إنها الحضارة الإلهية !

الإيمان والمادية وصراعهما في الحياة الإنسانية ( الحلقة الثانية )
يناير 2, 2022
المفلحون في القرآن الكريم
يناير 2, 2022
الإيمان والمادية وصراعهما في الحياة الإنسانية ( الحلقة الثانية )
يناير 2, 2022
المفلحون في القرآن الكريم
يناير 2, 2022

الدعوة الإسلامية :

إنها الحضارة الإلهية !

بقلم : فقيد الدعوة الإسلامية الأستاذ محمد الحسني رحمه الله تعالى

إن الإسلام ” حضارة إلهية ” إذا صح هذا التعبير ، فهو ليس كأصنام ينحتها البشر بأيديهم ثم يعبدونها ، أو يحطمونها ، إذا غضبوا عليها ، و يضعون محلها صنماً آخر ، هو ليس كالمذاهب الفكرية والحركات الاجتماعية التي اخترعها الإنسان في مختلف أدوار التاريخ ، ثم فرضها على نفسه من غير سلطان بيِّن ، وأحاطها بهالة من التقديس والإجلال ، حتى إذا وجد أن هذه الحركات لا توافقه نسيها أو تناساها ، ووضع محلها مذهباً آخر ، وهو مغرور بنفسه وبعقله ، لا يدري أين يسير به هذا الدوران ، وما هي نهاية المطاف ؟

إن موقف الإسلام من هذه الأصنام المادية والمذاهب الإنسانية موقف صريح وموقف بيِّن ، إنه لا يفرق بين الأصنام القديمة والحديثة ، فكلاهما في نظره سواء ، لأنهما من صنع البشر .

أما هو – أي الإسلام – فهو ” شريعة ومنهاج ” من عند الله ، أنزله على البشر ليسير على هداه ، وبما أنه من عند الله فهو محفوظ عن الخطأ والانحراف ، والزيغ والضلال ، لا حاجة فيه إلى تعديل أو تغيير ، ولا حاجة فيه إلى إدخال تحسينات وإصلاحات شأن المذاهب الإنسانية والحركات الاجتماعية والسياسية كلها ، وإلى ذلك أشار القرآن حين قال : ( أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ ) [1] ، وقال : ( لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ) [2] .

إذاً فهو ” حضارة إلهية ” فما أُسس هذه الحضارة ومبادئها ؟ وما هي روحها وغايتها ؟ وكيف تكيف المجتمع تكييفاً كلياً ، وتخلقه خلقاً جديداً ؟

المبدأ الأول : إذا دققنا النظر وتعمقنا في دراسة هذه الحضارة وجدنا أن هنا شيئاً واحداً يهيمن على الجهاز كله ، ويسيطر عليه سيطرةً كاملةً ، وهو أن الوصول إلى الله ونيل رضاه هو في الحقيقة وظيفة الإنسان الأولى والأخيرة في هذه الحياة ، ولا وظيفة له غير ذلك مطلقاً ، فيجب عليه أن لا يسعى لشيئ ، مثل ما يسعى لهذه الغاية ، ولا يحب شيئاً مثل ما يحبها . ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ) [3] ،         ( فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) [4] . إن هذه العقيدة وهذه العاطفة هو الينبوع الذي تتفجر منه الأنهار والشلالات فيظن الجاهل أن هذه الأنهار أو هذه الشلالات هي غايته القصوى ، وأنها هي المقصودة ، ولا يفهم أنها مظاهر هذه العقيدة ، أو أجزاء هذا الكل ، وقد يندهش الباحث إذ يرى – وهو يدرس هذه الحضارة – أن خيطاً من النور يربط مظاهر هذه الحضارة وأجزائها برباط متين وثيق ، فمن إماطة الأذى عن الطريق إلى آخر درجات الجهاد وأفضل أنواع السعي الديني روح واحدة لا يتخللها  شيئ ، روح التقرب إلى الله والسعي إليه، إن هذا التناسق وهذا الانسجام بين مبادئ هذه الحضارة وأعمالها ومظاهرها شيئ يدهش له الإنسان ولا يجد له تأويلاً ، وكلما يخوض في الدراسة يزداد حيرةً وإعجاباً ، ويزداد إيماناً وتصديقاً ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً ) [5] .

بخلاف ” الحضارة الإنسانية ” فإنه يرى أن الغايات هنا متعددة ، والأهداف هنا متنوعة ، والآلهة هنا كثيرة ، أو ليست هناك غاية ولا هدف ، ولا إله على الإطلاق ، كما أنه لا يجد تناسقاً في الأفعال ، ولا اتحاداً في الغايات ، فما لقيصر لقيصر ، وما لله لله ، بل ما لله لقيصر – إذا نظرنا إلى الحالة السائدة اليوم .

