بعض النواحي البلاغية في شعر عمر أبو ريشة
يناير 2, 2022في رياض الشعر :
أكتوبر 17, 2022في رياض الشعر :
قصيدة / حول خليل الله إبراهيم عليه السلام
بقلم : أبوبكر الصديق الفيضي الندوي
( إليكم القصيدة في سرد قصة سيدنا خليل الله إبراهيم من بحر الوافر في 52 بيتاً بمناسبة حلول موسم الحج وعيد الأضحى المبارك )
- تـــعـــالَــوا نَـلتقِي يوما نُزكِّي بإبراهيمَ فـــــخــــرَ الأنـــبــياءِ
- وقِصَّتُه لَـــمِن عَـجبِ العُجابِ تَهزُّ القلبَ من فَــــرْط الـــبلاءِ
- حـــيـــاةٌ كـــلُّـها أحداثُ مِحَنٍ ومـــــوقـــــفُـــه مثالٌ للــوفـاءِ
- تَربَّى في بيوتِ الشركِ طِفلا وشاهدَ كلَّ أصـــنـــافِ الــغَباءِ
- أبــــوه يَــبـــيـعُ أصناما جَمادا ليَعبُدَها الرجالُ مـــع الـــنـساءِ
- جمادٌ لا يَرى شــيـــئـا ويسمعْ يَراه الناسُ آلـــهـــةَ الــرجــاءِ
- ووالدُه الـــذي يُـرجَـى الرشادُ يَقود الـــنــاس أطرافَ الـشقاءِ
- وكانت نـــفــسُه ، لــكـنْ تميلُ بفطرتِها إلـــى ربِّ الــــسـماءِ
- وكـــان يَرى الأمورَ بأمِّ عـين ويُـــحزِنـــه ضَــلالُ الأولـيـاءِ
- وحــاكــمُـــهــم يُـعاملهم عَبيدا هو النِّمرودُ أقــــوَى الأشقيــاءِ
- يُحرِّضُهم على الإشراك دوما يُذيقُ خُصومَه كــــلَّ الــــعَـناءِ
- يُـــباهِـي بالذي يَحظَى فَخورا كأنَّ قِوامَه رهــــنُ الــــبــقــاءِ
- وإبـــراهــيــمُ يَنظر حولَه كي يَرى الأوثانَ تُـــعــــبــدُ للشقاءِ
- وليس هناك من يَزجرْ بِـ لا لا خِلافَ جُــــهـــولِ ما للأغبياءِ
- أحسَّ خـــلــيــلُ ربِّ العالمينَ وجوبَ وُقوفِه ضــــدَّ الــوبـاءِ
- لأَصـــنـــامٌ تُــصـوَّرُ بالأيادِى يُــــقـــــدِّسهـــا ويَــعـبدُ هؤلاءِ
- وكان إذا رأى الأصــنـامَ تُعبدْ يُنكِّرُه ويَــــزجــــرُ بــالإِبــاء
- ولكــنَّ الـــجـــهــالـةَ حوَّلتْهُم عن الإخضاعِ للقول الــسَّـواءِ
- وفـــــكَّـــر أن يُـلقِّنَهم دُروسا بإسكاتِ الرجــــال بــلا مِـراءِ
- فيوما كان ذاك الـــيــومُ عـيدا لهم كانوا عـــلــى حــدٍّ سـواءِ
- بضــــاحــــيـةِ المدينةِ تاركينَ بُيوتَ إلـــهِــهـم دونَ اعــتـناءِ
- وإبـــــراهــيمُ يتَدخلُها يريد ال قضاءَ على سفـــاهــتِهم بسوءِ
- ويـــكسِر مـعظم الأصنام فيها وأكـــبرَهـــا يُـمهِّل كَي يُرائِي
- كأن كـــبــيـرَها كسَرَ البواقي يَعودُ إليه عُـقبَى الاعــــتـــداءِ
- ولـــمّــا زارت الأقـوامُ عَودا من الأعياد مَعبدَهـم المـســائِي
- لـــقـد دُهِشوا لما شَهدوا عيانا لآلهةٌ أُطــــيــحَــتْ باعـــتـداءِ
- وكـــانـوا أدركوا,أن المصيبه لَما حلَّت بها ، عــنـــد اللـــقاءِ
- بدون شَــطارةِ الشــابِّ الـفَتيِّ رأوه في مُـــخـــاطـرة اللجوءِ
- ولــمـــا سائلــوه عن الـقضيَّة أشار الى أكـــابــــرِهــا بسوءِ
- وكانوا أدركوا أن الــــجــمادا لَما يَـــدنـــو بــخــيــرٍ أو بلاءِ
- ولـــكــــنَّ الـــغــبـاوةَ أوقفَتْهم جُـــمــودُ عــقولهم أسبابُ داءِ
- أقـــرُّوا مُـــجــمَــعا إلقاءَه في لهيبِ الـــنـــار نــاقـمـةِ العداءِ
- ولــــكــــنْ قـــد أقرَّ الله أن لا يضرَّه نارُ عـــدوان الــجــلاءِ
- أشار الــــنــارَ بالتبريد طَوعا لكي ينجو الـــخليل من الدهاء
