الصكوك الإسلامية البديلة للتوريق التقليدي
أكتوبر 17, 2022الصكوك الإسلامية البديلة للتوريق التقليدي
نوفمبر 5, 2022الفقه الإسلامي :
تعريف موجز ببعض مؤلفات العلماء الهنود
في الفقه الإسلامي في اللغة العربية
( الحلقة الثانية الأخيرة )
د . نور الدين أحمد
مساهمات العلماء الهنود في الفقه الإسلامي :
نذكر هنا بعض الشروح والمختصرات من كتب الفقه وأصوله المتميزة التي أنتجها العلماء الهنود المتميزون في العصور الوسطى ، وهي الأعمال الفقهية مذكورة أدناه على الوجه التالي :
(أ) كتب الشيخ معين الدين العمراني عدة تعليقات على كنز الدقائق والحسامى والمنار والتلويح . وهو الشيخ الفقيه قد ترعرع في عهد السلطان محمد بن طغلق ( 1325 – 1351م ) .
(ب) كتب سراج الدين عمر بن إسحاق الغزنوي الدهلوي ( ت ٧٧٣هـ/١٣٧2م ) عدة شروح على الفقه مثل الهداية للمرغيناني بعنوان التلويح والجامع الصغير والكبير و ” شرح الزيادات ” للإمام محمد ( ت 804م) ، وهو كتاب الفقه مختص بفروع الحنفية ، وعلى أصول الفقه بعنوان ” شرح المغني ” في أصول الفقه . والحق أن صيته ذاع فقيهاً في العالم الإسلامي ، كما أنه كان من كبار علماء الأحناف ، وتلقى منصباً لقاضي القضاة ، وصنف تأليفات أخرى من الكتب الفقهية ، وهي ” الشامل ” في الفقه ، و ” التوشيح شرح الهداية ” و ” البديع ” في أصول الفقه ، و ” الغرّة المنيفة في ترجيح مذهب أبي حنيفة ” ، و ” اللوامع في شرح الجامع الصغير ” ، و ” فقه الخلاف ” ، وتوفي هذا الفقيه سنة ثلاث وسبعين وسبع مأة في القاهرة .
(ج) قام الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي ( ت 998هـ/1588م ) بعدة تأليفات ، وهي حاشية الأصول البزدوي وحاشية الهداية للمرغيناني وحاشية شرح الوقاية ، وحاشية على التلويح .
(د) وفي حكومة المغول الهندية ، ترعرع الشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي ( ت 1052هـ/1642م ) ، وهو أول من قام بتعميم دراسة أدب الحديث . وكانت له يد طولى خصوصاً في الفقه الحنفي الذي نشأ عليه ، ودرج فيه ، وألف عملاً مستقلاً في علم الفقه بعنوان ” هداية الناسخ إلى طريق المناسك ” ، و ” مرج البحرين ” و ” لمعات التنقيح ” ، والحق أن أعماله الفقهية قدمت حلول المشاكل الشرعية التي تنتسب إلى الأمة المسلمة .
(ه) عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوتي ، البنجابي ، كان من الشخصيات الجبارة في علم الفقه ، واشتغل بإفادة العلوم في عهد السلطان جهانكير وذاع صيته فقيهاً في عهد شاهجهان ، وله مؤلف في علم الفقه وهو ” مقدمات الأربع من التلويح ” ، وبه زادت معرفة من معارف الفقه في العصور الوسطى في الهند . وقال عنه صديق حسن القنوجي في كتابه ” أبجد العلوم ” في الجزء الثالث : ” ووزنه السلطان مرتين في الميزان ، وأعطاه في كل مرة ستة آلاف من الربابي ، وأنعم عليه قرى متعددة ، بها كان يعيش ، ويدرس ، ويصنف ، حتى توفي في سنة 1097هـ ، ودفن ببلده “ .
(و) العلامة أحمد بن أبي سعيد الصديقي الأميتوي ( ت 1718م ) كان معروفاً عموماً باسم ملا جيون الذي ألف كتاباً مهماً في أصول الفقه باسم ” نور الأنوار ” ، وحصل به على مكانة عالية في الدرس النظامي من المناهج الدراسية في الهند في العصور الوسطى . وفي الواقع أن هذا الكتاب كان مستخدماً تفسيراً للكتاب المشهور ” منار الأنوار ” الذي ألفه الإمام أبو البركات عبد الله بن أحمد حافظ الدين النسفي ( ت 1310م ) الذي كان من أتباع المذهب الحنفي في مناسبة علم الفقه .
