اللغة العربية في كيرالا ومراحل تطوّرهـا عبر العقود

أدب المسرحية في العالم العربي
يناير 6, 2021
استخدام كلمة ” النداء “و ” الدعاء ” في منظور القرآن الكريم
فبراير 21, 2021
أدب المسرحية في العالم العربي
يناير 6, 2021
استخدام كلمة ” النداء “و ” الدعاء ” في منظور القرآن الكريم
فبراير 21, 2021

دراسات وأبحاث :

اللغة العربية في كيرالا ومراحل تطوّرهـا عبر العقود

د . جمال الدين الفاروقي ، ويناد، كيرالا

كانت للغة العربية علاقة قلبية بولاية كيرالا منذ أقدم العصور ، وعلاقتها بالجزيرة العربية وشعوبها تطورت عبر القرون ، وذلك بالتجارة البحرية التي كان يقودها العرب . كما أن ظهور الإسلام في مطلع القـرن السابع الميلادي هو الآخر سبباً تكثفت به مسيرة اللغة في هذه المنطقة . والمساجد العشرة التي أسّسها السيد مالك بن حبيب والمشار إليها في         ” تحفة المجاهدين ” لمؤشر صادق إلى انتشار اللغة في ربوعها وإسهامها في تكوين المناخ الثقافي والحضاري بكيرالا . وقد ورد في كتاب ” تاريخ ظهور الإسلام في مليبار ” أن  قد تم تأسيسها بين عامي 21 – 22    الهجري ، مما يمكن القول إن دراسة العربية وتدريسها بدأت بصورة منتظمة منذ تلك الأيام . ويضاف إلى هذا أن المقابر الموجودة في قرية ” نلا موتم ” ( Nilamuttam ) الواقعة في مقاطعة كانور ، كُتبت أسماء الوفيات عليها بأحرف غير منقوطة . وهذا إن دلّ على شيئ فإنه يدل على انتشار العربية في ربوع كيرالا قبل الستينات الهجرية . لأن تجديد الحروف العربية وتطويرها قد تمّ على يد نصر بن عاصم بأمر من الحجاج بن يوسف الثقفـي . وبما أن العربية ضرورية لتلاوة القـرآن ودراسته ، كان من المفروض أن المسلمين أقبلوا عليها وتحمسوا فيها .

أول وثيقة عربية في كيرالا :

ويقال : إن اللغة العربية بكيرالا ظهرت حروفها أولاً في الوثيقة النحاسية التي منحها الملك ستانو روي كولاشيكرا ( Stanu Ravi Kulashekara ) للمقيمين المسيحيين في مدينية كولام  موافقةً منه لبناء كنيسة لهم ، وقد وقّع فيها بعض التجار العرب وكتبوا أسماءهم بالخط الكوفي . وكان ذلك في عام 849 الميلادي . وكتاب ” القيد الجامع ” الذي ألفه الفقيه حسين في دارمادام ( Dharmadam ) هو المؤلَّف العربي الأول في الولاية . وقد ذكر الرحالة ابن بطوطة اسم هذا العالم في كتابه عن الهند . ( رحلة ابن بطوطة ، ص : 374 ) .

ظهور الأسرة المخدومية ودورهم في تطوير العربية :

