الصكوك الإسلامية البديلة للتوريق التقليدي ( الحلقة الأولى )

سفر النساء للحج دون محارم ( الحلقة الثانية الأخيرة )
أغسطس 28, 2022
تعريف موجز ببعض مؤلفات العلماء الهنود في الفقه الإسلامي في اللغة العربية ( الحلقة الأولى )
سبتمبر 12, 2022
سفر النساء للحج دون محارم ( الحلقة الثانية الأخيرة )
أغسطس 28, 2022
تعريف موجز ببعض مؤلفات العلماء الهنود في الفقه الإسلامي في اللغة العربية ( الحلقة الأولى )
سبتمبر 12, 2022

الفقه الإسلامي :

الصكوك الإسلامية البديلة للتوريق التقليدي

( الحلقة الأولى )

دكتور . خورشيد أشرف إقبال الندوي ( لكناؤ )

الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد :

فإن حكمة الله – سبحانه وتعالى – اقتضت أن يوجد إلى جانب أي أمر محرم بديل أو بدائل كثيرة تحقق الغرض بعيداً عن الأضرار التى تقترن بذلك المحرم ، فتحريم الربا مقترن بتحليل البيع ، حيث ذكر البديل قبل التحريم ، قال تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) [1] .

وتعد السندات ( باعتبارها قروضاً ربويةً ) الوسيلة الأساسية للاستثمار في النظام المالي الرأسمالي ، في حين ألغى الإسلام القرض بفائدة كوسيلة من وسائل الاستثمار ، وقدم بدائل مناسبة عنه تقوم على قاعدة ” الغنم بالغرم ” والخراج بالضمان [2] .

ويُعتبر إيجاد البدائل من الضرورات الشرعية والاقتصادية ، وذلك لإخراج المسلمين من دائرة الربا المحرمة ، وجذب أموال المسلمين المحجمين عن التعامل في السندات المحرمة للاستفادة منها في التنمية الاقتصادية .

ومن المعلوم أن الجهات المصدرة للسندات ( حكومات ، مؤسسات ، شركات ) إنما تصدرها لتوسيع أعمالها الاستثمارية بزيادة رأس مالها ، أو لمواجهة صعوبات مالية كمشكلة العجز في ميزانية الدولة ، كما أن طرح واختيار صيغة من صيغ البدائل الشرعية تعتمد على نوع المعاملة أو المشروع أو الحاجة ، فإذا كانت الجهة المحتاجة إلى المال حكومة ، وذلك لسد عجز الميزانية أو لسد نفقات المرافق العامة من صحة وتعليم ونحوه مما لا يدر ريعاً ، فيمكن لها طرح عدة بدائل منها القـرض الحـسن من الأفراد [3] ، وتعجيل الزكاة [4] ، والحض على التبرعات والإنفاق في سبيل الله ، وفرض الوظائف المالية ( الضرايب الاستثنائية ) ، أما إذا احتاجت الحكومة إلى رأس المال لتنمية المشاريع الاقتصادية ، فتكون عن طريق إنشاء مشاركات جديدة .

وأما بالنسبة للشركات فإن احتياجها إلى زيادة رأسمالها لتوسيع مشاريعها ، يمكن سده عن طريق الاكتتاب بأسهم جديدة ، وإنشاء مشاركات جديدة .

هذا ، وقد شهدت السنوات الأخيرة جهوداً مضنيةً من قبل الأفراد والمجامع والمراكز والهيئات في مجال المسائل المالية والاقتصادية والمصرفية ، لاسيما بعد إنشاء العديد من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ، ليس فقط في العالم الإسلامي ، وإنما في معظم أنحاء العالم ، وقد قام الباحثون المعاصرون في ابتكار الأدوات المالية الإسلامية القائمة على عقود مشروعة ، كالإجارة ، والسلم ، والمشاركة ، والمضاربة ، وغيرها في رسائلهم الجامعية وبحوثهم الثرية ، ومن بين أهم هذه الأدوات الصكوك الإسلامية التي شهدت تطوراً كبيراً وانتشاراً واسعاً في أوساط القطاع العام والخاص على حد سواء .

