الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا : رائد من رواد الأدب الإسلامي

الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني
أكتوبر 12, 2021
عبد العزيز جاويش الشيخ الذي رفض منصب شيخ الإسلام
نوفمبر 3, 2021
الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني
أكتوبر 12, 2021
عبد العزيز جاويش الشيخ الذي رفض منصب شيخ الإسلام
نوفمبر 3, 2021

رجال من التاريخ :

الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا :

رائد من رواد الأدب الإسلامي

بقلم : سماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي

تعريب : محمد فرمان الندوي

كان الشيخ عبد الرحمن رأفت الباشا من أبرز أدباء العالم العربي ومفكريهم ، وكان ينتمي إلى بلاد سوريا ، فوُلد في مدينة أريحا من ضواحي مدينة حلب عام 1338هـ المصادف 1920م ، وكان والده قد انتقل إلى رحمة الله تعالى ، فرباه جده العظيم الذي كان حافظاً للقرآن الكريم ، وعالماً كبيراً بالشريعة الإسلامية ، وقد حفظ الجامع الصحيح للإمام البخاري رحمه الله ، وكثيراً ما يذكر الدكتور عبد الرحمن أن جده هو الذي غرس عظمة الإسلام في ذهنه ، وحبَّب إليه القرآن والسنة .

تلقى الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا دراسته في حلب ، ثم انتقل إلى مصر ، حيث واصل دراسته في كلية أصول الدين ، ونال شهادة الليسانس والماجستير والدكتوراه في القاهرة ، اشتغل مدرساً في سوريا ، ثم مفتشاً كبيراً ، ثم أستاذاً في كلية الآداب في جامعة دمشق ، ومن هنا انتقل إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، فكان فيها عميد كلية اللغة العربية والأدب العربي ، ومن خلال هذه الوظائف العلمية أنجب عدداً محترماً من التلامذة والدارسين .

كانت علاقة الدكتور عبد الرحمن بالإمام أبي الحسن علي الندوي قويةً ، فإنه لبَّى أول من لبى دعوة الأدب الإسلامي في العالم العربي ، واتخذ هذا الموضوع شغله الشاغل ، فألف تحقيقاً لهذا الغرض سلسلةً من المؤلفات للنشء الجديد نحو : صور من حياة الصحابة ، وصور من حياة التابعين ، كما كلف تلامذته الدارسين والباحثين تحت إشرافه على إعداد سلسلة شعر الدعوة الإسلامية في ستة مجلدات : (1) شعر الدعوة الإسلامية في عصر النبوة والخلفاء الراشدين : إعداد عبد الله حامد الحامد ، (2) شعر الدعوة الإسلامية في العصر الأموي ، إعداد عبد العزيز محمد الزير ومحمد بن عبد الله الأطرم ، (3) شعر الدعوة الإسلامية في العصر العباسي الأول : إعداد عبد الله عبد الرحمن الجعثين ، (4) شعر الدعوة الإسلامية في العصر العباسي الثاني : إعداد عائض بنية الرادادي ، (5) القصص الإسلامية في عهد النبوة والخلفاء الراشدين       ( المجلد الأول ) ، (6) القصص الإسلامية في عهد النبوة والخلفاء الراشدين ( المجلد الثاني ) ، وسميت هذه الأسفار بموسوعة الأدب الإسلامي .

وكان الدكتور عبد الرحمن الباشا يود أن تعقد ندوة أدبية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، لكن حلمه هذا لم يتحقق ، فعُقدت هذه الندوة الأدبية في رحاب ندوة العلماء لكناؤ ، على أوسع نطاق ، عام 1981م ، حضرها عدد وجيه من أدباء العالم العربي وأصحاب التخصصات الأدبية والدكاترة الجامعيين ، وقد انتهت الندوة بموافقة قرارات وتوصيات كانت سبباً لإنشاء جمعية أدبية باسم رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، بعد خمس سنوات من الندوة الأدبية عام   1986م ، فكان مكتبها الرئيس في ندوة العلماء ، وعُين رئيسها الأول الإمام السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي ، ونائب رئيسها الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا .

رغم هذه الإنجازات الأدبية والعلمية كان الشيخ عبد الرحمن رافت الباشا رجلاً متواضعاً ، دمث الأخلاق ، رحب الصدر ، وقف حياته كلها في سبيل الأدب الاسلامي ، ولما وُجهت إليه دعوة للحضور في ندوة الأدب الإسلامي ، فلم يكتف بقبول هذه الدعوة فحسب ، بل اعتبر المشاركة في إجراءات هذه الندوة شرفاً ومفخرةً له ، وأدار بعض جلساتها ، فكان هو مضيفاً بدل أن يكون ضيفاً ، وشارك في تنسيق أعمال الندوة التي كانت من واجباتنا ومسئولياتنا ، وسّع الشيخ عبد الرحمن رأفت الباشا نطاق رابطة الأدب الإسلامي إلى دول العالم العربي ، وقارات أوربا وأمريكا وإفريقيا ، فانتخب مسئولاً خاصاً عن نشاطاتها .

ومن مؤلفاته التي ألفها بقلمه : صور من حياة الصحابة ، صور من حياة الصحابيات ، صور من حياة التابعين ، نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد ، فن الدراسة ، فن الامتحانات بين الطالب والمتعلم ، حدث في رمضان ، الدين القيم ، العدوان على العربية عدوان على الإسلام ، الصيد عند العرب ، و علي بن الجهم : حياته وشعره ، وغير ذلك .

توفي رحمه الله يوم الجمعة 1406هـ الموافق 1986م في مدينة إسطبنول بتركيا ، وفور ما وصل نبأ وفاته إلى ندوة العلماء عُقدت حفلة تأبينية في جامعة ندوة العلماء ، تحدث فيها سماحة العلامة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي فقال : ” إن الفقيد كان في طليعة الملبين للدعوة التي وجهت إليه حول بعث الأدب الإسلامي من جديد ، وإبراز ملامحه من خلال النصوص والكتابات الإسلامية التي لا تزال طريةً في غضون الكتب والمؤلفات ، وحينما اطلع على عقد مؤتمر الأدب الإسلامي ، في ندوة العلماء لهذا الغرض ، حضره وأسهم فيه بفعالية زائدة ، نتيجةً لهذا المؤتمر قامت رابطة الأدب الإسلامي على صعيد عالمي ، فكان رئيس قسمها الخاص بالبلدان العربية ، وأوربا وأمريكا وإفريقيا ، وكان قد سافر إلى إستانبول في تركيا لقضاء جزء من إجازته الصيفية ، وهناك استأثرت به رحمة الله تعالى ، لقد كان الفقيد من كبار الأدباء الذين قاموا بخدمات جليلة للدين عن طرق الأدب ، وركزوا مجهوداتهم الأدبية على إبراز الأدب الإسلامي وإثرائه بثرواتهم الأدبية والبيانية ، إنه قاد حركة الأدب الإسلامي ، وجعله هدفاً غالياً لحياته ، فاستطاع أن يقدم إلى الجيل الإسلامي الحاضر صوراً رائعةً للأدب الإسلامي من خلال مؤلفاته وموسوعته الأدبية ، وأشاد سماحته في الأخير بمكانته الأدبية العالية ، وقال : إن عبد الرحمن رأفت الباشا كان أستاذاً كبيراً للأدب الإسلامي ، ومن كبار الكتاب الإسلاميين ، إنه جعل أدبه ذريعةً لخدمة الإسلام ، فصبغه بصبغة إسلامية ممتازة ، لذلك فإن الفقيد قد خلّف في حياته نموذجاً لكل من يشتغل بالعمل الأدبي طلاباً وأساتذةً ، وذلك دليل على علو مكانته ونيل عمله قبولاً من عند الله تعالى ” .

رحمه الله وأعلى درجاته في الشهداء والصالحين .