كادت عليه تصدع الأكباد

رسالة الإسراء إلى العالم الإسلامي
يناير 28, 2025
صنائع فاق صانعها ففاقت
فبراير 23, 2025
رسالة الإسراء إلى العالم الإسلامي
يناير 28, 2025
صنائع فاق صانعها ففاقت
فبراير 23, 2025

أخي القارئ الكريم !           بسم الله الرحمن الرحيم

كادت عليه تصدع الأكباد

صك مسامعنا نبأ حزين ، وخالط قلوبنا أمر مفجع ، وناجى ضمائرنا أسى مزدوج ، يكاد يقضي علينا ، ويجعلنا باكين دماءً ودموعاً ، وهو نعي الأستاذ السيد جعفر مسعود الحسني الندوي وقت صلاة العشاء في الساعة الثامنة ليلاً في 14/ رجب 1446هـ ، ولم يستيقن أحد فور سماع هذا النعي ، لكن أمر الله كان قدراً مقدوراً ، فانطلق اللسان بالكلمة المأثورة : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وكما يقول الشاعر :

خبر أتاني عن عيينة مـــــفجع   كادت عليه تصدع الأكباد

انتشر النعي المفجع كالنار في الهشيم ، فلم نصب بحزن وكمد فحسب ، بل آلم هذا النعي ندوة العلماء ، وملحقاتها ، ومن ينتمي إليها ، والأسرة الحسنية ، حتى العالم الإسلامي بأسره ، فجعلت ترتحل وفود الناس إلى مقر الفقيد زاوية الشيخ علم الله الحسني ، وتأتي رسائل التعازي عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى ندوة العلماء ، وإلى ورثته ، ولاسيما فضيلة الشيخ السيد بلال عبد الحي الحسني الندوي رئيس ندوة العلماء ، حتى امتلأ الجو غماً وشجىً بالغين ، وصلت قوافل كل طبقة من الطبقات : العلماء والأدباء ، والشعراء ، والساسة ، والإداريين والموظفين الرسميين ، حتى الأغنياء والأمراء ، والكبار والصغار ، وشاركت في الصلاة عليه ، ومراسيم الدفن ، وكان الزحام كثيراً ، بحيث أديت صلاة الظهر في ثلاث جماعات منفردة ، ثم أقيمت صلاة الجنازة عليه بإمامة الشيخ السيد بلال عبد الحي الندوي حفظه الله ورعاه ، وكان أولاد الفقيد الأستاذ خليل أحمد الحسني الندوي والأستاذ محمد أمين الحسني الندوي والأستاذ عبد الحي الحسني الندوي قائمين في الصفوف الأوَل لدى جنازة الفقيد رحمه الله ، واستمرت مراسيم الدفن إلى ساعات ، هكذا وُري جثمانه بقلوب يعتصرها الألم ، وعيون تسيل الدموع .

حدثت بوفاة الفقيد ثلمة لا ترتق ، ووقع فراغ هائل لا يملأ ، إلا إذا شاء الله ، قد كان الفقيد رحمه الله يتميز بجوانب بارزة ، قلما توجد في شخصيات معاصرة له ، وهو يجمع بين العلم والفضل ، وبين التقوى والزهد ، وبين التواضع وهضم النفس ، وبين توقير الكبير وشفقة الصغير ، وبين الصدقة في السراء ، والإنفاق في الضراء ، وقد عرفته كأستاذ مثالي ، وأديب متضلع ، وصحافي بارع ، ووداع متفان في سبيل الله ، وإداري ذي تجارب موسعة ، رزقه الله فهماً رفيعاً ، وقريحةً وقادةً ، وحكمةً لقمانيةً ، وسليقةً حسنيةً ، وقيادةً عصاميةً ، فكل ما زاره هش إليه وبش ، وتبشبش إليه كما يتبشبش أهل الغائب بطلعته ، ولا تزال الابتسامة تخالط بشره ومحياه ، رحم الله تعالى يا أبا خليل وأمين وعبد الحي ! وأغدق البارئ عليك شآبيب رحمته ، وأمطر على جدثك غوادي مغفرته ، ورفع شأنه في أعلى علييين ، وإنا لفراقك يا أبا خليل ! لمحزونون .

مدير تحرير المجلة

20/ رجب 1446هـ