إن العربية قويت وتطورت كثيراً مع ظهور الأسرة المخدومية في خارطة كيرالا الثقافية . وإليهم يرجع الفضل في تكثيف حركة التعليم الديني في الولاية وتنظيمه وإيجاد الفرص للتحقيق في العلوم الدينية ، كما أن زعماءها كانوا في طليعة مَن كافح وحارب رجالَ الاستعمار الذين بثوا نفوذهم آنذاك بين البلاد والعباد . وصلت هذه الأسرة إلى كيرالا من  ” معبر ” في تامل نادو ، وكان أولهم وصولا السيد زين الدين إبراهم بن أحمد المعبري الذي نزل في مدينة كوشن ، ثم انتقل إلى  فوناني . وقد أنجبت هذه الأسرة زعماء وعلماء أجلاء من أمثال السيد زين الدين المخدوم الأول ( 1467 – 1522 ) ، وهو ابن أخيه المذكور . تلقى العلوم في الحديث والفقه من الشيخ شهاب الدين بن عثمان بمكة المكرمة ، ثم التحق بجامعة الأزهر ، ولعله كان هو الأول من أبناء مليبار ممن درس في جامعة الأزهر . وأساتذته آنذاك في الأزهر من العلماء العباقرة المشهورين . وفي هذه الفترة  تحمست  فيه الأفكار التربوية والتعليمية ، وتأسيس المدارس الدينية في فوناني ، جاء تتويجاً لهذه الأفكار . وما إن تخرج من الأزهر حتى قفل عائداً إلى فوناني وقام بمبادرته التعليمية ، كما بدأ حياته التعلمية والتأليفية مشتغلاً بالإفادة والاستفادة ، وقد كتب الكثير في التصّوف والفقه الإسلامي ، وقصيدته ” تحريض أهل الإيمان على جهاد عبدة الصلبان ” ذات 173 بيتاً ، نداء للمسلمين ليتحركوا ضد احتلال البرتقال وإنقاذ البلاد من براثنهم . وقصيدة أخرى ” هداية الأذكياء إلى طريق الأولياء ” تحتوي على وصايا ونصائح تمس القلوب وتملأها إيماناً وإخلاصاً .  ومن مؤلفاته : مرشد الطلاب ، وسراج القلوب ، والسراج المنير ، والمسعد في ذكر الموت ، وشمس الهدى ، وتحفة الأحبة ، وإرشاد القاصدين ، وشعب الإيمان ، وتسهيل القافية ، وشرح الألفية ، وقصص الأنبياء ، وشرح تحفة الوردية ، والسيرة النبوية . وكتاب شعب الإيمان ترجمته من الأصل الفارسي .

ومن هذه السلالة عبد العزيز المخدوم ، ( 1508 – 1586 ) وهو ابن زيد الدين المخدوم الأول .  كان أيضاً رجلاً عبقرياً ، وخلفاً صالحاً لوالده ، إذ قام بدوره في كتابة الشروح لمعظم كتبه ، إلى جانب مؤلفاته المستقلة ، ومنها : باب معرفة الصغرى والكبرى ، وإرشاد الألباء ، وقصيدة الأقسام ، وشرح ألفية بن مالك ، وأركان الإيمان ، ومرقاة القلوب ، والمتفرد ، ومسلك الأتقياء . وأما العالم الأكثر شهرةً وسمعةً في هذه الأسرة وهو الشيخ زين الدين المخدوم الثاني حفيد زين الدين الأول . قدم خدمات جليلةً للأمة المسلمة والعلوم العربية ، وسعى إلى نشر العلوم دراسةً وتدريساً وتأليفاً . وبعد الدراسة الابتدائية قصد مكة المكرمة وأقام بها عشر سنوات ليتلقى العلوم من جهابذة علمائها . ومن أساتذته هناك الشيخ ابن حجر الهيتمي أبرز علماء الشافعية . وبعد أن وصل إلى كيرالا شرع في كتابة المقررات للدراسة الدينية وجعل لها منهجاً مؤثراً ونظاماً متقناً ، مما جعل طلبة العلم من كل قاصية ودانية يقصدون فوناني للتحصيل العلمي . وعمله الرائع ” تحفة المجاهدين ” يبقى نموذجاً فذاً للتأليف العربي الأصيل ، كما أنه هو الأول والأبرز الذي يسلط الضوء على تاريخ كيرالا القديم . تمت ترجمته إلى خمس وثلاثين لغة في العالم . والكتاب يجسد  مسيرة كيرالا التاريخية الممتدة 85 عاماً بدءًا من 1498 وحتى 1583 . وفيه دراسة مفصلة عن تاريخ ظهور الإسلام في مليبار ، والعادات المنتشرة في المجتمع الهندوكي ، والأعمال الوحشية التي قام بها الجنود البرتقال ، وضرورية الاصطفاف لمقاومتهم . ولا يزال يبقى مرجعاً فريداً لمن يشتغل بالدراسات الاجتماعية عن كيرالا القديمة . وكتاب فتح المعين ، هو الآخـر شهرة من بين مؤلفاته ، تناوله بعض العلماء العرب دراسةً وشرحاً ، ومنهم الشيخ علي بن السيد أحمد السقاف اليمني وكتابه ترشيح المستفيدين . والشيخ أبو بكر البكري صاحب كتاب إعانة الطالبين . وفي كيرالا كتب الشيخ علي بن عبد الرحمن               ( كونجوتي مسليار ) كتابه ” تنشيط المطالعين ” شرحاً له في العربية .

