التسويق الشبكي الهرمي

التسويق الشبكي الهرمي
مايو 28, 2023
قواعد علم أصول الفقه وأثرها على تفسير نصوص القانون
يوليو 28, 2023
التسويق الشبكي الهرمي
مايو 28, 2023
قواعد علم أصول الفقه وأثرها على تفسير نصوص القانون
يوليو 28, 2023

(  NETWORK MARKETING )

من وجهة نظر إسلامية

الفقه الإسلامي :

التسويق الشبكي الهرمي

(  NETWORK MARKETING )

من وجهة نظر إسلامية

( الحلقة الثانية الأخيرة )

الدكتور خورشيد أشرف إقبال الندوي ( لكناؤ )

سادساً : حكم شركات التسويق الشبكي الهرمي :

يكاد يتفق العلماء المعاصرون على جواز التسويق الشبكي الهرمي إذا خلا من أمرين :

الأول : يتعلق بأصل المعاملة ، وهو شرط الشراء مقابل الحصول على حافز التسويق .

والثاني : يتعلق بالمنتجات أو الخدمات ، وهو ألا تشمل المنتجات المسوق لها على ما يخالف الشرع ، مثل انعدام شرط التقابض بين الأصناف الربوية ، أو التسويق لما فيه صُلبان ، ونحو ذلك .

أما الاختلاف والارتباك فتعم بين فقهاء العصرحول قضية التسويق الهرمي ( اشتر لتسوق ، فقد تكسب ) .

وبإمعان النظر في هذه المسألة يبدو أن سبب الخلاف فيها يكمن في مقصود المتعاملين في هذه القضية : شراء المنتجات أم العمولات ( حافز التسويق ) .

وهنا نرى حالةً من التردد والتشتت تسود بين أوساط العلماء المعاصرين حول هذه القضية المستجدة والشائكة ، فمنهم من أفتى بعدم جوازها جملةً وتفصيلاً ، ومنهم من ذهب إلى جوازها ، ولكن بقيود وضوابط ، ويمكن عرض آرائهم في اتجاهين رئيسين :

الاتجاه الأول : جواز التسويق الشبكي الهرمي بشروط . والقائلون به الدكتور وهبة الزحيلي والدكتور سلمان العودة ، والدكتور أحمد محمد السعد ، والدكتور حسام الدين عفانة ، والدكتور صالح بن غانم السدلان ، والشيخ محمد بهاء الدين الصيادي ، والشيخ جمال الدبان ، والشيخ عبد الله الجبرين ، وأحمد الحداد ، كما ذهبت إليه لجنة الفتوى في جامعة الأزهر ثم تراجعت عنه ، ولجنة الفتوى بالجامعة الأردنية ، ودار الإفتاء التونسية ، منهم من ضيق بالشروط ومنهم من توسع بها ، ويمكن إجمالها على النحو التالي :

  • أن تكون سلعة التسويق متاحةً معلومةً .
  • ألا يكون عمل الشركة ممنوعةً وفق قانون الدولة .
  • انتفاء الظلم والقمار والربا والغش والخداع والتغرير والتدليس والخيانة والرشوة .
  • جدية منتجات الشركة وعدم صوريتها .
  • الالتزام بعدم الترويج للبضاعة المحرمة شرعاً .
  • ألا يكون هدف المشترك الحصول على المقابل المالي فقط نتيجة جلب المشتركين عن طريقه [1] .

الاتجاه الثاني : حرمة التسويق الشبكي الهرمي أو عدم جوازه . والقائلون به جم غفير من العلماء والباحثين المعاصرين ، منهم : الدكتور عبد الله الطيار ، والدكتور حسين شحاتة ، والدكتور أسامة عمر الأشقر ، والدكتور يوسف الشبيلي ، والدكتور سعيد رمضان البوطي ، والدكتور سامي السويلم ، والدكتور نوح سلمان ، والدكتور علي محي الدين القرة داغي ، والدكتور أحمد الحجي الكردي ، والدكتور علاء الزعتري ، والدكتور عبد الحي يوسف ، والدكتور إبراهيم الضرير ، والدكتور عبد الملك السعدي ، والدكتور عبد الرزاق شرع ، والدكتور رفعت العزاوي ، والدكتور علي السالوس ، والدكتور بو زيد كيحول ، والدكتور صبحي فندي الكبيسي ، والدكتور عبد الركبان ، والشيخ صالح المنجد ، والشيخ يحيى الزهراني ، وغيرهم . كما ذهبت إليه جل المجامع الفقهية ودور الإفتاء الرسمية والمواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت ، منها : دار الإفتاء في الأردن ، دار الإفتاء في الكويت ،        دار الإفتاء في الجزائر ، دار الإفتاء في المغرب ، دار الإفتاء في سورية ، دارالإفتاء في البحرين ، دار الإفتاء الفلسطينية ، لجنة الفتوى بالأزهر في مصر ، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية ، مجمع الفقه السوداني ، لجنة الفتوى بمركز الإمام الألباني ، موقع الإسلام ويب ، الشبكة الإسلامية ، شبكة يسألونك وغيرها [2] .

