48/ سنةً في ظلال تربية الإمام العلامة أبي الحسن الندوي ( الحلقة السادسة )

الإمام علاء الدين علي بن أحمد الشافعي المهائمي : حياته وخدماته
أغسطس 28, 2022
عادل عمر زعيتر والفكر الإسلامي
سبتمبر 12, 2022
الإمام علاء الدين علي بن أحمد الشافعي المهائمي : حياته وخدماته
أغسطس 28, 2022
عادل عمر زعيتر والفكر الإسلامي
سبتمبر 12, 2022

في مسيرة الحياة :

48/ سنةً

في ظلال تربية الإمام العلامة أبي الحسن الندوي

( الحلقة السادسة )

بقلم : سعيد الأعظمي الندوي

تعريب : الأخ معصوم علي الندوي

صحيفة الرائد :

هي جريدة نصف شهرية ، صدرت في شهر يوليو عام تسعة وخمسين وتسع مأة وألف من الميلاد ، نظراً إلى حاجة طلاب دار العلوم الذين كانوا في مراحل النمو ، وكانوا مقبلين على تعلم اللغة العربية وإتقانها كتابةً وخطابةً ، فكانوا لابد لهم من صحيفة تكون لهم بمنـزلة معلِّم أو مدرسة تشرف على عملهم الأدبي وعلى مدى تعلمهم هذه اللغة الشريفة وأداء دورها في الحياة والمجتمع .

وقد نشأت فكرتها واسمها في ذهن الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي ، فذكر أمامي فسُررت بها للغاية ، ووافق عليها الإمام الشيخ السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي ، ثم وجدنا ترخيصاً رسمياً من الحكومة الهندية لإصدار صحيفة عربية نصف شهرية ، وقد تم إعداد أول نسخة للصحيفة خفيةً ، وكان المقرئ محمد عليم الدين قد كتبها بخطه العربي الجميل ، وطُبعت الصحيفة في مطبعة تنوير بلكناؤ ، وحينما اطلع عليها الآخرون اعتبروها مفاجأةً علميةً ، وهنأوا الشيخ السيد محمد الرابع الحسني على إصدار هذه الصحيفة .

صدرت صحيفة ” الرائد ” في ظروف قاسية لم تكن تسمح بتحمل هذه المسئولية الدقيقة للصحافة العربية ، ولكنها كانت في الواقع مدرسة يتعلم فيها أبناؤها بالقراءة والتعبير باللغة العربية ، وكانت تفسح لهم الطريق نحو النادي العربي وبرامجه التي كانت مستمرةً أسبوعياً ، وقد تهيأ عدد من الطلاب لكي يتعلموا اللغة العربية عن طريقها ويكتبوا بعض المقالات التي كانت تُنشر في ركن الطلاب ، وفعلاً تخرج من هذه المدرسة كثير من شبابنا المتعلمين الكتابة باللغة العربية ، وكانوا يتدربون على الصحافة وتذوق اللغة كأبنائها ، كما أن هذه الصحيفة تهتم بنشر الأخبار والأنباء العلمية والأدبية والثقافية التي كان أهل البلدان العربية الإسلامية يطلعون بها على سير التعليم والتربية والاعتناء باللغة العربية وما يجري في هذه البلاد من أوضاع التعليم والتربية والظروف الثقافية والسياسية وما إليها .

أما الأهداف التي سجلت وراء إصدار هذه الصحيفة والأسباب التي كانت تدعو إلى ذلك فلنستوحيها من خلال ما كتبه رئيس تحرير الجريدة الأول في أول عدد صدر في شهر يوليو لعام تسعة وخمسين وتسع مأة وألف الأديب الكبير رئيس قسم اللغة العربية يوم ذاك ، سماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي رئيس ندوة العلماء اليوم .

كلمة رئيس التحرير الأول وقت صدورها :

” الحمد لله بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد ! فهذا أول عدد من صحيفة النادي العربي عزمنا على إصدارها لتكون عوناً أدبياً ومساعداً في الملكة الكتابية لأعضاء النادي الأعزة ، وهم كما يعرف الجميع طلبة دارالعلوم التابعة لندوة العلماء ممن يدرسون اللغة العربية وينهلون من مناهل علومها وآدابها الغزيرة .

أصدرناها لا لنفع مادي ولا لمسايرة ركب الحضارة ولا للاستجابة لمطالب الزمن فحسب ، بل إنما لتكون غذاءً للعقول ، ومدداً للأقلام وحافزاً للقرايح في دار علومنا هذه .

