تعريف التحقيق والتخريج وأهميتهما للمخطوطات

شعر الطبيعة : بواعثه وخصائصه
مارس 1, 2020
الصحابي عكاشة بن محصن رضي الله عنه دراسة تاريخية إسلامية حول دخوله في الهند
مارس 1, 2020
شعر الطبيعة : بواعثه وخصائصه
مارس 1, 2020
الصحابي عكاشة بن محصن رضي الله عنه دراسة تاريخية إسلامية حول دخوله في الهند
مارس 1, 2020

دراسات وأبحاث :

تعريف التحقيق والتخريج وأهميتهما للمخطوطات

الأخ محمد يعقوب *

ما معنى التحقيق :

التحقيق هو محاولة استخراج نصّ مخطوط ، على حالته التي كتب فيها من قبل المؤلف استناداً إلى نسخته الوحيدة أو نسخه العديدة وكيف يمكن إعداده للنشر . أما إنشاء متن جديد – في حالة فقدان نسخ المتن الأصلي ، وذلك عن طريق تجميع الروايات الموجودة في المصادر التي نقلت عن المصدر الأصلي – فهذا لا يسمّى تحقيقاً ، في العصر الحديث ، إن عمل التحقيق يتزايد في مجال البحث ، وفي البداية نعرف معنى التحقيق لغةً واصطلاحاً كما يأتي :

تعريف التحقيق لغةً : كلمة ” التحقيق ” هي مصدر لفعل حقّق : معناه          ” Critique ” بالفرنسية و ” Verification ” or ”  Identification” بالإنجليزية ، فمعنى التحقيق في اللغة هو التأكد من صحة الخبر  وصدقه ، وحقق الرجل القول صدقه أو قال هو الحق لا يحدث فيه أي شك أو لبس ، لو نظرنا إلى المعاجم الحديثة المختلفة لعلمنا كلمة التحقيق لغةً ، ونفهم تعريفها بسهولة يجب أن نراجعها ، فـ “حقق ويحقق   والتحقيق ” على وزن ” التفعيل ” ، جاء في مقاييس اللغة أن مادة ” الحق الحاء والقاف أصل واحد وهو يدل على إحكام الشيئ وصحته ، فالحقُّ نقيضُ الباطل ” [1] ، يقول صاحب لسان العرب : ” حقّ يحقّه حقّاً وأحقّه كلاهما : أثبته وصار عنده حقًا لا يشك فيه ، وتحقق عنده الخبر أي صح وحقق قوله وظنه تحقيقًا أي كلام محقق أي رصين ” [2] وفي أساس البلاغة ” حققت الأمر وأحققته : كنت على يقين منه . وحققت الخبر فأنا أحقه : وقفت على حقيقته ، ويقول الرجل لأصحابه إذا بلغهم خبر فلم يستيقنوه : أنا أحق لكم هذا الخبر ، أي أعلم لكم وأعرف حقيقته ” [3] وجاء في مختار الصحاح : ” حق الأمر تحققه : صار منه على يقين ، وتحقق عنده الخبر : صح ” [4] ، وفي المعجم الوسيط نجد أن ” حقق الأمر : أثبته   وصدقه ، يُقال : حقق الظن وحقق القول والقضية والشيئ والأمر أحكمه ويُقال : حقق الثوب أحكم نسجه ” [5] . وقد ورد أيضاً للحق معان أخرى ، منها : المال والمِلك بكسر الميم وبمعنى الموجود الثابت ، وبمعنى الصدق والموت والجرم ، ويقال تحقق الرجل الأمر أي تيقنه عند الخبر أي صحّ ، والحق اليقين بعد الشك [6] . وجاء في معجم كامبريدج عن معنى التحقيق   ” هو عملية إجراء تغييرات على النص أو الفيلم وتحديد ما سيتم إزالته وما سيتم الاحتفاظ به ” [7] ، وفي معجم الإنكليزية الأخرى ” التحقيق هو عملية مراجعة قطعية من الكتابة وإجراء التصحيحات ” [8] .