وللشيخ زين الدين المخدوم ، بجانب هذا ، كتب أخرى في العربية ذات القيمة العلمية مثل :

  1. مختصر شرح الصدور
  2. الأجوبة العجيبة عن المسألة الغريبة
  3. المنهج الواضح
  4. الفتاوى الهندية
  5. الجواهر في عقوبة أهل الكبائر
  6. أحكام إحكام النكاح
  7. إرشاد العباد

وقد أعد ” إرشاد العباد ” شرحاً وإيضاحاً للكتابين : الزواجر لابن حجر الهيتمي ، ومرشد الطلاب لجـده زين الدين المخدوم الأول . أما        ” الأجوبة العجيبة ” وهو الفتاوى الدينية التي أفتى بها في مختلف   المناسبات .

والشيخ عثمان بن جمال الدين المعبرى ( 1504 – 1583 ) تلميذ وزوج ابنة المخدوم الأول عالم آخر في هذه الأسرة المباركة ، وقد كتب شرحاً عربياً لكتاب قطر الندى في علوم النحو . ومن الجدير بالذكر أن علماء المخدومية ساهمـوا كثيراً في إعداد الموسوعة الطبية (Hortus Malabaricus ) ومعناه رياض مليبار ، تولى تدوينه الحاكم الهولندي هنرك وان ريد ( Hendrik Van Rheede  ) ويحتوي على دراسة 742 نباتاً دوائياً من الأعشاب الموجودة في غابات مليبار وكرناتكا ، استغرقت أعمال الجمع والتحقيق ثلاثين سنةً ليصدر الكتاب في 12 مجلداً في آمستردام عام 1678 . وقد أدرجت فيه أسماء النباتات في اللغات : اللاتينية والمليالمية والعربية وديواناكري . والأسماء العربية فيه كانت من مساهمات المخاديم . ومن هذا القبيل كتب الشيخ إبراهيم مسليار ( 1871 – 1951 ) في العربية كتاب ” مختزن المفردات الطبية ” الذي قام الدكتور محمد يوسف الندوي موخرا بدراسته وتحقيقه .

وعالم آخر عاش  فترة الاحتلال البرتقالي هو القاضي محمد  الكالكوتي ( 1572 – 1616 ) وقد عاش عمره بقلمه السيال وقلبه الفياض مربياً الأجيال ومتحدياً الأعداء . ونفخ روح التفاني في الشعوب في قصيدته الجليلة ” الفتح المبين ” وناداهم للوقوف أمام تيارات البرتغال دفاعاً عن الوطن . كما أنه قام بدوره في التأليف العربي ، ومن كتبه :

  1. الدرة الفصيحة
  2. القصيدة في نصيحة الإخوان
  3. منظومة في علم الحساب
  4. ملتقط الفـرائض
  5. مقاصد النكاح
  6. منظومة في تجويد القـرآن
  7. مدخل الجنان
  8. منظومة في علم الأفلاك والنجوم
  9. منظومة في الرسائل والخطوط

وتستهل المرحلة الثانية لتطور اللغة العربية في كيرالا مع القرن التاسع عشر الميلادي . ويطلع علينا في هذه المرحلة السيد جفـري المتوفي عام 1222هـ ، صاحب المؤلفات العربية : كنز البراهين ، الكواكب الذرية ، والإرشادات الجفـرية . والعالم الملباري الأكثر صيتاً والأحسن بلاءً في مقاومة الاحتلال هو القاضي عمر ( 1177 – 1273 ) . وكان ممن وقف في طليعة الكفاح والنضال في حركة الاستقلال ومقاومة الإنجليز . وصب عليهم جام غضبه في كتبه وخُطبه ، وأبصر الناس بمكايد الإنجليز لتفتيت الوحدة الشعبية في البلاد . وفي خلال ذلك خدم اللغة بتآليفه العربية التي أكثرها منظومة ، ومنها :

  1. نفائس الدرر
  2. لاح الإله
  3. صلى الإله
  4. مقاصد النكاح
  5. كتاب الذبح والاصطياد

