الصكوك الإسلامية البديلة للتوريق التقليدي ( الحلقة الأولى )
سبتمبر 12, 2022الصكوك الإسلامية البديلة للتوريق التقليدي
أكتوبر 17, 2022الفقه الإسلامي :
تعريف موجز ببعض مؤلفات العلماء الهنود
في الفقه الإسلامي في اللغة العربية
( الحلقة الأولى )
د . نور الدين أحمد *
ملخص البحث :
في الواقع أن العلماء الهنود المسلمين قدَّموا مساهمات كثيرةً إلى العلوم الإسلامية في اللغات العربية والفارسية والأردية على نطاق واسع . ويبدو أن بعضهم كتبوا أيضاً العديد من الكتب المتعلقة بالفقه الإسلامي خلال فترة الهند في العصور الوسطى ، وبالخصوص أنهم اختاروا الكتابة باللغة العربية لإكثار توزيعاتها في جميع أنحاء العالم العربي . وعلم الفقه هو مهم جداً في العلوم الإسلامية ، ومما لا شك فيه أن المسلمين يحتاجون إلى حصول المعرفة الفقهية هدفاً لاتباع أركان الإسلام والعمل بأحكامه بامتياز . ولذلك كانت هذه المحاولة قد بُذلت لإلقاء الضوء على أعمال الفقه الإسلامي التي كتبها العلماء الهنود المسلمون باللغة العربية فقط .
المقدمة :
الفقه لغةً هو مطلق الفهم ، يعني فهم الشيئ الدقيق ، و ” أمّا الفقه اصطلاحاً فيعرّف على أنّه العمل بالأحكام الشرعية العملية التي تُستنبَطُ من أدلتها التفصيليّة ” [1] ومعلوم لدينا أن في مصادر الفقه أربعة عناصر ، وهي القرآن الكريم والحديث الشريف والإجماع والقياس [2] . والفقه من الناحية الفنية يطلعنا على جميع فروع الشريعة الإسلامية بدلائل واضحة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، وبناءً على معرفة الإسلام التي تُحصل في ضوء كتب الفقه والفتاوى ، ويقوم المسلمون بعبادة الله تعالى كما وردت أحكام الإسلام وأركانه في أحكام الله سبحانه وتعالى وما أوضحها الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم . وفي الواقع أن كلمة ” الفقه ” هو مستخدم في إحراز المعارف الإسلامية ، لأن الفقه علم ديني من العلوم الإسلامية ، ومن هذه الناحية الفنية هو معروف بعلم الفقه ، ولا شك في أن له مكانة مرموقة في الشريعة الإسلامية .
الأعمال الفقهية في الهند :
وعندما انتشر الإسلام في الهند ، احتاج المسلمون إلى حصول المعرفة الصحيحة للفقه الإسلامي إلى حد كبير . والمعلوم أن استيطان المسلمين في الهند قد بدأ في المطلع الأول من العصر الإسلامي إما فيما يتعلق بالتجارة والغزوات أو نمو المجتمع الإسلامي ، وفي هذه المناسبة توجد أربع مراحل : وهي الفتوحات والاستعمارات والدخول في الإسلام من جديد والهجرة [3] . ويتضح من التاريخ أن فتوحات الشعب العربي في السند بدأت من عام 711م ، ولكن استيطان المسلمين كان سابقاً على الساحل الغربي للهند ، وكانت الغزوات الغزنوية من عام 1000م ،وسبقتها مستعمرات صغيرة من المسلمين في جنوب البنجاب . ولا شك فيما إذا بدأ النمو الحقيقي للمجتمع الإسلامي بعد غزو شهاب الدين الغوري ( عام 1192م ) في شمال الهند ، ومن ذلك الحين ، قد أصبح استيطان المسلمين موفقاً في الهند . والحق أن شمس الدين التمش يعد المؤسس الحقيقي لدولة المماليك بالهند ، وكانت حكومته معروفةً أيضاً بـ ” سلطنة دلهي ” وهي الفترات تتراوح بين عامي 1211 و 1236م ، وإنه قدَّم ملاذاً للعلماء المسلمين الهاربين من الكارثة المغولية في العقد الثالث من القرن الثالث عشر [4] . واستمرت عملية التحول من الديانات الأخرى إلى الإسلام مع الإشاعة الإسلامية الجادة لأولياء الصوفية الذين تعاملوا مع المشكلة بحب خالص وحنان كبير . وفيما بعد ، دعا حكام الأفغان العديد من العائلات الأفغانية للمجيئ والاستقرار في الهند . وفي جهة أخرى ، هاجر عديد من عائلات الشيعة من بلاد فارس واستقرت في جنوب الهند . وبالإضافة إلى ذلك ، استمرت أيضاً عملية توطين المسلمين في ظل الملوك الهندوس في فترات لاحقة [5] . وبهذه الطريقة أصبحت الهند مستعمرةً ثقافيةً للمسلمين الذين هاجروا إليها .