وتقوم فكرة الصكوك الإسلامية على المشاركة في تمويل مشروع أو عملية استثمارية متوسطة أو طويلة الأجل وفقاً للقاعدة ( الغنم بالغرم ) المشاركة في الربح والحسارة علة منوال نظام الأسهم في شركات المساهمة المعاصرة ونظام الوحدات الاستثمارية في صناديق الاستثمار .

وتكون الجهة المصدرة لهذه الصكوك أحد المصارف الإسلامية أو بيت تمويلي أو شركة أو جهة حكومية لها شخصية معنوية .

وتعرف الصكوك المالية الإسلامية ” بأنها أدوات اقتراض تم تطويرها من قبل المتخصصين لكي توفر الجانب التمويلي المهم للمؤسسات المالية الإسلامية ، وأنها متنوعة وتناسب معظم النشاط التجاري والاستثماري ” .

وعرفتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية       ” أنها وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعةً في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في ملكية موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص ، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتابة بدء استخدامها فيما أصدرت من أجله ” .

وبالنظر في التعريفين المذكورين يمكن اعتبار الصكوك الإسلامية على أنها وثائق متساوية تمثل حصصاً شائعةً في ملكية أو نشاط استثماري مباح شرعياً ، تصدر وفق صيغ التمويل الإسلامية مع الالتزام بالضوابط الشرعية .

وسنقوم – بإذن الله تعالى – بتسليط الضوء على أهم أنواع الصكوك الإسلامية فيما يلي :

(1) صكوك المقارضة أو المضاربة [5] :

وهى صكوك تعني من الناحية الاقتصادية : الوثائق الموحدة القيمة الصادرة عن البنك بأسماء من يكتتبون فيها مقابل دفع القيمة المحررة بها على أساس المشاركة في نتائج الأرباح المتحققة سنوياً حسب الشروط الخاصة بكل إصدار على حدة [6] .

ويعين في نشرة الإصدار مصرفاً مرخصاً أو مؤسسةً ماليةً وكيلاً للدفع يتولى شئون دفع القيمة الاسمية للصكوك وأرباحها بالقيمة المستحقة وفي المواعيد المقررة [7] .

وتكفل الحكومة تسديد قيمة صكوك المقارضة الاسمية الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة ، وتصبح المبالغ المدفوعة لهذا السبب قرضاً ممنوحاً للمشروع بدون فوائد مستحقة الوفاء فور الإطفاء للصكوك [8] .

ويحق للشخص الطبيعي أو المعنوي من رعايا المملكة الأردنية الهاشمية ورعايا الدول العربية والإسلامية الاكتتاب في صكوك المقارضة ، كما يحق تحويل الأرباح المتولدة والقيمة الاسمية لاكتتاب رعايا الدول العربية والإسلامية عند البيع أو الإطفاء إلى الخارج بالعملة الأجنبية وفق أحكام القانون ونشرة الإصدار [9] .

ويتم تداول صكوك المقارضة في السوق المالية حسب أحكام قانونها وأنظمتها وتعليماتها ، وتصدر هذه الصكوك على نوعين :

(أ) صكوك المقارضة المشتركة :

وهى عبارة عن سندات بفئات معينة تصدرها الشركة أو المؤسسة المالية وتطرحها في السوق ، ثم تقوم بتمويل المشروعات المختلفة من حصيلتها ، وبالتالى تقتسم الشركة أو المؤسسة المالية – باعتبارها مضارباً – الأرباح الناتجة عن هذه الاستثمارات بينها وبين أصحاب رءوس الأموال – حاملي السندات باعتبارهم أصحاب رأس المال – بنسب محددة ومتفق عليها [10] .

(ب) صكوك المقارضة المخصصة :

وهى عبارة عن سندات لمشاريع خاصة ومحددة ، يكتتب عليها الراغبون في هذه المشروعات ، كل حسب اختياره ، ومن حصيلتها تمول الشركة تلك المشاريع ، ومن ثم تقتسم الشركة صافي الربح المتحقق بينه وبين حاملي هذه السندات ، بنسب محددة ومتفق عليها [11] .

هذا ، وقد عرض هذا البديل على مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة المنعقدة بجدة في السعودية عام 1408هـ 1988م لدراسة ما يتعلق صكوك المقارضة وسندات الاستثمار ، وبعد الدراسة والمناقشة قرر المجمع ما يلي :

صكوك المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض .

( المضاربة ) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعةً في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه ، ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية ( صكوك المضاربة ) [12] .

كما رأى المجمع أن الصورة المقبولة شرعاً لهذه السندات هي أن تتوافر فيها العناصر الآتية :

  • أن يمثل الصك ملكيةً شائعةً في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه وتمويله ، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته .
  • لا بد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في عقد القراض ( المضاربة ) من حيث بيان معلومية رأس المال وتوزيع الربح ، مع بيان الشروط الخاصة بذلك الإصدار ، على أن تتفق هذه الشروط مع الأحكام الشرعية .
  • أن تكون صكوك المضاربة قابلةً للتداول بعد انتهاء الفترة المـحددة للاكتتاب .
  • أن من يتلقى حصيلة الاكتتاب في الصكوك لاستثمارها وإقامة المشروع هو المضارب ، أي : عامل المضاربة ، ولا يملك من المشروع إلا بقدر ما يسهم به من شراء بعض الصكوك [13] .

بهذه الضوابط اعتبر مجمع الفقه سندات المقارضة صكوك مضاربة شرعية ، وقد خالفهم في ذلك بعض العلماء [14] ، حيث توصلوا إلى أن هذه السندات ليس من باب المضاربة ، بل إنها من باب القرض إلى أجل معلوم ومضمون السداد مع فائدة فوق أصل الدين المسمى بالربح [15] .

يقول أحد هؤلاء : ” بما أن سندات المقارضة فيها معنى القروض ، فإن الربح المتوقع حتى لو لم يكن ثابتاً محدداً مسبقاً ، فإنه يعتبر فائدة ربوية محرمة ؛ لأن تعهد المقرض بدفع أي فائدة ، سواء كانت معلومةً مسبقاً أو غير معلومة ، يعد رباً محرماً ، وإن عقد القرض عقد إرفاق لا يقصد من ورائه فائدة ولا ربح دنيوى ، والقرض في حالة سندات المقارضة قرض بفائدة ، تمثل الفائدة فيه ، نسبة معينة من الربح ، وتكون الفائدة هنا أمراً احتمالياً قد يتحقق إذا تحقق ربح ، وقد لا يتحقق إذا انعدم الربح . ثم إذا قبلنا كفالة الدولة لرأس مال المكتتبين ، فما الذي يمنع كذلك فيما بعد من كفالتها لمستوى معين من الربح ؟ وعندئذ ماذا يبقى من فرق بين سندات المقارضة ، وسندات القروض الربوية ؟؟ ” [16] .

والذي يبدو لي هو رجحان ما ذهب إليه القائلون بعدم جواز صكوك المقارضة ؛ وذلك لما يأتي :

(1) أن هذه المضاربة تحتوي على شروط فاسدة ، ” فالخسارة في المضاربة على المال خاصة ، وليس على العامل منها شيئ ، وهذا لا خلاف فيه ” [17] .

أما في هذه المضاربة فإن العامل هو الذي يتحمل الخسارة .

يقول ابن قدامة ( 620هـ ) ” متى شرط على المضارب ضمان المال أو سهما من الوضيعة ، فالشرط باطل ، لا نعلم فيه خلافاً ” [18] .

ويقول أيضاً : ” والعامل أمين في مال المضاربة ، هذا لا خلاف فيه بين الفقهاء ” [19] .

وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يجوز أن يطالب بكفيل ، ومتى طولب بضامن أو كفيل ، كانت المضاربة فاسدةً [20] .

وعلى هذا فضمان الدولة لرأس المال عاد على المضاربة بالفساد .

(2) أن هذه الصكوك تسدد بقيمتها الاسمية وليس بقيمتها الفعلية ، فحاملو الصكوك لا يعدون مالكين لموجودات الشركة ، فكيف نعتبر هذه الصكوك مضاربةً ؟

(3) أن الضوابط التي وضعها مجمع الفقه الإسلامي على تلك الصكوك لتكون مقبولةً شرعاً ، لا تغير من حقيقتها ، ما دام يحصل مالكوها على نسبة محددة من أرباح المشروع دون تحملهم خسارةً بحال من الأحوال ، وكان الأولى أن يرفض المجمع هذه الصكوك ولا يقرها ، لأن عقد المضاربة يعطي رب المال نصيبه من الربح حينما يتحقق ، ويلزمه بتحمل الخسارة إذا حدثت .

