البلاغة والإعراب والبيان في القرآن الكريم ( أول سور المجادلة والحشر والممتحنة والصف والجمعة والمنافقون )

فضل البعثة المحمدية على الإنسانية
نوفمبر 2, 2021
مثالان للغيرة الإيمانية من تاريخ المسلمين قديماً وحديثاً
ديسمبر 4, 2021
فضل البعثة المحمدية على الإنسانية
نوفمبر 2, 2021
مثالان للغيرة الإيمانية من تاريخ المسلمين قديماً وحديثاً
ديسمبر 4, 2021

التوجيه الإسلامي :

البلاغة والإعراب والبيان في القرآن الكريم

( أول سور المجادلة والحشر والممتحنة والصف والجمعة والمنافقون )

بقلم : معالي الشيخ الدكتور راشد عبد الله الفرحان *

سميت بذلك لورود كلمة ” تجادلك ”  في أول السورة .

لما ختم الله سورة الحديد بذكر فضله على من يشاء من عباده افتتح هذه السورة بذكر بيان فضله .

الظهار :

2 ( ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) .

ٱللاَّئِى :

جاءت اللائي في الظهار والطلاق استعملت الهمزة للحالات النادرة كالطلاق والظهار ، والظهار أن يقول الرجل لزوجته : أنت علي كظهر أمي فتحرم عليه ، وكان شائعاً في الجاهلية فنهاهم الله عنه وغلظ عليهم ، فسمَّاه الله منكراً من القول وزوراً ، والذين يتوبون فإن الله غفور رحيم .

حكم الظهار :

3 ( وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) .

4 ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذٰلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .

المظاهر منها ليست مطلقةً ، يجوز لها أن تسكن مع زوجها وأن يفعل معها أي شيئ ما عدا المساس الذي هو الجماع ، لكنه إذا جامع أثم وعليه كفارة واحدة ، وعليه التوبة ، أما إذا مسها أثناء إخراج الكفارة والشروع فلا شيئ عليه .

ختام الآية – أَلِيمٌ – مُّهِينٌ :

( وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) متصل بضده ، وهو الإيمان فتوعدهم بالعذاب الأليم الذي هو جزاء الكافرين ، وجاء في ختام الآية التي بعدها ( وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) لأنه متصل بقوله ( كُبِتُواْ ) وهو الإذلال والإهانة ، فناسب .

7 ( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذٰلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .

ختام الاية – عَلِيمٌ :

ما يكون من نجوى أي عدد من الناس إلا يعلمه الله ، والمراد من معهم ، المعية في هذه الآية معية علمه تعالى ، فبدأ الآية بالعلم فقال : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ ) وختمها بالعلم فقال : ( إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .

أول سورة الحشر

9 ( وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ) .

البلاغة في تَبَوَّءُوا – الإيجاز :

الإيجاز من باب علفتها تبناً وماءً بارداً ، أي تبؤوا الدار ، أي أهل المدينة من الأنصار ، وأخلصوا الإيمان وفيه استعارة ، حيث شبه الإيمان بلباس جميل يدخل فيه الإنسان يتجمل فيه عندما يدخل الدار المعهودة ، ففي تبؤوا جمع بين الحقيقة والمجاز .

12 ( لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ) .

” إن الشرطية ” إنما تدخل على ما يحتمل وجوده وعدمه ، معناه ولئن نصروهم فرضاً وتقديراً .

13 ( لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ) .

والمعنى الرهبة مصدر ( رهب ) بالبناء للمفعول هنا أي أشد موهوبية يعني أنكم في صدورهم أهيب من كون الله تعالى فيها ، ونظيره قولك : زيد أشد ضرباً في الدار من عمرو ، يعني مضروبيةً .

ختام الآية :

وجاء في الآية التي بعدها ( لاَّ يَعْقِلُونَ ) أشد رهبة لأنهم يفقهون ظاهر الشيئ دون باطنه ، والفقه معرفة الظاهر والباطن ، فناسب الفقه عنهم .

أما الآية الثانية متصل بقوله : تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى أي لو عقلوا لاجتمعوا على الحق ولم يتعرفوا ، فناسب العقل عنهم ، ورهبتهم في السر منكم أشد من رهبتهم من الله تعالى التي يظهرونها .

18 ( يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ، إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .

نَفْسٌ – لِغَدٍ :

نكَّر النفس ، لبيان أن النفس الناظرة في معادها قليلة جداً ، كأنه قيل : ولتنظر نفس واحدة في ذلك ، وفائدة تنكير ( لِغَدٍ ) تعظيمه وإبهام أمره ، وإنما أطلق الغد على يوم القيامة تقريباً له ( وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ ) .

21 ( لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) .

لو جعل للجبل تميز ونزل عليه القرآن لتصدع من خشية الله ، والمقصود تنبيه الإنسان على قسوة قلبه وقلة خشوعه عند تلاوة القرآن ، وإعراضه عن تدبره .

أول سورة الممتحنة

2 ( إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ ) .

البلاغة – وَدُّواْ  :

عبَّر بالماضي وإن كان المعنى على الاستقبال ، والمعنى لا ينفعكم التقرب إليهم .

