القيم التربوية في الأعمال النّثرية والشعرية لأدب الأطفال ( الحلقة الثانية الأخيرة )

دراسات وأبحاث :

القيم التربوية في الأعمال النّثرية والشعرية لأدب الأطفال

( الحلقة الثانية الأخيرة )

السيّدة / تبسّم محي الدين *

(2) الرواية والمسرحية : المسرحية من الفنون الأدبية المهمة التي تُقدَم للأطفال ، نظراً لما تحقق من أهداف تربوية . من خلال الرواية والمسرحية التي يحرص فيها الكاتب على تربية الأطفال على القيم والأخلاق ، ونصرة للمحتاج ومثابرة وتواضع في عرضها . والكاتب محمود شلبي تناول القضايا المرتبطة بالوطن والنواحي الاجتماعية والتربوية . وهو يعالج هذه القضايا في مجال المسرح ، خاصةً في المسرحية الشعرية . ففي مسرحيته ” طعم الوفاء ” يمزج ما بين حرص الحيوانات على وطنها وبين القيم التربوية التي تجلت في تعامل حيوانات الغابة مع بعضها البعض ومنها حسن الجزاء ، فالجزاء يمثل ما يقدم ، والوفاء من خلال المساعدة والتعاون بين الحيوانات .

ومسرح الطفل أقوى معلم للأخلاق وخير دافع للسلوك الطيب ، اهتدت إليه عبقرية الإنسان لأنّ دروسه لا تلقن بالكتب بطريقة مرهقة ، أو في المنزل بطريقة مملة ، بل بالحركة المنظورة التي تبعت الحماسة وتصل مباشرة إلى قلوب الأطفال التي تعد أنسب وعاء لهذه الدروس . ويمكن تقسيم مسرح الطفل إلى عدة أنواع . وهي على ما يلي :

(1) المسرح التلقائي أو الفطري : هو مسرح يخلق مع الطفل بالغزيرة الفطرية ، يستند إلى الارتجال والتمثيل اللعبي والتعبير الحر التلقائي .

(2) المسرح التعليمي : هو المسرح الذي يحصله أو ينجزه التلميذ تحت إشراف المربي أو المنشط أو المدرس أو الأستاذ . ويمكن تعريفه أيضاً :

• مسرح التعليم الأولى : يرتبط بالكتاتيب القرآنية والتربوية وروضات الأطفال حيث يمثل التلاميذ مجموعةً من الأدوار المسرحية التي يقترحها المربّون عليهم .
• المسرح المدرسي : هو المسرح الذي يستخدم التمثيل داخل المؤسسة التربوية . وهذا المسرح وسيلة إصلاحية ووسيلة علاجية ووسيلة جمالية ، ووسيلة نقل المعرفة والمهارة .

ومسرحية محمود شلبي ” الغزال كحول ” تعالج عدة قضايا اجتماعية ووطنية وإنسانية . وتبرز من خلال هذه المسرحية أهمية ارتباط الكائنات العميق بالأرض وأهمية الاتحاد والتماسك للمحافظة على الحقوق المشروعة والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الأخطاء والتحديات .

القيم التربوية في الأشعار :

شعر الأطفال لون من ألوان الأدب . وأنّه صيغة أدبية متميزة . ومن خلالها يجد الأطفال أنفسهم يحلقون في الخيال متجاوزين الزمان والمكان عبر الماضي وعبر المستقبل . وليست هناك قيود على موضوعاته وأفكاره ومعانيه وأخيلته . ويشارك شعر الأطفال في تنشئتهم وتربيتهم تربية متكاملة . فهو يزودهم بالحقائق والمفاهيم والمعلومات في مختلف المجالات ، وينمي الجوانب الوجدانية والمشاعر والأحاسيس لديهم ، ويغرس القيم التربوية في نفوسهم ، وينمي الميول الأدبية والقرائية لديهم ، ويشبع حاجاتهم النفسية المتعددة وتميز الجيد من الرديء ، وينميه حيال    الأطفال ، ويوقظ عواطفهم ومشاعرهم ، ويغرس فيهم القيم الدينية والمبادئ الخلقية ويبث الروح الدينية والقومية في نفوس الأطفال . وهناك أنواع متعددة للشعر . مثل :

• الأناشيد : هي القطع الشعرية ذات الوزن الخفيف والحركة السريعة والمعنى السهل واللفظ القابل للإنشاد والغناء . ولها مكانة خاصة في أدب الأطفال .
• المحفوظات : هي القطع الأدبية من الشعر والنثر التي لا يقصد إلى تلحينها ، واشتملت على المعنى الرقيق ، وعلى العبارة المنتقاة والأسلوب البليغ الذي يهز المشاعر ويحرك العاطفة .

راشد عيسى من شعراء الأردن الذي تناول في أكثر من قصيدته هذه الجوانب . ومن قصائده ” دعاء ” و ” خير البشر ” . ففي قصيدته ” دعاء ” يتوجه الشاعر إلى الخالق سبحانه وتعالى . ويتضرع إليه هو وكل البشر لله عز وجل ، فيحمد الله على نعمه وكرمه ورحمته وعدله . كما يدعو الشاعر الله بتنوير قلوب المسلمين . ومن خلال هذا التوجيه إلى الدعاء يلفت الشاعر الطفل إلى أنّ باب الله مفتوح . وهذه القصيدة تدور حول الدين وتبرز الجانب التعليمي بتعليم الطفل الأسماء الحسنى . وقد نظم الشاعر قصيدة ” دعاء ” . فيقول :

