علم البلاغة في العصر الحديث
أغسطس 3, 2024الشاعر أحمد التهانيسري وقصيدته الدالية في المديح النبوي
أغسطس 3, 2024دراسات وأبحاث :
زبدة التفاسير للقدماء المشاهير لشيخ الإسلام بن قاضي القضاة عبد الوهاب الغجراتي : دراسة تحليلية
( الحلقة الثالثة الأخيرة )
الباحث : خليل الرحمن الندوي *
منهج المؤلف في الكتاب :
جعل المؤلف لهذا الكتاب مقدمةً وجيزةً ، عني فيها ببيان أهمية علم التفسير ، وسبب التأليف ، ومنهجه ، واسم الكتاب ، وسنة الفراغ من تأليفه هذا .
سلك فيه مسلك أسلوب علمي سهل جداً .
نهج منهج تفسير الجلالين في الاختصار والمزج بين الآيات والتفسير ، مثلاً قال في سورة الفاتحة : ( الحمد لله ) ، الحمد هو الوصف بالجميل على الجميل الاختياري على جهة التبجيل ، ( رب العالمين ) ، الرب في الأصل بمعنى التربية ، ثم وصف به للمبالغة كالعدل .
قام أحياناً بتفسير القرآن بالقرآن مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) هي التي في قوله : ( حرمنا كل ذي ظفر ) إلخ .
ربما قام بتفسير القرآن بالسنة ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( فاذكروني أذكركم ) قيل : معناه أجازيكم ، وفي الحديث عن الله تعالى : من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من مَلَئِهِ .
أورد في بعض المواضع تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) قبلته التي رضي بها ، … وعن ابن عباس رضي الله عنهما نزلت في صلاة المسافر على الراحلة أينما توجهت ، وقال في تفسير قوله تعالى : ( ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم ، إن الله على كل شيئ قدير . يا أيها الناس ) قال علقمة : ما في القرآن يا أيها الناس فهو خطاب لأهل مكة ، وما فيه يا أيها الذين آمنوا فهو خطاب لأهل المدينة .
اهتم في أغلب الأحيان بذكر سبب النزول للآيات مثلاً قال : سأل ابن صوريا النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر رضي الله عنه عمن يأتي بالوحي من الملائكة فقال : جبرئيل ، فقال : هو عدونا يأتي بالعذاب ، ولو كان ميكائيل لآمنا له ، فنزل ( قل من كان عدواً لجبريل ) الآية .
عني ببيان القصة حين رأى أن فهم الآية لا يتأتى إلا بمعرفتها ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) أي : من عرفة لا من المزدلفة ، والخطاب لقريش ، وكانوا إذا ذهبوا من منى ، نزلوا بالمزدلفة ، ووقفوا فيه ، ثم يرجعون منه إلى الكعبة ، ولم يذهبوا إلى عرفات ليقفوا فيه ويرجعوا منه ، ويقولون : نحن سكان حرم ، لا نخرج منه .
قام بإيضاح المعاني للآيات وفق قراءة أبي حفص بن سليمان ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( إنه من عبادنا المخلصين ) أي المختارين . مع أن في كلمة ( المخلصين ) قراءة أخرى ، وهي بكسر اللام ، ومعناه : أخلصوا دينهم لله .
فسر آيات الأحكام على مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) أي : حتى تعلموا أن الهدي بلغ مكانه الذي يجب نحره فيه ، وهو الحرم .
وهذا بناء على مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، مع أن الفقهاء الآخرين ذهبوا إلى أن المراد بقوله تعالى : ( حتى يبلغ الهدي محله ) الموضع الذي يحل فيه ذبحه ، وهو موضع الحصر .
التزم بذكر المسائل النحوية والصرفية واللغوية حين رأى أن الحاجة تمس إليها ، مثلاً قال : ( وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ) مبتدأ وخبر ، وقال في تفسير قوله تعالى : ( أو كصيب ) أصله صيوب من صاب يصوب ، أي : ينزل ، وقال في تفسير قوله تعالى : ( الصواعق ) الصاعقة شدة صوت الرعد .