(ز) عبد السلام الديوي ، عالم ماهر في علم الفقه ، وأنه كتب كتاباً قيماً باسم ” شرح المنار الأصول ” و ” حاشية على هداية الفقه ” ، وبهما أنه قدَّم خدمةً قيمةً إلى مجال الأدب الفقهي الهندي .
(ح) الحافظ أمان الله بن نور الله بن حسين البنارسي ( ت 1133هـ/1721م ) هو أحد علماء الأدب الفقهي المتميزين ، وعُيِّن في منصب الوزير الأعظم لكناؤ . وقد كتب كتاباً مستقلاً في أصول الفقه باسم ” المفسر ” ، وكتب عليه شرحاً سماه ” محكم الأصول ” . علاوة على ذلك ، كتب شرحاً آخر على كتاب ” التلويح ” ، وهو كتاب يتعلق بأصول الفقه .
والحق أن هذا العالم الشهير ترعرع في عهد أورنجزيب ( المتوفى 1707م) لأنه أعطى اهتماماً جدياً لمجموعة الأعمال الدينية الفقهية في خلال عهد الإمبراطورية المغولية .
(ط) القاضي محب الله البهاري ( ت 1707م ) ، له عمل مستقل سماه ” مسلم الثبوت ” ، وهذا الكتاب مختص بأصول الفقه ، ويتضح من تاريخ علماء الهند أن القاضي محب الله البهاري صنف هذا الكتاب عام 1109هـ/1697م . وهو الكتاب قد نال قبولاً حسناً من جانب جميع قراء الأدب الفقهي ، وكان شاملاً في الدرس النظامي لمدة قرنين . وقد اعترف العلماء المعاصرون بشهرته ” مسلم الثبوت ” ، لأنه كان أحد الأعمال المهمة ، ومعياره أعلى لعمق موضوعه وترتيبه ، وله فضل كبير وجدير بالثناء عند نفوس القراء .
(ي) اشتهر الشيخ أحمد زين الدين المخدوم الثاني ( ت 991 هـ/1583م ) بمؤلفاته الفقهية التي تتعلق بالمذهب الشافعي ، وهي ” قرة العين بمهمات الدين ” ، ” فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين ” ، ” الأجوبة العجيبة عن الأسئلة الغريبة ” ، ” إحكام أحكام النكاح ” ، و ” المنهج الواضح بشرح إحكام أحكام النكاح ” . والحق أن كتابه الأجوبة العجيبة عن الأسئلة الغريبة مشتمل على مجموعة من الفتاوى التي كانت مليئةً بآراء العلماء البارزين في أهم الوقائع والنوازل الفقهية . ومن المعلوم أن نسبه مع اسمه الكامل هو الإمام أحمد زين الدين بن محمد الغزالي بن أبي يحيى زين الدين بن علي أحمد المليباري الهندي ، ويتضح من التاريخ أنه كان عالماً بارعاً من العلماء الهنود ، وكان مسقط رأسه في شمال ولاية كيرالا الهندية المعروفة باسم مليبار . والحاصل أنه كان حاملاً لسمعة عظيمة في الهند وبلاد العرب على السواء ، بما أنه كان مشهوراً بين فقهاء المذهب الشافعي .
وبالإضافة إلى الكتب الفقهية من المختصرات والحواشي المذكورة أعلاه ، تم أيضاً تصنيف كتب الفتاوى ، وقام بها تطور الأدب الفقهي الهندي إلى حد كبير في العصور الوسطى . والحق أن الفتاوى تشير مصطلحاً إلى الآراء الشرعية التي يقدمها الفقهاء أو المفتين في أي نقطة من نقاط الشريعة الإسلامية . وفي مرور الزمان أصبحت كلمة ” الفتاوى ” مصطلحاً خاصاً في معنى الأعمال الفقهية التي تتكون من آراء الفقهاء أو المفتين في إجابات الأسئلة والمشاكل الجديدة التي نشأت قبلهم . قد بذل العلماء الهنود وبعض السلاطين قصارى جهدهم للحصول على تصنيف كتب الفتاوى لتلبية تساؤلات المسلمين حول الشريعة الإسلامية . وقد تم إنتاج الأدب الفقهي الهندي في العصور الوسطى ، ولكن عدده قليل كتب باللغة العربية .