ما أرحمك . . . . . .  . . يا خالقي ما أكرمك . .. . . . . . .  . يا رازقي

صليت لك . .  . . . . . . . . يا قادر ما أعدلك . . . . . . . . . . . ما ناصر

تعطي لكل من سعى   تجيب كل من دعا

وكذلك نظم قصيدة ” خير البشر ” التي تربط الطفل بالرسول الكريم ، وتحفزه إلى التعرف على خير البشر ، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى صفاته . فهو الصادق والمنذر ، وهو من نسب كريم وشريف ، عطوف على الفقراء ، مرشد للإيمان ، فيقول :

نبينا عظيم وسيدٌ كريم  من أسرة شريفة وسادة كرام

الله فيه قد أمر       محمدٌ خير البشر

يهدي إلى الصلاح    والخير والفلاح كي ينصر الإسلام

نبينا محمدُ      هو الرسول المرشد

على الفقير يعطف    فهو المعطوف المنصف لأمتى إمام

ونظم شاعر على البيتري القصيدة ” كلمات صائم ” . وبيّن فيها فائدة الصوم للنفس والجسم ، بالإضافة إلى تطهير النفس من المعاصي والآثام ، وتوجيه الإنسان إلى الشعور بالآخرين وطاعة الله عز وجل التي تبعده عن نار جهنّم  . فيقول :

أصــــوم فأشــــهــــد قلب الـــسمــاء هو الصوم للنفس وللجسم راحة

على الـــمؤمــنين رحـــيــم الضــيـاء  فـــكم صائـم فيه لافى ارتياحه

أرى في الصائم اغتسال النفــوس     وقـــلـــبـــي به مــثل عـصفور شوق

ومن القيم التربوية مراعاة آداب الطعام ، ويتناول راشد عيسى هذه القيمة في قصيدته ” آداب الأكل ” . ويحث الشاعر الطفل على احترام هذه العادات المستحبة . فيقول :

أجــــلـــس بــــهـــدوء ونظام  وأســــمـــي في بــدء طـعامي

لا أســـــرع في بـــلـــع اللقم  كي يسهل جداً في الهضم

آكل دوما ما يكفـــيني  فأكل الـــزائـــد يــــؤذيـــنـي

أشكر ربي بعـد الأكل  وأخـــي سامـــي يــفعل مثلي

أغسل بــــالـــــصابون يديّا  إمســـح بالـــمـــــاء شــــفـــتيا

ففي هذه القصيدة يحث الشاعر الطفل أن يأكل بانتظام وقدر حاجته ، ثم يغسل يديه بعد الانتهاء من طعامه .

وشاعر المخضرمي محمد الأخضر السائحي نظم قصائد متعددة في ديوانه ” أناشيد وأغاني الأطفال ” و ” أناشيد النصر ” . وقد يحتوى ديوانه ” أناشيد النصر ” على تسع عشرة قصيدة . وهذه القصائد تدور حول موضوعات متعددة ومختلفة .

يقول في موضوع الصلاة :

حافظ على الصلاة في سائر الأوقات فهي علــى الـــدوام قاعدة السلام

فـــرض عـــلى الـــعباد فى سائر البلاد تاركها كالمجرم يعد غير مسلم

تدعو إلى الفلاح تـــهــدي إلى النجــاح والـــديــن بالأفعال وليس بالأقوال

فإنها في الجبين تقم بأمر الدين

في هؤلاء الأشعار يقول الشاعر أن الصلاة ترافق المسلم طول حياته ويجب أن يربي عليها الطفل الصغير منذ طفولته حتى ترسخ في سلوكه ولذلك هذا ضروري على الطفل أن يحافظ عليها منذ الصغر .

وكذلك يقول في أهمية طاعة الوالدين :

طاعتي للوالدين رمز أخــلاق وديــن  والتزام ويقين بـــســنا هدي الأمــين

فإله العالمين قد دعانا أجــــمـــعـــيـن     من بـــنات وبــنـينا لاحترام الوالدين

فهما رمزا حنين وعطاء كل حــين      كـــل بار بــهـما في جنان الخالدين

طاعتي للوالدين واجب عندي ثمـين  فـــإني اليوم مدين لهما طول السنين ^.

المصادر والمراجع :

1. حسن شحاته . أدب الأطفال ، دراسات وبحوث ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة 1991م .
2. مها إبراهيم غانم ، أدب الأطفال عند عبد التواب يوسف ، ط . القاهرة : الدار المصرية اللبنانية ، 2009م .
3. دكتور علي الحديدي . في أدب الأطفال ، ط 4 ، مكتبة الإنجلو المصرية ، 1988م .
4. دكتور إسماعيل عبد الفتاح ، أدب الأطفال في العالم المعاصر ، ط 1 ، مكتبة الدار العربية للكتاب ، 2000م .
5. أبو الحسن علي الندوي ، قصص النبيين ، ط 10 ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، 1992م .
6. حسن شحاته ، قراءات الأطفال ، ط 1 ، القاهرة : الدار المصرية اللبنانية ، 1989م .
7. محمد الأحضر السائحي ، ديوان ” أناشيد النصر ” ، المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ، 1983م .
8. هادي نعمان الهيتي ، أدب الأطفال ( فلسفته ، فنونه ، وسائطه ) ، الجمهورية العراقية منشورات وزاراة الإعلام ، 1977م .
9. عبد التواب يوسف ، شعر الأطفال ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، د . ط ، 1988م .

* الباحثة في الجامعة الإسلامية للعلوم والتكنولوجيا ، اونتي بورة ، بلوامة ، ولاية كشمير ، الهند . alienabhat77@gmail.com