الرسول الخاتِم هو محمد أبو القاسم صلى الله عليه وسلم

من التفاوت والتمييز إلى العدل والمساواة
نوفمبر 3, 2021
منهج المسلم في التعامل مع الابتلاءات والأوبئة
نوفمبر 3, 2021
من التفاوت والتمييز إلى العدل والمساواة
نوفمبر 3, 2021
منهج المسلم في التعامل مع الابتلاءات والأوبئة
نوفمبر 3, 2021

الدعوة الإسلامية :

الرسول الخاتِم هو محمد أبو القاسم صلى الله عليه وسلم

بقلم : الأستاذ فخر الإسلام المدني *

فوائد علمية ثلاثية : في قوله تعالى : مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ( الأحزاب : 40 ) .

الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فقد قمنا بتوفيق الله سبحانه وتعالى بالتأمل في الآية ، وما فيها من الفوائد البديعة ، وهذه أول آية كاملة ، أردنا أن نجمع فوائدها على هيئة الثلاثيات حتى يكون أقرب إلى الحفظ  وأسهل  إلى الجمع ، وأنسب إلى المنهج الذي قد اخترناه في المقالات السابقة [1] ، وقد وصلنا إلى أكثر من ثلاثين فائدةً ، تتضمَّن جُلَّها الآية ، نظراً إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ” أنه يخرج في الأمة ثلاثون كذابون يدَّعون النبوة وأنه لا نبيَّ بعدي ” . فهذه ثلاثون قنبلة نطرد بها أولئك الثلاثين الكذابين ، وهذه الثلاثيات ، منها :

ما هي لفظية ، يتعلق بتكرار اللفظ وتعدده ، ونقصد باللفظ تعدُّد الكلمة في الجُمَل ، أو تعدُّد الجمل في الآية أو تعدد الآيات في  السُّور ، ومنها : ما هي معنوية تتعلق بتعدُّد المعنى .

وإليك الفوائد :

(1) ورد في الآية ذكرُ الله سبحانه وتعالى ثلاث مرات : مرتين باسم الجلالة ، ومرة بوصفه (1) وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (2) وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ   (3) عَلِيماً .

(2) ورد ذكرُ الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات : مرَّةً باسمه :   (1) مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ، ومرَّتين بوصفه : (2) وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ ، (3) وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ .

(3) أحكام ثلاثة : في سياق الآية أحكام ثلاثة حول قضايا تتعلق بذات الرسول صلى الله عليه وسلم ، وردتْ في ثلاث جمل سلبية ، بأسلوب واحد : (1) بينه وبين المؤمنين ، وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً ( الأحزاب : 36 ) ، (2) بينه وبين الله تعالى : مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ ( الأحزاب : 38 ) ، (3) بينه وبين ربه والمؤمنين : مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ ( الأحزاب : 40 ) .

(4) إقناعات ثلاثة : فالآية الأولى إقناع لسيدتنا زينب رضي الله عنها ، والآية الثانية : إقناع للرسول صلى الله عليه وسلم ، والآية الثالثة إقناع لعامة الناس .

(5) جُمَل ثلاثة : في الآية ثلاث جُمَل حول وصف الرسول صلى الله عليه وسلم اثنتان منها سلبية ، وإحداها إيجابية (1) ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ، (2) كان رسول الله ، (3) كان خاتم النبيين .

(6) أزمنة ثلاثة : الحُكْم الأول : ” ما كان محمد أبا أحد ” يتعلق  بالماضي ، الحكم الثاني : ” ولكن رسول الله ” يتعلق بالحال ، والثالث : ” وخاتم النبيين ” يتعلق بالمستقبل .

(7) صلات ثلاثة : صلة الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثة : (1) الرسول له صلة بمن أُرسِل إليهم ؛ فقوله تعالى : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ، يتعلق بالرسول وبمن أُرسِل إليهم ، وهم الأمة (2) والرسول له صلة بمن أرسَله ؛ فقوله تعالى : ولكن رسول الله ، يتعلق بالرسول وبمن أرسَله ، وهو الله (3) والرسول له صلة بمن أُرسِل معه ؛ فقوله تعالى : وخاتم النبيين ، يتعلق به وبمن أُرسِل معه : وهم الأنبياء .

