الرد على الاعتراضات على بعض الآيات القرآنية ( الحلقة الأولى )

دراسة حول السيرة النبوية
سبتمبر 15, 2020
 تدبير الوقت وأثره في الإنتاج العلمي عند الإمام السيوطي
أكتوبر 20, 2020
دراسة حول السيرة النبوية
سبتمبر 15, 2020
 تدبير الوقت وأثره في الإنتاج العلمي عند الإمام السيوطي
أكتوبر 20, 2020

 

الرد على الاعتراضات على بعض الآيات القرآنية  *

( الحلقة الأولى )

الشيخ خالد سيف الله الرحماني

ترجمة : الدكتور نسيم أختر الندوي

قد شهد المسلمون العديد من الأكاذيب والاعتراضات على   القرآن ، بما فيها محاولة بعض المنظمات الهندوسية نحو ” وشو هندو  بريشد ” ، و ” آر إيس إيس ” ، و ” بجرنغ دل ” في ربط 24 آية قرآنية بالعنف والتطرف . وهذه هي الآيات التي قد اعترض عليها بعض المستشرقين  أيضاً .  فنظراً إلى شبهات هؤلاء المعترضين جميعاً يحسن بنا أن نقوم بدراسة تلك الآيات دراسة موضوعية ، ونرى ما هي حقيقة تلك الاعتراضات ؟ وما هي أهداف المعترضين بالضبط ؟

فالآية الأولى هي :

( وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ) [1] .

فهذه الأحزاب ظنت أن الآية لا تخاطب إلا إياها ، وبدأت تتهم القرآن الكريم بأنه يخاطبها بلقب الكافرة ، وفهمت أنه لا يمكن لمسلم أن يكون ولياً لأي كافر . والواقع أن هذه المنظمات لم تحاول في التعرف على خلفية هذه الآية الكريمة ، وهي أنها قد نزلت بعد غزوة أحد التي دارت بين المسلمين وكفار مكة ، والتي كانت غزوةً ثانيةً خاضها المسلمون كارهين ، وذلك بعد غزوة بدر التي كان قد انتصر المسلمون فيها . فوجد فيها اليهود إشارةً إلى مستقبل زاهر للإسلام والمسلمين ، وبدؤوا يعيدون النظر في إنشاء العلاقات مع المسلمين . ونتيجةً لذلك اعتنق بعض اليهود بالإسلام غيرَ مخلصين لـه ، لكي يستمتعوا بمنافع يجلبها انتصار الإسلام ، ولكن في نفس الوقت خطط بعض اليهود للتعايش مع المسلمين قائلين : إن كل شخص له حق العيش في المجتمع ملتزماً بعقائده . ولكن هذه الجماعة لم تكن جديةً في نواياها ، وعهدها وميثاقها [2] ، وذلك لأنها كانت قد اتخذت هذه الخطوة بعد رؤية فتح الإسلام ، فما كان لها سبيل إلا المشاركة في مثل هذا الميثاق . فكانت هذه أحوالاً نفسيةً لبعض اليهود . وزاد الطين بلة أن وقعت غزوة ثانية باسم أحد ، انهزم المسلمون فيها . فنظراً لتلك الهزيمة أعرض بعض اليهود عن   الإسلام ، وظل بعضهم قائماً على الإسلام بدون طواعية . وهذه هي الجماعة التي عبّر عنها القرآن الكريم  بكلمة ” منافق ” .

هذا ، ومعظم اليهود الذين وضعوا سياسة التعايش مع المسلمين تورطوا في الأعمال المضادة للإسلام والمسلمين ، وتوجهوا إلى إنشاء علاقة سرية مع أهل مكة ، ووقعوا في مؤامرات دُبّرت ضد مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وأهاليها [3] .