4 ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ ِلأَبِيهِ َلأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ ) .

وجاء في الآية 6 ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ ) .

قَدْ كَانَتْ لَكُمْ – لَقَدْ كَانَ لَكُمْ :

جاء الأول بالتأنيث لـ ( كَانَ ) وفي الآية الثانية بالتذكير ( كَانَ ) وإنما كرّر لأن الأول في القول والثاني في الفعل ، وقيل الأول في إبراهيم ، والثاني في محمد صلى الله عليه وسلم .

إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ ِلأَبِيهِ َلأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ :

مستثنى مما تقدم ، فقد أمر الله تعالى المؤمنين بالاقتداء بالخليل إبراهيم عليه السلام في عداوة المشركين والتبرؤ منهم إلا في استغفار إبراهيم لأبيه ، لأنه إنما استغفر له رجاء إيمانه بالله ، فلما ظهر له أنه عدو لله تبرأ منه ( فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ) .

أول سورة الصف

سميت بذلك لورود كلمة الصف في أول السورة ، وتسمى الحواريين وسورة عيسى عليه السلام .

5 ( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِى وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ ) .

قَد :

قد تفيد التأكيد والتحقيق في القرآن سواء دخلت على الماضي أو المضارع ، وفي غيره تفيد التقليل مع المضارع :

قد يدركُ المتأنِّي بعضَ حاجتِه     وقد يكونُ مع المستعجلِ الزَّللُ

6 ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِى إِسْرَائِيلَ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى ٱسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) .

أَحْمَدُ :

كيف خص في هذه الآية بـ ( أَحْمَدُ ) والمشهور محمد ، لأنه في الإنجيل بهذا الاسم ، ولأنه أحد أسمائه الخمسة محمد وأحمد والحاشر والمحامي والعاقب .

8 ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ ) .

البلاغة :

الاستعارة التمثيلية : تمثيل حالهم في إبطال الحق ، بحال من ينفخ الشمس بفيه ليطفئوها ، وكانت هذه الآية لهم تهكماً وسخريةً بهم ، وقد يكون المراد بنور الله دينه .

أول سورة الجمعة

2 ( هُوَ ٱلَّذِى بَعَثَ فِى ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) .

ٱلأُمِّيِّينَ :

بعث الله رسولاً منهم أمياً مثلهم مشاكلة حاله لأحوالهم ، فيكون أقرب إلى موافقتهم ، ويكون ذلك معجزةً .

5 ( مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ) .

البلاغة التمثيلية :

شبه اليهود في أنهم حملة التوراة وقراؤها وحفاظ ما فيها وبتركهم لها ، كمثل الحمار الذي يحمل الكتب ولا ينتفع بها .

11 ( وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ ) .

ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا :

فيه حذف تقديره ، وإذا رأوا تجارةً انفضوا إليها وإذا رأوا لهواً انفضوا إليه ، فحذف الثاني لدلالة الأول عليه .

أول سورة المنافقون

4 ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) .

البلاغة :

التشبيه المرسل : شبهوا في مجالستهم الرسول صلى الله عليه وسلم مستندين فيها على الجدر بخشب منصوبة إلى الحائط ، ووجه الشبه كون الاثنين خالية من العلم .

7 ( هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ ) .

8 ( يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ) .

ختام الآية – يَفْقَهُونَ – يَعْلَمُونَ :

ختمه في الأولى بـ ” يَفْقَهُونَ ” والثانية بـ ” يَعْلَمُونَ ” ، لأن الأول متصل بقوله تعالى : ولله خزائن السماوات والأرض ، يحتاج إلى فطنة وفقه وعلم فناسب نفي الفقه عنهم .

أما الآية الثانية فهي متصلة بقوله ( وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) ، في المستقبل الذي يعتبر من علم الغيب الذي لا يعلمه المنافقون حتى يقولوا ما قالوا .

10 ( وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ ) .

الإعراب في – فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن  :

الفاء فاء السببية ، ( أَصَّدَّقَ ) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء ، الواو عاطفة ، ( أَكُن ) مضارع ناقص مجزوم جواب الشرط المقدر ، معطوف على جملة الدعاء ، أو معطوف على محل ( فَأَصَّدَّقَ ) بحسب المعنى أي إن أخرتني أتصدق بالجرم وأكن من الصالحين .

القراءة :

قرأ أبو عمرو (فَأَصَّدَّقَ وأَكُوْنَ ) على العطف .

أَخَّرْتَنِيۤ :

بذكر الياء بالفعل ، لأن الطلب ليس لطول العيش ، وإنما العمل الخير والصالحات والصدقات ، وهذا عكس طلب إبليس في سورة الإسراء حينما قال ( أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ) ، فالطلب عند إبليس لفعل الشر ( لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ ) ، وكما يقول المثل ( الخير يعم والشر يخص ) ، لذلك اقتضى حذف الياء في الإسراء ، وإثباتها في المنافقون .

*  وزير الأوقاف والشئون الإسلامية في دولة الكويت سابقاً .