ومن هذا المذكور نعرف أن التحقيق في معناه اللغوي يعني الإثبات بالدليل وتصحيح الأخبار ، فالتحقيق هو إحكام الشيئ وتصحيحه وتصديق قائله ومعرفة حقيقته على وجه اليقين . وهذه الصفات لا يتصف بها سوى العلماء والذين نعتوا بالمحققين والجهابذة والفضلاء إلى غير ذلك من الصفات ، وما يهمنا هنا توضيحه هو أن المعني اللغوي للتحقيق قد ظهرت تطبيقاته على مستوى كبير بين علماء الإسلام وبين كتب السير والتراجم ، لمن أراد الوقوف على مثل ذلك الأخير دليل على ما ذهبنا إليه فذاك ينعت بالمحقق وذلك ينعت بالثبت وذاك ينعت بأنه كان راسخاً في علم الأصول وهكذا إلخ .

تعريف التحقيق اصطلاحاً : أما معنى التحقيق الاصطلاحي فهو إثبات المسائل بالدليل وإخراج الأخبار بالصحيح ، كما يقول الجرجاني           ” التحقيق إثبات المسائل بدليلها ، والتحقيق بيان الشيئ على وجه الحق ” [9] وكذلك هو عند العلماء ، كما يقول التهانوي ” التحقيق في عرف أهل العلم : إثبات المسائل بالدليل ” ، إن المهتمين بالتحقيق يتفقون على أن التحقيق علم مستقل له مناهجه وأصوله يعد علمًا حديثًا نسبيًا ظهر بعد ظهور وانتشار الطباعة في القرن الخامس عشر الميلادي . ولكن الناس في الماضي لم يعرفوا أي شكل من أشكال التحقيق ووسائله ، لذلك لم تستعمل في القديم كلمة ” تحقيق ” في اللغة العربية علمياً أو اصطلاحياً ، ونذكر أهم التعريفات الاصطلاحية للتحقيق فيما يأتي :

  1. قال الدكتور عبد الهادي الفضلي في كتابه ” تحقيق التراث ” : هو العلم الذي يُبحث فيه عن قواعد نشر المخطوطات أو هو دراسة قواعد نشر المخطوطات [10] .
  2. الأستاذ عبد السلام هارون يعرّفه بقوله : بذل عناية خاصة بالمخطوطات ، حتى يمكن التثبت من استيفائها لشرائط معينة ، فالكتاب المحقق هو الذي صح عنوانه واسم مؤلفه ونسبة الكتاب إليه وكان متنه أقرب ما يكون إلى الصورة التي تركها مؤلفه [11] . وإلى هذا التعريف ذهب الدكتور يحيى وهيب الجبوري في منهج البحث وتحقيق النصوص [12] .
  3. الدكتور حسين محفوظ يعرّف التحقيق بقوله : ” إخراج الكتاب مطابقاً لأصل المؤلف أو الأصل الصحيح الموثوق إذا فقدت نسخة المصنف ” [13] .
  4. الدكتور مصطفى جواد ، يرى تحقيق المخطوطة بأنه ” الاجتهاد في جعلها ونشرها مطابقةً لحقيقتها كما وضعها صاحبها ومؤلفها من حيث الخط واللفظ والمعني وذلك بسلوك الطريقة العلمية الخاصة بالتحقيق ” [14] .
  5. الدكتور محمد عجاج الخطيب يعرّف على عمومه وإطلاقه بقوله : الإثبات والإحكام والتصحيح ، وفي تحقيق التراث : بذل الجهد والعناية في إخراج المخطوط بصورة صحيحة كما وضعه مؤلفه [15] .
  6. التحقيق هو عملية اختيار وإعداد الكتابة والتصوير والمرئية والمسموعة والأفلام المستخدمة لنقل المعلومات ، يمكن أن تتضمن عملية التحقيق تصحيحاً وتكثيفاً وتنظيماً والعديد من التعديلات الأخرى التي أجريت بالهدف والتوافق الصحيح والعمل الكامل [16] .
  7. التحقيق هو عملية مراجعة وتصحيح المواد المكتوبة لتحسين الدقة والقراءة والملاءمة لغرضها وللتأكيد من خلوه من الأخطاء والإغفال والتناقض والتكرار [17] .