والسيد مامبورم علوي تنغل هو الآخر ممن له جولات وصولات في الكفاحات والكتابة العربية . وكتابه ” السيف البتار على من يوالي الكفار ” يجسد أفكاره الوهاجة ضد الإنجليز المحتلين . وكذلك نجله السيد فضل تنغل ، وقف وقفات حاسمة ضد الغطرسة الإنجليزية ، وقاد حركة المقاومة الشعبية تكاتف فيها المسلمون وغيرهم . وكتابه ” عدة الأمراء والحكام لإهانة الكفرة وعبدة الأصنام ”  يجسد شخصيته وعقليته الغيور ، ويوحي إلى المواطن الصادق الحماسة وروح الإقدام . وتمثل مقاومة هذه الفترة مرحلة متميزة من مراحل الكفاح ضد الإنجليز . ومن مؤلفاته : حُلل الإحسان في تزيين الإنسان ، وأساسُ الإسلام ببيان الأحكام ، ورسالة المسلم العالي لإدراك المعالي . وحين حاول الإنجليز نفيه سافـر إلى عمان ومنها إلى تركيا حيث أكرمه السلطان عبد الحميد الثاني وتولى منصب المستشار الرئيس .

أعلام القـرن العشرين :

وما إن استهل القرن العشرين حتى تبوأت العربية مكاناً متميزاً في الأوساط الاجتماعية في كيرالا . وظهرت زمرة طبية من العلماء القادرين في التأليف بالعربية . كما شهدت هذه الفترة بواكير الإصلاح الديني والاجتماعي الذي كانت المساجد والمدارس أبرز منابره . والسيد جاللكات كونج أحمد حاجي المولود عام 1866 شخصية ملحوظة   آنذاك . وهو الذي قام بدوره في إصلاح المجال التربوي ، ومقـره وازكاد      ( Vazhakkad ) حيث أسس مدرسة تنمية العلوم عام 1906 ، وهي التي تحولت فيما بعد إلى كلية دار العلوم العربية . وبدأ الإصلاح تهب رياحه على اللغة العربية فزادتها روعةً ورونقاً . والشيخ بجانب هذه النشاطات كان مولعاً بالتأليف . ومن كتبه : حاشية على رسالة المارديني ، ورسالة الحساب ، رسالة دعوة القبلة . كما أنه حرر بعض المقررات العربية  للمدارس الدينية . والشيخ وكام عبد القادر المولوي هو الأكثر بروزاً في مجال الإصلاح الديني والتربوي . وقد أصدر المجلات ذات المقالات العلمية والدعوية القيمة بهدف إصلاح المسلمين ، كما أنه سعى إلى نشر العربية في المراحل المدرسية ، وقد قدم تقريراً بهذا الخصوص إلى ملك ترفدانكور ، وعلى أساسه انعقد عام 1913 مؤتمر لزعماء المسلمين للبحث عن إمكانات دراسة العربية . وبموجب اتفاق المؤتمر قامت الحكومة بتوظيف السيد سري راما سامي آيار(Sri Rama Swamy Ayyar ) لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتعليم الأولاد المسلمين ، ولجذبهم إلى المدارس العامة ، وفي نفس العام بدأت العربية تدرّس في المدارس الابتدائية وتم تعيين أساتذتها . والسيد وكام عبد القادر هو بالذات تولى مهمة تحرير المقررات الدراسية العربية وتدريب الأساتذة ، مما جعل كيرالا الأكثرَ اهتماماً بالعربية والأحسنَ نظاماً لتدريسها قياساً لسائر الولايات الهندية . وقد نشرت مجلة المنار الصادرة من مصر عدداً من مقالات الشيخ عبد القادر في العربية .

ورحم الله بلادنا كيرالا في هذه الفترة بالعلماء المفلقين في العربية من أمثال الشيخ أبو الصباح أحمد علي خريج الأزهر ومؤسس كلية روضة العلوم العربية ، وبتأسيسها شهدت كيرالا قفزات سريعة في مجال التعليم والإصلاح الاجتماعي ، وقد سانده في مهماته كبار القادات والزعماء في الولاية . وانبثقت من روضة العلوم فيما بعد عدد من المؤسسات التعليمية والتربوية والمهنية مما تزدان به اليوم ربوة كلية الفاروق . وقد كان الشيخ أبو الصباح يكتب المقالات العربية في مجلات المرشد والاتحاد . ومن هؤلاء الشيخ كي . أم . مولوي والشيخ عز الدين مولوي ممن صدر لهم المقالات العربية في مختلف المجلات العربية ، وكذلك الشيخ بري كوتي مسليار الذي كتب المقالات العربية ونشرها في صحيفة أم القرى الصادرة من مكة المكرمة .