أما في الحضارة الإلهية فالحياة كلها عبادة ، والأرض كلها مسجد ، فلا ترى إنساناً في هذه الحضارة إلا وهو في سعي دائب    متواصل ، وحنين دائم مستمر ، لأن يكون أحسن عملاً من جميع الناس ، وأن يكون ( مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً ) [6] .

وهذا هو المبدأ الأول الذي يقوم عليه صرح حضارتنا الإلهية ، وهو ينفخ في نفوس أبنائها روحاً تحترق كالشمعة ، وقلباً سليماً لا يقر له   قرار ، ولا يهدأ له بال ، وعاطفة مؤمنة جياشة لا يغرها الجمال الكاذب والمتاع الذاهب ، وتسيطر هذه الروح على جميع مرافق هذه الحضارة ، فمن النظام الفردي إلى النظام العائلي إلى النظام الأسري ، إلى النظام الاجتماعي ، إلى النظام الدولي مظاهر متعددة لشيئ واحد، وصور شتى لحقيقة واحدة :

عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال يشير

إنها حضارة متسقة متزنة ، قد يختلف فيها الاثنان في منهاجهما وسلوكهما ، وقد يختلفان في وظائفهما وأعمالهما ، فهذا تاجر وذلك عامل ، وهذا مؤظف وذلك فلاح ، وهذا حاكم وذلك محكوم ، وكل له حقل خاص ، ووظيفة خاصة ، ولكن الشيئ الذي لن يختلف فيه اثنان في هذه الحضارة هو النية من وراء هذه الوظائف والأعمال ، والروح التي تحدوها فإن هذا الشيئ لا تتعدد فيه مسالكهما ولا تتفرق فيه سبلهما أبداً .

المجتمع الرباني : إذا قلنا إن مجتمع الحضارة الإلهية مجتمع تعاوني اشتراكي ، لعدلنا كثيراً عن الصواب ، إن هذا المجتمع أكثر من اشتراكي وتعاوني وأفضل منه ، وهذا المعنى لا يكفي لتصوير روحه كاملاً ، إن المجتمع الاشتراكي يقوم على أساس تبادل المنفعة ، بل إن كل مجتمع إنساني يقوم على أساس التعاون والاشتراك في العمل ، ولا يستطيع أن يعيش يوماً واحداً بغيره ، فإن الإنسان خُلق ضعيفاً ، ولا بد لهذا الإنسان الضعيف أن يكون له أعوان وأنصار وأصدقاء ، ولكن المجتمع الرباني له لون خاص ومكانة فريدة بين الحضارات ، إنه لا يعتبر الإنسان – شأن الحضارات الإنسانية الأخرى – سلعة للبيع مهما كانت ثمينةً أو غاليةً ، ولا يحب له أن يعيش على أساس تبادل المنفعة فحسب ، بل إنه يهديه إلى طريق أفضل ، وهو أن يعيش الإنسان في هذا العالم لتعيش رسالته ودعوته التي بُعث من أجلها ، وأن يخدم الآخرين ويساعدهم غير طامع في أجر ، ولا حريص على مكافأة ( يا قَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِى فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) [7] ، وأن لا يعلق قلبه بمباهج الحياة وزخارفها ، فإن أصابته سراء حمد الله ، وإن أصابته ضراء استغفر الله ، وأن يؤمن بأن القدر خيره وشره من الله تعالى ، فلا حاجة إلى الاستعانة بمخلوق والإقبال عليه في أمر من الأمور ، بل ينبغي للجميع أن يتوجهوا إلى الله ويثوبوا إليه ، وأن لا يقصروا في أداء ما عليهم من حقوق وواجبات وأمانات فرضها الله عليهم ، غير طامعين فيما عند الناس فإن ما عند الله هو خير وأبقى ، وكان هذا شعار الأنبياء دائماً ، وشعار أصحابهم من بعدهم .

إن الفرد في هذا المجتمع لا يبر أخاه ، ولا يساعده ، ولا يعينه كواجب خلقي محض ، يجب على الجميع أن يؤدوه كاملاً وفق ما تفرض عليهم اشتراكية المجتمع ، بل إنه يقوم بهذا العمل حرصاً على الثواب ، وطلباً للمغفرة ، وطمعاً في رضا الله سبحانه ، وفي هذا المعنى يقول الحديث الشريف : ” الله في عون العبد ما كان العبد في عون    أخيه ” ، بخلاف الفلسفة المادية التي تقول : ” إن العبد في عون العبد ما داما متعاونين ” ، وشتان بينهما ، فالنتيجة أن كل فرد في هذا المجتمع يبقى في محاولة مستمرة ، ليسبق أخاه في الخيرات والحسنات ، حتى يستحق ثواب الله ورضاه ، ويستحق جنته التي وعدها الله عباده بالغيب .