وإذا كان التحقيق بهذا المعنى فعلم التحقيق هو يبحث في قواعد التحقيق ومناهجه وكيفية إخراج الكتب وإعدادها للطبع والنشر ، ويعتبر هذا العلم علماً حديثاً ارتبط بإحياء التراث اليوناني والروماني عند العرب وبإحياء التراث العربي والإسلامي عند العرب . وفي الأخير نحن نقول : إن التحقيق هو عملية تبدأ غالباً بفكرة المؤلف عن العمل نفسه ، مع الاستمرار في التعاون بين المؤلف والمحقق عند إنشاء العمل ، يمكن أن يشمل التحقيق المهارات الإبداعية والعلاقات الإنسانية ومجموعة دقيقة من الأساليب [18] .

شروط التحقيق :

من المذكور أعلاه علمنا أن عملية التحقيق تتضمن إضافةً وحذفاً وإعادة ترتيب الكلمات جنباً إلى جنب مع إعادة صياغة الجمل ، وقد ذكر الدكتور عبد الهدي الفضلي شروطاً عديدةً لتحقيق النصّ أو المخطوط باللغة العربية .

الشروط العامة : من أراد أنْ يُحقق مخطوطاً لا بُدّ أن يتّصف بأوصاف معينة ، وأنْ تتوافر فيه عدة شروط عامة ، وهي :

  1. أن يكون عارفًا باللغة العربية – ألفاظها وأساليبها – معرفة وافية .
  2. أن يكون ذا ثقافة عامة .
  3. أن يكون على علم بأنواع الخطوط العربية وأطوارها التاريخية .
  4. أن يكون عارفًا بقواعد تحقيق المخطوطات وأصول نشر الكتب .
  5. أن يكون على دراية كافية بالببليوجرافيا العربية وفهارس وقوائم الكتب العربية .

الشروط الخاصة : وعلى المحقق أن يكون عالماً متخصصاً بموضوع المخطوط أو النص الذي يريد تحقيقه ، فشروط خاصة للتحقيق هو كما يُذكر :

  1. أن يكون من المتخصصين بعلم النحو العربي .
  2. أن يكون ذا ثقافة واسعة باللغة العربية : علومها وآدابها وتاريخها .
  3. أن يكون ذا دراية بتاريخ النحو والنحاة .
  4. أن يكون ذا معرفة مجزية بالعلوم الأخرى التي دخلت الدراسات النحوية وتفاعلت مع علم النحو أخذاً وعطاءً كالمنطق والفلسفة والفقه وأصوله وعلم الكلام وما إليها .
  5. أن يكون ذا إلمام كاف بالمكتبة النحوية المطبوعة والمخطوطة .
  6. أن يكون ذا خبرة بلغة النحاة وأساليبهم في مؤلفاتهم والمنقول عنهم [19] .

غاية التحقيق ومنهجه :

غاية التحقيق هو تقديم المخطوط صحيحاً دون شرحه ، إن جماعة من الناشرين لا تنتبه إلى هذا الأمر ، فتجعل الحواشي ملأي بالشروح والزيادات : من شرح للألفاظ ، وترجمات للأعلام ، ونقل من كتب مطبوعة ، وتعليق على ما قاله المؤلف – كل ذلك بصورة واسعة مملة ، قد تشغل القارئ عن النص نفسه ، ولم توجد في المخطوط ، وهم يقصدون بذلك التبجّح بالعلم والاطلاع ، ويقضي ذلك التحقيق ما يأتي :

  1. التحقيق من صحة الكتاب واسمه ونسبته إلى مؤلفه .
  2. إذا كانت النسخة كتبها المؤلف بخطه فتثبت كما هي .
  3. قد يسبق المؤلف قلمه أو تخونه ذاكراته ، فيخطئ في لفظ أو اسم . فيستطيع المحقق أن يصحح الخطأ في الحاشية ، ويثبت النص كما ورد .
  4. أما إذا كانت النسخ مختلفة فتختار نسخة لتكون أمّاً ويثبت نصها .
  5. إذا وجدت زيادات أضيفت في جوانب المخطوط من تنبيه أو تفسير أو غير ذلك ، فلا تضاف قط على المتن ، بل يُشار إليها في الحاشية [20] .

