تيسير النحو عند إبراهيم مصطفى ( كتاب إحياء النحو أنموذجاً )
يوليو 3, 2024دراسات وأبحاث :
شعر الصحابي الجليل الجارود العبدي رضي الله عنه
دراسة موضوعية فنية
( الحلقة الثانية الأخيرة )
أ . د . سيد جهانغير
هذا شاعر أهمله مؤرخو الأدب ، وغفل عنه نقاد الأدب ، ولكن شعره مبثوث في ثنايا الحوادث التاريخية ، والروايات الحديثية ، ولكن لا نعرف مدى صحة تلك الروايات ، وبخاصة في اقتران اسمه بآخر من القبيلة نفسها ، ثم ضن علينا المؤرخون في إيراد معظم أشعاره ، لذا صعب علينا تتبع آثاره الشعرية ، واقتصر ما بقي من شعره على العصر الإسلامي ، وبخاصة أن تسجيل التاريخ أتى متأخراً ، وفي العصر العباسي ، حيث فقد كثير من تراث عصر صدر الإسلام .
كانت هذه العوامل مجتمعةً ، فإنها قد أسدلت الستار على هذا الصحابي رضي الله عنه كشاعر ، وهناك سبب يبدو له تأثير فعال في عدم وصول شعره إلا هذا القدر اليسير من شعر هذا الصحابي رضي الله عنه ، وهو كراهية الشعر في عصر صدر الإسلام ، والاكتفاء بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة – على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل السلام ، فضلاً عن اشتغال الصحابة رضي الله عنهم بالكثير من الغزوات والسرايا ، واشتغالهم بالعبادات ، وبذل جهودهم في سبيل إرساء قوائم الدين القيم وتثبيت أركان الدعوة الإسلامية .
الصحابي الشاعر الجارود رضي الله عنه نظم قصائد المدح متأثراً بالإسلام ، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء شعره منعكساً لمبدئه الإسلامي ، وثباته على الحق ، ولم نر في شعره ما يميزه عن سائر شعراء عصره في مديح رسول الإسلام – عليه الصلاة والسلام – وبعض الصور الفنية في شعره صور بسيطة ، واضحة المعنى ، وطريقة بناء القصيدة تقليدياً ، ولا يوجد ابتكار ، أو غموض في قصائده .
لغة المديح عند سيدنا الجارود رضي الله عنه مثلها سائر المادحين للرسول صلى الله عليه وسلم في عصر صدر الإسلام ، ولم يخرج عن إطار القصيدة التقليدية ، والألفاظ تبدو ساذجةً في المديح ، أو طلب الشفاعة ، ولم يتمكن من الخروج عن ذلك الإطار اللغوي لعصره .
توثيق ما بقي من شعره الذي دارت حوله الدراسة :
من مشطور الرجز :
(1)
لَوْ كَانَ شَيْئاً أَمَماً أكَلَتُهْ
أَوْ كَانَ مَاءً سَادِماً جَهَرْتُهْ
لَكِنَّ بَحْراً جَاءَنَا أَنْكَرْتُهْ
الشرح :
-أمم : النعمة ، وقيل : رغد العيش .
– ماءً سادماً : متغيراً .
– جهرته : نقيته وأخرجت ما فيه من الحمأة .
التخريج :
– تاريخ الطبري ، للطبري ، 4: 80 ، ذكر : 1 – 3 .
– شعراء عبد القيس وشعرهم ، في العصرين الإسلامي والأموي ، د . عبد الحميد المعيني ، ص 127 ، ذكر : 1 – 3 .
وقال من الطويل :
(2)
شَهِدتُ بِأنَّ اللهَ حَـــقٌّ وسَامَـــحَـــتْ بَــــنَـــــاتُ فُــــــــؤادِي بِالـــــشَّــهادَةِ والنَّهْضِ
فَأبْلـــــغْ رَسُولَ اللهِ عَـــــنِّــــي رِسَالَةً بِأَنِّي حَنِيفٌ حَـــــيْـــــثُ كُـنتُ مِنَ الأَرْضِ
وأَنتَ أَمـــيـــنُ اللهِ فِي كُـــلِّ وِجْهَةٍ عَلَى الوَحْيِ بَينَ الـــــــقَــــضِـــيـضَةِ والقَضِ
فَإنْ لاَ تَــكُنْ دَارِي بِيَثرِبَ فِيكُمُ فَإنِّــــــي لَـــــكُــــمْ عِــنْدَ الإِقَامَةِ والخَفْضِ
أُصَالِحُ مَنْ صَالَحْتَ مِن ذِي عَداوَةٍ وأُبْغِضُ مَنْ أَمْسَى عَلَـى بُغْضِكُم بُغْضِي
وأُدْنِى الَّــــــذِي وَالَـــــيـــــتَــــهُ وأُحِـــبُّهُ وإِنْ كَــــانَ في فِـــيـــهِ الـعَلاقِمُ مِن عَضِّي
أَذِبُّ بِسَيْفي عَنْكُم وأُجِــــيـــبُكُمْ إِذا ما دَعـــــوتُـــــمْ في الــوِفـاقِ وفي النقضِ
وأَجعَلُ نَــــــفــــسِي دُونَ كُـــلِّ مُلِمَّةٍ لَكُمْ جُنّةً ، مِنْ دُونِ عِرْضِكُمُ عِرْضِي
الشرح :
– النَّهْضِ : تناهضوا في الحرب ، نهض كل إلى صاحبه .