أما المسلمون فهم لم يكونوا جاهلين بنشاطات اليهود الجيران ضد الإسلام والمسلمين ، فاختاروا موقفاً صارماً تجاه هذه العناصر  الفاسدة . ولكن بعض المسلمين ظنوا أنهم قد ارتدوا عن الإسلام ، وسيرجعون إليه مرةً ثانيةً بإذن الله . وكذلك كان قد أبقى بعض المسلمين علاقةً وديةً مع أهل مكة ، آملين أنهم قد يرجعون إلى الله الواحد . وفي الحقيقة ، أن بعض أهل مكة أعلنوا بأنهم دخلوا في   الإسلام ، ولكن لم يتمكنوا من الهجرة إلى المدينة بأسباب قاصرة .

فكانت هذه هي الأوضاع التي نزلت فيها هذه الآية الكريمة . فقام القرآن بتنبيه المسلمين على هذه العناصر الخطيرة ، وذلك لغرض حمايتهم عن أضرارها ، وأمر بأن يتعامل المسلمون معها معاملة الأعداء في ساحة الجهاد . ولو كان المعترضون أمعنوا النظر في الآية القادمة بنية صادقة لأدركوا معناها ، فقال الله تعالى : ” إِلاَّ ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ” [4] .

فاستبان من هذه الآية أن القرآن قد أمر المسلمين بالقتال مع الناس الذين يقاتلونهم ، ويمنعهم عن القتال مع الناس الذين لم يتشرفوا  بالإسلام ، ولكنهم حلفاء  للمسلمين أو هم محايدون لا يريدون القتال مع المسلمين ولا الناس الذين يقاتلون مع أعداء الإسلام ، فلا يجوز للمسلمين القتال مع هؤلاء الناس ، ويأمرهم الإسلام بمعاملة الأمن والسلام معهم .

قد ردّ الأستاذ راكيش بت – عالم هندوسي – في كتابه ” سوء التفاهم عن القرآن وإزالته ” على الاعتراضات التي قام بها أعداء الإسلام على هذه الآية . فهو ، بالإشارة إلى الكتاب المقدس الهندوكي ” غيتا ” قال : ” إن القتال ليس أمراً مباحاً مع مخالفي الحق فحسب ، بل كان قد جعله ” شري كرشن ” واجباً لتلميذه ” أرجن ” ، وذلك في معركة ” مها بهارات ” الشهيرة في تاريخ الهند القديمة ، فيقول :

قال أرجن لشري كرشن : ” اذهب بي إلى القوات المسلحة لكي أرى الناس الذين يرغبون في القتال ، والامتحان العظيم الذي أشارك    فيه ” [5] . وقال الأستاذ راكيش بت : إنه بعد دراسة محادثة كرشن وأرجن يدرك الدارس أن الذين يدعمون الباطل ( الكفر ) هم يستحقون القتل ، فاقتلوهم ، وإن كانوا قبل الحرب أصدقاءً أو أولياءً أو أقرباءً لكم . فجاهدوهم إن كنتم تؤمنون بالحق . واستطرد قائلاً : إن القرآن الكريم قد نهى المسلمين فقط عن جعل الكافرين أولياء لهم ، أما غيتا فهو قد أمر بقتل الكفار ، وهذا ما يؤمن به كل هندوسي [6] .

الآية الثانية :

( يا أَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ) [7] .

نزلت هذه الآية الكريمة بمناسبة غزوة بدر التي دارت بين المسلمين والكفار . ويعرف كل من لـه أدنى إلمام بالتاريخ الإسلامي أن هذه الغزوة وقعت في وضع كان المسلمون قد أخرجهم المشركون من بيوتهم ظلماً وعنوةً من مكة . ولا يعزبن عن أذهاننا أن معظم المسلمين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة كان قد حُبس أقاربهم وأعزاؤهم بأيدي الكفار . وكان المسلمون في العدد أقل من أهل مكة وأضعف منهم في العتاد .

فقال الله تعالى في هذه الآية يخاطب نبيه أن الشيئ الذي هو أهم من العدد والسلاح هو التوكل على الله ، والثقة بالنفس ، والاقتناع بالمواهب الذاتية . وأمر الله تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يواصل تشجيع أصحابه حتى نهاية الغزوة في صورة انتصار المسلمين بالرغم من قلة العدد فيها ، وكذلك أمر بأن يؤكد للمسلمين بعدم النظر إلى العدد ، ودوام النظر إلى الهدف والغاية ، لأن أهل مكة ستغلب عليهم وإن يكونوا كثيرين في العدد .

