مفهوم الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم
نوفمبر 5, 2022المشتركات الإنسانية بين رفضها واتخاذها وسيلة من وسائل الدعوة
يناير 9, 2023بين العلم الحديث والقرآن الكريم
( الحلقة الأولى )
الدعوة الإسلامية :
الجنين الإنساني وسفر تكوين الإنسان
بين العلم الحديث والقرآن الكريم
( الحلقة الأولى )
الباحث محمد سليم الله أبو الكلام *
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ، قال الله عز وجل : ( هُوالَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. هُوالَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [1] .
يخبرنا الله الخالق الجليل سبحانه وتعالى في الآيتين المذكورتين وفي غيرهما في سورة الحج وفي سورة المؤمنون عن خلق البشر ، هذا الخلق العجيب الذي كلما قرأه الإنسان وأَعاد النظر فيه مرةً بعد أخرى علم أن هذا هوالحق من عند رب العالمين سبحانه عز وجل ، وأنه ليس من عند غيره .
ومن ذلك الوقت حين بين أرسطو/ Aristotle ( 384 ق . م – 322 ق . م ، وهو فيلسوف يوناني وواحد من عظماء المفكرين ) وغيره النظريات المعترف بها على العموم في زمانه والتي تتعلق بتخلق الجنين الإنساني ، استمر التخاصم بين أنصار نظرية الجنين الكامل القزم ( القصير القامة ) الموجود في نطفة الرجل وبين أنصار نظرية الجنين الكامل القزم الذي يتخلق من انعقاد دم الحيض لدى المرأة ، لقد تصور معظمهم أن الإنسان يكون في الحبة المنوية ملخصاً ، فرسم له العلماء صورةً وتخيلوا أنه يوجد كاملاً في النطفة المنوية غير أنه ينمو ويكبر في الرحم كالشجرة الصغيرة كما اعتقد ليوناردو دا فنشي/ Leonardo da Vinci ( هو إيطالي عالم نبات ، خرائط جيولوجي ) في القرن الخامس عشر وغيره من العلماء المفكرين ، ولكن حينما نطالع القرآن الكريم والسنة النبوية نجدهما قد أكدا بصورة علمية دقيقة وعميقة أن الإنسان إنما خُلق من نطفة ممتزجة يعني ” النطفة الأمشاج ” فقال تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ . . . ) [2] . وقد أجمع أهل التفسير على أن الأمشاج هي الأخلاط ، وهو امتزاج ماء الرجل بماء المرأة . والحديث النبوي يفسر هذا حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من كلٍّ يخلق : من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة ” [3] .
وفي الكلمات التالية نطلب الحقائق والمعلومات عما يأتي :
- : مكتشفات العلم الحديث – حقائق القرآن العلمية
- مرحلة العلقة : معلومات علمية حديثة – حقائق القرآن والسنة العلمية
- : معلومات علمية حديثة – حقائق القرآن والسنة العلمية
- : معلومات علمية حديثة – حقائق علمية من القرآن والسنة
- ) : معلومات علمية حديثة – حقائق قرآنية
- طور النشأة والقابلية للحياة : معلومات علمية حديثة – الحقائق العلمية من البيان قرآني
- ( Delivery Phase ) : يتضمن طورالمخاض الذي ينتهي بالولادة 4 مراحل
- الخاتمة والخلاصة ( Conclusion )
مرحلة النطفة ( Phase of A semen Drop of Male and Female ) :
مكتشفات العلم الحديث :
تتصور النطفة شكلها في الخصية والتي تتكون بدورها كما أثبت علم الأجنة من خلايا تقع أسفل الكُليتين ( The two Kidneys ) في الظهر ثم تنزل إلى أسفل البطن في الأسابيع الأخيرة من الحمل .
ومني الرجل يحتوي بشكل رئيسي على المكونات التالية :
الحيوانات المنوية ( Sperms ) ، ومادة البروستاغلاندين (Prostaglandin ) . وإن النطفة تحتوي على ثلث وعشرين كروموسوم ( Chromosomes ) ، منها كروموسوم واحد فقط يكون لتحديد الجنس وقد يكون (Y) أو (X) أما البويضة فالكروموسوم الجنسي فيها هو دائماً (X) ، فإن التحمت نطفة (Y) مع البويضة (X) فالبويضة المسمدة ( Zygote ) ستكون ذكراً (XY) ، أما إذا التحمت نطفة (X) مع البويضة (X) فالجنين القادم سيكون أنثى (XX) ، فالذي سيحدد الجنس إذاً هو نطفة الرجل وليس بويضة الأنثى [4] .