ما معنى التخريج :

التخريج هو يعني فعل معرفة المعنى الحقيقي للتشريع من خلال إعطاء كلمات التشريع معناها الطبيعي والعادي ، إنها عملية تحديد المعني الحقيقي للكلمات المستخدمة في النظام الأساسي ، ذلك لتفسير أي جزء من النص أو الفكرة ، فيجب على المترجم أولاً أن يفهمه ثم يعطي تفسيراً له ، الآن نعرف معنى التخريج لغةً واصطلاحاً على ما يأتي :

تعريف التخريج لغة : أصل كلمة التخريج تعود إلى كلمة ” خرّج ” على وزن تفعيل معنها نقيض الدخول ، وهي تعني البروز والظهور ، فالتخريج هو الإظهار والإبراز ، كما جاء في القرآن الكريم ” وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً ” [21] وقال تعالى أيضاً : ” وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ” [22] .

وإذا راجعنا القواميس المختلفة لمعناها ستكون واضحاً لنا ، يقول الأزهري [23] : ” الخروج نقيض الدخول ” ، ويقول الجوهري : ” الخرج خلاف الدخل ” [24] ، ويقول ابن منظور [25] : ” الخروج : نقيض الدخول ” ، ويقول الزبيدي : ” خرج خروجاً : نقيض دخل دخولاً ” [26] ، والتخريج في اللغة اجتماع أمرين متضادين في شيئ واحد أيضاً ، كما جاء في القاموس :      ” وعام فيه تخريج : خصب وجدب ، وأرض مخرّجة ( كمنقّشة ) نبتها في مكان دون مكان ، وخرّج اللوح تخريجاً : كتب بعضاً وترك بعضاً ، والخرج : لونان من بياض وسواد ” [27] .

تعريف التخريج اصطلاحا : تستخدم كلمة التخريج عند المحدثين في معان عدة ، والمقصود هنا ، هو المعنى الذي عقد له البحث ، وإليه أشار السخاوي [28] حيث قال : ” التخريج : إخراج المحدث الأحاديث من بطون الأجزاء والمشيخات والكتب ونحوها ، وسياقها من مرويات نفسه أو بعض شيوخه أو أقرائه أو نحو ذلك ، والكلام عليها وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب ودواوين . . . ” .

هذا ومن لوازم التخريج بيان الصحيح والضعيف ، فقد ذكر المناوي [29] أن معني التخريج هو : ” عزو الأحاديث إلى مخرجيها من أئمة الحديث من الجوامع والسنن والمسانيد . . . بعد التفتيش عن حال    مخرجه . . . ” ، ثم قال : ” فإن الصدر الأول من أتباع المجتهدين لم يعتنوا بضبط التخريج وتمييز الصحيح من غيره ، فوقعوا في الجزم بنسبة أحاديث كثيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم . . . مع ضعفها ، بل ربما دخل عليهم الموضوع ” .

وقال ابن كثير [30] : ” ووجدت فيه أحاديث جمة لا يستغني من قرأها عن معرفتها ، ولا تتم فائدة الكتاب إلا بمعرفة سقمها من   صحتها ، فأحببت إذا كان الأمر كذلك ، أن أجمعها كلها ، والآثار الواقعة فيه معها على حدة ، وأن أعزو ما يمكن عزوه إلى الكتب    الستة . . . ” .

ولقد حاول بعض المعاصرين وضع تعريف لكلمة التخريج فقال بعضهم : ” هو الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصلية التي أخرجته بسنده ثم بيان مرتبته عند الحاجة ” [31] .

وقال الزركشي[32] : ” . . . خرجت من غوامضها كل مفقود . . . والتزمت أنه حيث وقع الاحتجاج بحديث هو ضعيف الإسناد ، ذكرت ما يقوم مقامه من الصحيح أو الحسن غالباً ، وأجمع طرق الأحاديث في موضع واحد . . . ” ، وقال ابن حجر [33] : ” فقد عزمت على تخريج الأحاديث المذكورة في كتاب الأذكار مبيناً حال الحديث صحيحاً أو حسناً أو واهياً أو موضوعاً . . . ” ، وقال المناوي [34] : ” لم أوافق على من أفرد تخريج الأحاديث الواقعة في تفسير القاضي ، بتأليف مستقل ، مع دعاء الحاجة بل الضرورة إلى ذلك أشد ، إذ منها الصحيح والضعيف ، الموضوع ، وما لا أصل له . . . ” .

