العلامة الأديب الدكتور محمد تقي الدين الهلالي المراكشي : حياته وآثاره

الشيخ العلامة السيد حسين أحمد المدني رحمه الله : عالماً كبيراً وقائداً حكيماً
نوفمبر 10, 2020
الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي وموقفه من الإحسان والتزكية
نوفمبر 10, 2020
الشيخ العلامة السيد حسين أحمد المدني رحمه الله : عالماً كبيراً وقائداً حكيماً
نوفمبر 10, 2020
الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي وموقفه من الإحسان والتزكية
نوفمبر 10, 2020

رجال من التاريخ :

العلامة الأديب الدكتور محمد تقي الدين الهلالي المراكشي :

حياته وآثاره

بقلم : الأستاذ محمد مجاهد *

ملخص البحث :

يتناول هذا البحث ترجمةً مختصرةً للعلامة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي المراكشي ، واحد من الكتاب والأدباء المغربيين في القرن الرابع عشر الهجري ، الذين لهم إسهامات جليلة وأعمال قيمة في الدراسات العربية والإسلامية ، ونالوا مكانةً مرموقةً في الأوساط الأدبية والعلمية والثقافية ، وقاموا بخدمة الكتاب والسنة ، وساهموا في تنشيط الحركة الإسلامية وبث الوعي الإسلامي في أرجاء العالم ، وأحد أعلام المؤلفين في علومه ومعارفه في هذا القرن . فقد كان شاعراً وكاتباً ومترجماً وخطيباً ، وامتاز أدبه باطلاعه الواسع وثقافته الغزيرة إذ كان يتقن خمس لغات وهي العبرية ، والألمانية ، والإنجليزية ، والأسبانية ، بالإضافة إلى العربية ، وبالجملة كان الشيخ بحراً في علوم كثيرة ، يبدو ذلك واضحاً حال قراءة كتاباته . فلذلك استحق مني هذا العلم الشامخ بجدارة أن أتناول التعريف بسيرته الذاتية ، وأعماله الجليلة القيمة في هذا البحث .

يحتوي هذا المبحث على سبعة مطالب . وسأتناول تحت عناوينها التعريف بسيرة الشيخ تقي الدين الهلالي من أهم جوانبها الذاتية والعلمية باختصار .

المطلب الأول : اسمه ونسبه ونسبته :

اسمه : هو محمد التقي المعروف بـ محمد تقي الدين بن عبد القادر .

نسبه : يصل نسبه إلى الحسين بن علي وفاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

نسبته : نسبة إلى هلال وهو الجد الحادي عشر .

يقول الشيخ الهلالي نفسه بخصوص تسميته : ” إن والدي رأى في المنام قائلاً يقول له : سيولد لك غلام فسمه محمد التقي ، فكان      ذلك ” [1] .

ولكن أهل الهند سموني تقي الدين ، فاشتهر اسمي بمحمد تقي الدين ، وكنيتي أبو شكيب لأني سميت أول مولود لي شكيباً على اسم صديقي الأمير شكيب أرسلان رحمه الله ، وليس لي لقب ، واسم والدي عبد القادر الهلالي نسبة إلى هلال وهو الجد الحادي عشر ، ونسبتنا إلى الحسين بن علي ، ذكر ذلك غير واحد من المؤلفين في أنساب أهل البيت من المغاربة ، وأقر هذا النسب السلطان الحسن الأول حين قدم بلادنا سجلماسة سنة ( 1311هـ ) [2] .

المطلب الثاني : مولده :

ولد الشيخ سنة ( 1311هـ ) بقرية ” الفرخ ” ، وتسمى أيضاً         بـ ” الفيضة القديمة ” على بضعة أميال من الريصاني ، وهي من بوادي مدينة سجلماسة المعروفة اليوم بتافيلالت الواقعة جنوباً بالمملكة المغربية . وقد ترعرع في أسرة علم وفقه ، فقد كان والده وجده من فقهاء تلك البلاد [3] .