بعد أدنى تدبر في هذه الآية يمكننا أن نفهم من هم الكفار والمشركون الذين أمر الله تعالى بالقتال ضدهم ؟ فهم الذين كانوا يشنون الهجمات على المسلمين في كل مكان ، وينهبون أموالهم . والجدير بالذكر أن غزوة بدر كانت دفاعية ، فلو كان المسلون قد سبقوا في هذه الحرب لكانت قد وقعت في مكان قريب من مكة ، ولكنها وقعت قرب المدينة المنورة . فهذا دليل أن مشركي مكة تقدموا إلى المدينة للهجوم على المسلمين [8] . فالآن ، هل يمكن أن نقول : إن التحريض على القتال ضد المهاجمين كان أمراً خاطئاً ؟ وهذا أمر طبيعي أن كل بلد لـه حق أن يدافع عنه إذا هاجمه الأعداء ، ويجب أن يشجع أمير ذلك البلد جميع المواطنين عليه . والآن ليس من الصعب إدراك هذه الحقيقة أن الرد على ظلم ليس ظلماً . ولا يُعد أمراً مذموماً .

وكتب راكيش في كتابه : ونحن الآن نقارن مفهوم هذه الآية مع ما ذُكر في غيتا حول نفس الموضوع ، فنجد أن كرشنا يحرضّ أرجن على القتال ، والجدير بالذكر أن أرجن لا يريد القتال بالكفار ( كورو ) . والمعلوم أن ” باندو ” كانوا خمسة فقط ، بينما كان ” كورو ” مأة في    العدد ، يعني كان أصحاب الإيمان خمسة مقابل مأة من الكفار . أما القرآن فهو يجعل مؤمناً واحداً مساوياً لعشرة كفار في القوة ، بينما يساوي مؤمنٌ واحدٌ عشرين كافراً في غيتا .

هذا وقد قال ” غوفندا ” ، المعلم العاشر لأتباع السيخية : إن مؤمناً سيخياً واحداً يغلب مأة ألف وخمس وعشرين غير سيخي . فهل يبقى بعد هذا الحديث اعتراض على الآية القرآنية المذكورة أعلاه ؟

الآية الثالثة :

( فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [9] .

هذه الآية تتعلق بأهل مكة الذين قتلوا كثيراً من المسلمين ، وحبسوا معظم أقارب المهاجرين ، وهم حيثما وجدوا مؤمناً حبسوه ، أو قتلوه أو باعوه إلى قاتل ، فقصة خبيب رضي الله عنه معروفة جداً في هذا السياق ، والذي حُبس بأيدي الكفار وبيع إلى أهل مكة فقتله الكفار بدلاً من الكفار المقتولين ببدر ، فقال الله تعالى : فاقتلوا المشركين بدلاً من هذا الظلم الشنيع .

فمن يقرأ هذه الآية وما قبلها وما بعدها يتبين لـه أن المراد من هذه الآية هي جماعة خاصة من المشركين ، الذين نقضوا العهد ، وحاولوا كل المحاولة لإخراج المسلمين من بلدهم ، وأضروهم بكل ما كان بوسعهم ، وسبقوا في القتال . فأوضح القرآن الكريم في الآية رقم 13 من سورة التوبة أن القرآن يأمر أتباعه بأن يقاتلوا مع المشركين للدفاع    عنهم ، والرد عليهم لأن الإقدام على القتال كان من قبل المشركين .

والحقيقة أن هذه الآية – والآية من سورة التوبة – نزلتا قبل فتح مكة ، وكان المشركون قد أخرجوا المؤمنين من بلادهم ، وأجبروهم على الخوض في ثلاث غزوات ؛ وهي غزوة بدر وغزوة أحد وغزوة خندق . فالأولى حصلت في السنة الأولى من الهجرة ، والثانية في السنة الثانية من الهجرة ، ودارت الثالثة في السنة الخامسة من الهجرة . وإن الغزوة الثالثة ما كان هدفها إلا إخراج المسلمين من المدينة . وتمت معاهدة الحديبية في السنة السادسة من الهجرة طبق الشروط التي قدمها أهل مكة . ولكن خلال عام واحد نكث الكفار هذه المعاهدة أيضاً .