اليد العليا خير من اليد السفلى :

لعل هذه الجملة خير ما تمثل المجتمع الرباني ، فهي تربي المجتمع على أجمل معاني التضحية والإيثار ، وهو مظهر رائع من مظاهر الحضارة الإلهية والمجتمع الرباني .

ومعنى اليد العليا أن يؤدي الإنسان واجبه ولا يطلب حقه ، وأن يعطي ولا يأخذ ، وأن يعين ولا يستعين ، وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، فإذا استقرت هذه المعاني في مجتمع ، رفعت منه الثورات والضغائن ، وذابت فيه الأحقاد ، وقضى على النفعية والانتهازية وحب الذات إلى   الأبد ، وهذا هو الشيئ الذي لم يوفق إليه المجتمع المادي ، فكله الآن صراع مستمر من أجل الحقوق ، العمال يحبون أن يعملوا قليلاً ويربحوا كثيراً ، وأصحاب المعامل لا يريدون ذلك ، إنهم يحبون أن يكدح العمال والفلاحون ليل نهار مقابل راتب ضئيل لا يكفي لمطالب حاجاتهم ، وهنا ينشأ الصراع ، ثم ينتهي هذا الصراع إلى إضرابات ، وتؤدي هذه الإضرابات إلى معارك دموية ، تزهق فيها الأرواح ، وتسفك فيها الدماء .

أما في المجتمع الرباني فالحالة هنا مختلفة تماماً ، لأن كل فرد فيه حريص على الإنفاق ، حريص على الخير ، حريص على السماح والعفو ، فلا داعي للصراع بين الطبقات ، ولا مبرر للحقد والبغضاء في النفوس .

” عن أبي ذر قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يشترط على أن لا تسأل الناس شيئاً ، قلت : نعم . قال : ولا سوطك إن سقط منك حتى تنزل إليه وتأخذه ” ، وهذا الحديث وحده يعيننا في فهم هذا المجتمع ودراسته وتحليله .

وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما نقرأ عنه من أنه كان يزاول جميع أعماله بيده المباركة أكبر دليل على ذلك . والتاريخ الإسلامي حافل بهذه الأمثلة والقصص فنرى أن كل من تذوق حلاوة الإيمان ، ودخلت بشاشته في قلبه أفنى نفسه وماله ابتغاءاً لوجه الله ، وطمعاً في رضاه ، وبالغ في خدمة الناس وإيصال النفع إليهم ومعاونتهم بينما لم يرض لنفسه أن يمنَّ عليه أحد ولم يطلب حقه من أحد، وتمنى لو جمع بين حسنات الجميع ورجع بثواب الجميع .

تضحية وإيثار :

إن التعاون واجب وطبيعي ولازم للبشرية ، ولكن دراسة الإسلام ودراسة حضارته الإلهية تقنع الباحث الحر بأن هنا فرقاً عظيماً بين المجتمعين : الرباني والاشتراكي ، وأن هذا المجتمع لا يشبه المجتمعات القديمة والحديثة أدنى شبه ، وأن له آفاقاً لا تشاركه فيها المجتمعات الأخرى .

ففي الأول تضحية وإيثار وعفو وسماحة ، سماحة قلب وسماحة   يد ، وسباق إلى الخير ومكارم الأخلاق ، وذلك كله إيماناً واحتساباً .

وفي الثاني سوق للتجارة وتبادل منافع ومصالح ، وتقسيم أرباح ، فإذا قصر أحد في واجبه حدث صراع بين الناس ، وعمت الفوضى ، فلا يلبث هذا التعاون أن يتحول إلى تطاحن وعراك ، يكدران صفو الحياة .

في الأول : الناس يستقبلون تكاليف الحياة ومطالبها باسمين ، وإن لم يجدوا جزاءها في هذه الدنيا ، لأنهم واثقون بأنهم سينالون جزاءها موفوراً في الدار الآخرة ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) [8] . وفي الثاني : الناس لا يستطيعون أن يتحملوا تكاليف الحياة ومطالبها إلا إذا كانت لهم في ذلك فائدة ملموسة ونفع ظاهر في هذه الحياة ، ولا يحبون أن يحسنوا إلى أحد إلا إذا أحسن هو إليهم ، ولا يؤثرون على أنفسهم ولو كانوا أغنياء ، وذلك لأن حب الذات قد طغى عليهم إلى حد ، جعلهم لا يفرقون بين الشر والخير ، ولا يميزون بين الخبيث والطيب ( مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً ) [9] .