(1) الفتاوى الغياثية :
هذه الفتاوى مكتوبة باللغة العربية ، ولها أهمية جداً في الحقول الفقهية الإسلامية ، والمعلوم أن هذا الكتاب من كتب الفتاوى في أرض الهند كان أولاً من جهة الكتابة ، والواقع أن هذا الكتاب قد تم تدوينه في عهد الملك السلطان غياث الدين بلبن ( 1266 – 1286م ) ، ورتبه الشيخ داؤد بن يوسف الخطيب ، هو أحد علماء الهند الحنفية ، ترتيباً للملك السلطان غياث الدين تغلق ( 1320 – 1325م ) وأصدرته المكتبة الإسلامية بكوئتة بباكستان ، والمعلوم أن ” نسخته موجودة في الخديوية المصرية ، وفي دار المصنفين بالهند ، وقد طبع سنة اثنتين وعشرين وثلاث مأة بعد الألف ببولاق ، كذا حققه القاضي سجاد حسين في تقديمه للتاتارخانية ( 1/31 ) ” .
(2) الفتاوي الابراهيم شاهية في فتاوى الحنفية :
هذه الفتاوى عمل ضخم ، مكتوبة باللغة العربية ، وتتكون من حلول المسائل الشرعية والمشاكل الدينية ، منتسب بالمذهب الحنفي ، سميت بالفتاوى إبراهيم شاهية ، فيها معارف فقهية ، وجمعها قاضي نظام الدين الكيلاني ( ت ٨٧٥هـ/١٤٧٠م ) الذي أخذ لها استخدام المطالعة من المؤلفات المختلفة ، وعددها مأة وستون كتاباً ، ورتبها ترتيباً كاملاً حسب الأبواب الفقهية وفصولها . ومع ذلك ، تناول هذه الفتاوى من مصادر المعلومات والمراجع الضرورية من أعمال الفقه والفتاوى الأخرى مثل خزانة الفقه ، والفتاوى الظهيرية ، والمحيط القدوري ، والفتاوى السراجية ، والفتاوى الخانية ، الفصول ، كنز الدقائق وما إلى ذلك . وكان المؤلف لهذه الفتاوى مقرباً جداً من السلطان إبراهيم الشرقي ( المتوفى 1438م ) ، وهو الذي عينه قاضياً لديار مصللي شاهار ( جونبور ) . وكان ذلك المترجم أيضاً معاصراً لإبراهيم عادل شاه الذي حكم على بيجابور من 1535 إلى 1557م .
(3) السراج المنير :
هذه الفتاوى عمل ضخم ، ومكتوبة باللغة العربية ، وتتكون من المسائل الشرعية والمشاكل الدينية ، وازدهرت فيها آراء الحنفية ، واشتهرت بمذهب من المذاهب الأربعة الإسلامية . وجمعه المفتي تابع محمد ابن المفتي محمد سعيد الحسيني اللكهنوي في عام 1128هـ/1716م . وكان عالماً دينياً خبيراً في إعطاء وتدريس الفتاوى الشرعية للشريعة الإسلامية . فأعطيت له مسؤلية مهمة لمكتب المفتي في لكناؤ بعد وفاة والده المحترم . وذاع صيته كاتباً لهذه الفتاوى . وفي هذه المناسبة قال الشيخ عبد الحي الحسني : ” كان من نسل الشيخ محمد أعظم بن أبي البقاء الكرماني ، ولد ونشأ بلكهنؤ وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ أحمد بن أبي سعيد الصالحي الأميثهوي ، ولازمه مدةً من الزمان حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس ، ولي الإفتاء بعد والده بمدينة لكهنؤ ، له كتاب في الفقه الحنفي ، وهو من أفخر الكتب سماه السراج المنير ، وصنفه سنة ثمان وعشرين ومأة وألف ، أوله : منك الهداية وإليك النهاية يا من نوَّر بعلم الفقه قلوب أولى الألباب إلخ ، وهذا الكتاب محفوظ في القسم الخطي لمكتبة ندوة العلماء ” .
