجته من عالم الخمول إلى عالم الشهرة وعرَّفته في الأوساط الأدبية . وهي تحرك العواطف وتثير المشاعر والوجدان ، فيتمتع القارئ بالحكم والمواعظ الحسنة التي تتزخر بها طياتها ، وقدَّم القاضي كلها بأسلوب يمتاز بجزالة اللفظ ومتانة التركيب وحسن الإيجاز والخلو عن التعقيد اللفظي والمعنوي والبعد من وحشي الكلام وبإجادة المدح وبالتلوين الصوتي والجرس الموسيقي الذي يتولد من الائتلاف والانسجام اللفظي ، فأسلوبه فيها أسلوب رفيع وفكرته فيها سامية .

ويمكن أن نقسم هذه القصيدة إلى ثلاثة أجزاء حسب الفكرة التي تدور عليها القصيدة . الجزء الأول يشتمل على الغزل والنسيب والثاني على المواعظ والحكم والثالث على مدح النبي صلى الله عليه وسلم . ويحتوي الجزء الأول على 19 بيتاً ومنها أربعة أبيات في ذكر الأقيال والملوك الذين حكموا البلاد وفي ذكر القصور الشامخة التي كانت تسكن فيها الفتيات ذات نعوم الجلد والجمال الفاتن والتي تحولت الآن إلى الأطلال ، وتعرضت للفساد والاضمحلال . ومنها ستة أبيات في وصف حبيبته وخصالها وجمالها وهذه الحبيبة التي ذكرها القاضي في القصيدة من نسيج أفكاره وليس لها وجود في عالم الواقع ، وقد ابتكرها متأثراً بالشعراء القدماء ليسهل عليه بداية القصيدة بالغزل والنسيب . ومنها تسعة أبيات في وصف محاسن الشاعر ومناقب قومه . وقدَّم كلها بأسلوب قصصي يقوم على الحوار .

ففي هذه الأبيات إنه كامرئ القيس الذي يعتبر رأس فحول الشعراء والمقدَّم في الطبقة الأولى في الجاهلية ، والذي بدأ معلقته بالحديث عن ذكريات الحبيبة حينما رأى ما آلت إليه ديارها بعد أن هجرتها فقد درست آثارها وعفت معالمها وأصبحت موطناً للحيوانات تعيش فيها آمنةً مطمئنةً وخيمت عليها الوحشة والرهبة . فأثار ذلك مشاعره وحرَّك عواطفه فطلب من رفيقيّ أن يتوقفا معه عن السير ليسترجع ما فات من ذكريات ويذرف الدمع حزناً على ما مضى وتخفيفاً مما يجد ووفاء يحق هذه الديار قائلاً :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل  بسقط اللوى بين الدخول فحومل

فــتــوضع فــالمـقراة لم يعف رسمها  لــما نسجتـهـا من جنوب وشمأل [2]

أما القاضي فإنه بدأ القصيدة بالحديث عن مطالبته أمير القوافل التي تمر بدار سلمى من أن يقوم بإبلاغ سلامه أولاً ثم أن يبكي نيابةً عنه على ما فات من ذكريات ، ويوجِّه إلى هذه القصور الشامخة التي تحولت الآن إلى الأطلال سائلاً عن الفتيات التي كن يسكنَّ فيها وعن الملوك الذين ماتوا على مر العصور وتقلب الزمان قائلاً :

يا سائق الظعن في الأسحار والأصل  سلــــم على دار سلمى وأبك ثـــم سل

عن الــــظــــبـاء الــــتــي من دأبها أبدا  صـــــيــد الأسود بحسن الدل والنجل

وعن مــــلــوك كرام قد مضوا قددا  حـــتى يجيبك عــــنـــهــم شاهد الطلل

أضـــحـــت إذا بـعدت عنها كواعــبها  أطلالـــهـــا مـــثــــل أجـــفــان بلا مقل [3]

ثم ينطلق القاضي إلى عالم ذكرياته ويذكر ما كان له من متعة ولذَّة مع مصاحبة حبيبته ، فأخذ خياله يصور ما يجول بخاطره من مواقفه على وصف حبيبته ومدى حبه لها وجمالها ووصف متعة يشعر بها بمجرد خيال لقائها قائلاً :