ولم يبعثنا على ذلك إلا لأن الصحف والمجلات العربية الصادرة اليوم في أنحاء العالم لا تقضي حاجتنا نحن أبناء دار العلوم الذين لهم رسالة إسلامية رفيعة دقيقة الأهداف ممهدة الأطراف ، وذلك لأن هذه الصحف والمجلات تحمل في ثناياها سموماً فتاكةً للناشئة الإسلامية ، وهي بذور الفسق والوقاحة والإلحاد تبذرها في نفوسهم وقلوبهم ، فنرى أن الفائدة العلمية والأدبية التي نؤمل الحصول عليها من بينها تختلط وتمتزج بهذا الضرر المخيف الذي أوضحناه والذي نرى الأمة الإسلامية والناشئة الإسلامية في أشد الحاجة إلى الاتقاء منها ، ولا يمكن بمساعدة هذه الصحف أن نحقق آمالنا من بناء مجتمع إسلامي سليم فاضل .

ومما لا شك فيه أيضاً أن طلبتنا لا يمكن أن يستغنوا عن الصحافة العربية لئلا يتوقف ركب الثقافة والعلم ، فيجب علينا أن نصنع شيئاً لقضاء هذه الحاجة وسد هذا الخلل ففكرنا في ذلك ، فكان نتيجة تفكيرنا هو هذا الذي نقدمه إلى طلبتنا في صورة هذه الصحيفة العربية مما أنتجته أقلام الكتاب البارعين في العالم العربي ومختاراً مما تنتجه أقلام أعضاء النادي العربي ويقومون بأنفسهم بتحرير الصحيفة ولن يشترك معهم فيه أساتذتهم إلا كمشرفين عليهم أو مساعدين لهم وإلا بكلمة يكتبها في أغلب الأحوال رئيس النادي العربي ، وندعو الله تعالى أن يسدد خطانا ويحقق آمالنا .

ما كنا نتوقع عند إصدار هذه الجريدة أنها تستقبل من الطلاب والعلماء هذا الاستقبال الرائع  الذي حصل لهم حين صدورها ، وذلك من فضل الله علينا ونعمته ، فقد كنا خطونا هذه الخطوة متوكلين على الله دون أن نعول على قوة أخرى .

وبعد أن رأينا أن الطلاب والعلماء استحسنوا هذه الخطوة العلمية والثقافية التي خطاها النادي العربي تحت إشراف دارالعلوم التابعة     لندوة العلماء ، ورجوا لها نجاحاً باهراً ، أردنا أن نستمر فيما عزمنا عليه من تنويع أبواب الجريدة وتسهيل عباراتها وألفاظها وتحسين أساليبها ومعانيها حتى تنتخب الجريدة إلى القراء أكثر من ذي قبل ، ويعظم نفعها في أوساط مختلفة ، وقد يرى القراء في هذا العدد سمةً من ذلك ، فقد أدخلنا في محتويات الجريدة باباً جديداً لطلبة الصفوف السفلى خاصةً بعنوان ” ركن الأطفال ” يشرف عليه أو يكتبه الأستاذ سعيد الأعظمي الندوي ، ويعتني فيه بتقديم المعاني النافعة في عبارات سهلة وأسلوب سهل مفهوم ، عند المتعلمين البدائيين حتى يستوي جميع الطلبة في الانتفاع بهذه الجريدة والمساهمة فيها ، كما أننا نحافظ على أن يقدم للقراء بعض أقوى الخطب لشخصيات إسلامية كبرى يسجلها أو يعربها الطلبة  أنفسهم ، وقد يرى القراء أيضاً أن هذا العدد يتضمن بوجه عام ما كتبته أقلام الطلبة ، وليس فيه لغيرهم إلا القليل والمفيد [1] .

هذا يوم كانت هذه الصحيفة ملكاً شخصياً ، ولكنها سرعان ما تحولت إلى ندوة العلماء التي اتخذتها وسيلةً لعرض النشاط الإسلامي والعربي على البلاد العربية والتعريف بندوة العلماء إلى العرب الذين كانوا لا يعرفون عنها شيئاً ، ومن ثم كان دور هذه الصحيفة في مجال الصحافة العربية في الهند دوراً مشرفاً وموضوعياً ومخلصاً ، وكان سبباً لطول عمرها واستمراريتها لتحقيق الأهداف التي ذكرناها .

صدرت الرائد في عام 1959م ، ولا تزال تصدر مرتين في الشهر بانتظام واستمرارية يرأس تحريرها الآن الأستاذ السيد جعفر مسعود الحسني الندوي ، وقد رأس تحريرها الأستاذ السيد محمد واضح رشيد الحسني الندوي ، وظل الأستاذ السيد عبد الله محمد الحسني الندوي مدير تحريرها إلى مدة ، وكنت مرتبطاً بهذه الصحيفة منذ أول يومها ، أهتم بترتيبها وجمع مقالاتها ، كما أعتني بكتابتها في أحسن خط عربي ، ولا أزال أكتب فيها كلمة الرائد منذ أمد بعيد ، وأنا نائب الرئيس لهذه الصحيفة بحمد الله وتوفيقه .