(4) مجمع البركات :
هذا الكتاب يتكون من مجموعة الفتاوى ، ومكتوب باللغة العربية ، وقد جمعه المفتى أبو البركات بن حسام الدين بن سلطان بن هاشم بن ركن الدين بن جمال الدين بن سماء الدين الدهلوي سنة 1116هـ/1704م ، وهذا العمل منقسم إلى مجلدين ضخمين . وكان المؤلف لهذه الفتاوى منتمياً إلى المذهب الحنفي . وتقلد منصب المفتي وتولى فعاليات القاضي معاً في خلال فترة الحكومة المغولية التي سيطر عليها أورنجزيب عالم كير . والمعلوم أن الاسم الحالي ” مجمع البركات ” ، لقد تم تسميته وفقاً لاقتراح محمد يار خان ، نظام دار الخليفة ( دلهي ) ، لأنه كان يرغب في إجراء تغيير الاسم السابق ” فتاوى عجايب البركات ” . ولا شك فيه ، كانت للمفتى أبي البركات يد طولى ومعرفة عميقة في علم الفقه الإسلامي ومبادئه على السواء ، وبذل قصارى جهده تسهيلاً لموضوعات عمله الفتاوى تفهيماً ، وبوَّب مجموعات المسائل الفقهية ترتيباً جيداً ، فزاد قبوله حسناً بين يدي القراء ، وكانت أهمية عمله الفتاوى جذابة في الأعمال الفقهية الهندية في العصور الوسطى .
(5) الفتاوى الهندية :
الفتاوى العالمكيرية هي معروفة أيضاً خارج الهند بالفتاوى الهندية . واحتلت هذه الفتاوى مكانةً مرموقةً بعد كتاب الهداية للمرغيناني في علم الفقه والفتاوى بخصوص دولة الهند ، وأصبحت مشهورةً في جميع أنحاء العرب وسوريا ومصر والقاهرة لأهميتها وفوائدها الهامة . تم جمعها باللغة العربية من قبل هيئة الفقهاء البارزين تحت إشراف مولانا نظام الدين البورهانبوري ( ت 1090هـ/1679م ) ، كما أنه ائتمر بأمر الإمبراطور أورنغزيب ( ت 1707م ) . وهذه الفتاوى لها أهمية كبيرة ، وهي مجموعات الآراء والمبادئ الشرعية الإسلامية المتعلقة بفروع مختلفة من التشريعات الإسلامية التي تشمل على الشؤون الدينية والمدنية والجزائية والدولية . ويجدر بالذكر أن هذه الفتاوى لها هدف كبير إلى جمع القوانين الشرعية الإسلامية مشتملة على موضع واحد ، ويكون لها الاعتماد العميق على الأعمال الفقهية السابقة وآراء الفقهاء الموثوقين للاستخدام العام للقضاة والمفتين والعلماء . وعلى الرغم من أنها خلاصة وافية للمذهب الحنفي ، إلا أنها لم تترك المراجعة إلى رأي فقهاء المذاهب الأخرى في القضايا الكبرى . ونتيجةً لذلك ، ازدادت أهميتها في المحاكم الهندية في العصور الوسطى أكثر من أي عمل فقهي هندي آخر ؛ ومع ذلك ، هناك مراعاة شديدة لهذه الفتاوى في المجتمع الإسلامي الحالي . وتم جمعه واستكماله في ستة مجلدات خلال فترة ثماني سنوات ( ١٠٧٨ – ١٠٨٦هـ/١٦٦٧ – ١٦٧٥م ) ، وكانت لهذه الفتاوى مطالبة مزيدة ، وتم نشرها مراراً وتكراراً في الأزمنة اللاحقة .