فـــــدى فـــــؤادي أعـــرابـــيـــة سكنت      بــــيـــــتــــا مـــن الـــقـــلـب معمورا بلا حول [4]

مـــن نــــور وجــنــــتـــها وحــسن غرتها      مــن طـــيب طرتها من طــــرفـــــهــا الشمل

الشمس في أسف والبدر في كلـف     والمسك في شـــغــــف والـــريــم في الخجل [5]

بـــــخـــــيــــــلـــــة بــــوصال الـمستهام بها       والــجود في الخود مثل البخل في الرجل

كــــــأنــــــــهـــــــا ظـــبية ولكن بينهما      فــــــرقــــــا جــلــيا بعظم الساق والكفل

خــــيـــــالــــــهــــــا عـند من يهوى زيارته      أحلي من الأمـــن عــنـد الخائف الوجل [6]

ثم نلاحظ القاضي في الأبيات التسعة الأخيرة من الجزء الأول للقصيدة ، أنه يلجأ إلى الغزل القصصي الذي ابتكره امرؤ القيس ونمَّاه الأعشى وطوَّره شاعر الغزل الصريح عمر بن ربيعة الذي يقوم على ركنين من الفن : أحدهما الوصف والغزل ، والآخر الحوار وفي كليهما أجاد القاضي كل الإجادة . فيدور الحوار بينه وبين حبيبته باسلوب رائع ، ويبرز القاضي من خلال الحوار الصفات التي كان يتمتع بها هو وقومه من الشجاعة والتبتل والعفة والتقوى وصدق الكلام ، فهو يقول :

كيف السبيل إليها بعد أن حفظت  بالبيض والسمر في أعلى درى الجبل

طــــرقــــتــهـــا فـــجـأة والليل في جدل  والــــذئـــب في كسل والـقوم في شغل

قالت لك الويل هـــلا خـفت من أسد  لــــه بــــــراثـــــن كـــــالـــــعـسالة الذبل

فــــقـــــلــــت أنـــــي مــلـيك صيده أسد  وصـــــيــــد غـــيـري من ظبي ومن وعل

قالـــت فـــما تبتغي لا منع ، قلت لها  كلا فــــــإنــــي عـــفيف القول والعمل

وإنــــــنـــــي رجـــل مــن معشر سحبوا  ذيـــل الــــتـــبـــتــل والــتقـــوى علي زحل

لا يــــطـــمعون ولكن كان ديدنهم   إعطاء ما ملكوا كالــعارض الهطل

أســـــد إذا ســـــخــطوا أفنوا عدوهم   قوم إذا فـــــــرحـــــوا أعــــطــوا بلا ملل

مــــا قــــال قـــائـــلهم  يوما لواحدهم  لو كـنـت مــن مـأزن لم تستبح إبلي [7]

كل ما أريد أن أقول إن القاضي قد اتبع إمرء القيس في هذه الأبيات المذكورة ، فإذا قمنا بمقارنة هذه الأبيات مع أشعار امرؤ القيس التي قالها قبل وفاة أبيه ، نجد كثيراً من التشابه من حيث الفكرة والأسلوب . والشعر الذي قاله امرؤ القيس قبل وفاة أبيه يمتاز بالأسلوب القصصي الغرامي وبالشعور القوي وبالمتعة واللذة وصناعة التشبيه والكنايات والاستعارات ، وكل ذلك نجد في هذه الأبيات المذكورة للقاضي . فإنه بدأ القصيدة بالغزل الذي يقوم على ركنين من الوصف والحوار ، كما أنه ملأها بالتشبيهات والكنايات والاستعارات وأحسن من استخدامها . فيعرف أصحاف الفن والبلاغة أن هذه الأبيات المذكورة لا تقل في أي شيئ عن أشعار امرئ القيس المنظومة قبل وفاة أبيه . فقد بلغ بهذه الأبيات المذكورة مكانة امرئ القيس في الشعر العربي الهندي ورفع بها مستواه إلى درجة الكمال وذروته .