فالإسلام ، مثل الديانات الأخرى ، يمنح أتباعه حق الدفاع ، والرد على الاعتداء . فنجد أن أرجن كان متردداً في شن القتال مع الكورويين ، فقال كرشن يوجه تلميذه أرجن : ” يا أرجن ! إن تخضع أمام المهاجمين عليك ، وهم يخلقون الفساد في الأرض ، فهذا سيشوّه سمعتك ، وأنت ستكون قد ارتكبت إثماً ، فلا نجاة لك من ذلك [10] .

الآية الرابعة :

( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ) [11] .

قبل هذه الآية يُوجد ذكر عن المشركين الذين نقضوا العهد ، وسبقوا في شن الهجمات ضد المسلمين . فتدلّ هذه الآية على ما فعل المشركون ، وتبين عاقبتهم ، وهي أن الله سيعذبهم بأيدي المسلمين ، وينصرهم بدل ما لحق بهم الأذى والألم من قبل المشركين ، لأن الإنسان قد يكون كئيب البال إذا ظلمه أحد ، وهذا أمر طبيعي . فوفر الله لهم وسيلة للراحة من دونهم .

فالواضح أن القرآن قد ذكر عن الانتقام على الظالمين ، وهذا ليس خارجاً من مقتضيات العدل والإنصاف .

ويقول القرطبي في تفسير ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ) : ” بنو   خزاعة ، على ما ذكرنا عن مجاهد . فإن قريشاً أعانت بني بكر    عليهم ، وكانت خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم . فأنشد رجل من بني بكر هجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لـه بعض خزاعة : لئن أعدته لأكسرن فمك ، فأعاده فكسر فاه وثار بينهم قتال ، فقتلوا من الخزاعيين أقواماً ، فخرج عمرو بن سالم الخزاعي في نفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره به ، فدخل منزل ميمونة وقال :           ( اسكبوا إلي ماء ) فجعل يغتسل وهو يقول : ( لا نصرت إن لم أنصر بني كعب ) . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجهز والخروج إلى مكة فكان الفتح ” [12] .

فلا يمكن أن يقول من لـه عقل سليم بأن المشركين الذين نكثوا العهد ، وسبقوا في الحرب ، كان الرد عليهم أمراً خارجاً عن دائرة  العدل . ففي ذلك الوضع لم يكن من المناسب للإسلام أن يواصل مشاهدة قتل المسلمين وحلفائهم ، ويسلب حقهم للدفاع عنهم .

وفي حقيقة الأمر أن القرآن يأمر المؤمنين به بأن ينصروا المظلومين دون الظالمين . وهذا ليس بكلام جديد ، بل يبشّّر كل دين من يلتزم بالحق والصداقة ، ويقاوم الباطل والظالم . وعلى سبيل المثال نجد في ” رغ فيدا ” :

  1. يا أيتها النار المشرقة التي يُلقى عليها زيت كريم ! أحرقي أعداءنا الذين تحميهم الأرواح الخبيثة [13] .
  2. فرّقي بين الآريين والويشيين الذين لا يؤمنون بأي دين ، وعاقبهم عقاباً شديداً [14] .
  3. يا إندر : أعطني قوةً تزداد ، وقوةً تغلب الأمم ، واحفظ أصحابنا الأثرياء وملوكنا ، وأعطني رزقاً مع ولد صالح [15] .

ويمكننا أن نلاحظ أسلوب كلام العهد العتيق الذي استخدم ، عن المشركين فقال :

” أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ : إِنَّكُمْ لا بُدَّ عَابِرُونَ نَهْرَ الأُرْدُنِّ نَحْوَ أَرْضِ كَنْعَانَ ، فَاطْرُدُوا جَميِعَ أَهْلِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ ، وَدَمِّرُوا تَمَاثِيلَهُمُ الْمَنْحُوتَةَ ، وَأَبِيدُوا أَصْنَامَهُمُ الْمَسْبُوكَةَ ، وَاهْدِمُوا كُلَّ مُرْتَفَعَاتِهِمْ . وَامْلِكُوا الأَرْضَ وَاسْتَوْطِنُوا فِيهَا ، لأَنَّنِي قَدْ وَهَبْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَرِثُوهَا ” [16] .