– القَضِ : الحصا الكبار . والقضيض : الحصا الصغار . أي من الأول للآخر .
-الخَفْضِ : من خفض العيش : إذا سهل وتيسر .
– أغضى على الشيئ : سكت عنه .
– العلاقم : جمع علقم : وهو المر .
– أَذِبُّ : من ذّب أي دفع ومنع .
– الملمة : المصيبة ، والكارثة .
التخريج :
– منح المدح ، لابن سيد الناس ، ص 64 – 65 ، ذكر : 1 – 8 .
– الإصابة في تمييز الصحابة : لابن حجر العسقلاني ،1 : 216 – 217 ، ذكر : 1 ، 2 ، 4 ، 8 .
– طبقات الكبرى ، لابن سعد 1 : 314 ، 315 ، ( وفود عبد القيس ) .
– جامع الرواة ، للأردبيلي ، 1 : 146 .
– الأنساب ، للسمعاني ، 4 : 135 .
– أعلام الثقافة الإسلامية ، سالم النويدري ، ص 180 ، ذكر : 1 ، 2 ، 4 ، 8 .
– أعيان الشيعة ، للسيد الأمين ، 56 : 4 – 57 ، ذكر : 1 ، 2 ، 4 ، 8 .
اختلاف الروايات :
– أعلام الثقافة الإسلامية ، سالم النويدري ، أربعة أبيات ، جاء ترتيب الأبيات على النحو التالي : 1 ، 2 ، 4 ، 8 . مع بعض الاختلاف في الألفاظ ، مع ابن سيد الناس ، ( منح المدح ) .
– الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر العسقلاني ، أربعة أبيات ، جاء ترتيب الأبيات على النحو التالي : 1 ، 2 ، 4 ، 8 . مع بعض الاختلاف في الألفاظ ، مع ابن سيد الناس ، ( منح المدح ) .
(1) 1 – ………………… حَق ……… ………………………………..
(2) ……………………………………… بأنِّي………………………….
(4) 3 – فَإنْلم ……………………….. …………………………………
– أعيان الشيعة ، للسيد الأمين ، أربعة أبيات . الترتيب نفسها والاختلاف الموجود في الإصابة .
وقال من الخفيف :
(3)
يَا نَــــــبـــــيِّ الهـــُدَى أَتَـــــتْــــكَ رِجَــالٌ قَـــــــطَـــــعَـــــتْ قَــــرْدَداً وآلاً فَـآلا
جَابَـتِ البِــيدَ والمــــــَهَـــامِــهَ حَـــــتَّـــى غَالَها مَن طَوَى السُّرَى مَا غَــالا
قَطَعَتْ دونَكَ الصَّحَاصِحَ تَــــــهْـــوِي لا تَعُدُّ الكِلالَ فِــــيـــكَ كِـلاَلا
كُلُّ دَهْنَاءَ تَــــقْـــصِرُ الطَّرْفَ عَنْهَا أَرْقَـــــــلَــــــتْـــــهَـــا قِلاَصُـــنا إِرْقَالا
وَطَـــــوَتْـــــهــــا الـعِتَاقُ تَــــجْـــمَعُ فِيهَا بِـــــكُــــــمَــــاةٍ مِــثْلَ النُّجُومِ تَلاَلا
ثُمَّ لَمَّا رَأَتْـــــكَ أَحْــــــــسَـــنَ مَــــــرْأى أَفْـــــحَـــــمَـــتْ عَنْكَ هَيْبَةً وَجَلاَلا
تُنَقِّي شَرَّ بَــــأْسِ يَــــومٍ عَـــــصِـــيــبٍ هَـــــائِــــــلٍ أَوْجَـــــلَ الـقُلُوبَ وَهَالا
ونِـــــدَاءً لِــــمَـــحْشَـــرِ النّاسِ طُــــــرّاً وحِــــــسَــــاباً لِــمَـن تَمَادَى ضَلاَلا
نَـــــحْــــــوَ نُــــورٍ مِنَ الإلهِ وبُــــــرْهَانٍ وبَـــــــزٍّ ونِــــــعْـــــــــمَــــــــةٍ لَنْ تَـــنَـالا
وأَمَــانٍ مِــــنْــهُ لدى الحَشْرِ والنَّشْرِ إِذْ الخَلْقُ لا يَــــــطِـــــيـــقُ السُّـؤَالا
فَلَكَ الحَوْضُ والشَّفَاعَةُ والكَوْثَرُ والفَضْلُ إِذْ يَــــــنُــــــصُّ السُّـــــؤَالا
فَــــلَــكَ الحَوْضُ خَـصَّكَ يا بْنَ آمِنَةَ بِالْخَيْرِ إِذَا مَا تَلَتْ سِجَالاًسِجَالا
أَنْـــــبَـــــأَ الأَوَّلُــــــونَ بِــــاسْـــمِكَ فِينَا وبِأَسْـــــــمَاءٍ بَــــــــعْــــــــــدَهُ تَــتَـــتَالا
فـــــاجْــــعَــــل الـــحَظَّ مِنْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ جَزِيلاً لاَ حَظَّ خَـــلْـف أَحَالا
– البيت الرابع عشر من تحفة المستفيد 2 : 296 .