وعقب خمس ساعات تقريباً على تكون البويضة الملقحة تتقدر الصفات الوراثية وتنقسم انقسامات عاجلة من غير زيادة ونقصان تنغرس في الرحم كما تنغرس البذرة في تراب الأرض . ورحم الأم هو مكان تطور ونمو الجنين الإنساني ، فيمنح الرحم امتيازاً بأنه مقر حصين للقيام بهذا العمل المهم .
حقائق القرآن العلمية :
معنى النطفة لغةً : هي القليل من الماء أو قطرة الماء ، وهذا يطابق ماء الرجل الذي يحوي الحيوانات المنوية كجزء منه . والحيوان المنوي ينسل من الماء المهين أي المني ، يقول الله تعالى موضحاً دور النطفة في خلق الإنسان : ( فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ . خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ) [5] ، ويؤكد البيان القرآني أن صفات الإنسان وجنسه تتقرر وتتحدد وهو نطفة ، ولذلك قال تعالى : ( قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ . مِنْ أَيِّ شَيْءٍخَلَقَهُ . مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ) [6] .
والنطفة الأمشاج في قوله تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ) [7] تعبر عن هذا الإعجاز ، فلغوياً هي نطفة كالقطرة مفردة ، ولكن تركيبها مؤلف من أخلاط مجتمعة أي من اختلاط نطفة الرجل ونطفة المرأة .
وهذا أي بيان القرآن أن الإنسان خلق من نطفة أمشاج يطابق الملاحظة العلمية حيث إن البويضة الملقحة بالحيوان المنوي هي على شكل قطرة وهي في نفس الوقت خليط من كروموسومات نطفة الرجل وكروموسومات البويضة الأنثوية .
هل تصور أحد من البشر أن نطفة الرجل حال الإمناء يتقرر مصيرها وما يخرج منها ذكراً كان أو أنثى ؟! هل يخطر هذا بالبال ؟! لكن القرآن يقول : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىِ . مِنْ نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ) [8] حال إمنائها إذا تمنى . وقد قدر ما سيكون الجنين ذكراً أو أنثى !!
وههنا نظرة جانبية ، حيث ذكر سابقاً أن النطاف تتكون في الخصية والتي تتشكل بدورها كما أثبت علم الأجنة من خلايا تقع أسفل الكليتين ( Kidneys ) في الظهر ثم تنزل إلى الأسفل في مراحل الحمل الأخيرة وهذا تأكيد لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) [9] ، وهذه إشارة واضحة إلى أن أصل الذرية هي منطقة الظهر حيث مكان تشكل الخصية الجنيني ، فسبحان الله أعلم العالمين .
وفي النهاية كما ذكر من قبل أن الرحم هو مقر آمن ومكين لنمو الجنين الإنساني وحمايته حيث يقول تعالى : ( فَجَعَلْنَاهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ) [10] .
مرحلة العلقة ( Phase of Clot of Blood like Leech ) :
معلومات علمية حديثة :
تستحدث مرحلة العلقة بدايةً من اليوم الخامس عشر (15) ويتم في اليوم الثالث والعشرين (23) أو الرابع والعشرين (24) حيث يكمل شيئاً فشيئاً ليظهر الجنين على هيئة الدودة العلقة التي تكون ذات حياة في الماء ، ويستمسك في جدار الرحم بحبل الوقبة التي تكون في وسط البطن ( السرة ) وتحدث الدماء داخل الأوعية الدموية على صورة جَذبة يابسة مغلقة يصيّر الدم غير ذي حركة في الظروف الدموية تعطي إياه شكلاً خارجي الدم الجامد والغير متحرك .
وبالرغم من أن سجية الجسم الإنساني هي أن يُبعد أيّ جسم خارجي ، فإن الرحم لا يرفض ولا يترك العلقة المنزرعة في جداره وحائطه على الرغم من أن نصف عناصرها ومورثاتها ومصوماتها هو من مصدر خارجي ( وهو الأب ) وهذا مرجعه وفقاً لبعض البيانات أن مقاطعة خلايا ( Syncytia ) بالعلقة لا يوجد بها منتجات ضد انتيجنس ( Antigens ) .
يناسب أن يذكر هنا أن الشريط ( الفتيلة ) الأولى ( Streak Primitive ) هو أول ما يخلق ويكوّن في الجنين الإنساني في اليوم الرابع عشر (14) أو الخامس عشر (15) ثم تتضح فيه العقدة الأولية أو الظاهرة التي يتولد من الكَبْت ( Primitive Node ) ومن هذا الشريط والحبل تتكون الخلايا والخليات الرئيسية ( Cells Stem ) ومصادر الأنسجة الأساسية (Mesoderm, Ectoderm, Endoderm ) التي تشكل في المستقبل أعضاء وأنسجة الجسم المتنوعة .