والحق أن الحضارة الإسلامية الهندية نشأت تحت رعاية العلماء المسلمين المهاجرين ، وهم في هذه المناسبة ، كانوا رواداً في نشر التعاليم الإسلامية ، وقد بذلوا قصارى جهدهم أن يجتذبوا عامة الناس إلى قبول الإسلام . وههنا يجدر بالذكر أن العلماء الهنود المسلمين في العصور الوسطى ، كانت لهم معرفة بالغة عن الدين الإسلامي ، وبراعة علمية كاملة في تأليف الكتب الدينية الأساسية ( أي تعليقات القرآن والحديث والفقه والكلام والتزكية وما إلى ذلك ) التي استفاد منها العلماء من العالم الإسلامي . وقد تجلى من المعلومات التاريخية أن الفقه احتل مكانةً مرموقةً من بين جميع العلوم الدينية بسبب تعامله مع جميع أنشطة الحياة الدينية الإسلامية . وكان ذلك حاجة جدية للمسلمين إلى إطاعة الله تعالى وفق الأوامر القرآنية والأحاديث النبوية ، فبدأت دراسة الأدب الفقهي حتماً مع استيطان المسلمين في الهند . ولذلك ، كان من الطبيعي أن يكتسب المسلمون معرفة الفقه لأداء عبادات الله تعالى والقيام بالشعائر الإسلامية وحل المشكلات الدينية التي نشأت في حياتهم اليومية . ويرى في هذا الصدد أن الأدب الفقهي الهندي في العصور الوسطى كان يتعلق بالمذهب الحنفي بصفة خاصة ، ثم بقية المذاهب الثلاثة الأخرى ، وهي الشافعي والمالكي والحنبلي بصفة عامة ، وكان المسلمون الهنود يتبعون المذهب الحنفي بخصوص علم الفقه منذ وقت مبكر من استيطان المسلمين في الهند باستثناء الأشخاص الذين بدأوا العيش في المناطق الساحلية لمدراس ( تشيناي ) ومالابار وكونكان ، وهم كانوا مهاجرين من اليمن والحجاز ، وصنع هؤلاء الناس أرصفة السفن ومحطات المعابر على السواحل بغرض تجارتهم . وفي الواقع أن هؤلاء الأشخاص كانوا من أتباع المذهب الشافعي باعتبار علم الفقه [6] .
وفي خلال الفترات ما بين شهاب الدين محمد بن سام الغوري ( ت 1206 ) وبهادر شاه الثاني ( ت ١٨٦٢م ) ، كان وضع الأدب الفقهي في ذروته ، لأن الشريعة الإسلامية نُفِّذت بالكامل في إداراتهم . ولذلك ، كانت المعرفة الصحيحة الفقهية ضروريةً للغاية لتلبية شؤون المحكمة والإدارة على التوالي . وبالنسبة إلى منصب القاضي وشيخ الإسلام ،لم تزل دراسة موضوع الفقه باهتمام كبير في المدارس الإسلامية مباشرة من مرحلتها الابتدائية ، وهذا الاتجاه كان جارياً في نفوس المسلمين بصفة عامة ، وجرت دراسة الكتب الفقهية الهامة تحت رعاية الفقه الحنفي ، وكانت حلول المسائل تنفيذاً في محاكم القاضي ، وكان الطلاب يتدرسوها في المدارس الإسلامية ، لأن معظم المسلمين كانوا من الحنفية [7] . وفي ظل هذه الظروف ، اهتم العلماء المسلمون بدراسة الأدب الفقهي ، وكتبوا عددًا كبيرًا من المصنفات حول الفقه لكى يجعلوها أكثر شمولاً بين عامة المسلمين ، ولكن أعمالهم من المصنفات الفقهية كانت أكثرها شروحاً ومختصرات لكتب الفقه السابقة المتميزة . وعلاوةً على تلك المصنفات الفقهية ، قام علماء الهند في العصور الوسطى أيضاً بإعداد عدد قليل من مؤلفات الفتاوى ، وهو في خمس نقاط :
أولاً – ظاهر الروايات : الإمام محمد بن الحسن الشيباني ( ت 187هـ/805م ) حاول قدر المستطاع الحفاظ على أقوال الإمام أبي حنيفة ( ت 767م ) وأبي يوسف ( ت 798م ) والإمام محمد حول المشاكل الشرعية ذات الطبيعة المتنوعة في سلسلة مساهماته ، وهي المبسوط ، والجامع الصغير والجامع الكبير والسير الصغير والسير الكبير والزيادات [8] .