الشرح :
-وآلاً فَآلاَ ، الآل : السراب .
– قَرْدَد : الموضع المرتفع من الأرض ، ويقال : الأرض المستوية .
– المهامه : جمع مهمه ، وهي الصحراء .
غالها : أخذها بعيداً ، غاله الشيئ يغوله غولاً : أهلكه وأنهكه .
– الصَّحَاصِحَ : مفردها الصحصح : ما استوى من الأرض وكان أجرد .
– الدَهْنَاءَ : الفلاة . والدهناء صحراء في نجد ، وهي طويلة ، وتمتد من حزن ينسوعة إلى رمال يبرين في الجنوب .
– أرْقَل المَفَازَة : قطعها .
– القِلاص : مفردها قلوص ، من الإبل : طويلة القامة ، الشابة منها أو الباقية على السير .
– جَمَح الفرس : تَغَلَّب على راكبه وذهب به ، لا ينثني .
– السِّجَال : مفردها السجل : الدلو العظيمة فيها ماء ، قلَّ أو كثر .
التخريج :
– بحار الأنوار ، للمجلسي ، 15 : 242 ، 13 بيتاً – و 18 : 294 – 295 ، فيه 11 بيتاً .
– تحفة المستفيد ، لمحمد آل عبدالقادر 2 : 296 ، ذكر تسعة أبيات : 3 ، 4 ، 5 ، 7 ، 8 ، 9 ، 12 ، 14 .
– أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين لسالم النويدري 1 : 183 ، ذكر عشرة أبيات .
– عيون الأثر ، لابن سيد الناس ، 2 : 299 ، ذكر خمسة أبيات .
اختلاف الروايات :
– البيت الرابع عشر زيد من تحفة المستفيد ، لمحمد آل عبد القادر ، وذكر تسعة أبيات وهي : 1 ، 3 ، 4 ، 5 ، 7 ، 8 ، 9 ، 12 ، 14 . مع اختلاف بعض الألفاظ .
– أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين لسالم النويدري ، ذكر عشرة أبيات وهي : 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 10 ، 13 . مع اختلاف بعض الألفاظ .
– عيون الأثر ، لابن سيد الناس ، ذكر خمسة أبيات وهي : 1 ، 2 ، 3 ، 5 ، 7 . مع اختلاف بعض الألفاظ .
وكما قال من الوافر :
(4)
أَتَــــــيْـــــتُــــــكَ يَـــــا ابْــنَ آمِنَةَ رَسُولاً لِكَي بِكَ أَهْتَدِي النَّهْجَ السَّبِيلاَ
فَقُلْتَ فَكَــــــانَ قَــولُكَ قَــــوْلَ حَقٍّ وَصِـــــدْقٍ مَـــــا بَـــدَا لَكَ أَنْ تَقُولاَ
وَبَصَرْتَ العَمَى مِنْ عَـبْد ِشَـــمْــسٍ وَكُلاًّ كَانَ فِـــي شَـمْسٍ ظَلِيلاً
وَأَنْــــــبَــــــأْنَـــاكَ عَـــنْ قُـسٍّ الإِيَادِيِ مَـــــقَـــــالاً أَنْتَطَلْــــــــتَ بِـــهِ جِدِيلاَ
وَأَسْمَــــــاءَ عَــــــمَّــــــتْ عَـــــنَـا فَآلَتْ إِلى عِلْمٍ وَكُـــــنْـــــتُ بِـــهَا جَهُولاَ
التخريج :
– مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر أشوب المازندراني ، ص 350 ، ذكر : 1 – 5 .