الأمير عبد الكريم الخطابي بطل حرب الريف المغربي ضد المحتلين
سبتمبر 4, 2021الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا : رائد من رواد الأدب الإسلامي
نوفمبر 3, 2021رجال من التاريخ :
الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني
بقلم : سماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي
تعريب : محمد فرمان الندوي
كان الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني شخصيةً بارزةً بين أفاضل العلماء في البلدان العربية ، فكان يقوم بإنجازات علمية نافعة بتبحره العلمي ، وكان مجال أعماله إعادة الثقة بالاسلام في الشباب جراء الاستعمار والاستشراق الغربي ، الذي أثر في أذهان النشء الجديد أيما تأثير ، فكانت الحاجة ماسة إلى أمثال هذه الشخصيات العلمية ، وكان الشيخ عبد الرحمن نجل الشيخ حسن حبنكة الميداني من أبرز علماء عصره ، وكان أهل سوريا يجلونه ويوقرونه ، فأفادهم بعلومه وتقواه ، وقد ورث علومه وخصائصه الدينية نجله الأكبر الشيخ عبد الرحمن ، وُلد الشيخ عبد الرحمن عام 1345هـ المصادف 1927م ، وانتقل إلى رحمة الله تعالى 27/ جمادى الثانية عام 1425هـ المصادف 11/ أغسطس 2004م ، يوم الأربعاء ، ودُفن في مقبرة الجورة بحي الميدان ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
درس الشيخ عبد الرحمن في معهد التوجيه الإسلامي ، الذي أنشأه والده ، وقد درس في هذا المعهد كثير من علماء سوريا أمثال الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي ، والشيخ مصطفى محمد الخن ، والشيخ مصطفى البغا ، ثم غادر إلى الأزهر الشريف ، وأتم فيه دراسته ، واستفاد من كبار علماء الأزهر ، ثم عمل في سوريا كمدرس للعلوم الإسلامية ، كما ظل أستاذاً في المملكة العربية السعودية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض ، ثم في جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، فكانت مساهماته في تربية النشء الجديد كبيراً ، وتجلى اتجاهه العلمي والاستدلالي في مؤلفاته ، الذي أثنى عليه العلماء ، فإنه جمع في مؤلفاته مواد علمية غزيرة ، ومن مؤلفاته : غزو في الصميم ، مكايد يهودية في علم التاريخ ، أجنحة المكر الثلاثة ( التبشير والاستشراق ) العقيدة الإسلامية وأسسها ، وقواعد التدبر الأمثل لكتاب الله تعالى ، والكيد الأحمر ، وضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة ، ومبادئ في الأدب والدعوة ، والبلاغة العربية : أسسها وعلومها وفنونها وصور من تطبيقاتها ، وبصائر للمسلم المعاصر ، والصيام ورمضان في السنة والقرآن ، وابتلاء الإرادة بالإيمان والإسلام والعبادة ، صفات عباد الرحمن في القرآن ، وله ديوانان : ترنيمات إسلامية ، وآمنت بالله .
وكانت مؤلفاته تتميز بالغزارة والعمق والشمول ، وإنه قد جمع في كتاباته بين القديم والحديث وبين التخصص الشرعي الدقيق والعلوم الدنيوية العصرية ، وقد اهتم بالمجالين الفكري والديني ، وقد كتب عن الصهاينة ودسائسهم ومؤامراتهم ، وأفرد كتباً مستقلةً حول الموضوع : وهي صراع مع الملاحدة ، وكواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة ، ظاهرة النفاق وخبائث المنافقين في التاريخ .
كانت صلة خالي العظيم سماحة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي بوالد الشيخ عبد الرحمن الشيخ حسن حبنكة الميداني ، فإنه زار الشيخ أبا الحسن الندوي لدى إقامته في أحد فنادق دمشق ، ثم ذهب بالشيخ إلى منزله ، واطلع الشيخ الندوي على جهوده التعليمية والتربوية وخاصةً نشاطات معهد التوجيه الإسلامي ، ثم توطدت هذه الصلة بحيث بعث الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي أحد مدرسي دار العلوم لندوة العلماء إليه ، وهو الأستاذ القاضي محمد فاروق البهتكلي الندوي الذي أقام سنوات في دمشق ، واستفاد منه كثيراً ، وقد زار الشيخ حسن حبنكة الميداني ندوة العلماء في مهرجانها التعليمي الذي عُقد بمناسبة مرور 85 عاماً على تأسيس ندوة العلماء في 1975م ، وكان ممثلاً في هذا المهرجان عن علماء سوريا ، وقويت هذه العلاقة بنجله الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني ، وظل الشيخ عبد الرحمن مرتبطاً بالشيخ أبي الحسن الندوي ، ولا يزال يأتي لزيارته خلال إقامته في المملكة السعوية حينما يسمع عن الشيخ أبي الحسن الندوي أنه حضر المملكة بأي مناسبة من المناسبات ، ويقدم إليه مؤلفاته العلمية ، ويبدي حبه وتقديره لندوة العلماء ، ومجلاتها وصحفها العربية ، وأحياناً أرسل اشتراكاتها ، وقد ازداد حبه لندوة العلماء ورجلها العظيم الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي ، إلى تلامذته ، فكان يحبني ويكرمني كثيراً ، وكان يزور منزل الشيخ عبد الله عباس الندوي في مكة المكرمة ، فتصل إلينا مؤلفاته ودراساته ، وقد حضر الشيخ عبد الرحمن الندوة الدولية الكبرى لرابطة الأدب الإسلامي وهي أول ندوة للرابطة ، التي حضرها مندوبو البلدان العربية بعدد لا بأس به ، وقدم حول الأدب الاسلامي مقالاً قيماً ، طبع في صورة كتيب من بعد ، وكان كثير اللقاء والزيارة بالشيخ أبي الحسن علي الندوي وندوة العلماء حتى يخيل إليه أنه عضو من أعضاء أسرة الشيخ أبي الحسن الندوي ، فكانت حادثة وفاته حادثة ندوة العلماء رحمه الله رحمةً واسعةً .
كان الشيخ عبد الرحمن من سكان ” الميدان ” ، وهو حي من أحياء دمشق ، يسكنه العلماء والصلحاء، وظل هذا الحي موضع احترام وتبجيل مثل فرنغي محل في لكناؤ أو مثل الأعظمية في بغداد ، حيث كان الانتماء إليهما شرفاً كبيراً ، وكان الشيخ عبد الرحمن على طراز العلماء القدماء ، يتجلى من شخصيته سلوك الصلحاء وشغفهم العلمي وهيبتهم الدينية واتباعهم في الفكر والعقيدة ، وكل من زاره يشعر بأنه زار شخصيةً نموذجيةً من السلف الصالح ومن مشى على دربهم من أفاضل العلماء ، فإنه كان خير خلف لوالده العظيم ، كان الشيخ عبد الرحمن عضواً في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي ، فكانت وفاته خسارةً كبيرةً للأوساط العلمية والدينية .
تقبل الله جهوده ومآثره العلمية النافعة ، وجزاه أضعافاً مضاعفةً من الأجور والحسنات على أعماله .