والجزء الثاني من القصيدة في الموعظة والحكم وهو مشتمل على 13 بيتاً يذكر فيها القاضي الموت وينبِّه الناس على فناء الحياة ويطلعهم على أن شمس العمر لا تزال في سفر الغروب ويحرضهم على القيام بأعمال صالحة قبل فناء الحياة ويحثهم على اقتناع بكل ما لديهم من الأموال وترك الطموح لكسب المزيد من الأموال . فهو في هذا الجزء من القصيدة كزهير بن أبي سلمى الذي ملأ معلقته بالمواعظ الحسنة والحكم ودعا فيها الناس الذين يخوضون في حروب دامية إلى السلم والأمن . فيبدو لنا القاضي في هذا الجزء من القصيدة كحكيم كبير ملأ هذا الجزء من قصيدته بالأبيات المشتملة على المواعظ الحسنة والحكم . ويدعو فيها الناس إلى القيام بأعمال صالحة تفيد في الأخرة وكل ذلك  بأسلوب لا يقل عن أسلوب زهير بن أبي سلمى ، فله أثر خلاب في القلب ، كما هو يقول :

يا طالب الجاه في الدنــيا تكون غدا  على شفا حــــفــــرة الــنـيران والشعل

يا طلــــب الــــعز في الــــعقبى بلا عمل  هـــل تـــــنـــــفـــعــك فيها كثرة الأمل

يا أيــــهــــا الــطفل أنت الطفل في أمل  وشــمس عمرك قد مالت إلى الطفل

يا مــــن يــــطاول في الــبــنـيان معتـمدا  على القصور وخفض العيش والطول

لأنـــت في غـــــفـــــلــــة والــمـوت في أثـر  يعدو وفي يده مـــســـتـــحــكم الطول

اقنع من العيش بالأدنى وكن ملكا  إن الــــقــــنــــاعـــة كنز عنك لم يزل

ثم إغتنم فرصة من قــبــل أن ضعفت  قواك من ســـطــــوة الأمــراض والعلل

ولا تكن لمزيد من الرزق مـــضطربا  واقـــنــــع بـــمــا قسم القسام في الأزل

لا تـــغـترر أنـــت في الـــدنـــيا فـــإن بها  مـــــن عــــز بــز فكن منها على وهل

أكـــــالــــة أكــــلت كالهر ما ولدت  حـــــيـــــالــــــة قــــتــلت من جاء بالحيل

ولا مــــناص مـــن الله الـــــعــــزيـز وإن  فـــــررت مـــــنـــــه إلى الـــدمــاء والقلل

يا أيـــهـــا الــــنـــاس أن العمر في سفر  وإن أوقـــــــاتــــــكـــــم والله كالظلل

إن الـــــمــــــــنــــــايــــــا بلا شــــك لآتــية  وأنـــــتـــم في الــمــني والمين والكسل [8]

وهذه الأبيات المذكورة في الحقيقة شرح للحديثين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحدهما : ” الكيس من دان نفسه ( العاقل من يحاسب نفسه ) وعمل لما بعد الموت ، والعاجز ( السفيه ) من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني[9] ، وثانيهما : ” بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو موتاً مجهزاً ” [10] . فصاغ القاضي مفهوم هذين الحديثين أحسن الصياغة في هذه الأبيات المذكورة مع رعاية جميع عناصر الشعر وبلاغته ثم قدمه إلى دنيا العلم والمعرفة بأسلوبه الرفيع الذي يدل على إلمامه الواسع بعلم الحديث ومهارته في صياغة الشعر أحسن الصياغة .

والجزء الثالث من القصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وهو مشتمل على 19 بيتاً ، ونستطيع أن نقدر مدى أهمية هذه الأبيات والفكرة التي تناولها القاضي فيها ومهارته في إجادة مدح النبي صلى الله عليه وسلم كل الإجادة بأن القصيدة بجميع ثلاث أجزائها تعرف بـ ” القصيدة اللامية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ” لأجل هذه الأبيات فقط . فللجزء الثالث من القصيدة  في مدح النبي صلى الله عليه وسلم مكانة مثل مكانة مقدمة تاريخ ابن خلدون ” العبر وديوان المبتدأ    والخبر ” التي جعلت صاحبه واضع علم الاجتماع والعمران والاقتصاد وفلسفة التاريخ ، وكسبت له الشهرة في الأوساط العلمية والأدبية .