- كذا خَرج الــخليلُ من العذاب سلــيــمــا آمــنـا طِبقَ الرجاء
- مـــثالاً خــــالـــداً للــعــالـمين لـــنصــر الله فـي صبر البلاء
- هـــناك أماثلٌ أخرى له في ال تضاحي والـــعــزائـم والوفاء
- يُــضــحِّـي بـابـنه يُرضِي الإلهَ رجاءً ما بـــعاقـبةِ الـــفِـــــداء
- ويـــتـــرك أهــلَــه طوعَ الإله بدون النظر فيما في الـــخـفاء
- بــــكلــــمــات بَــلاهُ الله لــكـنْ أتمَّ جميعَها هــو ذو الــصـفاء
- فــــتــــوَّجَــه بتِيــجانِ الإمامة يَؤمُّ الناسَ طُرًّا فـــي اعـتـلاء
- وكــــان يُــــريـدها أيضا تَدوم بأولادِ الـــخلـيـل على السواءِ
- ولـــكـــن أنكـــر الله الإمــامـة لــــمــن يـعدو طريقَ الأنبياء
- كــــذا كــــان الـخليلُ بديلَ أُمَّة يُساوي بالصفات أولي العلاء
- وســـــمّــــانـــا ســويًّا مسلمين وســـنَّ لــــنــا مناهجَ لاقتداء
- وقـــــبــــلتُــنا تُـــذكِّـرنا جميعاً به وبِنَجلِه رمــــزِ الــــوفــاءِ
- وحــــجُّ الــبـيت يَحمل من مآثرْ خوالدَ للخليلِ أُولـــي الــثـناء
- صفا ، مروة ، وزمزم كلُّ هذِي رُموزٌ خـــالــــداتٌ لــلــفداء
- يــُسجِّــــل ذكـــرَه الـتاربــخُ حقًّا بماء الذهبِ فَــــخــرا بانتماءِ
- إمام الأُمَّــــــة الـــــغَــــرّاء فـيه شَمائلُ أُمَّة طِــيبِ النَّــــمــاءِ
- وصــــلَّـــى اللهْ على ولدِ الذبيح وآلٍ والصحابـــة ذا دُعــائِي
- صــــلاةُ الله والـــتــسلــيمُ دَوما على آلِ الخلـيلِ مع الرجــاءِ
شرح وتعليق :
- زكاّه أي مدحه وأثنى عليه والباء زائدة . المعنى : هلموا لنجتمع يوما نثني على إبراهيم ، حقيق أن يوصف أنه فخر للأنبياء .
- وقصته من أعجب العجائب . إن شدة البلايا التي واجهها في حياته تحرك القلوب وتوقظها .
- الأحداث جمع حدث . المحن جمع محنة أي الابتلاء .
- الغباء الجهالة وقلة الفطنة . إن إبراهيم نشأ وكبر في بيت يُرتكَب فيه الشرك ويعمل فيه التماثيل .
- أبوه آزر كان يعمل الأصنام ويبيعها وكان الناس رجالاً ونساءً ; يعبدون تلك الآلهة الجامدة .
- مجرد جماد لا يرى ولا يسمع شيئاً ولكن الناس يرونه إلهاً ويرجون منه ما يحتاجون .
- ووالده الذي يُتوقع منه أن يكون عاقلاً رشيداً ، يدعو الناس إلى الشقاء والهلاك .
- ولكن نفس إبراهيم بطبيعتها تميل إلى الله الأحد الذي هو رب السماوات والأرض .
- وكان يرى الأشياء بعينه مباشرةً حقيقياً ويقلقه ضلال أولياء الأمور فيهم .
- ومَلِكُهم وحاكمُهم النمرود يعامل مع الرعية كما يعامَل مع العبيد . ولديه سلطة وصولة فهو أقوى شخص في زمرة الأشقياء .
- يحث الملك دائماً على الإشراك بالله ويذيق المخالفين له بشتَّى العذاب ويُتعبهم .
- يفتخر بما عنده من نعم الدنيا ويباهي به كأنه مضمون البقاء في الدنيا لمدة طويلة .
- ولما نظر إبراهيم حوله رأى الناس يشقَون ويخسَرون بالعبادة للأصنام .
- وليس فيهم من يمنعهم ويتكلم خلاف الجهول التي يرتكبها الأغبياء والجهلاء .
- في هذا الظرف شعر الخليل إبراهيم عليه السلام بأهمية الوقوف خلاف هذا الغباء الذي انتشر في الناس مثل الوباء .
- صور وأصنام تُبنى وتُكوَّن بأيدي الناس وبعد ذلك يقومون بتقديسها وعبادتها بدون حياء .