ذكر في بعض المواضع المصطلحات البلاغية ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ” من ” للتجريد .
وذكر في تعريف التجريد في كتب البلاغة هو أن ينتزع المتكلم من أمر ذي صفة أمراً آخر مثله في تلك الصفة ، مبالغة في كمالها في المنتزع منه ، حتى إنه قد صار منها ، بحيث يمكن أن ينتزع منه موصوف آخر بها كقولك : لي من فلان صديق حميم [1] .
اختار من التوجيهات التفسيرية توجيهاً واحداً في أغلب الأحيان ، يليق بسياق الآية ، مثلاً قال : ( لا يستوي القاعدون ) عن الحرب ( من المؤمنين غير أولي الضرر ) من زمانة أو عمي ونحوه ( والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين ) لضرر ( درجة ) فضيلة لاستوائهما في النية وزيادة المجاهد بالمباشرة ( وكلا ) من الفريقين ( وعد الله الحسنى ) الجنة ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين ) بغير ضرر ( أجراً عظيماً ) .
ترك الخوض في تفسير ما استأثر الله بعلمه من فواتح السور وغيرها ، مثلاً قال في سورة البقرة : ( الم . ذلك ) . ولم يتعرض لتفسير ( الم ) .
حاول – قدر الإمكان – الرد على الشبهات التي يمكن أن تثار حول الآية ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ، ولكن كان حنيفاً مسلماً ) ، فإن قيل القول بأن إبراهيم – على نبينا وعليه السلام – على دين الإسلام ، إن أردتم به الموافقة في الأصول ، فليس هذا مختصاً بدين الإسلام ، وإن أردتم به الموافقة في الفروع ، لزم أن لا يكون محمد صلى الله عليه وسلم صاحب شريعة ، بل مقرر الشرع من قبله ، قلنا : نختار الثاني ، ولا يلزم ما ذكر لجواز أنه تعالى نسخ تلك الفروع بشرع موسى عليه السلام ، ثم في زمان محمد صلى الله عليه وسلم نسخ شرع من قبله بتلك الشريعة التي كانت ثابتةً في زمن إبراهيم – على نبينا وعليه السلام ، فيكون محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الشريعة مع موافقة شرعه شرع إبراهيم في معظم الفروع .
مكانة الكتاب بين كتب التفسير :
عدَّه أليف الدين ترابي بن عالم الدين القريشي في التفاسير بالمأثور قائلاً : وأما التفسير بالمأثور فأهم التفاسير على هذا المنهج كالآتي : … الثاني : زبدة التفاسير للقدماء المشاهير لشيخ الإسلام بن قاضي عبد الوهاب الكجراتي المتوفى عام 1109هـ [2] ، ولم يقم بذكر دليل واحد على ما قال .
وأما أنا فقد وصلت بعد إمعان النظر فيه إلى أنه من التفسير بالرأي ؛ وذلك لأسباب يأتي ذكرها فيما يأتي :
قد سبق أن المؤلف أكثر من الاستفادة في كتابه هذا من تفسير البيضاوي ، والرازي ، والزمخشري ، والنسفي ، والنيسابوري ، وكل منها يعد من التفسير بالرأي .
من المتحقق أن الحكم على أي كتاب من كتب التفسير بالمأثور أو الرأي يكون باعتبار الأغلبية ، فإذا غلبه المأثور يعد من التفسير بالمأثور كتفسير الطبري ، وتفسير ابن كثير ، والدر المنثور للسيوطي ، وتفسير البغوي وغيرها ، وأما إذا كان بالعكس يعد من التفسير بالرأي كتفسير الجلالين ، وتفسير البيضاوي ، وتفسير النسفي ، وتفسير الزمخشري وغيرها ، فلاحظت فيه أن تفسير القرآن بالقرآن أو بالسنة أو بأقوال الصحابة والتابعين هو أقل قليلاً بالنسبة إلى الرأي والاجتهاد .