وقال : ” وَأَسْلَمَهُمُ الرَّبُّ إِلَيْكُمْ وَهَزَمْتُمُوهُمْ ، فَإِنَّكُمْ تُحَرِّمُونَهُمْ . لاَ تَقْطَعُوا لَهُمْ عَهْداً ، وَلاَ تَرْفُقُوا بِهِمْ ، وَلاَ تُصَاهِرُوهُمْ . فَلاَ تُزَوِّجُوا بَنَاتِكُمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ ، وَلاَ أَبْنَاءَكُمْ مِنْ بَنَاتِهِمْ ، إِذْ يُغْوُونَ أَبْنَاءَكُمْ عَنْ عِبَادَتِي لِيَعْبُدُوا آلِهَةً أُخْرَى ، فَيَحْتَدِمُ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعاً . وَلَكِنْ هَذَا مَا تَفْعَلُونَهُ بِهِمْ : اهْدِمُوا مَذَابِحَهُمْ وَحَطِّمُوا أَصْنَامَهُمْ وَقَطِّعُوا سَوَارِيَهُمْ وَأَحْرِقُوا تَمَاثِيلَهُمْ ” [17] .

وقال : ” دَمِّرُوا جَمِيعَ الأَمَاكِنِ الَّتِي تَرِثُونَهَا ، حَيْثُ عَبَدَتِ الأُمَمُ آلِهَتَهَا ، سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى الْجِبَالِ الشَّامِخَةِ أَمْ عَلَى التِّلاَلِ أَمْ تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ ، وَاهْدِمُوا مَذَابِحَهُمْ ، وَحَطِّمُوا أَنْصَابَهُمْ ، وَأَحْرِقُوا سَوَارِيَهُمْ . فَتِّتُوا تَمَاثِيلَ آلِهَتِهِمْ وَامْحُوا أَسْمَاءَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ” [18] .

فصرح كل دين أن الله يكون في عون المظلوم ، ويمنع الظالم عن ظلمه . وهذا هو مقتضى العدل مع البشرية . ويمكن أن نتصور أنه لو كان الله من أنصار الظالمين ، فأين يتلقى المظلوم إنصافاً ؟ وأين تقام دار العدل حيث ينال الظالم جزاء ظلمه ، ويجد المظلوم سلوة خاطره ؟ [19] .

الآية الخامسة :

( يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ ) [20] .

قد أمر الله تعالى في هذه الآية بالقتال مع الكفار الذين كانوا يسكنون في جوار هم ، وهم أهل مكة وحلفاؤهم ، أما أهل مكة فسلوكهم قد ذُكر مسبقاً ، ولو كان هناك أمر بالقتال مع عامة الكفار لما فرّق القرآن بين الناس الذين كان يسكنون في جوارهم ومن يسكنون بعيدين عنهم . والمعلوم أن المدينة كانت تُعتبر مركزاً للتجار والمسافرين من اليمن والشام ، وكانت تمرّ قوافل مختلفة بقرب المدينة ، فإن كان الأمر أمراً مطلقاً فكان القتال مع جميع قوافل التجار الكفار القادمين من أماكن نائية ، ولكن لم تُصدر سماحة الإسلام أمراً   مطلقاً . فاتضح أن مفهوم هذه الآية هو القتال مع المشركين الذين كانوا يهاجمون المسلمين بدون مراعاة العلاقات والمعاهدات ، فقال ابن زيد : إن ” المراد من هذه الآية وقت نزولها العرب ” [21] .

واستخدمت في هذه الآية كلمة ” غلظة ” معناها الشدة والقوة والمراد منها هنا أي شدة وقوة وحمية ” [22] .

فالمقصود من القتال هو إظهار قوة تمنع الكفار عن إرادة قمع المسلمين . فكل أمة لها حق أن تدافع عن نفسها ، وتحميها عن العدوان الخارجي .