وقد ساعدنا في هذا العمل طلاب النادي العربي أمثال السيد ضياء الحسن الندوي ، وغلام الجيلاني الندوي وإقبال أحمد الأعظمي الندوي البختاروي وتقي الدين الفردوسي الندوي وشفيق الرحمن الندوي .

خطوة جريئة في مجال الصحافة الأردية :

توترت الأحوال السياسية للبلاد في بداية 1960م ، ونشأت الطائفية ، فتفاقم أمرها ، وكانت الظروف تقتضي أن تكون هنا صحيفة أو مجلة للمسلمين وزعمائهم تمثل الأوضاع السياسية للبلاد تمثيلاً جريئاً ، فخطر ببال الشيخ الندوي والشيخ محمد منظور النعماني أن تصدر صحيفة أسبوعية بالأردية ، ثم تتحول هذه الصحيفة إلى يومية ، وتكون هذه الصحيفة ممثلةً للمسلمين سياسياً ودينياً ، كما تنشر فيها أخبار العالم الإسلامي وتحليلاتها .

صدرت صحيفة ” نداء ملة ” في مارس عام 1962م أسبوعياً ، تحت رئاسة تحرير الشيخ عتيق الرحمن السنبهلي ومساعدة الدكتور آصف القدوئي ، ولقيت قبولاً عاماً في كل طبقة من طبقات المسلمين، كما مثلت الصحافة الإسلامية ، فصدرت سبع سنوات بكل استمرار ، ولكن وقع ما وقع في أمرها ، بحيث احتجبت ، وتوقف صدورها . ثم أصدرها الطبيب محمد اشتياق حسين القريشي في حياته من جديد ، وساعده في هذا العمل الصحافي نجله الأستاذ جنيد أحمد القريشي الندوي ، لكن لم يستمر صدورها ، واحتجبت مرةً ثانيةً .

كنت أكتب في كل مرحلة من المرحلتين لصحيفة ” نداء ملة ” حول موضوعات شتى ، وهنا قائمة مختصرة لمقالاتي المنشورة في هذه الصحيفة :

  1. الحكام المنصفون
  2. جنيف : نبذة من تاريخها
  3. في سبيل الحرية
  4. امرأة مثالية
  5. ضيف ملكي
  6. أجمل منتزهات العالم
  7. البريد الجوي : قصة وتاريخ

إصدار صحيفة ” تعمير حياة ” من ندوة العلماء :

صدرت صحيفة تعمير حياة من في جمادى الثانية 1383هـ المصادف نوفمبر 1963م كلسان حال ندوة العلماء وأهدافها ودعوتها ، وانتخب الأستاذ محمد الحسني أول رئيس تحريرها كما كان كاتب هذه السطور مساعد رئيس التحرير ، ولم يكن في تلك الآونة جهاز كمبيوتر ، فكانت الصحيفة تُنشر بكتابة أحد الخطاطين ، من مطبعة ” ليثو ” ، استقبلت هذه الصحيفة كل دائرة من دوائر العلم ، واعتبرتها خطوة مباركة ، ولم يكن في بداية الأمر مكتب لها ، فكانت ملفاتها وسجلاتها وبعض وثائقها في ناحية من مكتب مجلة البعث الإسلامي ، ويساعدنا في إرسال الصحيفة قسم التعمير والترقي لندوة العلماء ، واستمر هذا العمل هكذا عشر سنوات ، وكنت موفقاً في ترتيب الصحيفة وكتابة المقالات وكتابة افتتاحياتها أحياناً . فالحمد لله على ذلك حمداً كثيراً .

ومن فضل الله تعالى أن صحيفة تعمير حياة تصدر بكل استمرار ، وبعد عشر سنوات من صدورها عين الأستاذ إسحاق جليس الندوي رئيس تحريرها ، وانتقلت هذه الصحيفة إلى مؤسسة الصحافة والنشر ، لكناؤ ، ثم انتخب الأستاذ شمس الحق الندوي رئيس تحريرها ، وإن كان الأستاذ نذر الحفيظ الندوي والأستاذ أمين الدين شجاع الدين لمدة قصيرة رئيس تحريرها ، ويرأس الآن رئاسة تحريرها الأستاذ شمس الحق الندوي ، وانتخب الأستاذ السيد محمود حسن الحسني الندوي نائب رئيس تحريرها ، ويشرف عليها سماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي ، وينشر في كل عدد جزء من مقالات الإمام الندوي ، وقد أشرف عليها كذلك الشيخ القاضي محمد معين الندوي والشيخ الدكتور عبد الله عباس الندوي ، والبروفيسور وصي أحمد الصديقي والأستاذ محمد حمزة الحسني الندوي – رحمهم الله تعالى – .

[1] صحيفة الرائد ، العدد الأول عام تسعة وخمسين وتسع مأة وألف الميلادي .