المطلب الثالث : نشأته ودراسته :

قرأ القرآن على والده ، وحفظه وهو ابن اثنتي عشرة سنة ثم جوده على الشيخ المقرئ أحمد بن صالح ، ثم لازم الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله التندغي الشنقيطي ، وكان من أفضل العلماء في الزهد والتقوى ومكارم الأخلاق ، فبدأ يحفظ مختصر خليل وقرأ عليه علوم اللغة العربية والفقه المالكي إلى أن أصبح الشيخ ينيبه عنه في غيابه .

يقول الشيخ الهلالي عن تلك الفترة : ” قرأت القرآن على والدي وجدي فحفظته وأنا ابن اثنتي عشرة سنة . وكان والدي ينوي أن يبعثني إلى مجود الوقت الشيخ أحمد بن الصالح لأقرأ عليه ختمة بالتجويد ، فعاجلته المنية ، فقامت بذلك أمي ، فقرأت على الشيخ المذكور القرآن من أوله إلى آخره بالتجويد ، فكنت أكتب كل يوم ربع جزء في لوح من حفظي ، وأدفعه إليه يصححه على حسب رسم المصحف العثماني ، ثم يقرؤه هو وأنا أسمع ، وبعد ذلك أقرؤه أنا وهو يسمع ، وإن أخطأت يصحح لي خطأي ” [4] .

ثم بقي الشيخ الهلالي فترةً بدون تعلم إلى أن سافر إلى الجزائر طلباً للرزق سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مأة وألف . فرأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام رؤياً كأنها يقظة ، وكان قد أخذ الطريقة التيجانية ، ولم يكن يخطر بباله طلب العلم ، بل كان يسعى للحصول على علم الباطن بالاجتهاد في العبادة على طريقة المتصوفة ، فلما رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام وكان طويلاً أبيض اللحية ، وذلك يدل على نقص في الرائي ، وضع يده في يده ، ويظن أنه قبلها ، وقال : يا سيدي ! يا رسول الله ! خذ بيدي إلى الله . فقال له وهو منقبض : اقرأ العلم . فقال : العلم الظاهر أم العلم الباطن ؟ فقال له : العلم الظاهر . فقال : في بلاد المسلمين أم في بلاد النصارى ؟ وكان علماء بلد الشيخ يكفرون كل من يسافر إلى الجزائر ، لأن الفرنسيين كانوا  يحكمونها ، فقال له : البلاد كلها لله . فقال : يا رسول الله ! ادع الله أن يختم له بالإيمان . فرفع إصبعه المسبحة إلى السماء ، وقال له : عند الله .

فقصد الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله الشنقيطي – رحمه   الله – وقص عليه رؤياه ، واستشاره في الرحلة في طلب العلم إلى أحد مراكزه في المغرب وتونس والجزائر . وكانت له مدرسة يعلم فيها الطلبة مبادئ العلم ويكسوهم ويطعمهم على طريقة العلماء في شنقيط . فمن تواضعه وكرمه وحلمه قال له : امكث عندنا حتى تحصل هذا الذي عندنا من مبادئ العلم ، وحينئذ تسافر إلى إحدى المدارس العليا .

رحلاته في طلب العلم :

قام الشيخ الهلالي برحلات شتى للبلدان المختلفة ليروي عطشه من العلوم ، هنا سأقوم بذكرها في السطور التالية :

رحلته إلى القاهرة :

سافر الشيخ الهلالي إلى القاهرة ليبحث عن سنة المصطفى         – صلى الله عليه وسلم – ، فالتقى ببعض المشايخ أمثال الشيخ           عبد الظاهر أبو السمح والشيخ رشيد رضا والشيخ محمد الرمالي  وغيرهم ، كما حضر دروس القسم العالي بالأزهر ، ومكث بمصر نحو سنة واحدة يدعو إلى عقيدة السلف ويحارب الشرك والإلحاد .