ولذا يجب أن نعمل على التخلص من شروط الضمان لأصل صكوك المقارضة بعد أن أصدرتها أكثر من مؤسسة مالية ، واعتاد الناس على التعامل بهذه الورقة المالية باعتبارها أداةً من الأدوات المالية الإسلامية .

(2) صكوك المضاربة المطلقة الإسلامية :

تعد صكوك المضاربة الإسلامية إحدى أهم أساليب التمويل الشرعية ، وهي نوع من الصكوك تصدرها الشركات التي ترغب في الحصول على الأمـوال لاستثمارها ، وتعطى هذه الصكوك لصاحبها الحق في الحصول على نسبة شائعة من الأرباح الناتجة عن الاستثمار ، كما تخول لمستثمرها ( المضارب ) حق الاستثمار المطلق في مختلف المجالات .

ويتم التعامل في هذه الصكوك وفقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( الخراج بالضمان ) ، والقاعدة الفقهية ” الغنم بالغرم ” وكذلك الكسب بالخسارة .

إذن صكوك المضاربة ، هي تطبيق لعقد المضاربة الإسلامية التي أجازها الفقهاء ، حيث يعامل حامل الصك معاملة صاحب المال ، وتعامل الشركة معاملة المضارب ، ينال كل طرف نصيباً من الأرباح إذا تحققت ، ويتحمل الخسائر إن لحقت .

وفي حالة الربح تحصل الشركة على حصة معينة من الأرباح يتفق عليها ابتداء ، أما باقي الأرباح فتكون من حق حملة الصكوك .

وللصك قيمة اسمية تمثل حصة حامله في الشركة أو المشروع ، ويستحق عنها عائداً عند تصفية المشروع ، أما إذا رغب حامل الصك في تسييله ، فيمكن ذلك عن طريق تداوله في البورصة ، أو أن تقوم الشركة المصدرة بصرف دفعات تحت التسوية تكون آجالها متناسبةً مع المدة المتوقعة للمشروع [21] ، ويجب إعطاء وزن نسبي أكبر للصكوك التي تظل مدة أطول ، حيث إن ذلك يتيح توظيفها باطمئنان [22] ، كما يمكن رد الصك إلى الشركة واسترداد قيمته حسب نشرة الإصدار .

ويجب أن تتضمن نشرة الإصدار التي تتولى الشركة إصدارها كافة البيانات المتعلقة بعملية المضاربة ، حيث تشمل تحديد مدة الاكتتاب واسم النشاط ونوعه والغرض منه وحجم رأس المال ونوع التمويل المطلوب ومكوناته النقدية من محلي وأجنبي ، وكيفية التداول والحصة في العائد ( حصة أصحاب السندات والشركة المصدرة ) [23] .

(3) صكوك المضاربة المقيدة الإسلامية :

الفرق الأساسي بين صكوك المضاربة المطلقة وصكوك المضاربة المقيدة هو أن صكوك المضاربة المطلقة تتيح للشركة الحرية الكاملة في اختيار مجالات الاستثمار الأكثر تناسباً وربحيةً ، أما صكوك المضاربة المقيدة فيقتصر استثمار الأموال المجمعة عن طريقها في مشروع معين أو نشاط محدد ، أي أن صاحب الصك في هذه الحالة يكون له حق اختيار المشروع أو النشاط الذي يتم فيه استثمار أمواله ، في حين أن صاحب الصك في المضاربة المطلقة لا يتمتع بهذا الحق ، بل يترك للشركة حرية اختيار مجالات الاستثمار التي تراها مناسبة [24] .

ومن ثم فإن صكوك المضاربة المقيدة تقوم على فكرة الربط بين المصدر التمويلي ومجال الاستخدام والأجل والعائد المتوقع ودوريته .

هذا ، ويمكن أن تصدر صكوك المضاربة المقيدة على نوعين :

(أ) صكوك المضاربة المقيدة بمشروع معين :

هي سندات تعطي لحاملها الحق في المشاركة الموقوتة في تأسيس أو تمويل مشروع معين أو عملية معينة ، والمشاركة في العائد المتولد منه ، وتحمل النتائج إيجاباً وسلباً ، ويتم تخصيص الموارد المتجمعة من المضاربة التي تنشأ لهذا الغرض في نفس المشروع .