الأدلة :

أولاً : أدلة المجيزين : استدل من قال بجوازه بشروط بما يأتي :

  • الأصل في المعاملات الحل ، كما هو مقرر في الشرع ، قال تعالى :    ( وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَا ) [3] ، ولا يعدو التسويق الهرمي الشبكي أن يكون نوعاً من أنواع البيوع الحديثة التي لم يأت نص من كتاب أو سنة بالمنع منها ، فترد إلى أصلها من الإباحة .
  • أن المنتجات أو الخدمات التي تقدمها بعض هذه الشركات هي نافعة ومفيدة ، وتستحق ما يدفع مقابلها لاقتنائها ، وعليه فمقصد الناس في التعامل في هذه المسألة هو البيع والشراء ، وهذا جائز لا غبار عليه ، أما التسويق فهو أمر لا تشترطه الشركة على أحد من المشتركين ، وإنما هو عائد إلى رغبتهم الشحصية بعد شراء المنتج لا قبله .
  • أن التعامل معها والأرباح التي يأخذها المشترك من قبيل الجعالة [4] ، والتي يستحقها المشترك عند إتيانه بعملاء جدد . والجعالة جائزة شرعاً . وعند بعض الفقهاء تصح الجعالة بما فيها من جهالة .
  • أنها من قبيل التعامل بالسمسرة [5] ، فالعلاقة بين المسوق والشركة علاقة السمسار ، فالشركة تعطي هذه العمولات مقابل الدلالة على منتجاتها ، شأنها شأن أصحاب العقار الذين يخصصون جزءاً من مبلغ الأرض المبيعة للوسيط الذي قام بدلالة المشتري عليها .
  • أن المشترك يعمل أجيراً لدى الشركة ، فبعد إتمام عملية البيع والشراء للمنتجات أو الخدمات ، تقوم الشركة بإبرام العقد مع المشترك لتوزيع منتجاتها ،أو تعطي تفويضاً شفوياً بذلك ، يحصل الموزع بموجبه الأجرة مقابل جهده في التسويق . والإجارة جائزة بالإجماع .
  • أن العمولات التي تقدمها الشركة للمشترك من باب الهبة ، وهي جائزة شرعاً ، ولا يمنع أخذ المال من غير عمل ؛ لأن الإنسان قد يحصل على مال مباح من غير نصب ولا تعب كالهبة والميراث ، وأن ما تعطيه الشركات من مكافآت على انضمام الزبائن إلى الشركة شبيه بجزاء الله تعالى على الأعمال الصالحة ، فهو يؤتي الناس أجورهم على أفعالهم التي يباشرونها وعلى أفعال من سلك مثل طريقهم ، خيراً أو شراً .
  • أن الثمن الذي يدفعه المشتري في الظاهر هو مقابل السلع ، والعمولة التي يأخذها في مقابل جهد التسويق وتعبه ، فما دامت السلعة قد توسطت فلا قمار ولا ربا ، كما أن المسوق يستحق عمولةً ، كقيامه مع مالك الدكان وتاجر الجملة ؛ حيث يستفيدون من تاجر التجزئة بأخذ أجرة المحل وقيمة البضاعة ، وكذلك المسوق الأول يستفيد من شراء الذي بعده ؛ لأنه أسس له الطريق إلى الشبكة [6] .