الآية السادسة :

( إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) [23] .

وانتقدت الأحزاب المتطرفة الهندكية على هذه الآية قائلةً إن القرآن الكريم يحثّ من يتبعه على قتل ودمار ، ولكن الحقيقة أن هؤلاء النقاد لم يحاولوا أن يفهموا هذه الآية في ضوء سياقه .

والواقع أن الله قد بيّن في السورة السابقة عن مجتمع المدينة التي كان يسكن فيها المهاجرون والأنصار معاً ، والمهاجر هو من ترك بيته ، وهاجر إلى المدينة ، والأنصار هم كانوا سكان المدينة ، والذين وفّروا جميع التسهيلات الضرورية لإخوانهم المهاجرين ، وساعدوهم كل مساعدة ممكنة . فوعد الله لهم الجنة . وجاء بعد ذلك ، ذكر    المنافقين ، ولهم الإنذار الشديد على أعمالهم السيئة .

والآية المذكورة أعلاها تتعلق بمن كانوا مؤمنين صادقين ، فهي قد وصفت العلاقة بين الرب وعباده الصالحين . فالقرآن يتقاضى من كل شخص يؤمن بالله أن يعيش في الدنيا حسب أوامره ، ولا يخاف الموت أو القتال في سبيل الله ، بل يطيع الله ورسوله في الضراء والسراء .

ولا تعني هذه الآية إعداد المسلمين للحرب ، بل هي تبيّن كيفية الإيمان المطلوبة . فيقول القرآن : إنه من يكون صادقاً ومخلصاً لدينه هو لا يتردد في أن يقاتل مع الظالمين ثُم يُقتل بأيديهم . فليس في بيان القرآن أي شي مضاد للعدل . ألا نقول : إنه يجب علينا أن نفدي بأنفسنا لحماية  الوطن ، فما هي الحماية ؟ ومن الذين نفدي بأنفسنا على أيديهم ؟ فلا شك هم الأعداء الذين يهجمون البلاد من خارجها أو من داخلها في صورة المتمردين ، والذين ينهبون أموال البلاد أو ينهكون عرض مواطنيها . فهذا من مقتضيات حب الوطن أن نفدي بأنفسنا إذا كنا مواطنين صادقين [24] .

وهذا الشيئ الذي كان قد حثّ عليه كرشنا تلميذه أرجن ، فقد ذكر ” غيتا ” مفصلاً عن الحرب المذكورة أعلاه ، والتي دارت بين الفريقين ( كورو وباندو ) . اقترح فيها ” كرشن أرجن ” بأن هذه الحرب هي الفاروق بين الحق والباطل فقال لـه : اقتل الكورو ، لأن الله قد وعد باندو بالنصرة .

والمعلوم أن توجيهات ” منوجي ” لها أهمية بالغة في الديانة الهندوكية ، فهو يقول : ” الملوك الذين يقاتلون ملوكاً آخرين بكل ما في وسعهم من القوة بغرض إهانتهم ، ولا يولون أدبارهم ،  فهم يدخلون الجنة بعد الموت مباشرة ” [25] .

يُوجد بين التوجيهات القرآنية وتوجيهات منو شاستر بون شاسع ، فوعد القرآن المؤمنين بالجنة جزاءً للرد على هجوم الأعداء ، أما منوشاستر فهو يبشّر الملوك المقاتلين الهادفين إلى إهانة الملوك الآخرين وتوسيع حدود سلطنتهم ، بالجنة ، فالقتال هنا لتحقيق غرض مادي لا غير . أما القرآن فهو يقصد بالقتال قمع الفساد من الأرض . والفساد لـه أشكال مختلفة ، ففيه ظلم وجور ، وعدوان ، وفساد خلقي ، وغيرها من أنواع الفساد التي يتأثر بها الأمن والسلام روحياً ومادياً .

ويستغرب من يقرأ الاعتراضات المطروحة من قبل المنظمات الهندوسية المتطرفة على هذه الآية ، ويفهم أن مجرد غرضها هو النيل من كرامة القرآن ، وتزوير الحقائق عن الإسلام والمسلمين ، والتي لن تُزوّر ، وإنها سوف تبقى بإذن الله .