ويجب أن يسبق إصدار هذا النوع من الصكوك دراسة جدوى كاملة للمشروع ، وأن تكون هذه الدراسة متاحة لكل من يرغب في الاكتتاب .

ويكون الحد الأقصى لصكوك المضاربة المصدرة لتمويل مشروع معين أو عملية معينة هو حجم التمويل اللازم والمطلوب لهذا المشروع أو العملية ، كما ترتبط مدة إصدار هذا النوع من الصكوك بمدة المشروع أو العملية المطلوب تمويلها .

ومع التأكيد على أن العائد لا يتحدد إلا بانتهاء المشروع تماماً ، إلا أنه يمكن توزيع العائد الدوري عن طريق صرف نسبة معينة أو مبلغ معين كل ستة شهور أو سنة حسب تقرير المحاسب ، على أن تكون تحت الحساب لحين التسوية النهائية عند انتهاء المشروع .

ويحكم إصدار هذه الصكوك المخصصة لمشروع معين نفس الضوابط التى تحكم إصدار صكوك المضاربة المطلقة من الناحية الشرعية ، إضافةً إلى مراعاة قواعد أخرى خاصةً بالمضاربة المقيدة لقياس وتوزيع الربح بها ، وكذا الالتزام بعدم إصدار صكوك تزيد عن الحاجة التمويلية للمشروع أو العملية [25] .

(ب) صكوك المضاربة المقيدة بمجال محدد :

هي سندات تعطي لمالكها الحق في المشاركة في العائد المتولد من تشغيل الأموال في نشاط استثمارى معين ، وتستثمر متحصلات هذه السندات داخل النشاط المحدد الذي تقوم به الشركة وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية كالمضاربة أو المشاركة أو المرابحة وما إلى ذلك .

ويلزم أن يدرس النشاط أو المجال الذى تروج الشركة لتمويله دراسة كاملة مستفيضة ، وفي ضوء ما يتحدد من حجم التمويل تدعو الشركة إلى الاكتتاب ، مع إعطاء الحرية بالاطلاع لكل من يرغب في الاكتتاب .

ويقترح أن تكون مدة إصدار صكوك المضاربة المخصصة لمجال أو نشاط وفقاً لنوعية النشاط وحجمه وطبيعته واحتياجات المشروعات والعمليات ، ويتم توزيع العائد على هذه الصكوك حسب الأنشطة المختلفة .

ويحكم عقد المضاربة المقيدة بمجال معين العلاقة الناشئة بين الشركة المصدرة للصكوك ( المضاربة ) وحملة الصكوك ( أصحاب الأموال ) وبذلك تكون الشركة مضارباً مقيداً بنشاط معين ، بالإضافة إلى مراعاة القواعد الشرعية الأخرى مثل : التزام الشركة ( المضارب ) بعدم المضاربة بالمال في غير المجال أو النشاط المحدد ، والالتزام بأسس قياس وتوزيع الربح الخاصة بالمضاربة [26] .

(4) صكوك المشاركـة :

لا تختلف صكوك المشاركة كثيراً عن صكوك المضاربة من حيث الصيغة ، إذ إن صاحب السند في المشاركة يكون له حق المشاركة في الإدارة ، في حين صاحب السند في المضاربة لا يكون له ذلك الحق ، وهذا هو جوهر الاختلاف بين صكوك المشاركة والمضاربة .

ولكن لو نظرنا إلى مفهوم المشاركة في الفقه الإسلامي ، لوجدناه مفهوماً واسعاً ، إذ قد تكون المشاركة في رأس المال والعمل ، حيث يكون كل واحد من الشركاء مالكاً لحصة من رأس المال ، وله حق الإدارة والتصرف ، وأوضح مثال لذلك هو شركة العنان .

وقد تكون المشاركة برأس المال من جانب والعمل من جانب آخر ، وعندئذ ترتفع يد صاحب رأس المال عن الإدارة والتصرف ، ويصبح العامل هو صاحب الكلمة في إدارة العمل ضمن حدود الشروط التي قد يحددها رب المال ، وهذه شركة المضاربة [27] .