يفيض القاضي في هذه الأبيات بالحمية الإسلامية وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، ويغني بأغاني فضائله ومناقبه ، وأجاد كل الإجادة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم حتى فاق بعض الشعراء العرب الذين انتدبوا مدح الأمير سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم . وهذه القصيدة قصيدة غراء في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، بديعة التعبير ورشيقة الألفاظ وسمو معانيها . فنحن نجد في بعض أبياتها نفس المعنى الذي تناوله ” كعب بن زهير ” وحسان بن ثابت في قصائدهما وكما أتى بمعان جديدة وكلها بأسلوب جذاب . وهناك أقدم إليكم بيتين من قصيدة حسان بن ثابت التي مدح بهما النبي صلى الله عليه وسلم وهجا أبا سفيان ، فيقول :

أحسن منك لم تر قط عيني وأجـــمـــل مـنك لم تلد النساء

خـــلقـت مبرءاً من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء [11]

الآن نقدم إليكم هذه الأبيات التي مدح القاضي بها النبي صلى الله عليه وسلم على مسلك حسان بن ثابت رضي الله عنه . ويبدأ القاضي هذه الأبيات بالحمد لله تعالى أولاً ، ثم ينتقل إلى مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول :

لله در فـــــــــقــــــــــيـــــــر مــــــالــك أبـــــداً   وذي خــــصـــائص بـــفـضل الله مكتفل

ولــــــم يــــكـــــن فـــخــره إلا بـــعـــزة من   أعــــــي الأعــــاجـــــم والأعــــراب بالـدول

مـــــحـــــمـــــد خـــــيــر خـلق الله قـــاطبة   هـــــــو الـــــذي جـــل عــن مـثـل وعـن مـثل

له الــــمــــزايـــــا بــــلا نـــقـص ولا شـــبــه   لـــــه الــــــعــــــطايــــــا بـلا مـــــن ولا بــــدل

له الـــمـــكارم أبهى مـــن نـجـــوم دجــى   لـــــه الــــعــــزائـــم أمـــضى من قنا البطل

له الفضائل أجدى من عصـا كـســـرت  لــــــه الـــــشــمـائل أحلى من جنى العسل

له الــجـمال إذا ما الشمس قد نـــظــرت   إلــــــيــــــــه قـــــــالـــــت ألا يا ليت ذلك لـي

الـــــنـــــصــــر قــــــادمـــــه والفتح خـــادمه   كـــــــلاهـــــمــــا عــن حـماء غير مرتـحل

يــــا أعـــــظـــم الــناس من حاج ومعـــتمــر   وأكــــــــرم الـــــخلـــق مــن جاف ومـنتعل

أتــــــيـــــتــــــنــــــا بـــــكــــتــاب جل منـفــعة   بــــــــســــــــــبـــــــــــيــــــــــل ناســــــــخ الـــسبل

بــــــعــــــــثـــــــت بـالـملة البيضاء راسـخـــة   عـــــفـــــا بـــــهــــــا ســــائـــر الأديـــان والمـلل

وأفـــــحـــــمـــــت كــــل بـليغ بالـــكـــتاب   كما جادلت بالسيف أهل الجد وجدل

اضحي طلوعك بالشمس الضحي أبـــداً  وقد غـــــــنــــيــــت عن الـــمــيــزان والحمل

أم الـــــمـــــتــــــمــــنـــــي إذا جاءتــك سائلة   أرجــــــعــــــتـــــهـــا وهي في عقر مع الحمل

نـــــــداك أكـــــــثـــــره لا يــــــنــــتــهي أبدا   لــــــــكـــــــن أدنـــــاه أدنـى من ندي السبل

وعـــــــرف طــــــيـــبــــــك للـكفار ضائــرة  مـــــســـــيـــــرة الــــشــهـر مثل الورد للجعل

لـــــصــــحــبـــك الــغــر باق فتـضـلـهم أبداً  وفـــــــضــــــل أمــــتـــــك الـــــزهــراء لم يزل

