الإمام علاء الدين علي بن أحمد الشافعي المهائمي : حياته وخدماته

اللواء الركن / محمود شيت خطاب قائد عظيم ووزير مخلص وكاتب بارع ومؤرخ عسكري حصيف
أغسطس 28, 2022
48/ سنةً في ظلال تربية الإمام العلامة أبي الحسن الندوي ( الحلقة السادسة )
أغسطس 28, 2022
اللواء الركن / محمود شيت خطاب قائد عظيم ووزير مخلص وكاتب بارع ومؤرخ عسكري حصيف
أغسطس 28, 2022
48/ سنةً في ظلال تربية الإمام العلامة أبي الحسن الندوي ( الحلقة السادسة )
أغسطس 28, 2022

رجال من التاريخ :

الإمام علاء الدين علي بن أحمد الشافعي المهائمي :

حياته وخدماته

بقلم : الأخ محمد سلمان الندوي البجنوري *

كان الشيخ الإمام العلامة الكبير علاء الدين علي بن أحمد الشافعي المهائمي الكوكني رحمه الله تعالى ، ممن أكرمهم الله بالفضل والكمال والتفقه في الدين ، وأسبغ عليهم لباس الورع والتقوى وفتح عليهم باب العلم والإيمان وكشف لهم معاني الحكمة والإحسان . وُلد في مهائم من مناطق بلدة مومباي سنة ست وسبعين وسبع مأة من الهجرة ، كنيته أبو الحسن ، لقبه زين الدين والمعروف بمخدوم علي ، وقبره مشهور في المهائم .

يقول عنه مؤرخ الهند العلامة الشريف السيد عبد الحي الحسني رحمه الله تعالى في كتابه الشهير ” الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام ” : ” الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة علي بن أحمد الشافعي علاء الدين أبو الحسن المهائمي الكوكني ، كان من طائفة النوائت ، كثوابت ، أو النوائط كضوابط ، قوم في بلاد الدكن وغجرات ، قيل : طائفة من قريش خرجوا من المدينة المنورة خوفاً من الحجاج بن يوسف الثقفي ، وبلغوا ساحل البحر وسكنوا به ، ومهائم كعظائم بندر من بنادر كوكن ، وهي ناحية من غجرات ، مجاورة من البحر المحيط ، وكانت ولادة المهائمي في سنة ست وسبعين وسبع مأة من الهجرة ” . ( الإعلام ، الجزء الثالث ، ص : ٧٩ ) .

إن الشيخ المهائمي رحمه الله تعالى جمع بين نواح متعددة من الإيمان والإسلام والعلم والعمل بالشريعة والدين ، والمعرفة والسلوك ، وأحرز بخدماته العلمية وإفاداته السلوكية وتضحياته الدعوية الإسلامية ومصنفاته القيمة الكثيرة ذروةَ الكمال والاعتبار بين أهل العلم    والمعرفة ، وكان الناس يأتون إليه من كل فج عميق ليستفيدوا من مأدبة علمه وجمال أدبه وحلاوة إيمانه وطهارة قلبه ولذة معرفته وحسن   سلوكه ، وكان الشيخ المهائمي رحمه الله قام بإفادتهم مما يملكه من العلوم والمعارف وملأ قلوبهم بنور الإيمان ومعرفة الله تعالى وزكى نفوسهم بتعاليم القرآن والسنة ودعاهم إلى ما ينفعهم من خير الدين والدنيا والاعتدال والتوازن والصراط المستقيم .

حصل الشيخ المهائمي رحمه الله على العلوم الإسلامية وأخذ العلوم الشرعية من القرآن والحديث والفقه والتفسير والمنطق والفلسفة في صغر سنه ، وهو لم يتجاوز من عمره تسع سنوات لدى والده الشيخ أحمد رحمه الله لأنه كان من كبار العلماء والفضلاء في زمنه ، وماهراً في المعقولات والمنقولات ، وكاد أن تنتهي دراسته لديه حتى لفَظ والده نفَسه الأخير وانتقل إلى جوار ربه تاركاً ابنه الصغير ووالدته ، بعد عدة أيام نشأ في قلب هذا الولد الصغير الرغبة الصادقة في اكتساب العلوم الباطنة والمعرفة والطريقة ، ولم يطمئن إلى ما حصله من العلوم الظاهرة وهو يحثه شوق عجيب وشرارة كامنة في نفسه الطموح على الاشتغال بالمعرفة وتزكية النفس والحب الإلهي وتروية الروح المعطاش ، ولكن والدته لم ترض بأن يبتعد عن عينيها ولم تأذن له أن يسافر إلى أي بلد للاستفاضة ، ودعت الله سبحانه وتعالى أن يهيئ له أسباب العلم والمعرفة والتربية والسلوك في وطنه ، فالله سبحانه وتعالى أعطاه من العلوم الظاهرة والباطنة ، ويقال : إنه كان يذهب إلى ساحل البحر ، ويلقى هناك الخضر عليه السلام ، وهو يعلمه من العلوم والمعرفة ، ( مستفاد من حياة الشيخ مخدوم علي المهائمي ، ص : ١٤ – ١٥ ) .