يقول الشيخ الهلالي : ” وحضرت دروس القسم العالي من الأزهر ، وقال لي أحد كبار أساتذة الأزهر ، وهو الشيخ الزنكلوني ، قال : لا تطلب علم الحديث في مصر ، فنحن معشر كبار علماء الأزهر لا أحد منا يحفظ عشرة أحاديث ، ولا نعرف صحيحاً من ضعيف ، وإنما نقرأ سواداً في بياض مقلدين للمؤلفين .

ورأيت كتاب ( عون المعبود شرح سنن أبي داود ) ألف وطبع في الهند ، فظهر لي أنه لا تزال بقية من علماء الحديث في الهند ، فعزمت على السفر إلى الهند ، وفي أثناء السنة التي أقمتها في مصر خرجت إلى الصعيد بقصد تحصيل شيئ من المساعدة المالية لأستعين بها على التوجه للحج ، وكان التيجانيون في الجزائر قد بعثوا إليّ بحوالة مالية ظناً منهم أنني لا أزال على عقيدتهم . فكتبت إليهم كتاباً مطولاً شكرتهم فيه على إحسانهم السابق واللاحق ، وأقمت لهم البراهين على أن الطريقة التيجانية لا يمكن أن تجتمع في قلب إنسان مع ما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – ، فغضبوا غضباً شديداً .

رحلته إلى الهند :

توجه إلى الهند لينال بغيته من علم الحديث ، فالتقى علماء أجلاء هناك فأفاد واستفاد ؛ ومن أجل العلماء الذين التقى بهم هناك المحدث العلامة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري صاحب ” تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ” وأخذ عنه من علم الحديث وأجازه ، وقد قرّظه بقصيدة يُهيب فيها بطلاب العلم إلى التمسك بالحديث والاستفادة من الشرح المذكور ، وقد طبعت تلك القصيدة في الجزء الرابع من الطبعة الهندية ؛ كما أقام عند الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليماني نزيل الهند آنذاك وقرأ عليه أطرافاً من الكتب الستة وأجازه أيضاً [5] .

رحلته إلى الزبير :

ومن الهند توجه إلى ” الزبير ” بالبصرة في العراق ، حيث التقى العالم الموريتاني السلفي المحقق الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، مؤسس مدرسة النجاة الأهلية بالزبير [6] ، وهو غير العلامة المفسر صاحب ” أضواء البيان ” فتزوج ابنته واستفاد من علمه ، ومكث بالعراق نحو ثلاث    سنين [7] .

من شيوخه رحمه الله :

إن الشيخ الهلالي تلمذ على عدد كبير من الشيوخ ، وفي السطور الآتية سأقوم بذكر بعض منهم .

  • الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله الشنقيطي
  • الشيخ عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري
  • الشيخ محمد العربي العلوي
  • الشيخ الفاطمي الشرادي
  • الشيخ أحمد سكيرج
  • الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليماني
  • الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ( غير صاحب ” أضواء البيان ” )
  • الشيخ رشيد رضا
  • الشيخ محمد بن إبراهيم
  • بعض علماء القرويين
  • بعض علماء الأزهر [8]

الرجال الأكثر تأثيراً في حياته :

خلال أسفاره إلى مختلف البلدان استفاد الشيخ الهلالي من كثير من العلماء الأجلة بذلك الوقت إلا أن بعضاً منهم أثروا تأثيراً كبيراً في بناء شخصيته وتزويده بالعلوم والمعارف ، وقد ذكر أولئك الذين على أيديهم صحّح مسيرته في طلب العلم الحق :

” إن أولهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، إن صحت   الرؤيا ، وأظنها إن شاء الله صحيحةً . والثاني محمد سيدي بن حبيب الله التندغي الشنقيطي . والثالث محمد بن العربي العلوي المدغري المغربي . والرابع الشيخ الفاطمي الشراوي . والخامس السيد محمد رشيد رضا . والسادس الشيخ عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري مؤلف ( تحفة الأحوذي ) ” [9] .

أحب العلوم إليه :

يذكر الشيخ ما يؤثره من علومه فيقول : ” أحبها إليّ علوم الحديث وعلوم القرآن لأني أحب اتباع الكتاب والسنة ، وأكره مخالفتهما ، ثم علم النحو وسائر علوم الأدب ، ثم علم اللغات ، ولا أعرف علة ذلك .