حقائق القرآن والسنة العلمية :
ومرحلة العلقة هي المرحلة الثانية من المراحل الجنينية وعملية التحول من نطفة إلى علقة تستغرق أكثر من عشرة (10) أيام ، ولهذا استعمل القرآن حرف العطف ” ثُم ” في الآية الكريمة ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ) [11] الذي يستعمل لمعنى التتابع مع التأخر .
والعلقة في اللغة لها معان عديدة :
- الدودة العلقة ( Leech ) التي تعيش في البرك والماء وتمتص دماء الكائنات والحيوانات الأخرى .
- شيئ متعلق بغيره .
- الدم المتخثر أو المتجمد والجامد .
وهذه المعاني جميعاً موافقة تماماً على واقع الجنين الإنساني عقب انغراسه في حائط الرحم ، فهو يظهر على صورة دودة العلق وهو متعلق أيضاً بجدار الرحم عن طريق حبل السرة(Umbilical Cord ) ، وتنشأ بداخله الأوعية الدموية على شكل شبكة جزر مغلقة معطية إياه مظهر علقة الدم الجامد .
وبعد ذلك يكتمل التحول سريعاً من علقة إلى مضغة خلال يومين من اليوم الرابع والعشرين (24) إلى اليوم السادس والعشرين (26) لهذا وصف القرآن هذا باستعمال حرف العطف ” ف ” الذي يستعمل لمعنى التتابع السريع للأوامر الحادثة ( فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ) [12] . إذاً حتى استعمال حروف العطف المتنوعة كانت له دلالات تعبيرية إعجازية عكست اختلاف الأطوار للأجنة البشرية .
وموضوع الشريط الأولى ( Primitive Streak ) موافق لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” كل ابن آدم يبلى ويأكله التراب إلاّ عجب الذنب ، منه خُلق وفيه يُركب ” [13] ، فالخلايا التي تشكل أنسجة وأعضاء الجسم تتوضع في ” عجب الذنب ” أي العظم العُصعُصي ( Tailbone ) ، ومنها يخلق الإنسان .
مرحلةالمضغة (Phase of Chewy Meat ) :
معلومات علمية حديثة :
الجنين الإنساني يتحول من مرحلة العلقة إلى بداية مرحلة المضغة ابتداءً من اليوم الرابع والعشرين (24) إلى اليوم السادس والعشرين (26) وهي وقفة مختصرة إذا ما قورنت بوقفة تحول النطفة إلى العلقة الجنينية . هذه المرحلة تظهر بظهور الكُتَل الجسدية ( Somites ) [14] في اليوم الرابع والعشرين أو الخامس والعشرين في أعلى اللوح الجنيني ، ثم يتتابع ظهور هذه الكتل تدريجاً في الجنين . وفي اليوم الثامن والعشرين يتكون الجنين من عدة فلقات تظهر بينها أخاديد مما يجعل شكل الجنين شبيهاً بالعلكة الممضوغة ( Chewing Gum ) ، ويدور الجنين في جوف الرحم خلال هذا الطور الذي ينتهي بنهاية الأسبوع السادس . ويجدر بالذكر أن مرحلة المضغة تبدأ بطور يتميز بنمو وزيادة في حجم الخلايا بأعداد كبيرة أي تكون المضغة كقطعة من اللحم لا تركيب مميز لها وبعد أيام قليلة يبدأ الطور الثاني وهو طور التشكيل حيث يبدأ ظهور بعض الأعضاء ، كالعينين واللسان ( في الأسبوع 4 ) والشفتين ( الأسبوع 5 ) ولكن لا تتضح المعالم إلاّ في نهاية الأسبوع الثامن . وتظهر نتوءات الأطراف ( اليدين والساقين ) في هذا الطور .
( للبحث صلة )
* قسم الدراسات الإسلامية ، الجامعة العالية بكولكاتا ، الهند ، البريد الإلكتروني : mdsalimullahaliavee@gmail.com
[1] غافر : 67 – 68 .
[2] الإنسان : 2 .
[3] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، كتاب علامات النبوة ، باب منه ، أخرج الإمام أحمد في مسنده والطبراني وغيره .
[4] Aristotle. De Generatione Animalium. [On the Generation of Animals]. Trans. Arthur Platt. Oxford, UK: Clarendon Press, 1910.
[5] الطارق : 5 – 6 .
[6] عبس : 17 – 19 .
[7] الإنسان : 2 .
[8] النجم : 45 – 46 .
[9] الأعراف : 172 .
[10] المرسلات : 21 .
[11] المؤمنون : 14 .
[12] المؤمنون : 14 .
[13] الراوي : أبو هريرة ، المحدث : الإمام مسلم ، المصدر : صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم : 2955 .
[14] Each of a number of body segments/parts containing the same internal structure