البلاغة والإعراب والبيان في القرآن الكريم
يناير 1, 2020البلاغة والإعراب والبيان في القرآن الكريم
( أول سورة الشعراء )
بقلم : معالي الشيخ الدكتور راشد عبد الله الفرحان *
8 ( إِنَّ فِى ذٰلِكَ َلآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ ) .
تكررت في السورة ثمان مرات ، وسيجيئ الكلام عليها لاحقاً .
12 ( قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ) .
رَبِّ – يُكَذِّبُونِ :
رب ! منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة للتخفيف ، والنون المذكورة في ( يُكَذِّبُونِ ) نون الوقاية جاءت قبل الياء المحذوفة لمناسبة الفاصلة للآية .
14 ( وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ) .
يَقْتُلُونِ :
مثل يكذبون جاءت نون الوقاية قبل الياء المحذوفة للتخفيف ولمناسبة الفاصلة .
16 ( فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ) .
رَسُولُ :
عبَّر عن المثنى بالمفرد ، لأن الرسول بمعنى الرسالة ، وكثيراً ما يعبر القرآن بالمفرد عن الجمع ( هَؤُلآءِ ضَيْفِى ) ، والقصة مبنية في السورة على الوحدة ، لا على التثنية ، مما قبل الآية وما بعدها .
20 ( قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ ) .
مِنَ ٱلضَّالِّينَ :
كيف قال موسى ( وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ ) ؟ والنبي لا يكون ضالاً ، والجواب : أراد موسى عليه السلام من المخطئين لأني لم أتعمد قتله ، وإنما أردت تأديبه ، ولم يقصد الضلال عن الهدى ، وكان ذلك قبل النبوة والرسالة .
23 ( قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ ) .
24 ( قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ ) .
28 ( قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ) .
مُّوقِنِينَ – تَعْقِلُونَ :
عارض موسى قول فرعون ( إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ) فلما رأى عنادهم فاستفهم بـ ( تَعْقِلُونَ ) .
29 ( قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهاً غَيْرِى لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ ) .
مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ :
وإنما قال من المسجونين ، ولم يقل لأسجننك ، لإرادته الدوام والاستقرار ، ومن المخلدين في السجن .
50 ( قَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ) .
مُنقَلِبُونَ – لَمُنقَلِبُونَ :
وجاء في سورة الزخرف ( وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) 14 ، لم يثبت في الشعراء اللام لأن هنا كلام السحرة حين آمنوا ولا عموم فيه ، فناسب عدم التأكيد ، وفي الزخرف عام لمن ركب مسافراً ، فناسب التأكيد .
78 ( ٱلَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ ) .
79 ( وَٱلَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ ) .
80 ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) .
81 ( وَٱلَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ ) .
يَهْدِينِ – يَسْقِينِ – يَشْفِينِ – يُحْيِينِ :
حذفت الياء من الفعل للفواصل للتخفيف ، وزاد ( هو ) عقب الذي في الإطعام والسقي ، لأنهما مما يصدران من الإنسان عادةً ، فذكر هو تأكيداً إعلاماً بأن ذلك منه تعالى لا من غيره ، بخلاف الخلق والموت والحياة لا تصدران من غير الله تعالى .
وَإِذَا مَرِضْتُ :
لم يقل أمرضني كما قال قبله : خلقني ويهدين ، لأنه كان في معرض الثناء على الله ، وتعداد نعمه فأضاف تلك إليه ، ثم أضاف المرض إلى نفسه تأدباً مع الله تعالى ، كما في قول الخضر ( فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا ) .
83 ( رَبِّ هَبْ لِى حُكْماً وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّالِحِينَ ) .
البلاغة في التقديم :
فقد طلب الحكم أولاً ، ثم طلب الإلحاق بالصالحين ، والسر فيه دقيق جداً ، ذلك أن القوة النظرية مقدمة على القوة العملية ، فالعلم صفة الروح ، والعمل صفة البدن ، والروح أشرف من البدن ، والعلم أفضل من الصلاح .
84 ( وَٱجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى ٱلآخِرِينَ ) .
أي اجعل لي ثناءً حسناً في الذين يأتون من بعدي ، فاللسان مجاز عن الذكر ، بعلاقة السببية .
94 ( فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَٱلْغَاوُونَ ) .
البلاغة – قوة اللفظ بقوة المعنى :
تكرير الكبكبة ، تكرير الكبّ في اللفظ دليلاً على التكرير في المعنى ، كأنه إذا ألقي ينكب مرةً بعد مرة .
100 ( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ) .
101 ( وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) .
جمع الشافع ووحّد الصديق ، وذلك لكثرة الشفعاء وقلة الأصدقاء ، والصديق الحميم أندر .
106 ( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ ) .
أَلاَ تَتَّقُونَ :
جاءت هذه الآية في خمسة مواضع ، للتنبيه على أن دعوة الرسل الكرام واحدة ، وهو فهم واحد ، فهم لا يطلبون من أحد أجراً ولا مالاً ، ولا شيئاً من حطام الدنيا على تبليغهم الرسالة ، إنما يطلبون الأجر من الله وحده ، والمواضع الخمسة في قصة نوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب .
110 ( فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) .
التكرير للتأكيد :
ذكره في ثلاثة مواضع في قصة نوح ، وهود ، وصالح ، واكتفى في لوط ( قَالَ إِنِّى لِعَمَلِكُمْ مِّنَ ٱلْقَالِينَ ) ، وفي شعيب قال : ( وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ وَٱلْجِبِلَّةَ ٱلأَوَّلِينَ ) .
154 ( مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ) .
مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا – وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا :
هنا بدون واو في قصة صالح عليه السلام ، وفي قصة شعيب عليه السلام جاء بالواو ( وَمَآ أَنتَ ) ، لأن صالح عليه السلام قلل في الخطاب فقللوا في الجواب ، وأكثر شعيب عليه السلام في الخطاب فأكثروا في الجواب .
157 ( فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ ) .
نَادِمِينَ :
كيف أخذهم العذاب بعد ما ندموا على جنايتهم بعد عقر الناقة ؟ والجواب : أن ندمهم كان عند معاينة العذاب ، وقد يكون ندمهم على فقدان الحليب الذي يشربونه منها .
221 ( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ ) .
222 ( تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) .
223 ( يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ) .
224 ( وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ ) .
225 ( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِى كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ) .
تَنَزَّلُ – أَكْثَرُهُمْ – فِى كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ :
( تَنَزَّلُ ) اقتطع من الفعل بسبب الحدث ، أما كيف قال أكثرهم بعد ما قال كل أفاك أثيم ؟ والجواب : الضمير في أكثرهم للشياطين لا للأفاكين .
البلاغة :
التمثيل : ذكر الوادي والهيوم ، فيه تمثيل لذهابهم في كل شعب من القول ، وقلة مبالاتهم بالغلو في المنطق .
* وزير الأوقاف والشئون الإسلامية في دولة الكويت سابقاً .