ولعل مرد هذا فيما نرى إلى صلة هذه العلوم بالنفس الإنسانية . فالنحو والأدب واللغات صور متعددة لأصول واحدة ، فبالنحو نعرف أسرار العلائق بين الألفاظ في التركيب ، وبين التركيب والمضمون النفسي ، وليس الأدب وعلم اللغات عن ذلك ببعيد ، لأن الباحث لا يستطيع رصد التطورات الطوارئ عليهما إلا من خلال الواقع النفسي لصائغي هذا التراث أفراداً وشعوباً .

أما الصلة بين هذه الفنون وعلمي القرآن والحديث ، فعلى غاية من التواثق ، إذ لا سبيل لأحد إلى تذوق النظم القرآني ، واستشراف دقائق الوحي في الكتاب والسنة إذا لم يكن على زاد وفير من الإدراك والتذوق لهذه الفنون ” [10] .

واجب العلماء نحو الجيل :

وعن مسئولية أهل العلم تجاه هذا الجيل يقول الشيخ الهلالي :

” إذا وجد جماعة من العلماء المخلصين المستعدين لحمل ما عسى أن يصيبهم من الأذى كالضرب والسجن والنفي زيادةً على السب والشتم وعداوة الناس – وقد لا يصيبهم شيئ من ذلك – فإنهم يستطيعون أن يجذبوا كثيراً من الناس إلى الإسلام الصحيح ، ولا تستطيع الدعوات المعادية للإسلام أن تقف في طريقهم ، ولا أن تعوق تقدمهم إلى بلوغ غايتهم المنشودة ” [11] .

المطلب الرابع : اشتغاله بالتدريس :

قام الشيخ الهلالي بالتدريس في بلدان شتى كما سافر إلى السعودية مروراً بمصر حيث أعطاه السيد محمد رشيد رضا توصيةً وتعريفاً إلى الملك عبدالعزيز آل سعود قال فيها : ” إن محمداً تقي الدين الهلالي المغربي أفضل من جاءكم من علماء الآفاق ، فأرجو أن تستفيدوا من علمه ” [12] ، فبقي في ضيافة الملك عبد العزيز بضعة أشهر إلى أن عين مراقباً للتدريس في المسجد النبوي ، وبقي بالمدينة سنتين ثم نقل إلى المسجد الحرام والمعهد العلمي السعودي بمكة وأقام بها سنةً واحدةً .

وبعدها جاءته رسائل من إندونيسيا ومن الهند تطلبه للتدريس بمدارسها ، فرجح قبول دعوة الشيخ سليمان الندوي رجاء أن يحصل على دراسة جامعية في الهند ، وصار رئيس أساتذة الأدب العربي في جامعة ندوة العلماء في مدينة لكناؤ بالهند حيث بقي أربع سنوات تعلم فيها اللغة الإنجليزية ولم تتيسر له الدراسة الجامعية بها . وأصدر باقتراح من الشيخ سليمان الندوي وبمساعدة تلميذه الطالب مسعود عالم الندوي مجلة         ” الضياء ” . ثم عاد إلى الزبير بالبصرة وأقام بها ثلاث سنين معلماً بمدرسة ” النجاة الأهلية ” .

وبعد ذلك سافر إلى جنيف بسويسرا وأقام عند صديقه أمير  البيان ، شكيب أرسلان ، وكان يريد الدراسة في إحدى جامعات بريطانيا فلم يتيسر له ذلك ، فكتب الأمير شكيب رسالةً إلى أحد أصدقائه بوزارة الخارجية الألمانية يقول فيها : ” عندي شاب مغربي أديب ما دخل ألمانيا مثله ، وهو يريد أن يدرس في إحدى الجامعـات ، فعسى أن تجدوا له مكاناً لتدريس الأدب العربي براتب يستعين به على        الدراسة ” [13] ، وسرعان ما جاء الجواب بالقبول ، فسافر الشيخ الهلالي إلى ألمانيا وعين محاضراً في جامعة ” بون ” وشرع يتعلم اللغة الألمانية ، حيث حصل على دبلومها بعد عام ، ثم صار طالباً بالجامعة مع كونه محاضراً فيها ، وفي تلك الفترة ترجم الكثير من الألمانية وإليها ، وبعد ثلاث سنوات في بون انتقل إلى جامعة ” برلين ” طالباً ومحاضراً ومشرفاً على الإذاعة العربية .