(8) ادِّعاءات ثلاثة : إحداها صادقة ، والأُخْرَيَتان غيرُ صادِقتين النبي ، المُتنبِّي ، المُتبنَّى (1) الرسول يدَّعي أنه نبي أثبته سبحانه وتعالى بقوله : ولكن رسول الله (2) وغير النبي يدَّعي أنه نبي ؛ نفاه الله سبحانه وتعالى بقوله : خاتم النبيين (3) المشركون يدَّعون بأن المتبنَّى كالابن الحقيقي ؛ نفاه اللهُ تعالى بقوله : ” ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ” .

(9) آيات ثلاث : وفي السورة آيات ثلاث ، تعالج موضوع المتبَنَّى (1) وما جعل أدعياءكم أبناءكم (2) أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ،     (3) ما كان محمد أبا أحد من رجالكم .

(10) كانات ثلاثة : ” كان ” : تكررت كلمة ” كان ” في الآية ثلاث  مرات : مرتين لفظاً ، ومرةً تقديراً (1) ” ما كان محمد أبا أحد” ،      (2) ولكن رسول الله ؛ فنصب الرسول في الآية بتقدير ” كان ” المقدر ، (3) وكان الله بكل شيئ عليماً . ومن المعلوم أن ” كان ” على أقسام ثلاثة : (1) تامة (2) ناقصة (3) زائدة .

(11) فوائد ثلاث : من رجالكم : جاء التصريح بالرجال بدل منكم ؛     (1) لأن الخطاب بصيغة المذكر في القرآن يشمل المؤنث بالتبعية ، والرسول كان أبا البنات (2) وجاء نفي الأبوة عن الجميع بدل المفرد تطييباً لخاطر سيدنا زيد ؛ بأن نفي هذه الصلة بالرسول صلى الله عليه وسلم أمر لا يختص به هو ، بل هو يعم الجميع ؛ فإن البلية إذا عمت خفَّت (3) فيه إشارة إلى فضل النبي صلى الله عليه وسلم .

(12) من رجالكم : تكررت مادة رجل في السورة ثلاث مرات (1) ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه (2) رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ،   (3) هذه الآية . . .

(13) استثناءات ثلاثة : ” من رجالكم ” : يستثنى منه ثلاث : (1) بنات النبي ؛ لأنهن نساء (2) وأولاده الصغار ، لأنهم لم يبلغوا (3) الأولاد الغير الحقيقي ، فإنه أب للأمة كلها .

(14) إشكالات ثلاثة : الأول : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ولد له من الذكور : الطيب والطاهر ، والقاسم ، وإبراهيم ، فما معنى قوله : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ؟ الجواب قد سبق . الثاني : أن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمن فما معنى قوله : خاتم النبيين ؟ الجواب : أنه قد بُعث قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه إذا نزل في آخر الزمان حكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم . الثالث : كل رسول أب  لأمته ، فما معنى قوله : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ؟ الجواب قد سبق فيما قبل .

(15) توجيهات ثلاثة : ” ولكن رسول الله وخاتم النبيين ” : لم يقل ولكن رسول الله وخاتم الرسل ؛ كما في قوله تعالى : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ  قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ( آل عمران : 144 ) ، بل قال : ولكن رسول الله وخاتَم النبيين لوجوه ثلاثة : (1) نفي العام يستلزم نفي الخاص دون العكس ؛ فإن ختم النبوة تستلزم ختم الرسالة دون العكس (2) التصريح بنبوته صلى الله عليه وسلم ، بعد الإشارة إليها في قوله : ولكن رسول الله ؛ لأن كل رسول نبي ، كما في قوله : يا أَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً   ( الأحزاب : 45 ) الأمر فيه بالعكس ، صرح بوصفه بالنبوة ، وأشار إلى وصفه بالرسالة (3) فيها إشارة إلى أن الرسل أقل من الأنبياء وأفضل   منهم ؛ فلذلك أفرد الرسول وجمع النبي ، أي تم اختيار الرسالة موضع المفرد ، واختيار النبي موضع الجمع .