فإذا وصف أحد المجتمع الإسلامي بأنه مجتمع اشتراكي أو تعاوني ، فقد أخطأ وأساء إلى روح هذا المجتمع وشبهه بشيئ لا يرفع قيمته بل ينقصه ، وإنه بذلك أدخله في صف المجتمعات المادية قديماً وحديثاً ، التي لا ندري أن واحداً منها حقق عشر ما حققه المجتمع الإسلامي ، أو أتى بثمرة واحدة من الثمار الطيبة التي يتوافر بها هذا المجتمع .

إلى الله :

وإذا كنا أكثر صراحةً وبساطةً ، وأكثر دقةً ووضوحاً قلنا : إن هذه الكلمة الخفيفة على اللسان ، الثقيلة على الميزان هي في الحقيقة محور نشاط هذا المجتمع ، وكعبة آماله وأحلامه ، وهي التي تنفخ فيه الروح وتبعث فيه النشاط ، وهي حادي الشوق الذي يحدو هذا المجتمع إلى غايته ومقصوده ، ويحبب إليه متاعب السفر ، وآلام الطريق ، ويجعله ينشد بلسان حاله :

فليتك تحلو والــــحــــيـــاة مــريرة   وليتك تـرضى والأنام غضاب

وليت الذي بـــيــنـي وبينك عامر   وبـــــيـــنــي وبين العالمين خراب

إذا صح منك الود فالكل هين   وكل الذي فوق التراب تراب

إن المثل الفريد لكل فرد في هذا المجتمع أن يكون من عباده الذين ذكرهم الله في كتابه المجيد ، بقوله : ( رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ) [10] ، فهو يبذل ماله ونفسه بلا تردد ولا حساب ، ليجمع أكبر مقدار ممكن من الحسنات ، والحسنات لا حد لها ولا نهاية ، وكلما يزداد حسنة يزداد شكراً وحمداً ، وتوبةً واستغفاراً ، وخشوعاً وابتهالاً ، ولا يزال يقطع مسافةً بعد عقبة ، إلا ويتكرر في أسماعه قول الله تبارك وتعالى ( ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) [11] ، ( وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ     ٱلْيَقِينُ ) [12] ، و ( يا أَيُّهَا ٱلإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ ) [13] ، فتجيش العاطفة في صدره مرةً ثانيةً ، ويواصل رحلته الروحية بنشاط مزيد و أمل جديد ، حتى يسمع هذه البشرى : ( مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ) [14] ، ( إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ ) [15] ، ( يا أَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ . ٱرْجِعِى إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً .  فَٱدْخُلِى فِى عِبَادِي . وَٱدْخُلِى جَنَّتِي ) [16] .

إن هذه العقيدة الدافئة ، وهذا اليقين الراسخ ، والحب الصادق ، هو أكبر قوة موجهة وأكبر معجزة عرفتها البشرية في عمرها الطويل ، وبهذه القوة الخارقة والمعجزة الكبرى كان وجود حضارتنا الإسلامية وحياتها ، وبذلك كان بقاؤها واستمرارها ، وبذلك كان نموها وازدهارها ، وبذلك كان إبداعها وإعجازها ، الحضارة التي أدهشت عقول الفلاسفة والمفكرين ، وحيرت العلماء والمؤرخين في التاريخ ، ولا غرابة فإنها شيئ أعز وأثمن من التاريخ ، إنها من الله وإليه ……… وإنها      هي ” الحضارة الإلهية ” .

[1] سورة الملك : الآية 14 .

[2] سورة الأنعام : الآية 116 .

[3] سورة الأنعام : الآية 162 .

[4] سورة البقرة : الآية 200 .

[5] سورة النساء : 82 .

[6] سورة النساء : 69 .

[7] سورة هود : الآية 51 .

[8] سورة الحشر : الآية 9 .

[9] سورة الكهف : الآية 17 .

[10] سورة البينة : الآية 8 .

[11] سورة الملك : الآية 2 .

[12] سورة الحجر : الآية 99 .

[13] سورة الانشقاق : الآية 6 .

[14] سورة الأحزاب : الآية 23 .

[15] سورة التوبة : الآية 111 .

[16] سورة الفجر : الآية 30 .