خلاصة القول هو أن تعريف التخريج اصطلاحاً هو استنباط الحديث من مصادره الأصلية وبيان موضعه فيها ، مع دراسة إسناد ومتن عند الحاجة .

وبهذا يتبين مدى ارتباط المعنى اللغوي بالمعنى الاصطلاحي حيث تضمن الأخير : الإظهار والإخراج والإحكام والفائدة ، بمعرفة الصحيح من الضعيف ، وكل ذلك له أصل في الاستعمال اللغوي . فالتخريج هو عزو الحديث إلى مصادره الأصلية التي أخرجته بسنده ثم بيان مرتبته عند الحاجة .

الفرق بين التحقيق والتخريج :

بعد أن قدمنا تعريف التحقيق والتخريج لغةً واصطلاحاً ، علمنا أن هناك علاقةً وثيقةً بينهما ، فإن هاتين الكلمتين هما متماسكتان مع بعضها البعض ، ولكن فيهما فرقاً لطيفاً كما يلي :

  • التخريج هو عزو الحديث إلى مصادره الأصلية من كتب السنة والمسانيد وأحياناً مع ذكر رقم الحديث وموضعه من الكتب ، والتحقيق هو نفسه التخريج ، ولكن يزاد عليه الحكم على الحديث بالصحة أو الضعف .
  • التحقيق هو الذي ضبط نص المخطوط ، أما التخريج فهو عزو كل ما من شأنه أن يعزى كالحديث أو الأثر أو الخبر أو أبيات الشعر .
  • كل تحقيق تخريج ، لكن كل تخريج ليس بتحقيق .

أهمية التخريج وفوائده للكتابة :

لا شك مما فيه أن معرفة فن التخريج من أهم ما يجب على كل مشتغل بالعلوم الشرعية أن يعرفه ويتعلم قواعده وطرقه ، ليعرف كيف يتوصل إلى الحديث في مواضعه الأصلية ، فأهمية التي نجنيها من خلال التخريج كثيراً جداً لا ننكر ، لا سيما للمشتغلين بالحديث وعلومه ، لأنه بواسطته يهتدي الشخص إلى مواضع الحديث في مصادره الأصلية الأولى التي صنفها الأئمة ، إن العلماء أوردوا أهمية التخريج حوالي اثنين وعشرين ، ولكن سنلقي الضوء على أهمها فيما يأتي :

  1. معرفة درجة الحديث : قال بعض العلماء ” الباب إذا لم تجمع طرقه لا يوقف على صحة الحديث ولا على سقمه ” [35] ، وكتب التخريج تضم ما يوصل إلى معرفة الحكم على الحديث من خلال أقوال العلماء أو نقد الرواة مع جمع الطرق والأسانيد .
  2. الجمع بين الحديث : قال ابن دقيق العيد : ” إذا اجتمعت طرق الحديث يستدل ببعضها على بعض ويجمع ما يمكن جمعه ويظهر به المراد ” [36] .
  3. العلم بمراتب الرواة : لأن تتبع الطرق يوصل إلى ” العلم بمراتب الرواة في الكثرة والقلة ” [37] ويرد على دعوى تفرد الراوي وجهالته .
  4. بيان أسماء الرواة : بتعيين المبهم ، وتمييز المهمل ، وتسمية من ذكر بكنيته أو لقبه .
  5. كشف أوهام وخطأ المحدثين : فقد يخطئ بعض الرواة في إسناد الحديث ، أو في متنه ، وبتخريج الحديث وجمع طرقه يتضح هذا الوهم والخطأ .
  6. معرفة السبب ورود الحديث : وذلك بأن يكون للحديث مناسبة وسبب من أجله ورود الحديث ، أو بتخريج الحديث يقف الباحث في بعض طرقه على سبب وروده .
  7. بيان أحوال المتن : وذلك بإيضاح المدرج من كلام الرواة ، أو إظهار الاختصار في لفظ الحديث ، وروايته بالمعني .
  8. بيان معنى الغريب : فقد يكون في حديث لفظة غريبة ، وبتخريجها من الروايات الأخرى يتضح أن يأتي مكانها لفظة ليست غربيةً ، أو يشتمل الحديث على بيانها .
  9. كشف أوهام وأخطاء الرواة : فقد يخطئ الراوي أو يهم ، وبالتخريج – الذي يمكننا الوقوف على عدد من الروايات – يتضح هذا .
  10. بيان أزمنة وأمكنة الأحاديث : فبجمع روايات الحديث قد يمكننا معرفة زمانه ومكانه إذ قد يذكر في بعضها ذلك .
  11. بيان المدرج : فقد يدرج الراوي كلامًا في المتن ، وبالتخريج يمكن مقارنة الروايات ، بما يبين الإدراج .