(16) قراءات ثلاث : ” ولكن رسول الله ” وفي ” لكن ” ثلاثة أقوال :       (1) قال الأخفش والفراء : أي ولكن كان رسول الله (2) وأجازا – أي الأخفش والفراء – ” ولكن رسول الله وخاتم ” بالرفع ، وكذلك قرأ ابن أبي عبلة وبعض الناس ” ولكن رسول الله ” بالرفع ، على معنى هو رسول الله وخاتم النبيين (3) وقرأت فرقة ” ولكنَّ ” بتشديد النون ، ونصب       ” رسول الله ” على أنه اسم ” لكن ” ، والخبر محذوف . تفسير القرطبي      ( 14/196 ) .

(17) مناسبات ثلاث : ” وخاتم النبيين ” : المناسبة بين الأمرين : وهو كونه غير أب لأحد من الرجال ، وكونه خاتم النبيين ثلاثة أمور : (1) قد يكون فيه إشارة إلى أن الحكمة في عدم كونه أباً لرجل لأنه هو خاتم النبيين ، لو كان له ولد منكم ربما يطلب حق الوالد من النبوة وغيرها ، فهذا من تدبير الله سبحانه وتعالى ، ويدل عليه قوله تعالى في نهاية الآية : وكان الله بكل شيئ عليماً . وفي تفسير روح المعاني: ” لو كان نبيا بعده ما مات ابنه إبراهيم (2) أو نقول بأن الوراثة في أمرين : في المال والمنصب ، فتمَّ نفيُهما معاً (3) أو نقول : بأن كليهما دعوى بلا دليل ؛ فقرن بينهما ؛ المُتَبَنَّى ، والمُتَنَبّى .

(18) تعريفات ثلاثة : للرسول في اللغة ثلاثة تعريفات : (1) أنه مشتق من الإرسال بمعنى التوجيه ، فالرسول هو المرسل من الله إلى البشر . انظر    ” لسان العرب ” ( 11/283 ) ، (2) أنه بمعنى ذو رسول ، أي : ذو رسالة ، كما في ” الصحاح ” للجوهري ، (3) أن معناه المتابع للأخبار التي بعثه الله بها .

(19) فروق ثلاثة : ” رسول الله ” ، وفي الفرق بين الرسول والنبي ثلاثة  أقوال : (1) قيل : متساويان ، (2) وقيل : متباينان ، الرسول الذي بعث إلى مجتمع كلهم كفار ، وأن النبي الذي بعث في المسلمين (3) والصحيح أن بينهما عموماً وخصوصاً مطلقاً .

(20) مواضع ثلاثة : ولكن رسول الله : وردت كلمة رسول الله في السورة مقارناً مع اسم الجلالة في ثلاثة مواضع (1) لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ( الأحزاب : 21 ) ، (2) مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ ( الأحزاب : 40 ) ، (3) وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ ( الأحزاب : 53 ) .

(21) إطاعات ثلاث : ولكن رسول الله : وردت في السورة كلمة الرسول مقارناً بالإطاعة مع إطاعة الله ، في ثلاثة مواضع (1) وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ( الأحزاب : 33 ) (2) يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولَاْ ( الأحزاب : 66 ) (3) وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً              ( الأحزاب : 71 ) .

(22) هيئات ثلاث : وردت كلمة الرسول في السورة على هيئات ثلاث :   (1) مضافاً إلى الظاهر ، ولكن رسول الله (2) مضافاً إلى الضمير ، ومن يعص الله ورسوله (3) معرفاً باللام ، يا ليتنا ! أطعنا الله وأطعنا الرسولا .