ثانياً : أدلة المانعين : استدل من قال بعدم جوازه مطلقاً بما يأتي :

  • وجود القمار في معاملة أكثر شركات التسويق ؛ لأن من يجلب عملاء جدداً سوف يحصل على نتيجة عالية من الدخل ، ومن لا يستطيع سوف يقف عندها ولا يحقق شيئاً ، وسوف يخرج من الشبكة ، فالمشترك يدفع مالاً مخاطراً به تحت تأثير إغرائه بعمولات التسويق التي تدر له أرباحاً كبيرةً إذا نجح في جمع عدد كبير من الأشخاص .

ويعتمد نظام العمولة في شركات التسويق على إحضار مشتركين آخرين يقسمهم إلى مجموعتين : إحداهما على اليمين ، والأخرى على الشمال ، ولا بد من تساوي المجموعتين كي يحصل المشترك على العمولة ، والمال الذي دفعه المشترك فيه المخاطرة ، فربما يحصل على العمولة إذا أحضر العدد المطلوب من المشتركين الآخرين ، وربما يخسر إذا لم يتمكن من إحضارهم .

وهذا هو وجه المقامرة في الشركة ، ومن المعلوم أن القمار من المحرمات .

  • ابتناؤه على التغرير والغش والخداع : فالنظام الهرمي في المعاملات الشبكية لا ينمو إلا على أساس أن هناك مَن يربح على حساب الآخرين من أصحاب المـستويات الأخـيرة ، وبدونهم لا يمــــكن تحقــــيق العــــمولات الكبيرة للمــــستويات العلــــيا ، والخاسرون الذين في الطبقات الدنيا من الهرم هم الأغلبية الساحقة ، ولو علم المشترك أنه في الأعم الأغلب سيكون في المستويات الدنيا من الهرم ، ولن يحصل على نسبة من المشتركين فإنه لن يشترك ولن يشتري هذه السلع ، فالطريقة التي تتعامل بها هذه الشركات تنطوي على الحيلة وخداع للناس وإغرائهم بالثراء ، مع علمها بعدم تحقق ذلك لمعظم من يستجيبون لها ، ولذا فهي غالباً ما تستهدف في دعايتها الفقراء وذوي الدخل المحدود ، وتداعب أحلام الثراء عندهم ليُقبلوا عليها بنهم ورغبة ، وهذا أعظم في الخداع والغبن الفاحش .

ويسمى هذا النمط عند الاقتصاديين : تعامل صفري (Zero-Sum Game ) ، حيث ما يربحه البعض هو ما يخسره البقية .

  • أنه أكل للمال بالباطل : وذلك أن المشتري الأعلى في هذه الشركات يأخذ عمولةً على جذبه لمشتر جديد ، والمشتري الجديد ومَن تحته يدخلون في رصيد الأول ، فيستحق نسبةً على جميع مشترياتهم وأرباحهم ، فالمشترك الأول يأكل من جهد غيره بغير حق ، كما أن الهدف من التسويق الهرمي ليس بيع بضاعة أو خدمة ، بل جذب مسوّقين جدد ليجذبوا بدورهم مسوقين آخرين .

ولا يمكن اعتبار ذلك من قبيل السمسرة أو الجعالة ؛ لسببين :

الأول : أن مَن سوّق لهذه الشركات وأدخل فيها مستهلكين وأعضاء لا يستطيع أن يتحصل على الربح أو المقابل إلا إذا اشترى هو البضاعة ، فحصولُه على العمولة مشروط . أما السمسرة والجعالة المشروعة فهي بذل جهد مقابل مال معلوم دون اشتراط لعقد آخر ، فهذا الاشتراط يلغي كونها سمسرةً أو جعالةً .

الثاني : أن المسوق في التسويق الهرمي يأخذ عمولته من جهده وجهود غيره من العملاء ممن هم تحته في الشبكة ، ويبقى مستحقاً لهذه النسبة أو العمولة دائماً ، أما في السمسرة والجعالة المشروعة فإنه يأخذ المال على ما يبذله من جهده فقط ، وينتهي استحقاقه بانتهاء عمله .

  • أنه من قبيل الغرر والجهالة المحرمين شرعاً : فالغرر : هو بذل المال مقابل عوض يغلب على الظن عدم وجوده أو تحققه على النحو المرغوب . ولذلك قال الفقهاء : الغرر هو التردد بين أمرين ، أغلبهما أخوفهما .

