مريم جميلة ( مرجريت ماركوس )

عالم يتعجل إعدامه ليلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم
فبراير 7, 2023
مايو 28, 2023
عالم يتعجل إعدامه ليلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم
فبراير 7, 2023
مايو 28, 2023

الباحثة عن الحقيقة

( الحلقة الأولى )

رجال من التاريخ :

مريم جميلة ( مرجريت ماركوس )

الباحثة عن الحقيقة

( الحلقة الأولى )

الدكتور غريب جمعة – جمهورية مصر العربية

وقفتُ طويلاً متدبراً لقول الله تبارك وتعالى : ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) . [ الزخرف : 44 ] .

ومعنى الآية :

وإن هذا القرآن لشرف عظيم لك يا محمد ولقومك ، لأنه نزل بلغتهم على رجل منهم ، فهم أفهم الناس له فينبغي أن يكونوا أسبق الناس إلى العمل به وسوف تسألون عن حقه وأداء شكر النعمة فيه .

ويعلق الشيخ المراغي في تفسيره على ذلك بقوله : ” وخلاصة ما سلف : أن هذا القرآن نزل بلغة العرب ، وقد وعد الله بنشر هذا الدين ، وأبناء العرب هم العارفون بهذه اللغة ، فهم الملزمون بنشرها ونشر هذا الدين للأمم الأخرى فمتى قصروا في ذلك أذلهم الله في الدنيا وأدخلهم النار في الآخرة .

فعسى أن يقرأ هذا أبناء العرب ويعلموا أنهم هم المعلٍّمون للأمم ، فينشروا هذا الدين ويكتبوا المصاحف باللغة العربية ويضعوا على هامشها تفاسير بلغات مختلفة كالإنجليزية والفرنسية والروسية وغيرها من لغات العالم حتى تعرف لأمم كلها هذا الدين معرفة حقه خالية من الخرافات التي الصقها به المبتدعون ويعود سيرته الأولى وما ذلك على الله بعزيز .     أ هــ ” . ( تفسير المراغي ، جزء 25 ، صفحة 93 – 94 ) .

أقول : ونزيد على خرافات المبتدعين شبهات المستشرقين ورجال الدين الحاقدين والمعادين للإسلام ولكتاب الإسلام ولنبي الإسلام .

وقفت طويلاً أمام هذه الآية الكريمة وسألت نفسي : هل قمنا بأداء حق القرآن الذي بينت هذه الآية أن الله تبارك وتعالى سيسألنا عنه ؟

وماذا سنقول لربنا غداً عند الوقوف بين يديه إذا سألنا عن سبب ذلك التقصير المشين في حق كتابه الذي اختصنا به ؟

وأحسب أننا لو أدينا هذا الحق لكنا أهلاً لنصر الله لنا ، ولقدمنا أعظم خدمة لذوي العقول المنصفة والفطر السليمة الذين يقفون موقف الإعجاب من الإسلام فيبدأون بدراسته دراسةً جادةً ، ويبحثون فيه بحثاً دقيقاً ، لا أقول يستغرق سنوات من عمر الباحث أو الباحثة بل قد يستغرق معظم سنوات العمر ، لقلة المراجع الأمينة والمصادر التي تحسن عرض الإسلام كما رضيه الله لعباده ، وليس كما رضيه المزورون والحاقدون المحاربون له بشتى الوسائل حتى تتسع الشقة بينه وبين من يريد البحث والنظر فيه ليعتنقه عن رضا وطمأنينة واقتناع .

وأحسب أننا لو أدينا حق القرآن علينا لاختصرنا الوقت على هؤلاء الباحثين المخلصين الصادقين في نواياهم . . . ولكانت أعداد من يدخلون الإسلام منهم – بإذن الله – أضعافاً مضاعفةً .