(6) الفتاوى التتارخانية :
ومن الاعتراف أن الشيخ الإمام فريد الدين عالم بن العلاء الاندربتي الدهلوي الهندي ، هو أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية ، وهو كرَّس حياته إلى مجموعة الفتاوى تسمى بـ ” الفتاوى التتارخانية ” ، وهي مهمة جداً في الفقه الحنفي ، والحق أن هذه الفتاوى التتارخانية تعتبر من أعظم التراث الإسلامي والتحف الأكاديمية التي خلفتها سلطنة دلهي في الهند . وهي جمعت في ثلاثين مجلداً لتكون بمثابة موسوعة للفقه الإسلامي وأدب الفتاوى ، وهذه الفتاوى تعتبر من مراجع الأعمال المستقبلية في الفقه الحنفي ، والمعلوم أن صاحب الفتاوى التتارخانية توفي في سنة 1381م/786هـ في عهد السلطان فيروز شاه طغلق ( أي 1351 – 1389 ) . ولهذه الفتاوى سمعة عظيمة في أدب الفتاوى . والمعلوم أن هذه الفتاوى جمعت في سنة سبع وسبعين وسبع مأة للأمير الكبير تتارخان ، واشتهرت باسم تتارخان ، كما أنه كان من كبار الأمراء والوزراء في الهند الإسلامية في القرن الثامن الهجري .
وكانت هذه الفتاوى مجموعة ضخمة من الفقه الحنفي ، وموزعة على أصول أبواب الفقه أيضاً . وهي كانت سائدةً لقرون عديدة في الأوساط الأكاديمية ، لكنه المتُنشر بالكامل حتى وقت قريب . وكانت مخطوطات المجموعة متاحةً في عدة مكتبات في حيدرآباد ورامبور وباتنا ومكتبة الخديوي بمصر ، ولكن النسخة الكاملة منها محفوظة في مكتبة النظير محمد شاه ( المتوفى 1751 ) في أحمدآباد ( غوجارات ، الهند) . والحق أن هذه الفتاوى التتارخانية نشرت مرتين ، ومرةً واحدةً في باكستان ، وثانياً في بيروت ، ولكن الفضل في نشر نسختها الكاملة والمحررة يعود إلى المفتي شبير أحمد القاسمي من الجامعة القاسمية شاهي مرادآباد ( أترابراديش ، الهند ) .
وبصرف النظر عن الأعمال المذكورة أعلاه من مؤلفات الفتاوى ، هناك كتابان في الفتاوى ، لهما مراعاة عميقة في الأدب الفقهي الهندي ، أولهما ” الفتاوى الحمادية ” وثانيهما ” خزانة الروايات ” . والأول جمعه أبو الفتح ركن بن حسام الدين . وهو الفقيه قد تقلد منصب المفتي لديار ناغور . والمعلوم أن القاضي حماد الدين قام بجمع تلك الفتاوى ، أخذ لها مساعدة من ابنه العزيز . وعلى هذا النحو ، سميت الفتاوى باسم قاضي حماد . وتم جمع هذه الفتاوى في أواخر القرن الثامن أو أوائل القرن التاسع للهجرة . وأما الفتاوى الأخيرة ، فقد ألفها تشقان الهندي الكجراتي ( ت 920هـ/1514م ) . وتتعلق هذه الفتاوى بالمذهب الحنفي ، ودراستها تتمتع تفصيلاً للمسلمين ، الذين في فلسفة ديانتهم خاشعون ، لأن معارف الفتاوى يحتاج إليها المطيعون ، وإطاعة الله وإطاعة رسوله تعالى لازمتان للمهتديين .
الخاتمة :
علم الفقه له أهمية كبيرة في المجتمع الإسلامي ، وفيه حكمة كاملة لإطاعة الله تعالى ورسوله الكريم ، وفي شبه قارة الهند يوجد المسلمون الكثيرون ، وهم يحتاجون إلى معرفة الشريعة الإسلامية ، وكثير من العلماء الهنود ألفوا ملخصات كتب الفقه وحواشيها التي أنجزها علماء بلاد العرب .
وقد تجلى من المناقشة السابقة أن الأدب الفقهي الهندي قد تطور في القرون الوسطى على نطاق واسع ، وأنجز كثير من العلماء الهنود مؤلفات فقهية وتصانيف في علم الفتاوى ، لأن معارف علم الفقه يهتم بها المجتمع الإسلامي الهندي ، كما يحتاج المجتمع الإسلامي في العالم العربي إليها . وعلى كل حال ، فإن المؤلفات الفقهية ومجاميع الفتاوى ما نشأت في الهند في العصور الوسطى ، هي تستحق الثناء والتقدير والامتنان بحقها في أدب العالم العربي .