(23) رسول : وردتْ كلمة ” رسول ” مطلقاً في السورة اثنتي عشرة مرةً وهو حاصل الضرب لثلاثة في ثلاثة أربع مرات .

(24) خاتم النبيين : وردت كلمة النبي في السورة خمسة عشرة مرةً ، وهو حاصل ضرب الثلاث بالخمس .

(25) ختمات ثلاث : ” وخاتم النبيين ” وفي تحقيق كلمة ” خاتم ” ثلاثة أقوال : (1) قرأ عاصم وحده بفتح التاء ، بمعنى أنهم به ختموا ، فهو كالخاتم والطابع لهم (2) وقرأ الجمهور بكسر التاء بمعنى أنه ختمهم ، أي جاء آخرهم (3) وقيل : الخاتم والخاتم لغتان … تفسير القرطبي (14/196 ) .

(26) وظائف ثلاث : ولكن رسول الله وخاتم النبيين : وظيفة الرسالة والنبوة ثلاثة : (1) يتلو عليهم آياته (2) ويعلمهم الكتاب والحكمة      (3) ويزكيهم . القراءة ، والتعليم ، والتزكية .

(27) إعرابات ثلاثة : ” ما كان محمد أبا أحد ” : كلمات ثلاثة معربة بالإعراب الثلاث على ترتيب النحاة (1) أولها مرفوع (2) ثانيها منصوب ، (3) ثالثها مجرور .

(28) شهادات ثلاث : ولم يرد اسم الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن إلا في معان ثلاثة ، وهي بمنزلة الشهادة من الله ، والمقام يقتضي التنصيص باسمه (1) الشهادة بأنه رسول الله ، قال تعالى : وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً ، مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ . . . ( الفتح : 28 – 29 ) ، (2) الشهادة بإنزال القرآن عليه ، وذلك في قوله تعالى : وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ  ( محمد : 2 ) ، (3) الشهادة بأنه ليس أول رسول أرسل ، وإنما هو آخرهم ، قال تعالى : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ  قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ( آل عمران : 144 ) وقال : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين . . .

فائدة : إن الله عز وجل قد نادى جميع الأنبياء بأسمائهم ؛ فقال : ” يا زكريا إنا نبشرك بغلام ” ، وقال : يا يحيى خذ الكتاب بقوة ، يا موسى إنى أنا الله ، وإذ قال الله يا عيسى ، وغيرهم من الأنبياء . ولكن لما ورد النداء لخاتم الأنبياء ناداه بوصفه ولم يناده باسمه ؛ فقال : يا أيها الرسول ، يا أيها النبي ، هذا يدلُّ على شرفه ومكانته عند الله .

(29) هيئات ثلاث : وكان الله بكل شيئ عليماً ، وردت كلمة عليماً – منصوباً – في السورة على هيئات ثلاث : (1) مقارناً بصفة الحكمة في بداية السورة ؛ إن الله كان عليماً حكيماً (2) مقارناً بصفة الحلم ، نحو قوله تعالى : وكان الله عليماً حليماً (3) منفرداً غير مقارناً بأحد من الصفات ، وكان الله بكل شيئ عليماً .

(30) عشرات ثلاث : وللثلاثة مناسبة لفظية ومعنوية بثلاثين ؛ فإنه العدد الذي اجتمعت فيه العشرة ثلاث مرات ، فننتقل من هذه الثلاثيات إلى نفي الثلاثين الواردة في الحديث ؛ حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ” إنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ” . سنن أبي داود ( 4/157 ) .