ومن أبرز أبناء كيرالا في هذه الأيام الشيخ محي الدين الآلوائي . وهو العالم الملباري الأكثر إنتاجاً في العربية ، وقد قام بدور الأديب والأستاذ والصحفي والإذاعي والمترجم في وقت واحد . وتركت بصماته واضحة جلية في كل المجالات . ومن مؤلفاته العربية : الأدب الهندي المعاصر ، وحاضر الإسلام والمسلمين ، ومنهاج الدعوة ، ومن خصائص الدعوة الإسلامية ، والإسلام وتطورات العالم ، وعناصر الخلود في الدعوة الإسلامية ، والإسلام وقضايا الإنسانية ، والنبوّة المحمدية ونقديات المستشرقين ، وأعلام الدعوة الإسلامية في شبه القارة الهندية ، ومنهاج المعلمين لتعليم العربية . وقد نالت هذه الأعمال تقدير العالم العربي وإعجابهم . وجامعة أزهر العلوم في آلواي تقوم ناطقةً بفضله ورمزاً لامعاً لشخصيته .

ويأتي في هذه القائمة اسم السيد عبد الرحمن الأزهري ( تنغل ) الذي تخرج من الأزهر بعد دراساته في جامعة ولور ودار العلوم ديوبند . ومن مؤلفاته : أبو نواس وحياته ، التصوف الإسلامي ، وتاريخ النحو وتطوره ، من نوابغ علماء مليبار ، ومن أعماله البارعة : العرب والعربية . والشيخ كيباتا بيران كوتي مسليار تلميذ الشيخ كي . أم . مولوي كاتب مشهور في العربية ، وقد كتب : الورقات ، وماذا وظيفة الفقهاء ، ورسالة   التنبيه ، والبراهين ، وكلها ذات طابع علمي رصين في لغة الضاد .

والشيخ أحمد كويا الشالياتي المتوفي عام 1954 صاحب مؤلفات كثيرة في العربية ، ذات التنوع الموضوعي والتعدد المعرفي ، ومنها : خير الأدلة في هدي استقبال القبلة ، وتحقيق المقال في مبحث الاستقبال ، والمقال الحاوي في رد الفتاوى والدعاوي ، وإتحاف الدليل في رد التجهيل ، والسير الحثيث لتخريج أربعين الحديث ، والبيان الموثوق ، وإفادة المستعيد بإعادة المستفيد ، أسماء المؤلفين في ديار مليبار ، والعوائد الدينية في تلخيص الفوائد المدنية ، والشرح اللطيف والبيان المنيف ، وكشف الصادر لنظم عوامل الشيخ عبد القاهر الجرجاني . وقد خدم مفتياً أيام ملوك النظامية بحيدرآباد . وكان متضلعاً كذلك من العلوم العقلية مثل الكيمياء والفلك . والمكتبة الأزهرية الموجودة في شاليام مزدانة بمؤلفاته . والشيخ علي عالي مسليار ( 1853 – 1952 ) أستاذ المـذكور وأحد أبرز المكافحين في ثورة الاستقلال ، كان في طليعة علماء العربية في هذه الفترة ، وهو بجانب صموده أمام الإنجليز كان متحمساً في التدريس والتأليف العربي ، ومن كتبه : حاشية تحفة الإخوان في علم البلاغة ، وشرح التحفة الوردية في النحو . وكان الشيخ والاكولام عبد الباري مسليار المتوفي عام 1965 أحد المساهمين في  هذه المرحلة . ومن مؤلفاته العربية : صحاح الشيخين ، وجمع الباري ، والمتفرد في الفقـه ، والصراط المستقيم ، والوسيلة العظمـى .

والشيخ تانور عبد الرحمن ( 1904 ) ، العالم البارز من ذوي النفوذ في المجالات الاجتماعية والروحية كان له قدرة تأليفية متميزة في العربية . ومن عطائه التأليفي : إسعاد العباد في ذكر الموت والمعاد ، وعوارف المعارف ، والإفاضة القدسية ، وأسرار المحققين في معرفة رب العالمين ، وشرح بسيط على كتاب الخفة المرسلة في علم الحقائق .

وفي هذا المضمار يجدر الإشارة إلى شخصية السيد إسماعيل شهاب الدين ( 1936 – 2012 ) الذي كان شديد الحرص على نشر العربية ، وبذل كل جهوده في مجال التدريس والتأليف . وعمله الرائع      ” على هامش التفاسير ” عمل قيم في التأليف العربي بكيرالا ، أكمله في سبع مجلدات بعد أن عكف على العمل تسع سنوات ، وهو المؤلف الأول بكيرالا ممن كتب تفسيراً في العربية . ومؤخراً تم إصداره من قبل وزارة الشؤون الدينية بقطر . وبجانب هذا التفسير كتب : المرقاة في عقيدة المسلم ، وأدب المسلم في منهج الإسلام ، وصفوة الكلام في عقيدة الإسلام ، والنبراس ، والمدارج .