لذلك يلاحظ أن هناك نوعاً من التداخل بين مفهومي المضاربة والمشاركة ، فما يمكن اعتباره صكوك مضاربة عند البعض ، يمكن اعتباره صكوك مشاركة عند البعض الآخر .

( للبحث صلة )

[1] سورة البقرة من الآية 275 .

[2] انظر : إلغاء الفائدة من اقتصاد باكستان ، مجلس الفكر الإسلامي ص 13 ، ترجمة عبد العليم السيد منسى، مراجعة د . حسين إبراهيم ط . المركز العالمى لأبحاث الاقتصاد الإسلامي ، جامعة الملك عبد العزيز ، جدة سنة 1402هـ 1982م ؛ حيث أوصى المجلس ببديلين مثاليين للفائدة في نظام اقتصادي إسلامي هما : المشاركة في الربح والخسارة ، والقرض الحسن . وللرأي نفسه راجع : نحو نظام نقدي عادل دراسة للنقود والمصارف والسياسة النقدية في ضوء الإسلام ، محمد عمر شابرا ص 92 و 93  ترجمة محمد سيد سكر المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، الطبعة العربية الأولى 1408هـ 1987م .

[3] بما أن القرض الحسن ليس عليه فوائد ، فهو بدون حافز دنيوي ( مادي ) لذا أجاز بعض العلماء إعفاء الدافع للقرض الحسن من الزكاة على تلك الأموال بواقع  ( 5 ,2% ) سنوياً ، وإذا كان تطبيق هذا البديل سيواجهه عوائق وعقبات لفساد الذمم ، وضعف الوعي والقيم الإسلامية عند كثير من الناس في بلاد المسلمين ، لذا اقترح أحد الباحثين وسيلةً عمليةً لتطبيق هذا البديل بصورة غير مباشرة . وذلك بالاستفادة من الحسابات الجارية لدى البنوك عن طريق فتح قنوات بين البنك المركزي وتلك الحسابات لتكون قرضاً من البنوك إلى البنك المركزي ، وكل مقترض ضامن لمن اقترض منه . ( انظر : البدائل الشرعية لسندات الخزانة العامة والخاصة ، عبد الستار أبو غدة ص 188 و 189 ، أعمال  الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي سنة 1413هـ 1993م بالكويت ) .

[4] لقد استلف النبى صلى الله عليه وسلم زكاة عمه العباس لمدة سنتين . ( انظر : نيل الأوطار 4/168 ) .

[5] المقارضة والمضاربة لفظان مترادفان تفيدان الاشتراك في عقد من عقود الاستثمار ، وتدلان على مقصود واحد ، هو عقد على الشركة بمال من أحد الجانبين والعمل من جانب آخر والعمل يكون بالتجارة والربح بينهما . وبناءً عليه تتركز المضاربة على عنصرين أساسيين هما ؛ رأس المال والربح ، وتتمثل الشروط المتعلقة برأس المال في تمكين المضارب من رأس المال ليعمل فيه ، وهذه الشروط وفقاً للرأى الغالب هي أن يكون رأس المال من الأثمان أي من النقود ، وأن يكون معلوماً لوجوب إعادته عند تصفية المضاربة إذا بقي شيئ ، وأن يكون مسلماً للمضارب بمعنى انقطاع يد المالك عنه حتى يستطيع المضارب التصرف فيه ، أما بالنسبة للربح فيجب أن يكون مشتركاً بين المضارب وصاحب العمل . ( انظر : الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي ، عبد العزيز الخياط ص 60 و 61 ، الشركات في الفقه الإسلامي ، على الخفيف ص 65 وما بعدها ) . انظر : الضوابط الشرعية للتعامل في السوق ، شحاته ص 71 ) .

[6] صيغ التمويل الإسلامية : مزايا وعقبات كل صيغة ودورها في تمويل التنمية ، سامي  حمود ، ص 48 ، مجلة البنوك الإسلامي ، العدد 63 سنة 1409هـ 1988م .

[7] انظر : المادة (7) من القانون الأوردني المؤقت رقم 10 لسنة 1981م .

[8] انظر : المادة (12) من القانون المذكور .

[9] انظر : المادة (14) من القانون نفسه .

