(5) الأخ عبد الواسع الندوي في ذمة الله تعالى
أبريل 20, 2022الأستاذ عبد الرشيد الندوي بن الشيخ عبد السميع الندوي إلى رحمة الله تعالى
يونيو 3, 2022رجل فقدناه :
الأستاذ الدكتور عبد القدوس أبوصالح :
رائد من رواد الأدب الإسلامي
مدير التحرير
أحزن نعي الأستاذ الدكتور عبد القدوس أبوصالح العالمين العربي والإسلامي كليهما ، فإنه كان أديباً كبيراً ، وشاعراً فذاً ، ولغوياً ماهراً ، وداعيةً إسلامياً ، ونموذجاً رفيعاً من نماذج الأدب الإسلامي ، وهو رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، ورئيس مجلة الأدب الإسلامي ، ومؤلف عشرات من المؤلفات والبحوث والمقالات ، فإنه لبى نداء ربه في 19/ شعبان 1443هـ ، المصادف 21/ مارس 2022م في مدينة الرياض ، وصُلي عليه في جامع الراجحي بالرياض ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وُلد الأستاذ عبد القدوس أبو صالح في مدينة حلب ، سوريا ، في 28/ 7/ 1932م ، وكان والده الكريم الشيخ محمد ناجي عالماً فقيهاً ، ذا سمعة طيبة ، درس الدكتور عبد القدوس الابتدائية في حلب ، وحصل على شهادة الثانوية فيها ، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة دمشق عام 1954م ، وتخرج منها ، كما نال شهادة دبلوم التربية من كلية التربية بجامعة دمشق ، وشهادة الليسانس من كلية الحقوق بجامعة دمشق ، ثم سافر إلى مصر ، ودرس الماجستير في آداب اللغة العربية من كلية الآداب ، في جامعة القاهرة عام 1964م ، ونال شهادة الدكتوراه ، بتقدير مرتبة الشرف الأولى عام 1971م من كلية الآداب ، مصر العربية .
حفلت حياة الدكتور عبد القدوس أبو صالح بأعمال أدبية وإنجازات علمية ، إنه عمل أولاً كمدرّس في وزارة التعليم والتربية ، في مدارس حلب ، ثم انتقل إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، والتحق بكلية اللغة العربية عام 1962م ، وعمل فيها حوالي أربعين عاماً ، كما قام بوظيفة التدريس في كلية المعلمين بالرياض خمس سنوات ، فإنه ربَّى الأجيال ، وثقَّف الطلاب ، وحقق المؤلفات ، واعتنى بالدواوين ، وألف الأسفار والمجلدات من الكتب ، وأشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه ، وأسهم في كثير من المؤتمرات ولجان التحكيم ، كما عقد عدداً من الندوات الأدبية والأمسيات الشعرية ، حتى جاء ه الأجل المحتوم ، وكان في خدمة لغة الضاد ، رحمه الله رحمةً واسعةً .
من أهم مآثر الأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح هو تمثيل الأدب الإسلامي طوال حياته ، فكان شغوفاً بالأدب الإسلامي ومولعاً به ، وقد حقق كتاب ، يزيد بن مفرغ الحميري وشعره ، وشرح وحقق ديوان ذي الرمة لأبي نصر الباهلي ، وحقق كتاب العفو والاعتذار للرقام المصري ، ودوَّن شعر الجهاد في العصر الحديث بتعاون من الدكتور محمد رجب البيومي ، وألف عدة مؤلفات ، منها : دور الأدب الإسلامي في الوحدة الإسلامية ، وقضية الأدب الإسلامي ، وشبهات حول الأدب الإسلامي ، ونحو منهج إسلامي في أدب الطفل ، وشعر الدعاء والمناجاة في الأدب العربي ، وشعر الحماسة في الأدب العربي القديم ، وشعر الحنين في الأدب العربي ، وابن شرف القيرواني ورسائل الانتقاد ، وازدواج اللغة في المدارس والجامعات ، وأحاديث وأسمار ، وله قصائد طويلة وقصيرة ، ومقالات أدبية ودراسات علمية نُشرت في المجلات المحكمة .