- الإباء الامتناع وعزة النفس . كان إبراهيم إذا رآهم يعبدونها يتقدم بإنكارها والزجر عنها لعزة نفسه .
- لكن جهالتهم حالت دون خضوعهم للقول السديد .
- لقَّن : ألقى أو علَّم ، مراء : جدال . وفكر إبراهيم في أن يلقيهم درساً يكفي لإسكاتهم بدون جدال .
- ذات يوم ، كان ذلك يوم عيد لهم . كانوا جميعاً .
- الضاحية : منطقة خارج المدينة . اعتناء : عناية . كانوا كلهم خارج المدينة تاركين أصنامهم من غير اهتمام .
- قضى عليه : أهلكه وأفناه . انتهازاً للفرصة ، دخل إبراهيم إلى الأصنام ، يريد كسر وإفناء تلك الأوثان التي هي دليل على سفاهتهم ، بشكل سيئ .
- فكسر معظم الأصنام فيها وأبقى أكبرها ليوهم الناس أنه هو الذي قام بكسرها .
- كي يظن الناس أن الصنم الكبير هو الذي كسر البواقي فيرجع العتاب والعقاب إليه .
- ولما قاموا بزيارة المعبد المسائي في عودتهم وقت المساء .
- أطاح : أسقط أو أفنى . اعتدى : ظلم عليه . أي فاجئهم وأدهشهم منظر آلهتهم قد أسقطت في الأرض بالظلم عليها .
- وتيقنوا عند لقاء ذلك المنظر ، أن المصيبة ما نزلت بها .
- الشطارة : الدهاء والمهارة والاحتيال . خاطر : غامر به ، كاد يلقي نفسه في الخطر . أي إلا بدهاء وحيلة من الفتى الشاب الذي كان يخطط ويغامر ليلجأ إلى المعبد كي يرتكبها .
- المآل : ما صار إليه الأمر ولما سألوا إبراهيم عما صار إليه الأمر ، أوهمهم أن الكبير هو الذي قام بهذا العمل ” السيئ ” .
- وأيقنوا أن الجماد ليس له قدرة على إيصال خير أو شر .
- ولكن جهالتهم أوقفتهم عن الاستلام به لأنهم مصابون بمرض بسبب جمود عقلهم .
- وعزموا على رميه إلى لهيب النار التي أعدت انتقاماً على عداوتهم .
- عدوان الجلاء : العدوان الجلي أي البين . أي ولكن الله أراد أن لا يصيبه شيئ من أثر تلك النار التي أعدت من العدوان البيِّن .
- دهاء ، داهية : مصيبة .أي أمر الله النار : كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ، كي ينجو إبراهيم من مكر أعداءه .
- هكذا خرج إبراهيم من حريق النار سالماً آمناً مطابقاً لما يُرجَى .
- صار إبراهيم مثالاً خالداً لنصر الله ينصر الصابرين عند البلاء .
- هناك أمثال أخر في التضحية والعزيمة والوفاء لخليل الله إبراهيم عليه السلام .
- ضحَّى بابنه طالباً رضا الرب وراجياً ما يناله من الجزاء للفداء .
- إشارةً إلى ترك أهله هاجر وطفله إسماعيل في أرض مكة في واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم .
- إشارة إلى الآية 124 من سورة البقرة : ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) .
- تيجان جمع تاج . طرّا أي جميعاً في اعتلاء أي في علو ورفعة . أي توَّج اللهُ إبراهيم بتاج الإمامة جزاءً لخروجه من الابتلاءات ناجحاً .
- فطلب إبراهيم من الله أن يديم الإمامة في ذريته أيضاً .
- ولكن الله رفضه إجمالاً بقوله لا ينال عهدي الظالمين . أي الذي جاوز طريق الأنبياء – وهم الظالمون – من ذريته ، لا يستحقون الإمامة .
- إشارة الى الآية رقم 120 من سورة النحل : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .
- إشارة الى الآية رقم 78 من سورة الحج : ( مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) . وآية رقم 95 من آل عمران : ( قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ) .
- النجل : الولد . الرمز : العلامة . أي إن قبلتنا – الكعبة – تذكرنا بإبراهيم وبولده إسماعيل ، لأنهما هما اللذان قاما ببناءها كما ورد في سورة البقرة الآية رقم 127 : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ) .
- المأثرة : المكرمة المتوارثة . أي وكذلك مناسك الحج أيضاً تحمل عدداً من مكارمه المتوارثة من السعي والطواف ورمي الجمرات وماء زمزم وغيرها .
- الصفا والمروة وزمزم وغيرها من الشعائر رموز خالدات لذكريات إبراهيم وآله .
- إن تاريخ فدائه وتضحيته حقاً جدير بأن يكتب بماء الذهب .
- إن إبراهيم إمام للأمة البيضاء وهو يحتوي على شمائل أمَّة بكاملها طيِّبةِ النماء .
- ولد الذبيح أي ولد إسماعيل . ذا دعائي أي هذا دعائي .