وأهــــــل بــــــيـــتــــك فـــيــنــــا رحــمة نزلت  أهـــــل الــــــطـــهـــارة عن رجس وعن وحل

يــــــــــا ســـــــــيـــــد الــــــــمـــرســـلــــــيـن أدم  شـــفــاعـــــة لـــــعـــــبــــيــــد ضــــارع وجـــل [12]

سجل القاضي في هذه الأبيات خلاصة ما جاء في القرآن والحديث عن فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله وأصحابه ، ولا يستطيع أحد أن يجمعها إلا من له اطلاع واسع على العلوم الإسلامية من التفسير والحديث ، وبراعة فائقة في قرض الشعر ، ولولا خفت على طول المقالة ، لجمعت هذه الآيات والأحاديث التي صاغ مفهومها في هذه الأبيات أحسن الصياغة . فكان حقاً على  طليعة الشعراء في المرحلة الأولى للشعر  الهندي .

صفوة القول أنه كان من فحول الشعراء ، وله قدرة في التعبير عن أدق الخواطر وسبر الأغوار النفسية والتصوير ما تحويه من عواطف ، وخير دليل على ذلك  هذه القصيدة المتكاملة التي تترك في نفس القارئ تأثيراً كبيراً بها وتدل على براعة صاحبه في قرض الشعر ، ولو كان القاضي قد ولد في دولة من الدول الإسلامية العربية لوصل إلى ما وصل إليه الإمام البوصيري في بردته .

* الأستاذ المساعد ، قسم اللغة العربية وآدابها ، جامعة كشمير ، سرينغر ، الهند .

[1] أخبار الأخيار للشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي ، أدبي دنيا ، دلهي ، عام 1994م ، ص 326 .

[2] مصادر الدراسة الأدبية ، يوسف أسعد داغر ، لبنان ، عام 1961م ، ج 1 ، ص 22 .

[3] الإعلام بمن في تاريخ الهند من الإعلام للعلامة عبد الحي الحسني ، مكتبة دار عرفات ، دارة الشيخ علم الله ، راي بريلي ، الهند ، عام 1992م ، ج 2 ، ص 73 .

[4] الإعلام بمن في تاريخ الهند من الإعلام للعلامة عبد الحي الحسني ، مكتبة دار عرفات ، دارة الشيخ علم الله ، راي بريلي ، الهند ، عام 1992م ، ج 2 ، ص 73 .

[5] أخبار الأخيار للشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي ، أدبي دنيا ، دلهي ، عام 1994م ، ص 326 .

[6] الإعلام بمن في تاريخ الهند من الإعلام للعلامة عبد الحي الحسني ، مكتبة دار عرفات ، دارة الشيخ علم الله ، راي بريلي ، الهند ، عام 1992م ، ج 2 ، ص 73 .

[7] الإعلام بمن في تاريخ الهند من الإعلام للعلامة عبد الحي الحسني ، مكتبة دار عرفات ، دارة الشيخ علم الله ، راي بريلي ، الهند ، عام 1992م ، ج 2 ، ص 73 .

[8] الإعلام بمن في تاريخ الهند من الإعلام للعلامة عبد الحي الحسني ، مكتبة دار عرفات ، دارة الشيخ علم الله ، راي بريلي ، الهند ، عام 1992م ، ج 2 ، ص 73 .

[9] رياض الصالحين ، الشيخ يحيى بن شرف النووي ، إدارة إشاعة الدينيات ، دلهي ، الهند ، عام ( ب ت ) ، ص 58 .

[10] رياض الصالحين ، الشيخ يحيى بن شرف النووي ، إدارة إشاعة الدينيات ، دلهي ، الهند ، عام ( ب ت ) ، ص 58 .

[11] شرح حسان بن ثابت الأنصاري ، عبد الرحمن البرقوي ، دار الأندلس ، عام 1983م ، ص .

[12] الإعلام بمن في تاريخ الهند من الإعلام للعلامة عبد الحي الحسني ، مكتبة دار عرفات ، دارة الشيخ علم الله ، راي بريلي ، الهند ، عام 1992م ، ج 2 ، ص 73 .