وفي سنة ( 1940م ) قدم رسالة الدكتوراه ، حيث فنّـد فيها مزاعم المستشرقين أمثال : مارتن هارثمن ، وكارل بروكلمان ، وكان موضوع رسالة الدكتوراه ” ترجمة مقدمة كتاب الجماهر من الجواهر مع تعليقات عليها ” ، وكان مجلس الامتحان والمناقشة من عشرة من    العلماء ، وقد وافقوا بالإجماع على منحه شهادة الدكتوراه في الأدب العربي .

وفي سنة ( 1947م ) سافر إلى العراق وقام بالتدريس في كلية       ” الملكة عالية ” ببغداد إلى أن قام الانقلاب العسكري في العراق فغادرها إلى المغرب سنة ( 1959م ) . وشرع أثناء إقامته بالمغرب – موطنه الأصلي – في الدعوة إلى توحيد الله ونبذ الشرك واتباع نهج خير القرون .

وفي هذه السنة ( 1959م ) عين مدرساً بجامعة محمد الخامس بالرباط ثم بفرعها بفاس ، وفي سنة ( 1968م ) تلقى دعوة من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة آنذاك للعمل أستاذاً بالجامعة منتدباً من المغرب فقبل الشيخ الهلالي وبقي يعمل بها إلى سنة ( 1974م ) حيث ترك الجامعة وعاد إلى مدينة مكناس بالمغرب للتفرغ للدعوة إلى الله ، فصار يلقي الدروس بالمساجد ويجول أنحاء المغرب ينشر دعوة السلف الصالح . وكان من المواظبين على الكتابة في مجلة ” الفتح ” لمحب الدين الخطيب ، ومجلة ” المنار ” لمحمد رشيد رضا رحمهم الله جميعاً .

المطلب الخامس : ثناء العلماء على الشيخ الهلالي :

إن شخصية الشيخ تقي الدين الهلالي شخصية عبقرية فذة ، ونال مكانةً مرموقةً في الأوساط العلمية والثقافية ، واعترف العلماء والفضلاء بعبقريته في العلوم والفنون من النثر والشعر والنحو والصرف واللغة وغير ذلك ، وثناء العلماء عليه دليل على عبقريته وشخصيته ، وفي السطور التالية سآتي بأقوال العلماء والفضلاء في الثناء عليه كي تتضح لنا شخصية الشيخ الهلالي ، فأقوال العلماء كما يلي :

قال الشيخ ابن باز ، رحمه الله ، في مفكرته ( تحفة الإخوان ) ، الذي سجله بعد ما بلغه خبر وفاة الشيخ الهلالي ، كتب :

” تُوفي الشيخ العلامة الدكتور محمد تقي الدين بن عبدالقادر الهلالي الحسني ، في الدار البيضاء بالمغرب ، في يوم الثلاثاء الموافق 27 شوال ، عام 1407هـ فرحمه الله رحمةً واسعةً وضاعف له الحسنات .

وكان مولده في محرم من عام 1311هـ أخبرني بذلك رحمه الله ، مشافهةً في المدينة ، وبذلك يكون قد عاش ، ( 97 ) سبعة وتسعين    عاماً ، إلا شهرين وأياماً ” [14] .

قال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله :

” في الحقيقة لم ألتق مع رجل يحوي علماً جمّاً في فنون عديدة مثل الدكتور الهلالي ، وقد مضت علي الآن خمس وأربعون سنة لم أر مثله ” .

” وكان يعرف من اللغات : العبرية ، والألمانية ، والإنجليزية ، والأسبانية ، بجانب العربية بحيث لو كان في زمن الأصمعي لسلّم له بأنه إمام في العربية ” .