وإذا علمنا أن الهرم لا بد أن يتوقف مهما كان الحال ، فهذا يعني أن الدخول في هذا البرنامج في حقيقته مقامرة : كل يقامر على أنه سيربح قبل انهيار الهرم ، ولو علم الشخص أنه سيكون من المستويات الدنيا حين انهيار الهرم لم يكن ليقبل بالدخول في البرنامج ولا بربع الثمن المطلوب ، ولو علم أنه سيكون من المستويات العليا لرغب في الدخول ولو بأضعاف الثمن . وهذا حقيقة الغرر المحرم ، إذ يقبل الشخص بالدخول على أمل الإثراء حتى لو كان احتمال تحقق هذا الأمل ضعيفاً جداً من حيث الواقع . فالثراء هو الذي يغري المرء لكي يدفع ثمن الانضمام للبرنامج ، فهو يغره بالأحلام والأماني والوهم ، بينما حقيقة الأمر أن احتمال خسارته أضعاف أضعاف احتمال كسبه . أما الشبهة التي يتعذر بها المدافعون عن هذه البرامج ، وهي وجود منتج حقيقي ينتفع به المشتري ومن ثم لا يعد خاسراً إذا توقف الهرم ، فهي شبهة أول من ينقضها المسوّقون والعاملون في هذه البرامج أنفسهم ؛ وذلك أنهم حين تسويق هذه المنتجات نجدهم يعتمدون على إبراز العمولات التي يمكن تحقيقها من خلال الانضمام للبرنامج ، بحيث يكون ذكر هذه العمولات الخيالية كافياً لإقناع الشخص بالشراء ، فلو لم يكن الهدف هو التسويق لما لجأ الأعضاء إلى إغراء الجدد بعمولات التسويق .

  • شبهة اشتماله على نوعي الربا : فمحصلة هذه المعاملة هو أن يدفع المستهلك مبلغاً من المال ( قيمة المنتج ) ، لينال عوضاً عنه مبلغاً آخر أكبر منه ( العمولات ) ، مع التفاضل والتأخير ، والمنتج غير مقصود للمشترك بالدرجة الأولى لولا الرغبة في الحصول على العمولة ، بدليل توفر منتجات لشركات أخرى كثيرة ومتنوعة ، وقد تكون أفضل من حيث الجودة والسعر ، ومع ذلك يتركها المستهلك ويقصد منتجات تلك الشركة المعينة ، وليس ذلك إلا طمعاً في الحصول على هذه المكاسب ، وفي هذا شبهة أكل الربا .
  • تحريم الإسلام بإلحاق الضرر بالآخرين : حرم الإسلام التعاملات التي تحقق مصلحة الفرد وتضر بالآخرين ، وقد حرم الربح عن طريق استغلال حاجة المعوزين ، أو إلحاق الضرر بهم ، والأدلة على تحريم الضرر بالآخرين كثيرة ، من أهمها : قوله صلى الله عليه وسلم : ” لا ضرر ولا ضرار ” [7] . وأمره صلى الله عليه وسلم بقلع نخلة فيها ضرر للآخرين [8] ، وبالتالي منع إنتاجه والاستفادة منه .

وهذا يعني أنه لا يجوز أن يتضرر أي شخص في الهرم في أسفله أو أعلاه ، وهو غير حاصل في هذه القضية ، فالطبقة المتضررة في هذا الهرم كثيرة ، كما بينت الإحصائيات ، فيجب عليه منع المعاملة .

  • احتواء العقد شروطاً غير مشروعة : كاشتراط العضوية للشراء ، أو حصر العضوية من خلال أعضاء سابقين ، أو اشتراط الشراء أو دفع الرسوم لابتداء العضوية أو استمرارها ، وبلوغ عدد معين من المشتركين ، واشتراط عقد في عقد آخر من معاني البيعتين في بيعة التي جاء الحديث بالنهي عنها ، ومثل هذه الشروط ليست من جنس الشروط المباحة ، فتكون داخلةً في عموم قوله صلى الله عليه وسلم : ” المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً ، أو شرطاً أحل   حراماً ” [9] .