الآية السابعة :

( مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ) [26] .

إذا رأينا الآيتين : السابقة واللاحقة للآية المذكورة فهمنا معناها بكل سهولة ، ففي الآية السابقة لها يقول الله تعالى : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِى ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ  قَلِيلاً ” [27] ، ثم قال : ” مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ” [28] ، ثم قال : ( سُنَّةَ ٱللَّهِ فِى ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً ) .

فهذه الآيات والآيات الأخرى من سورة الأحزاب متعلقة بحوادث العام الخامس الهجري ، وغزوة الأحزاب ، وغزوة بني قريظة . فكان قد انخدع المسلمون من قبل جيرانهم إلى حد لا يصفح عنه . وكانت قد تمت المعاهدة بين اليهود والمسلمين على أنهم سيواجهون الأعداء معاً إذا قاموا بالهجوم عليهم . ولم يشارك في هذه الغزوة أهل مكة فقط ، بل رافقهم عدد كبير من القبائل المجاورة ، فلم يبق للمسلمين خيار غير حفر الخنادق للدفاع عن أنفسهم ، وذلك نظراً إلى عدد الأعداء وعدتهم . فلم يتعاون اليهود مع المسلمين في الدفاع عن المدينة حسب المعاهدة بل ساندوا أعداء المسلمين . فمنهم من قالوا آمنا وأسلمنا ، ولكن قلوبهم ظلت معلقةً بأعداء الإسلام ، فلم يكن عند المسلمين أي قوة سوى الإيمان بالله واليقين والهمة . وكان المنافقون لم يألوا جهداً في إلقاء الرعب والجبن في قلوب المسلمين عن طريق الإشاعات الكاذبة لتفتر همتهم . وهاتان الطبقتان تُسمَّيان بالمنافقين الذين كانوا يسعون الإساءة إلى المسلمين عن طرق مختلفة ، بما فيها طريق الدعايات الكاذبة ضد المسلمات المؤمنات الصالحات [29] .

فهؤلاء هم الناس الذين ذكر عنهم القرآن مؤكداً بأنه لا ينبغي أن يُتخذ أحد منهم ولياً أو يجعله أي مسلم  جاراً ، وذلك لأن العدو في لباس الصديق أخطر .

ولا يندهش أحد اليوم إذا سمع الخبر بمعاقبة المتمردين في دولة   ما ، أو الذين يتورطون في النشاطات المعادية لمصالح تلك الدولة بالإعدام أو الحبس الدائم في السجن . فإذا هو مشروع في كل مجتمع مدني متحضر فلماذا تُرفع أصوات الاعتراضات على الآيات القرآنية المذكورة أعلاه . ولا يغيبن عن البال أن الإسلام ليس اسماً لبعض المعتقدات ، بل هو دستور كامل وشامل ، فيه قوانين مدنية وجنائية كلها .

فليتفكر أصحاب ” سنغ بريوار ” وإخوانهم من العالم أننا مواطنو هذه البلاد ونحبها حباً ، فماذا يكون جزاء من يسكن في البلاد ويستفيد من مائها وهوائها ، وكل ما فيها من النعم ، ولكنه يتآمر ضد البلاد ، ويتجسس ، ويشارك في صفوف الأعداء ، فماذا يكون جزاؤه ؟ ويمكن أن نفهم هذا بمثال من ترتيل ” أتر فيدا ” الذي ينص ” يا بساسو    ( المعبود ) ! أطرد راكشش ( العدو ) الطماع من هنا حتى لا يجدوا مأوى ولا ملجأ لهم ، بل أحسن أن يدخلوا في فم الموت جميعاً [30] .

ويقول أترفيدا : ” اللهم اجعلهم فاقدي الأيدي ، واجعلنا قادرين على إتلاف حركة أيديهم الكسلانة وتقسيم أموالهم بيننا ” [31] .

وقال : ” كسِّر أيديهم التي ترفع إليك يا أيتها النار ( المعبودة ) ودمّري هؤلاء الشياطين بإحراقهم ” [32] .