” ثم عاش في العراق مدة بعد خروجه من المدينة ، وتزوج هناك ، وكان شاعراً يمتاز بميزات نادرة ” .

” . . . وهو شيخي استفدت منه كثيراً ، وكان سلفي العقيدة ؛ لو قرأت كتابه في التوحيد لعلمت أنه لا يعرف التوحيد الذي في القرآن   مثله ” [15] .

يقول الحاج أحمد هارون التطواني وهو من تلاميذ الشيخ :

” لم يكن شيخنا ليضيع وقتاً مهماً كان ، يقرأ ويكتب الأشعار وهو في السيارة ، يقضي يومه من الصباح إلى المساء في علم وتعليم وذكر وتأليف ” .

” يتميز أستاذنا باتصاله بالشعب ، فأي شخص صغير أو كبير يستطيع أن يوقفه في الشارع ويتحدث معه ، كما كان بيته مفتوحاً  دائماً ، فتجد الأفواج تأتي إلى منزله وهو لا يمل من الترحاب والإكرام  ، وكان يقوم بنفسه قبيل صلاة الصبح يسخن لنا الماء لنتوضأ به ” [16] .

قال الشيخ مشهور آل سلمان :

” لم أسمع ولم أر مثله إلا شيخنا ( يعني الشيخ الألباني رحمه    الله ) ، وبينه وبين شيخنا الإمام الألباني مشابهات كثيرة جداً ، وكان عالماً بالتوقيت وحريصاً على التوقيت وكتب كتاباً في أصول التوقيت وبيان أن أوقات الصلوات خطأ ، وكان شيخنا يمدحه في هذا الباب ، والتقى به ومدحه ” [17] .

قال الشيخ سليم بن عيد الهلالي :

” يعد العلامة تقي الدين الهلالي بحق مجدد التوحيد في هذا  القرن ” [18] .

قال الشيخ علي بن حسن الحلبي :

” . . . وإن النهضة السلفية التي وجدت في بلاد المغرب لم تكن لتكون موجودة إلا بتوفيق الله تعالى للشيخ الهلالي وامتداد مدرسته في تلاميذه . . ” [19] .

المطلب السادس : وفاته :

” في يوم الاثنين 25شوال ( 1407هـ ) الموافق لـ 22يونيو ( 1987م ) أصيبت الأمة الإسلامية بفاجعة ومصيبة يصعب على القلم وصفها ، وهي مصيبة وفاة الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته ، وذلك بمنزله في مدينة الدار البيضاء بالمغرب . وقد شيع جنازته جمع غفير من الناس يتقدمهم علماء ومثقفون وسياسيون ” [20] .

المطلب السابع : مؤلفاته ومقالاته :

وقد قام الشيخ الهلالي بالتأليفات والمقالات ، التي تتناول موضوعات متنوعة كثيرة نذكر منها عدداً لا بأس به ، وهي كما    يأتي :

 

المؤلفات المقالات
1.       سبيل الرشاد في هدى خير العباد

2.       الهدية الهادية إلى الطا ئفة التيجانية

3.       كتاب الدعوة إلى الله فى أقطار مختلفة

4.       تقويم اللسانين

5.       البراهين الإنجيلية على أن عيسى عليه السلام داخل في العبودية ولا حظ له فى الألوهية

6.       منحة الكبير المتعالي في شعر وأخبار تقي الدين الهلالي

7.       السراج المنير

8.       مختصر هدى الخيل فى العقائد وعبادة الجليل

9.       الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق

10.    الثقافة التى نحتاج إليها

11.    أحكام الخلع في الإسلام

12.    الإسلام يكافح الاستعمار

13.    كيف يربي يهود الولايات المتحدة أولادهم

14.    حكم تارك الصلاة ، الهلالي

15.    دليل الحاج الحنيف

16.    مصر للمصريين ولو كان بيد البريطانيين . . . . . . .