إن للأدب العربي مكتبة علمية كبيرة عبر تاريخه الطويل ، وكانت في حاجة إلى استعراض جديد ، ودراسة جديدة ، لأن الأدب العربي قد أصيب باحتكار أصحاب الصناعة الأدبية والزخرف اللفظي ، فإنهم إذا أبدوا عن شيئ كان أدباً ، وإذا أعرضوا وأشاحوا عنه لم يكن أدباً حسب فكرتهم ، وقد شاع في الأوساط الأدبية أن الأدب هو الكلام المصنوع المزخرف ، الذي يمتع الأسماع والأذهان ، وأكبر مثال له أدب المقالات والرسائل ، هذا في جانب ، وفي جانب آخر لم تكن هناك عناية فائقة بالكلام الذي صدر من أصحاب القلوب والعلماء الربانيين ووصل إلى القلب ، ولا يعتبر هذا الكلام أدباً ، وكان مطموراً ومغموراً في كتب التراث ، فنادى أول من نادى بهذا النداء الأدبي والإسلامي في القرن العشرين الميلادي الإمام العلامة الشيخ السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي ، حينما انتخب عضواً للمجمع العلمي العربي بدمشق ، وقدم هذه الفكرة ( فكرة الأدب الإسلامي ) في صورة بحث علمي ، وبدأ يعمل حسب هذه الخطة ، فرتب في جزئين شذرات من الأدباء الإسلاميين من القرن الأول إلى العصر الحاضر ، نشرت باسم ” مختارات من أدب العرب ” ، وكان هذا الاقتراح والعمل نداء كل ضمير حي ، ورسالة أديب إسلامي ، فلبى دعوة الشيخ أبي الحسن الندوي كل أديب حينما وجَّه إليه الدعوة للتشاور حول هذا الموضوع في رحاب ندوة العلماء ، عام 1981م ، وذلك في الندوة العالمية للأدب الإسلامي التي حضرها عدد وجيه من أدباء العالم العربي ، وقد تلخصت الندوة عن قرارات حاسمة كانت نقطة تحول في تاريخ الأدب الإسلامي ، وهي دعوة الباحثين إلى إبراز مفهوم الأدب الإسلامي ، والكتابة في تاريخ الأدب العربي ، وإعادة النظر في المناهج الدراسية أن تنمي وعي الناشيئ المسلم ، وتنسيق جهود الأدباء الإسلاميين ، وأدب الأطفال والشباب .
واستمر ت النشاطات والفعاليات وفقاً لهذه التوصيات ، ووافق أدباء العالم الإسلامي على هذه الخطة ، واعتبروها حاجة الساعة ، فعقدت الندوة الثانية للأدب الإسلامي عام 1986م في ندوة العلماء أيضاً ، وتم فيها إنشاء رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، وانتخب سماحة الإمام العلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي رئيساً لهذه الرابطة ، وبهذه المناسبة شرَّف هذه الندوة الأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح ، وقد استساغ هذه الفكرة من قبل ، فألقى في الندوة كلمةً ضافيةً أخذت بمجامع القلوب ، وقد اتفق الأعضاء على تعيينه نائب رئيس للرابطة ، ولا نبالغ إذا قلنا : إنه كان رائداً من رواد الأدب الإسلامي ، وحملة لوائه ، وناشري هذه الفكرة الإيجابية ، فإنه حمل هذه الفكرة ، وجمع الأدباء والكتاب على رصيف واحد ، وقام لهذا الغرض بجولات واسعة إلى الدول العربية ، ونظم برامج لنشر فكرة الأدب الإسلامي على أوسع نطاق في العالم العربي بوجه خاص ، فأنشأ فروع الرابطة ، وعقد حفلات واجتماعات أدبيةً في شتى أنحاء البلدان ، كما اهتم بإصدار مجلات عربية للأدب الإسلامي ، وكان هو رئيس تحرير مجلة الأدب الإسلامي التي لا تزال تصدر من مكتب الرابطة بالرياض ، وهي مجلة أدبية مزدانة بالمقالات القيمة ، وقد كان صدور هذه المجلة عام 1414هـ .