كما سبق أن المؤلف حاول في أغلب الأحيان إيراد توجيه من التوجيهات التفسيرية يليق بسياق الآية ، وهذا أيضاً يتطلب الرأي والاجتهاد .
الكتب المؤلفة باسم زبدة التفاسير أو التفسير :
وقفت خلال الدراسة على ثلاثة كتب أخرى ألفت باسم زبدة التفاسير أو التفسير ، ويأتي ذكرها فيما يلي :
زبدة التفاسير لمولى فتح الله بن شكر الله الكاشاني المتوفى 988هـ ، وهذا التفسير يشتمل على سبعة مجلدات ضخمة ، استفاد المفسر فيه من التبيان للطوسي ، ومجمع البيان للطبرسي ، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ، والكشاف للزمخشري ، واتخذ فيه أسلوباً علمياً سهلاً ، وسلك على طراز تفسير الطوسي والطبرسي ، فذكر فضائل السور ، واعتنى بذكر أسباب نزول الآية ، واهتم بذكر القراءات العشر المتواترة ، والتزم بالكشف عن الوجوه اللغوية والنحوية والبلاغية ، وأكثر في ذكر المسائل العقدية والفقهية ، ورجح مسائل الإمامية الاثني عشرية بالأحاديث والآثار التي لا أصل لها في الحقيقة ، فعنده يجوز ظهور المعجزة على أيدي الأولياء كما قال في تفسير قوله تعالى : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) [ البقرة : 56 ] وفي الآية دلالة على أن الرجعة في الدنيا جائزة ، وقول من قال : إن الرجعة لا تجوز إلا في زمن نبي ليكون معجزةً له ، ودلالةً على نبوته فباطل ؛ لأن عندنا بل عند أكثر الأئمة يجوز إظهار المعجزة على أيدي الأئمة والأولياء عليهم السلام ، والأدلة على ذلك مذكورة في كتب الكلام [3] .
وكذا يجوز عنده نكاح المتعة كما قال في تفسير قوله تعالى : ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) [ النساء : 24 ] والأصح أن المراد به نكاح المتعة ، وهو النكاح المنعقد بمهر معين إلى أجل معلوم ، سمي به ؛ إذ الغرض منه مجرد الاستمتاع بالمرأة وتمتيعها بما تعطى ، وهذا منقول عن ابن عباس والسدي وسعيد بن جبير وجماعة من التابعين ، وهو مذهب أصحابنا الإمامية [4] .
زبدة التفاسير للشيخ خواجه معين الدين الكشميري المتوفى 1085هـ ، استفاد المفسر فيه من معالم التنزيل للبغوي ، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ، وتفسير الجلالين لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي ، والكشاف للزمخشري ، واتخذ أسلوباً علمياً سهلاً ، وسلك مسلك تفسير الجلالين ، ووجدت فيه كل ما وجدت في زبدة التفاسير للقدماء المشاهير من الخصائص إلا أن المفسر ركز همه على إثبات مسائل التزكية وتائيدها ، فعنده عبادة القلب أحسن وأفضل من عبادة الجوارح كما قال في تفسير قوله تعالى : ( ويتفكرون في خلق السموات والأرض ) [ آل عمران : 191 ] وعبادة القلب أفضل من عبادة الجوارح ؛ لأنه إذا توجه القلب بأمر يتبعه الجوارح ، وإذا عملت الجوارح لا يتبعه القلب [5] .
قال الدكتور محمد مظفر حسين الكشميري الندوي في مقدمة تحقيقه لهذا الكتاب : القلب عنده عرش الرحمن ، فلا بد من تغذيته وتقويته ، والقرآن ذكر التقوى والطهارة ، وهذا الفكر يسير مع تفسيره إلى نهاية المطاف .
زبدة التفسير للدكتور محمد سليمان عبد الله الأشقر المتوفى 2009م ، لخصه المؤلف من ” فتح القدير ” للشوكاني ، وحاول أن يختار أقرب الأقوال إلى المعنى المتبادر من الآية دون تكلف ، واكتفى في ذكر الفضائل وبيان سبب نزول الآية بالأحاديث والآثار الصحيحة ، وتجنب من ذكر الروايات الضعيفة والموضوعة والإسرائيلية ، وتجاوز المسائل النحوية والصرفية والرد على الشبهات مطلقاً .