إن الشيخ المهائمي رحمه الله تعالى من العلماء المصلحين    الربانيين ، وقد رفع الله تعالى مكانته ومنزلته بين الخاصة والعامة ، وبلغ إلى ذروة الكمال في العلوم والمعارف ، قام بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وشحن القلوب المظلمة نوراً وإيماناً وأرشد الناس التائهين إلى الهداية والصراط المستقيم ، وإن له شأناً أي شأن في العلوم الشرعية والمعرفة والسلوك ، فلذا تهافت عليه الناس من كل ناحية من نواحي البلاد تهافت الظمآن على الماء ، وله كرامات كثيرة وأعمال جليلة وآثار خالدة في العلم والسلوك ، وكذلك له مصنفات كثيرة ممتعة ، فيقول العلامة الشريف السيد عبد الحي الحسني رحمه الله في كتابه : ” ومن أحسن مصنفاته تبصير الرحمن وتيسير المنان في تفسير القرآن ، ومن خصائصه أنه تصدى فيه لربط الآيات بعضها ببعض وقد أجاد في ذلك ، وطُبع في مجلدين في مصر القاهرة على نفقة المرحوم جمال الدين الوزير    البهوفالي ” .

وسرد العلامة الحسني رحمه الله قائمة مصنفاته العلمية في ذكر الشيخ المهائمي : . . . ” الزوارف في شرح العوارف ” ، و ” مشرع الخصوص في شرح الفصوص ” ، و ” استجلاء البصر في الرد على استقصاء      النظر ” ، لابن المطهر الحلي ، و ” النور الأظهر في كشف سر القضاء والقدر ” ، وشرحه ” الضوء الأزهر في شرح النور الأظهر ” ، و ” أجلة التأييد في شرح أدلة التوحيد ” ، وشرح الفصوص شرحاً لا نظير له ، وصنف في أسرار الفقه ، ومحاسن الشريعة كتاباً سماه ” إنعام الملك العلام بإحكام حكم الأحكام ” وترجم كتاب ” لمعات العراقي ” وشرحه وترجم رسالة ” جام جهان نما ” وشرحها بشرح سماه ” آراء الدقائق في شرح مرآة الحقائق ” ، وله إمحاض في الرد على طاعن الشيخ الأكبر ، وله رسالة في الفقه الشافعي ، وله غير ذلك من الرسائل . ( الإعلام ، ج ٣ ، ص : ٨١ ) .

قال الشيخ غلام علي بن نوح الحسيني البلكرامي في ” سبحة المرجان ” : ” إن له رسالة عجيبة في تخريج وجوه إعراب قوله تعالى : ” الۤمۤ . ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ” . ( المصدر نفسه ) .

إن الشيخ المهائمي قضى جل حياته في خدمة العلم والدين ونشر الإسلام والشريعة المطهرة وإرشاد الخلق الكثير إلى سواء السبيل لا يأتي عليه الحصر ، وكان من الشخصيات العملاقة العظيمة الذين جمعوا بين العلوم الظاهرة والعلوم الباطنة ، وإنه استمر في القيام بأعمال جليلة وأفعال نبيلة في مجال التعليم والتربية والتصنيف والتأليف ، وكذلك بذل جهوده في سبيل إصلاح المجتمع وتقويم القلوب وتربية النفوس حتى مضى إلى الآخرة يوم الجمعة في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وثمان مأة من الهجرة ، وقبره مشهور في بلدة مهائم ( بجوار مدينة بمبائي ، الهند ) . رحمه الله رحمةً واسعةً .

* أستاذ بدار العلوم ندوة العلماء ، لكناؤ .