(31) حروف ثلاثة : الحروف التي يتضمنها الاسم الشريف محمد صلى الله عليه وسلم ؛ هي ثلاثة : الميم – والحاء – والدال ، والميم منها مبارك ، حيث تكرر في الاسم الشريف ثلا ث مرات ، وهو الحرف الموجود في حرف الخاتم ، بل في نهاية الكلمة ، وهل تعرف أن حرف اللام قد تكرر في اسم الجلالة ، فهو الحر ف المكرر فيه ، وهو بمنزلة حرف الميم في محمد ، وهل تعرف أن الترتيب بين الحرفين في الحروف المعجمة  ل – م – ن – على ترتيب كلمة التوحيد ، ” لا إله إلا الله محمد رسول الله ” ، يتقدم حرف اللام على الميم ، ونفس الحرفين قد وردت بنفس الترتيب أيضاً في مقطعات القرآن ، الۤمۤ ، الۤمۤر ، الۤمۤصۤ ،   ولما كان الموضوع يتعلق بذات الرسول صلى الله عليه وسلم نجد أن الآية تبدأ من حرف الميم وتنتهي بحرف الميم : ما كان محمد . . . إلى قوله عليماً .

(32) أقسام ثلاثة : الناس حسب موافقهم حول الرسول وكونه خاتم النبيين على أقسام ثلاثة : وهذه السورة تنتهي بذكر ثلاثة أنواع من  الناس : لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ( الأحزاب : 73 ) .

(33) أحكام ثلاثة : كما وردت في بداية السورة في الآية الرابعة أحكام ثلاثة : (1) مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ ، (2) وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ، (3) وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ، فهذه الآية تصرح بنفي البنوة – التبنِّي – كذلك تفيد الآية التي نحن بصددها نفي الأبوة . ما كان محمد أبا أحد من رجالكم .

(34) أجزاء ثلاثة : للقياس أجزاء ثلاثة : المقدمتان والنتيجة ، فالصغرى : زيد رجل من رجالكم ، الكبرى : وليس كل رجل ابناً لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فالنتيجة : أن زيد ليس ابناً لمحمد صلى الله عليه وسلم .

(35) أدلة ثلاثة : قد ثبت كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بأدلة ثلاثة ؛ كتاب الله ، والسنة ، والإجماع .

(36) جهات ثلاث : ومن الخاتم ننتقل إلى الختام ، فختاماً الصلاة على الحبيب المصطفى من جهات ثلاثة : إنَّ اللهَ وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ، ونضيف إلى ذلك ثلاثة أحاديث من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع .

(37) أحاديث ثلاثة :

  1. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثلي في النبيين كمثل رجل بنى داراً فأحسنها وأكملها وأجملها وترك منها موضع لبنة ، فجعل الناس يطوفون بالبناء ويعجبون منه ، ويقولون : لو تمَّ موضع تلك اللبنة ، وأنا في النبيين موضع تلك اللبنة . سنن الترمذي (6/12 ) .
  2. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نبوة بعدي إلا المبشرات ، قال : قيل : وما المبشرات يا رسول الله ؟ قال : الرؤيا الحسنة أو قال : الرؤيا الصالحة . مسند أحمد ، الرسالة ( 39/213 ) .
  3. قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون . هذا حديث حسن صحيح . سنن الترمذي ( 4/123 ) .

هكذا – والحمد لله – انتهينا من الثلاثيات التي وصلنا إليها في السورة ، وبالاختصار هي كالتالي :

قضايا ثلاث ، وأحكام ثلاثة ، وجمل ثلاث ، وأوصاف ثلاثة ، وصلات ثلاث ، ادعاءات ثلاثة ، أزمنة ثلاثة ، كانات ثلاثة ، استثناءات ثلاثة ، توجيهات ثلاثة ، أقوال ثلاثة ، مناسبات ثلاث ، تعريفات ثلاثة ، فروق ثلاثة ، مواضع ثلاثة ، قراءات ثلاث ، وظائف ثلاث ، معان ثلاثة ، حروف ثلاثة ، أقسام ثلاثة ، إشكالات ثلاثة ، أدلة ثلاثة ، أحاديث ثلاثة .

وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيِّدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

*  الأستاذ : بجامعة العلوم الإسلامية العلامة محمد يوسف البنوري تاؤن كراتشي .

[1] انظر للتفصيل : المجلد 65 / العدد : 4 – 5 .