[10] انظر : المادة (2) من القانون الأردني رقم 13 لسنة 1978م ، والمادة (2) من القانون رقم 62 لسنة 1985م .

[11] انظر : البنوك الإسلامية ، عبد الله التيار ، ص 276 و 277 .

[12] ربما يعود هذا التفضيل إلى أن السندات ارتبط مفهومها في الأذهان بالقروض ذات الفائدة ، ولكن نرى أن العبرة بالمسمى إذا اتضح لا بالاسم .

[13] انظر : بحوث في الاقتصاد الإسلامي ، القرة داغي ، ص 33 وما بعدها ، تطوير صيغ التمويل قصير الأجل للبنوك الإسلامية ، عبد المجيد قدى ، ص 354 ، أسواق الأوراق   المالية ، رضوان ، ص 381 .

[14] من هؤلاء د . رفيق يونس المصري ، د . الصديق الضرير ، د . حسن الأمين ، د . علي السالوس ، و د . أحمد علي عبد الله ( انظر : سندات المقارضة ، رفيق المصري ، د 5 – 6 ، بحث مقدم إلى حلقة عمل حول سندات المقارضة وسندات الاستثمار في جدة عام 1408هـ 1987م ، الوسائل المتاحة للمصارف الإسلامية في الأسواق العالمية ، المصارف الإسلامية ، ص 135 ، ط اتحاد المصارف العربي سنة 1989م ، المعاملات المالية المعاصرة ، شبير ،     ص 192 ) .

[15] انظر : المراجع السابقة نفسها .

[16] سندات المقارضة ، المصري ص 5 و 6 .

[17] المعنى ، ابن قدامة ، 5/38 بتصرف يسير .

[18] المغني 5/68 .

[19] المصدر السابق ، 5/76 .

[20] حاشية الدسوقي ، 3/530 .

[21] والفكرة قائمة على أساس التبرع ، إذا سلمنا بأن سندات المضاربة تقاس على عقد المضاربة الشرعي ، حيث لا يصح أن يطلب رب المال ماله إلا بعد نضوض المال .

[22] انظر : صكوك المضاربة الإسلامية ؛ الإطار القانوني الشرعي ، إسماعيل شلبي ، ص 19 ، مجلة الأهرام الاقتصادي العدد 1933م ، الصادر في 1/12/1986م ، الضوابط الشرعية للتعامل في سوق الأوراق المالية ، حسين شحاتة ، ص 71 وما بعدها ، بحوث في الاقتصاد الإسلامي ، علي القرة داغى ، ص 335 ، مشروع صندوق الاستثمار والأوراق المالية الإسلامية ، المقدم من بنك دبي الإسلامي في 24 – 25/11/1986م ، الأدوات المالية الإسلامية ، حسين حسان العدد (6) 2/1437 وما بعدها مجلة مجمع الفقه الإسلامي .

[23] انظر : أساليب التمويل والاستثمار في البنوك الإسلامية مع الإشارة لتجربة المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية كنموذج للبنوك ، نادية محمد عبد العال ، ص 113 ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة عام 1408هـ 1988م .

[24] انظر : صكوك المضاربة الإسلامية ، شلبي ، ص 19 ، الضوابط الشرعية ، شحاتة ، ص 74 ، بحوث في الاقتصاد الإسلامي ، القرة داغي ، ص 336 ، الأدوات المالية ، حسن 2/2433 – 1434 .

[25] انظر : الضوابط الشرعية ، شحاته ، ص 75 – 76 ، أساليب التمويل والاستثمار ، نادية عبد العال ، ص 113 ، الأدوات المالية ، حسان 2/1436 .

[26] انظر : الضوابط الشرعية ، شحاتة ، ص 77 – 79 ، الأدوات المالية ، حسان ، 2/1436 – 1437 .

[27] انظر : بحوث في الاقتصاد الإسلامي ، القرة داغي ، ص 341 ، تقييم تجربة البنوك الإسلامية ، دراسة  تحليلية ، عبد الحليم محيسن ، ص 153 ، رسالة مقدمة إلى كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية ، الجامعة الأردنية عام 1989م ، صيغ التمويل الإسلامي ، مزايا وعقبات ، سامي حمود ، ص 50 و 51 ، مجلة البنوك الإسلامية ، العدد 63 .