وتأمل ما قاله أحدهم عن الإسلام وهو :

” يا له من دين لو أن له رجالاً “

وليسمح لي القارئ أن أضع أمامه نموذجاً من أعظم النماذج التي درست الإسلام وبحثت فيه بضع سنين ثم انتهت بها دراستها وبحثها إلى اعتناقه عن رضا واقتناع عجيبين !!

إنها السيدة الفاضلة والمؤلفة والكاتبة الكبيرة الأستاذة : مريم جميلة – رحمها الله .

فهيا بنا نلقي الضوء على حياتها وكيف تركت ديانتها اليهودية اعتنقت الإسلام ؟

المولد والنشأة :

ولدت مريم ( مارجريت ) في 23 مايو سنة 1934م لأبوين يهوديين من أصل ألماني ، يعيشان في نيويورك فحملت الجنسية الأمريكية ، وعلى الرغم من نشأتها في هذا المجتمع إلا أنها لم تشاركهم عاداتهم من شرب الخمر وحفلات الاختلاط وغير ذلك من مظاهر التفلت من الدين .

وكانت وهي طفلة تحضر دروس مدرسة الأحد اليهودية وتسمع الحاخام وهو يقول : إن اليهود والعرب هم أولاد الخليل إبراهيم فكانت أمنيتها أن تذهب إلى فلسطين لترى أبناء عمها وتلتقي بهم وتتحدث إلهم وتتعرف عليهم .

لكن صدمتها كانت كبيرةً حينما رأت أبويها يشجعان قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود في 1947م ، بل إنهما شرعا في جمع التبرعات لمساعدة اليهود ضد العرب ، وأقاما حفلةً بمناسبة انتصار اليهود في الحرب التي دارت بينهم وبين العرب عام 1948م .

وبدأت مارجريت تناقش أباها في طرد الفلسطينيين من ديارهم ومزارعهم وبساتينهم وإقامة دولة لليهود على أرضهم التي اغتصبها اليهود بتشجيع وتآمر دولي خبيث ، وأصبح الفلسطينيون مشردين في كل مكان من العالم .

كيف تعرفت على الإسلام ؟

كانت صدمة مارجريت من موقف والديها ضد العرب الذين يقول الحاخام عنهم أنهم واليهود أبناء عم كبيرةً .

كانت صدمتها كبيرةً بمعنى الكلمة ، وكانت أكبر دافع لها لتبدأ القراءة الجادة المطولة عن الإسلام ، وهي قراءة لا يُقبل الفتيان عليها فضلاً عن الفتيات في مثل سنها .

وكان أول ما قرأت هو : ترجمة معاني القرآن الكريم للإنجليزي المسلم ” محمد ببكتهول ” وهي من أفضل التراجم لمعاني القرآن فتأثرت بها تأثراً شديداً وفضلتها على ترجمة يوسف علي التي  وصفتها بالضعف لأن المترجم – في نظرها لم يستطع أن يتحرر تماماً من وجهة النظر الغربية نحو العرب والإسلام ، وهو يترجم كتاب الله تعالى .

بل إن مما يدعو إلى العجب أنها عثرت على كتاب ” مشكاة المصابيح ” للتبريزي وهو كتاب يتعلق بالحديث النبوي الشريف ، عثرت عليه مترجماً إلى اللغة الإنجليزية فأقبلت على قراءته برغبة شديدة ، وكان ذلك أثناء دراستها في جامعة نيويورك عام 1953م .

وقد كان من فضل الله عليها وتوفيقه لها أن بدأت قراءتها المبكرة عن الإسلام بقراءة معاني القرآن الكريم والحديث الشريف فبدأت التعرف على الإسلام من مصادره الرئيسية الصحيحة ، فلم تتأثر بأي دعاية مضللة مهما كان شأنها وشأن أصحابها ، حتى إنها لما سئلت فيما بعد أي بعد إسلامها عن وصيتها للمسلمين قالت : ” ادرسوا القرآن والحديث ولا تتبعوا الحضارة الغربية وادرسوا الثقافة الإسلامية ” .

وإلى حلقة قادمة إن شاء الله . . .