ثانياً – النوادر : باستثناء ظاهر الروايات ، الحافظ الشيباني في عمله على مذهب الإمام أبي حنيفة وأتباعه ، وهما الكيسانيات والأمالى لأبي يوسف وغيرهما من كتب الحسن وابن سمعة والمعلي بن المنصور وما إلى ذلك [9] .
ثالثاً – الواقعات : استنبط العلماء المتأخرون والمجتهدون هذه الفئة من كتب الفتاوى لتقديم حلول المشاكل الشرعية والمسائل الدينية ، ولكنها لم تحتو على روايات ، وفي هذه المناسبة توجد عدة كتب الفتاوى مثل كتاب النوازل لأبي الليث السمرقندي ( ت 383هـ ) ، ومجموع النوازل والواقعات للناطفي والواقعات للصدر الشهيد [10] .
رابعاً – الفتاوى : ساهم العلماء المتأخرون ببعض الكتب المتعلقة بالحلول الفقهية للمشاكل الشرعية التي ظهرت في فترات لاحقة ، وعامة كتبت أعمال الفتاوى لتقديم الأحكام الشرعية وفقاً لمبادئ الاجتهاد ، ويرى على سبيل المثال ” فتاوى قاضيخان ” في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان و ” خلاصة الفتاوى ” لطاهر البخاري و ” الفتاوى الظهيرية ” للإمام ظهير الدين أبي بكر محمد بن أحمد بن عمر البخاري ( ت 619هـ ) [11] .
خامساً – المسائل : قام العلماء المتأخرون بجمع بعض الكتب المختصرة عن المسائل والتي تضمنت الأحكام الإسلامية للرواية ، بينما اعتمد الفقهاء على الأحكام في الحلول المتعمقة للمشكلات الشرعية ، وفي هذه المناسبة نرى عدة كتب نحو ” الوقاية ” و ” الكنج ” و ” المختار ” و ” مجمع البحرين ” و ” القدوري ” . وبالإضافة إلى هذه الأعمال الفقهية ، تم تأليف بعض التعليقات على كتب الفقه المهمة ، نرى على سبيل المثال : كتاب الهداية للمرغيناني ( ت 1197م ) وكتاب الدر المختار للحصكفي وأعمال نادرة مثل كتاب فتح القدير لابن همام الحنفي وكتاب رد المختار على الدر المختار لابن عابدين [12] .
( للبحث صلة )
* أستاذ مشارك ، رئيس قسم اللغة العربية والفارسية والأردية ، جامعة قطن ، غوهاتي ، آسام ، الهند ، البريد الإلكتروني : drnooruddinahmed@gmail.com
[1] تعريف الفقه لغةً واصطلاحاً ، تم الاسترجاع من الموقع https://mawdoo3.com ، وتم الوصول إليه بالتاريخ 22/05/2022 .
[2] مصادر الفقه الإسلامي ، المصدر السابق .
[3] The Encyclopaedia of Islam, Vol. III (Leaden : E.J. Brill), 1971, p. 428
[4] Wm. Theodore de Bary (Editor): Introduction to Oriental Civilizations: Sources of Indian Tradition (New York: Colombia University Press), 1958, pp. 377 – 378
[5] The Encyclopaedia of Islam, Vol. III (Leaden : E.J. Brill), 1971, pp. 428 – 429
[6] الحسني ، عبد الحي : الثقافة الإسلامية في الهند ( دمشق : المجمع العلمي العربي ) ، 1958 ، ص 103 .
[7] فاروقي ، عماد الحسن آزاد : ہندوستان ميں اسلامی علوم واديبات ( نئی دلہی : مكتبہ جامعہ لمٹیڈ ) ، 1986 ، ص 60 – 61 .
[8] الحسني ، عبد الحي : الثقافة الإسلامية في الهند ، ( دمشق : المجمع العلمي العربي ) ، 1958 ، ص 104 .
[9] المصدر السابق ، ص 104 – 105 .
[10] المصدر السابق ، ص 105 .
الظفيري ، مريم محمد صالح : كتاب مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه الرموز ، تم الاسترجاع من الموقع : https://shamela.ws/book/13225/95 في يوم التاريخ 28/03/2022 .
[11] المصدر السابق ، ص 105 .
[12] المصدر السابق ، ص 105 .