والشيخ فوكوتور محمد الباقوي هو الآخر ممن له جهود طيبة في التأليف العربي . وقد أتحف المجتمع الإسلامي بالمؤلفات في مختلف المواضيع ويربو عددها على 71 مؤلفاً ما بين صغير وكبير . وأبرزها : زميل القارئ في حل ألفاظ البخاري ، والنسب والماهرة ، والأضحية والعقيقة ، وإعراب الإعراب ، مداح النبي ، وبلاغ السلام ، ونجوم  القـرآن ، وقواعد الخط ، ودرر الصرف ، ودراسة الألفاظ اللغوية . والشيخ عبد الرحمن مسليار المعرف بـ : كودامبوزا باوا مسليار ، المولود عام 1946 عالم مطبوع على العربية ، وكان ولا يزال يبذل جهوده الطيبة لإثراء المكتبة العربية بتأليفه ، ومن أهم أعماله : عقيدة المهام ، والأجساد العجيبة والأبدان الغريبة ، وبستان السبعة ، وإبراهيم بن أدهم – حياته وسيرته ، وينابيع الغنى ، ورزق الأصفياء ، وجنان الأدب ، وسفينة الصحراء .

والعلامة الراحل نلي كوت محمد على مسليار معروف بين علماء العربية بمساهماته الفريدة التي تهدف إلى إحياء التراث العلمي والثقافي . وكتابه القيم ” تحفة الأخيار في تاريخ علماء مليبار ” يحتوي على تراجم الأعلام البارزين في كيرالا البالغ عددهم 1800 أو يزيد . والعلامة الدكتور حمزة عبد الله المليباري شخصية متميزة بتحصيله العلمي وتحقيقه المعرفي وتأليفه العربي ، ليس فقط في كيرالا ، بل وأكثر من ذلك العالم العربي كله يعترف بفضله ودوره في تحرير وتنقيح علوم الحديث . وهو من مواليد كانور ، وحالياً يعمل مدرساً في كلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية بدبي ، وقد تخرج من جامعة الأزهر وأخذ الدكتوراه من جامعة أم القـرى ، وركـز دراساته وبحوثه في علوم الحديث . ومؤلفاته فيها صارت من المقررات الدراسية في جامعات الأردن وبغداد . ومن أبرز أعماله : ما هكذا تورد يا سعـد الإبل ، والموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، والحديث المعلول – قواعد وضوابط ، ونظرات جديدة في علوم الحديث ، وكيف يدرس علم تخريج الأحاديث ، وعبقـرية الإمام مسلم في ترتيب أحاديث الصحيح .

ومن العلماء الأجلاء الذين لهم سمعة وشهرة في العربية : الأستاذ الدكتور أحمد كوتي ، رئيس قسم العربية بجامعة كالكوت سابقاً ، والدكتور ويران محي الدين ، وعمله الرائع ” الشعر العربي في كيرالا ” مصدر هام للطلبة والباحثين في الموضوع ، والشيخ عبد الغفور القاسمي ساهم بكتابه : المسلمون في كيرالا ، في التأليف العربي . والدكتور تاج الدين المناني رئيس قسم العربية بجامعة كيرالا رجل نشيط في الكتابة والتأليف وأطروحته للدكتوراه تم إصدارها بعنوان : اللغة العربية في تامل نادو ” ، من العراق .

أما بالنسبة إلى الشعر العـربي فمساهمة علماء كيرالا فيه كثير مثير ، يكاد يضاهي دور الشعراء العرب في الصناعة والإتقان والوصف والخيال . والعقد الأخير يشهد تقدماً ملموساً في مجال ترجمة الطرائف الأدبية من العربية وإليها ، قام بها صفوة طيبة من الأساتذة والكتاب ، مما يمكننا المساهمة في التبادل الثقافي بين اللغتين والثقافتين .

وكل هذا يدل على أن لغة الضاد كانت ولا تزال تزهو وتزدهر في ماضيها وحاضرها في هذه الولاية الساحلية ، وسوف يكون لها شأن بأثرٍ أكثرَ في قادم الأيام بإذن الله تعالى .