أهم المؤاخذات على الكتاب :
عثرت خلال الدراسة لهذا الكتاب على مؤاخذات أذكرها فيما يأتي :
قد بلغ المؤلف في بعض المواضع من الإيجاز ما أدى إلى الغموض ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) شرع ما ذكرنا من مراعاة عدة ما أفطر فيه ، وأمر المرخص بالقضاء والترخيص .
لم يعتن في أغلب الأحيان بعزو الأحاديث والآثار إلى مظانها ، مثلاً قال : قال عليه السلام : لقنني جبرئيل آمين عند فراغي من فاتحة الكتاب ، وقال : إنه كالختم على الكتاب ، وربما أشار إلى الحديث دون أن يتعرض لذكر ألفاظه ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ) ويطئها لحديث العسيلة .
ربما أورد في تفسير الآيات الأحاديث الموضوعة ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، إن الدين عند الله الإسلام ) من قرأ هذه الآية عند منامه ، خلق الله منها سبعين ألف خلق ، يستغفرون له إلى يوم القيامة ، ومن قال بعدها : أنا أشهد بما شهد الله به ، وأستودع الله هذه الشهادة ، وهي لي وديعة ، يقول الله تعالى يوم القيامة : إن لعبدي عندي عهداً ، وأنا أحق من أوفى بالعهد ، أدخلوا عبدي الجنة . قلت : أخرجه العقيلي في الضعفاء ، وفي سنده محمد بن زكريا الغلابي وعمار بن عمر بن المختار ، وهما معروفان بوضع الأحاديث .
إذا ما مرَّ بآية تتعلق بالأمم الماضية ، فكثيراً ما انطلق قلمه بذكر الروايات الإسرائيلية ، مثلاً قال : روي أنه مات العزيز ، وصارت زليخا في فراق يوسف عمياء ضعيفةً عجوزاً ، وجاءت إلى طريق يوسف يوم ركوبه ، ونادت سبحان الله ! من يعز العبيد ويجعلهم ملوكاً بطاعته ، ويذل الملوك ويجعلهم عبيداً بمعصيته ، سمع ذلك يوسف ، فقال لها : من أنت ؟ قالت : أما تعرفني ؟ قال : لا ، قالت : أنا التي راودتك عن نفسك ، فاستعصمت بإله السماء ، فرفعك ، ووضعني ، وأعزك ، وأذلني ، فعلمت أني في باطل وغرور ، فكسرت صنمي ، وجئتك طائعةً مؤمنةً ، أقول : لا إله إلا الله ؛ لترحمني ، فوقعت رحمتها في قلبه ، فقال : سلي حاجتك ، قالت : لي ثلاث حوائج يا يوسف ! قد ذهب بصري ، فادع الله أن يرده علي ؛ لأنظر إلى جمال وجهك ، فدعا الله تعالى ، فرد عليها بصرها ، ثم قالت : ادع الله أن يرد علي جمالي وشعري ، فدعا الله ، فرد عليها ذلك ، فقال لها : أما تسألين الثالثة ؟ قالت تزوج لي حلالاً ، فقال لها : قومي ، ليس في نفسي قضاؤها ، فقالت : أما أنا فلا أقنط عن رحمة الله ، فنزل جبرئيل على يوسف ، وقال : إن الله يأمرك أن تتزوج بها ، فجعلت تحمد الله وتشكره ، فتزوجها ، فلما دخل بها ، وجدها عذراء فولدت ولدين . قلت : قال الدكتور بهرامي في مقالته : ترجع جميع الروايات التي تحدثت عن زواج يوسف النبي بزليخا ، سواء في التفاسير الروائية أو التاريخية إلى وهب بن منبه ، وكان من كبار أهل الكتاب في اليمن ، وقد اتهمه ابن تيمية بأن معظم الإسرائيليات قد وفدت إلينا عن طريقه ، وأنه كان يروي كذباً ، إلخ [6] .