وقد انتخبه مجلس الأمناء لرابطة الأدب الإسلامي رئيساً للرابطة بعد وفاة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي ، وسماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي نائب رئيس لها ، وظل على هذا المنصب الجليل إلى آخر يوم من حياته ، وقد ازدهرت أعمال الرابطة زمن رئاسته كثيراً ، وأنشئت لها فروع في دول وبلدان كثيرة ، كما صدرت مؤلفات أدبية قيمة ، ودواوين شعرية كثيرة حتى تكونت مكتبة الأدب الإسلامي من الفنون الحديثة والقديمة ، هذا كله بجهود وعناية الأستاذ عبد القدوس أبو صالح رحمه الله رحمةً واسعةً .
كانت علاقة الدكتور عبد القدوس أبو صالح بندوة العلماء ورجلها العظيم الإمام أبي الحسن علي الندوي قويةً ، فإنه زار ندوة العلماء مرات ، وأعجب بنظامها التعليمي والتربوي ، وكان يقدِّر جهود خريجي ندوة العلماء ، ويعتني بأعمالهم العلمية ، كما كانت له لقاءات طويلة مع سماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي رئيس ندوة العلماء حالياً ونائب رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، وسعادة الأستاذ الدكتور سعيد الأعظمي الندوي مدير جامعة ندوة العلماء ، وكان يقرأ مجلة البعث الإسلامي بكل اهتمام ، وينتظرها بفارغ الصبر ، فأسرة ندوة العلماء وأسرة مجلة البعث الإسلامي تقدمان إلى أهله تعازي قلبيةً ، وتُعتبر وفاة الأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح حادثةً كبيرةً في مجال الأدب الإسلامي ، فلا شك أنه كان رجل المواقف والمآثر ، غفر الله له وأغدق عليه شآبيب رحمته ، وأدخله فسيح جناته ، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان . قال الله تعالى : ( يا أَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ . ٱرْجِعِى إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً . فَٱدْخُلِى فِى عِبَادِي . وَٱدْخُلِى جَنَّتِي ) .
إلى رحمة الله تعالى :
الأستاذ عبد الرشيد الندوي بن الشيخ عبد السميع الندوي إلى رحمة الله تعالى
قلم التحرير
انتقل إلى رحمة الله تعالى الأستاذ عبد الرشيد الحسيني الندوي ، وهو نجل الشيخ عبد السميع الندوي ( أمين قسم التعمير والبناء لندوة العلماء سابقاً ) ، بعد مرض طويل عاناه ، ولكنه لم يبرء من هذا المرض ، ولبَّى نداء ربه تعالى في 29/ شعبان 1443هـ ، المصادف 2/ أبريل 2022م ، يوم السبت ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
كان الأستاذ عبد الرشيد الندوي من أبناء ندوة العلماء ، الذين تخرجوا منها عام 1971م ، وكان مجتهداً في الدراسة ، ذا همة عالية ، فواصل دراسته في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، وبعد إكمال الدراسة اشتغل بالوظيفة داخل المملكة ، وقضى هناك وقتاً طيباً ، ثم عاد إلى الهند ، واشتغل بعمل مما يتعلق بالدعوة والتربية ، وظل على هذا العمل ، حتى جاءه الأجل .
ومن أهم أعمال الأستاذ عبد الرشيد الندوي أنه قام بتوسعة نطاق جهود والده الشيخ عبد السميع الندوي ، فإنه أنشأ الجمعية المركزية لتبليغ الإسلام بكانفور ، وقاوم الردة والإلحاد ، ألَّف الأستاذ عبد الرشيد الندوي مؤلفاً قيماً حول سيرته ، وبعض رسائل دعويةً .
خلَّف وراءه أسرةً كاملةً من البنين والبنات ، ندعو الله أن يغفر له زلاته ويدخله فسيح جناته ، ويلهم أهله وأولاده وإخوانه الصبر الجميل .