ونحن قدّمنا بعض الأمثلة ، وهناك أدلة كثيرة من كتب الهندوسية ، والعهد العتيق التي تشجّع أتباعها على المشاركة في القتال مع العدو المطلق ، أما الإسلام فهو لا يدعو المسلمين إلى القتال إلا مع الظالمين المتحاربين الذين أجبروا المسلمين على أن يهجروا وطنهم ، وقتلوا ونهبوا أموالهم ، ونهكوا أعراضهم ، فما كان وجودهم إلا لإثارة الفتنة ونشر الفساد في الأرض ، والقضاء على السلام الروحي والمادّي .

( يتبع الحديث )

* هذه المقالة مترجمة بعد تلخيص لكتيب ألفه الشيخ خالد سيف الله الرحماني ، باللغة الأردية . وقد استفاد المترجم أيضًا ، من بعض المراجع الأخرى لتقديم المزيد من الدلائل حول الموضوع .

[1] سورة النساء : 89 .

[2] Ishtiyaque Danish, The so-called “Objectionable” Verses, Studies on Islam, Vol. I. No.I, (2004), p60

[3] Ishtiyaque Danish, The so-called “ Objectionable” Verses, p60

[4] سورة النساء : 90 .

[5] غيتا : 1 : 21 – 22 .

[6] راكيش بت ، سوء التفاهم عن القرآن وإزالته ، ” واسودهيو اكتمبكم ” ، لوكايت ، 13 – علي بور رود ، دهلي – 110054 ، 2004 ، ص : 18 – 19 .

[7] سورة الأنفال : 65 .

[8] الرحماني ، خالد سيف الله ، دراسة الآيات القرآنية الأربع والعشرين التي يعترض عليها وشوا هندو بريشد  ( مجلس الهندوس الدولي ) ، ( باللغة الأردية ) المعهد العالي الإسلامي ، حيدرآباد ، 2003 ، ص : 16 .

[9] سورة التوبة : 5 .

[10] غيتا ، 2 : 33 – 344 .

[11] سورة التوبة : 14 .

[12] القرطبي في تفسيره ، http://mahawer.al-islam.com/books.asp?f=Terrorism.asp&s=3

[13] رغ فيدا ، 1 : 12 : 5 .

[14] المصدر نفسه ، 1 : 15 : 8 .

[15] المصدر نفسه ، 1 : 54 : 11 .

[16] العهد العتيق ، كتاب العدد ، 33 : 51 – 53 .

[17] العهد العتيق ، كتاب التثنية ، 7 : 2 – 5 .

[18] المصدر نفسه ، 12 : 2 – 3 .

[19] الرحماني ، خالد سيف الله ، دراسة الآيات القرآنية الأربع والعشرين التي يعترض عليها     ” وشوا هندو بريشد ” ( مجلس الهندوس الدولي ) ، ص : 21 .

[20] سورة التوبة : 123 .

[21] تفسير قرطبي ، 8/297 .

[22] المصدر نفسه ، ص : 289 .

[23] سورة التوبة : 111 .

[24] الرحماني ، خالد سيف الله ، دراسة الآيات القرآنية الأربع والعشرين التي يعترض عليها وشوا هندو بريشد ( مجلس الهندوس الدولي ) ، ص : 23 .

[25] منوسمرتي ، 7 : 89 ، نقلاً عن ” الجهاد في الإسلام ” ( باللغة الأردية ) لأبي الأعلى  المودودي ، مركزي مكتبه إسلامي ببليشرز ، نيودلهي ، 2013م ، ص : 310 .

[26] سورة الأحزاب : 61 .

[27] سورة الأحزاب : 60 .

[28] سورة الأحزاب : 61 .

 [29]مولانا خالد سيف الله الرحماني ، دراسة الآيات القرآنية الأربع والعشرين التي يعترض عليها وشوا هندو بريشد ، ص : 25 .

[30] أترفيدا ، 6 : 32 : 2 .

[31] المصدر نفسه ، 6 : 66 : 3 .

[32] المصدر نفسه ، 8 : 3 : 6 .