ربما اختار من التوجيهات التفسيرية توجيهاً مرجوحاً ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( يوم نطوي السماء كطي السجل ) اسم ملك ، قلت : قال الإمام الطبري : اختلف أهل التأويل في معنى السجل الذي ذكره الله تعالى في هذا الموضع ، فقال السدي وغيره : هو اسم ملك من الملائكة ، وقال آخرون : السجل رجل كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال آخرون : بل هو الصحيفة التي يكتب فيها ، وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال : السجل في هذا الموضع الصحيفة ؛ لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب ، ولا يعرف لنبينا كاتب كان اسمه السجل ، ولا في الملائكة ملك ذلك اسمه [7] .
ربما وقع في تأويل صفات الله تعالى ، مثلاً قال في تفسير قوله تعالى : ( ثم استوى على العرش ) أي : عمد إلى خلقه ، قلت : قال الإمام البيضاوي في تفسير الآية : الاستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف ، والمعنى : أن له تعالى استواءً على العرش على الوجه الذي عناه منزهاً عن الاستقرار والتمكن [8] ، وقال الإمام مالك رحمه الله : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة [9] .
ربما أحال القارئ في تفسير بعض الآية إلى ما تقدم تفسيره دون أن يحدد اسم السورة ورقم الآية التي تقدم فيها التفسير ، مثلاً قال تفسير قوله تعالى : ( واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون ) تفسير هذه كما مرَّ .
خلاصة البحث :
كان شيخ الإسلام بن قاضي القضاة عبد الوهاب الغجراتي من علماء الأحناف العباقرة ، زاهداً ورعاً ، وقف حياته كلها على نشر الحق وبث الروح الدينية في البيئات والمجتمعات ، وأما تفسيره هذا فأعتقد أنه مفيد جداً من حيث الاختصار والإفادة ؛ لأن المؤلف ركز همه كله على تفهيم المعاني عند تلاوة القرآن .
أسأل الله أن يكرم مثوى المؤلف ويدخله في جنة الفردوس ، ويوفقنا جميعاً للاستفادة من حياته وتفسيره ، ويرشدنا إلى الصراط المستقيم . آمين .
* بلرامفور ، أترابراديش – الهند .
[1] الهاشمي ، أحمد بن إبراهيم بن مصطفى ، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع ، التحقيق والتوثيق : د . يوسف الصميلي ، المكتبة العصرية بيروت ، ص 308 .
[2] الأستاذ أبو الأعلى المودودي ومنهجه في التفسير ، ص 311 .
[3] الكاشاني ، فتح الله بن شكر الله ، زبدة التفاسير ، الناشر : مؤسسة المعارف الإسلامية ، إيران – قم المقدسة ، الطبعة الأولى ، 1423هـ ، ج 1 ، ص 152 .
[4] انظر : نفس المرجع 2/43 .
[5] خواجة معين الدين الكشميري ، زبدة التفاسير ، تحقيق : د . محمد مظفر حسين الندوي ، الناشر : بيت الحكمة الندوية شاه همدان كالوني عيد كاه سرينغر كشمير ، الطبعة الأولى ، 1432هـ – 2011م ، ج 1 ، ص 446 .
[6] محمد بهرامي ، زواج يوسف النبي وزليخا حقيقة أم خرافة ، 10 ديسمبر 2015م ، نصوص معاصرة ، ز : 7/9/2022 ، https://nosos.net
[7] أبو جعفر الطبري ، محمد بن جرير ، جامع البيان في تأويل القرآن ، الناشر : مؤسسة الرسالة ، الطبعة الأولى ، 1420هـ ، ج 18 ، ص 544 .
[8] انظر : تفسير البيضاوي 3/16 .
[9] أبو رملة محمد المنصور إبراهيم ، استواء الله على العرش ، الطبعة الثانية ، 2005م ، ص 45 .