17.    قصة الفتاة المغربية ” نزهة كويز ” مع الشيخ الهلالي

18. هل توجد فرقة تسمى نفسها وهابية

19. ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية

1.       التقدم والرجعية

2.       الدين والسنن الكونية

3.       ما وقع في القرآن بغير لغة العرب

4.       ما بال الفرنسيين في المغرب

5.       منقبة للملك فيصل – رحمه الله –

6.       حديث مع زائر كريم

7.       الأدب الأ ندلسي

8.       أيها العرب ! لا تتخذوا الفرقة وسيلة إلى الوحدة

9.       قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة

10.    الفكر الصوفي

11.    أخلاق الشباب المسلم

12.    الإسلام والمذاهب الاشتراكية

13.    حكم مصافحة المرأة المسلمة

14.    التعصب للجنس أو الدين

15.    هل من الصواب منع المرأة من الجلباب

16.    هل اختصت الإمامية بفتح باب الاجتهاد

17.    مقام القاضي عياض في محبة النبي واتباع ماجاء به

 

* جامعة جواهر لال نهرو ، نيو دلهي ، الهند .

[1]علماء ومفكرون عرفتهم ، لمحمد المجذوب ، ص : 193 .

[2] نفس المصدر ، ص : 193 .

[3] محمد علي الطاهر ، خمسون عاماً في القضايا العربية ، ص : 961 .

[4] علماء ومفكرون عرفتهم ، لمحمد المجذوب ، ص : 194 .

[5] وذلك في عام 1932م يوم كان الشيخ الهلالي أستاذ الأدب العربي في جامعة ندوة العلماء واستمر فيها نحو أربع سنوات وأسهم خلال ذلك في إصدار مجلة ” الضياء ” باللغة العربية كترجمان لهذه الجامعة العظيمة التي قد أنشأها العلامة السيد محمد علي المونغيري –      – رحمه  الله تعالى ، وقد درس عليه الأدب العربي كبار علماء الجامعة ، منهم الأستاذ مسعود عالم الندوي وسماحة أستاذنا العلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي ، والأستاذ محمد ناظم الندوي وغيرهم من الأساتذة والشيوخ ، وقد تعلم العلامة الهلالي خلال هذه المدة اللغة الإنجليزية فأفاد واستفاد عن إقامته في جامعة ندوة العلماء في شتى المجالات العلمية والأدبية .

[6] كانت إقامتي في هذه المدرسة يوم سافرت إلى بغداد ، وعرجت على قرية الزبير بواسطة أخينا الكبير الأستاذ عبد الله العقيل الذي كان من أصل هذه القرية ، وكان قد استفاد من سماحة شيخنا العلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي في القاهرة في عام   1951م ، فكان سماحته قد أوصاني بلقائه في قرية الزبير بالبصرة في طريقي إلى بغداد في أوائل شهر يناير 1958م للاستفادة العلمية والأدبية من شيخنا الدكتور محمد تقي الدين الهلالي ، الذي كان يوم ذاك أستاذاً بجامعة بغداد ، العراق ، فمكثت عنده نحو عشرة أشهر ونصف ، أستفيد منه ما استطعت في مجال العلم والأدب والعربية . ( سعيد الأعظمي 16/ 2/ 1442هـ ) .

[7] www.alhilali.net

[8] www.alhilali.net

[9] علماء ومفكرون عرفتهم ، لمحمد المجذوب ، ص : 201 .

[10] علماء ومفكرون عرفتهم ، لمحمد المجذوب ، ص : 201 .

[11] علماء ومفكرون عرفتهم ، لمحمد المجذوب ، ص : 227 .

[12] علماء ومفكرون عرفتهم ، لمحمد المجذوب ، ص : 197 .

[13] علماء ومفكرون عرفتهم ، لمحمد المجذوب ، ص : 198 .

[14] تحفة الإخوان بتراجم بعض الأعيان ، عبد العزيز بن عبدالله بن باز ، ص : 70 .

[15] www.alhilali.net

[16] www.alhilali.net

[17] نفس المصدر .

[18] نفس المصدر .

[19] نفس المصدر .

[20] www.alhilali.net