وهناك فوائد أخرى من معرفة المصنفات الحديثية ومصطلحات مصنفيها ومناهجهم ونحو ذلك مما يجعل كتب التخريج تكاد تضم جل علوم الحديث وفوائده [38] .

* الباحث في قسم اللغة العربية وآدابها ، جامعة علي جراه الإسلامية .

[1] ابن فارس ، مقاييس اللغة ، دار الفكر ، 1979م ، ج 2 ، ص 15 .

[2] لسان العرب ، ص 50 .

[3] الزمخشري ، أساس البلاغة ، دار الكتب العلمية ، 1998م ، ج 1 ، ص 203 .

[4] الرازي ، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر ، مختار الصحاح ، بيروت ، دار الفكر العربي ، 1422هـ ، ص 148 .

[5] المعجم الوسيط ، دار الدعوة ، ص 188 .

[6] المنجد في اللغة ، ص 144 .

[7] https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/editing

[8] http://www.scribendi.com/advice/glossary.en.html#E

[9] التعريفات ، ص 79 .

[10] تحقيق التراث ، ص 36 .

[11] تحقيق النصوص ونشرها ، عبد السلام هارون ، ص 42 .

[12] منهج البحث وتحقيق النصوص ، ص 128 .

[13] تحقيق التراث ، د . عبد الهادي الفضلى ، ص 35 .

[14] أصول تحقيق النصوص ، ص 5 .

[15] أصول التحقيق بين النظرية والتطبيق ، د . محمد عجاج الخطيب ، بحث نشر في كتاب صناعة المخطوط العربي الإسلامي من الترميم إلى التجليد ” ندوة ” ، ص 350 .

[16] Technical Writing for Teams: The STREAM Tools Handbook, P. 128

[17] The Fine Art of Copyediting, P. 38

[18] Encarta Dictionary Definition of “Editor”, Archived from the original on 6th February 2009

[19] تحقيق التراث ، ص 37 – 38 .

[20] أنظر للتفصيل قواعد تحقيق المخطوطات ، ص 14 – 18 .

[21] سورة النحل : 78 .

[22] سورة الأنفال : 30 .

[23] تهذيب اللغة ، 11/50 .

[24] الصحاح ، 1/309 .

[25] لسان العرب ، 2/249 .

[26] تاج العروس ، 2/28 .

[27] القاموس المحيط ، 1/191 .

[28] فتح المغيث ، 2/338 .

[29] فيض القدير شرح الجامع الصغير ، 1/20 .

[30] تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب ، ص 98 – 99 .

[31] كيف ندرس علم تخريج الحديث ، ص 27 .

[32] المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر ، ص 24 .

[33] نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار ، 1/11 .

[34] الفتح السماوي بتخريج أحاديث تفسير القاضي البيضاوي ، 1/87 – 89 .

[35] فتح المغيث ، 3/299 – 300 .

[36] فتح المغيث ، 3/300 .

[37] فتح الباري ، 10/585 .

[38] انظر سرداً لعدد الفوائد في التأصيل ، ( ص : 68 – 73 ) ، وكذا في طرق تخريج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ص 11 – 13) وأمثلة تطبيقية للفوائد ( ص 18 – 20 ) .