الرأي المختار :

بعد استعراض آراء الفريقين وأدلتهم والنظر إلى الموضوع من جميع جوانبه ، يبدو لي أن فتاوى المجامع الفقهية ودور الإفتاء والهيئات العلمية ونخبة من الفقهاء المعاصرين والخبراء الاقتصاديين أولى بالطمأنينة ، ومن ثم أرى أن التسويق الشبكي الهرمي مهما اختلفت تسمياته وأدواته ، فالهدف النهائي منه هو كسب العمولات المركبة المضاعفة وأن تسويق السلع والخدمات هي في الحقيقة ستار للوصول إلى تلك العمولات ، وإنه لا يقدم اقتصادياً أي قيمة مضافة ، فالعقود التجارية بصفة عامة ينبغي أن تعتمد على البعد الاقتصادي ويبقى فيها نقل الملكية ، – أي البعد القانوني – هو مقدمة ومدخل فقط ولا يتحول على الهدف والغاية ، وأكبر شبهة تحول العملية إلى الحرام كونها أن العميل الذي يوجد في الأعلى يأخذ عن كل عملية تسويق ممن هو أسفل منه ، والأدهى من كل ذلك أن يشترط أن تكون العملية شبكيةً لا عموديةً – أي لكي يتحصل العميل على العمولات الموعودة ينبغي عليه أن يشكل شبكةً ذات اليمين وذات الشمال ؛ بحيث تسير متوازنةً حتى يحصل على العمولة ، وإلا فتؤول العمولة لمن هو أعلى منه ، وهذا الشرط التعسفي الماكر يحول كثير من العمولات إلى جهة الأعلى ، وفيها يتحقق أكل أموال الناس بالباطل .

وإذا أضفنا إلى ذلك ما قيل في أدلة المانعين التي أوردناها من الربا والغرر والمقامرة والخداع ، تصبح هذه المعاملة ضررها أكــبــر مـن نفعها ؛ لأن قيمة السلعة أقل بكثير من قيمتها الحقيقية ، وهذه الزيادة في الثمن لولاها ، لما وجد برنامج التسويق الهرمي .

كما أنه يجعل أتباعه يحلمون بالثراء السريع ، ولكنهم في الواقع لا يحصلون على شيئ ؛ لأنهم يقصدون سراباً ، في حين تذهب معظم المبالغ التي تم جمعها من خلالهم إلى أصحاب الشركات والمستويات العليا في الشبكة .

وكذلك لا توجد نهاية لهذا النوع من التسويق ، وتنهار الشبكة الشخصية بتوقف أي عضو من الذين جندتهم ، مهما كان مستوى الطبقة التي هو فيها ، أو توقف كامل نظام العمولات نتيجة هرب أصحاب الشبكة أو اعتقالهم ؛ بعد اتضاح أن العملية برمتها هي دائرة لجمع المال لمجموعة من الأشخاص وليست عمليةً تسويقيةً حقيقةً ؛ وأيضاً بعد اكتشاف أمر البضائع وحقيقتها .

ويتضح مما سبق مدى الأضرار الناشئة من التسويق الشبكي الهرمي ، وهو أمر تحقق بالفعل ، وقامت وسائل الإعلام بنشرها ، كما تناولتها الجهات المعنية بالاقتصاد والصناعة ، فالآثار الاقتصادية السلبية المترتبة عليه دفعت بعض الدول ( إسلامية وغيرها ) إلى إصدار قرارات بمنع التعامل مع شركات التسويق الهرمي لضرره على الفرد والمجتمع والدولة .

ولهذا أرجح القول بعدم جواز التسويق الشبكي الهرمي بأساليبه وأشكاله الموجودة في عصرنا الراهن .

والبدائل لهذه العلمية كثيرة ومتعددة ، من أبرزها السمسرة المشروعة ؛ حيث تدعو الشركة ذوي الكفاءة للعمل لديها كمسوقين ، وتمنح كل مسوق عمولة محددة على كل عميل يقنعه بالانضمام إلى الشركة ، مع مراعاة الشروط الأخرى التي اشترطها الشارع لصحة عقد البيع ، وتجنب أسباب فساده ، والله تعالى أعلم .

وأخيراً أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا على بينة من أمرنا ، وأن يهدينا سواء السبيل ، وأن يكف عنا كيد الكائدين الذين يعملون جاهدين ليلاً ونهاراً لإفقار المسلمين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .


[1] انظر : موقع الإسلام اليوم ، فتاوى التسويق الشبكي عوداً على ذي بدء ، فتوى مختومة وموقعة للشيخ الجبرين بتاريخ 19/ 8/ 1423هـ ، فتوى الصيادي المحررة منه ، فتوى لإبرلهيم الكلم على موقع الإسلام اليوم ، عوداً على ذي بدء ، الموقع الرسمي للدكتور وهبة الزحيلي ، فتوى الشيخ جمال الدبان في تاريخ 14/ 5/ 2008م ، فتوى الجامعة الأردنية حول التسويق الشبكي للسلع صدرت في 28/ 12/ 2015م ، فتوى سلمان العودة نشرت على موقع الإسلام اليوم ، فتوى بخط اليد أحمد السعد بتاريخ 5/ 5/ 2002م ، فتاوى شركات التسويق الشبكي لحسام الدين في 6/ 7/ 2002م ، التسويق الشبكي تحت المجهر زاهر سالم ، ص 17 ، التسويق الشبكي دراسة شرعية ، رياض فرج ، ص 9 ، مقال لعبد الستار عبد الجبار في مجلة المجمع العدد 2 لسنة 2016م ، فقه المعاملات من المعاملات المالية في العراق  رفعت العزاوي ، ص 181 وما بعدها ، www.nastw.com/islam.htm .

[2] انظر : التسويق الشبكي من المنظور الفقهي ، أسامة الأشقر ص20 ، التسويق الشبكي من وجهة نظر إسلامية خالد بن محمد الجهني ، ص 21 ، التكييف الفقهي لشركات التسويق الشبكي ، إبراهيم الضرير ، ص 64 ، فتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالسعودية برقم 22935 في 14/ 3/ 1425هـ ، لجنة الفتوى بجامعة الأزهر في 7/ 12/ 2012م ، الحكم الشرعي في التسويق الشبكي بو زيد كيحول وعبد الرزاق الشرع ، مجلة روافد للبحوث والدراسات  العدد الثاني لعام 2017م ، ص 154 ، التسويق الشبكي : مفهومه وأثره وحكمه الشرعي محمد بن صالح حمدي ، ص 36 ، فقه المعاملات من المعاملات المالية في العراق ، رفعت العزاوي ، ص 185 وما بعدها ، فتوى دار الإفتاء الأردنية برقم 644 في 22/ 4/ 2010م ، فتوى مجمع الفقه الإسلامي في السودان دار الجنان – الزرقاء ، فتوى الإسلام ويب بأرقام : 35492 ، 19359 ، 120964 ، موقع صيد الفوائد مادة التسويق الشبكي  www.saaid.net/fatwa/fw ، موقع الإسلام اليوم مادة فتاوى التسويق                       الشبكي ،http:www.islamtoday.net  ، فتوى على موقع الإسلام على الشبكة بعنوان : التسويق الشبكي بين الحل والحرمة  islam on line، موقع الصفحة الرسمية للدكتور البوطي ، موقع المجمع الفقهي العراقي وثائق في قسم الفتوى ، www.islamic-fatwa.net, www.aleppo.com/fatwa/index.php, www.aliftaa.jo/index.php/ar/fatwa, www.m-islam.net, http:/iefpedia.com/arab/?p=26704.

[3] سورة البقرة : 275 .

[4] الجعالة : اسم لما يجعل للإنسان على فعل شيئ ،كأن تقول : من وجد كتابي فله كذا . الموسوعة الفقهية الكويتية 15/ 208 .

[5] السمسرة : هي التوسط بين البائع والمشتري ، والسمسار : هو الذي يدخل بين البائع والمشتري متوسطاً لإمضاء البيع ، وهو المسمى الدلال ؛ لأنه يدل المشتري على السلع . ويدل البائع على الأثمان . الموسوعة الفقهية 10/151 .

[6] انظر : مراجع المجيزين السابقة .

[7] رواه ابن ماجه في سننه عن ابن عباس برقم 2341 ، والدارقطني في سننه عن أبي سعيد برقم 4541 .

[8] الحديث : ” اختصم رجلان من بياضة إلى النبي صلى الله عليه وسلم غرس أحدهما نخلاً في أرض الآخر ، فقضى لصاحب الأرض بأرضه ، وأمر صاحب النخل أن يُخرج نخله منها ” ، رواه البيهقي في السنن الكبرى ، باب ليس لعرق ظالم حق برقم 10802 .

[9] انظر : مراجع المانعين السابقة ، والحديث رواه الترمذي في سننه برقم 1352 ، والبيهقي في السنن الصغير برقم 1646 .