موسوعة الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل

إلى نظام عالمي جديد
يوليو 3, 2024
التفسير الموضوعي لسور القرآن العظيم
ديسمبر 23, 2024
إلى نظام عالمي جديد
يوليو 3, 2024
التفسير الموضوعي لسور القرآن العظيم
ديسمبر 23, 2024

قراءة في كتاب :

موسوعة الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل

للدكتور ضياء الرحمن الأعظمي

بقلم : الدكتور الحافظ كليم الله العمري المدني *

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :

فهذا كتاب قيم وعظيم من رجل عظيم صدر كمراجع ومصادر لأهل العلم ، وموسوعة حديثية لطلاب الحديث وذويه في قرننا ، وهذا المصنف والمؤلف من أبدع المصنفات في الحديث الشريف في القرن العشرين الميلادي حسب ما علمت وبحثت ، ومن أجمل ما كتب وصنف في الأحاديث الشريفة ، وصاحبنا محمد ضياء الرحمن الأعظمي ( تغمد الله الفقيد برحمته ) أراد الله به نشر ما كان تعبيراً عما رآه في أيام دراسته بجامعة دار السلام بعمرآباد في جنوب الهند وما كان مخمولاً في الذكر وفتح باب جديد لخدمة الحديث النبوي الشريف ، سبق المؤلف إلى ما لم يسبق إليه أحد من ذوي العلم والفضل في القرون المتأخرة ، تقبل الله منا ومنه صالح الأعمال وجعله في ميزان حسناته ، لمثل هذا فليعمل العاملون .

سبب تأليف الكتاب :

كان الناس يسألونه في الحَل والترحال دوماً ، أين المصدر    الثاني بعد كتاب الله محفوظاً ومطبوعاً وصحيحاً وجامعاً من جل        المصنفات والمسانيد والجوامع والصحاح والسنن والمعاجم والمستخرجات والمستدركات ؟ وكيف نستفيد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم جميعها ؟

وهكذا مرت عليه أسئلة من أهل العلم وطلابه ، ففكر ودبر واعتكف لمدة خمس عشر سنة ، وبذل قصارى جهوده المتوالية في نيل المرام وفاز فوزاً عظيماً بإذن الله تعالى .

جمع صاحبنا في كتابه أكثر من ستة عشر ألف حديث صحيح أو حسن مخرج وضبط بعد كل حديث صحته أو حسنه ، ثم رتب الأحاديث ترتيباً فقهياً ، وجمع فيه أحاديث العقائد والعبادات والمعاملات والمغازي والسير والفضائل والمناقب والآداب والتفسير والزهد والرقاق والأدعية والأذكار والرقى الشرعية والطب وتأويل الرؤيا واللباس والفتن وأمارات الساعة والجنة والنار حسب ما يحتاج إليه المسلم للتزود للآخرة .

ثم رتب المؤلف في جامعه الكامل 67 كتاباً و 6000 باباً و 16000 حديثاً صحيحاً أو حسناً ، وذكر المؤلف في نهاية كل باب أحاديث ضعيفة مشهورة عند الناس ، وهذه الأحاديث الضعيفة 3000 تقريباً ، وهذه ليست من أصل الكتاب ، لذلك لم يرقم لتلك الأحاديث الضعيفة المذيلة عند نهاية كل باب ، بل ذكر المؤلف تنبيهاً وتحذيراً لطلبة العلم ، وهذا الكتاب طبع في عام 1437هـ في اثني عشر مجلداً ، ولقي قبولاً عاماً عند العلماء وطلبة العلم في حياة المؤلف رحمه الله .

لما صدر هذا الكتاب في السعودية في اثني عشر مجلداً وفي باكستان في تسعة عشر مجلداً انبسط العلماء الأفاضل والباحثون وطلبة العلم الشرعي من الشرق والغرب ، كل كان حريصاً على استقبال الكتاب وقبوله ، وكما نظن بعد شهرة هذا الكتاب وطبعه ينتهي الخلاف في كثير من المسائل الشرعية بإذن الله تعالى .

وهذا الكتاب كما يعرف المؤلف نفسه في كتابه القيم ( الأدب العالي ) : ” والجامع الكامل شامل مما يحتاج إليه المسلم في حياته لمعرفة أمور دينه ودنياه لإصلاح نفسه ، وإصلاح المجتمع الذي يعيش فيه ، وكل موضوع في الجامع الكامل يستحق أن يفرد له في جزء ” .

وقد استغرق تأليفه عدة سنوات وعمل خلالها ليلاً ونهاراً تاركاً رحلاته والندوات والمؤتمرات ليكون جامعه جامعاً لكل خير ، ومناراً للهدى واتباع السنة المطهرة ، والحق أحق أن يقال كما قال الإمام الترمذي عن سننه : ” فمن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم ” .

وكان المؤلف قد لخص الكتاب في خمسة مجلدات لغير الناطقين باللغة العربية ، وهذا الملخص يترجم في الإنجليزية والأردية لتمام الفائدة لجميع الناس ويطبع قريباً بإذن الله تعالى .

احترق الشيخ – رحمه الله – في أول حياته فأشرق في آخرها ، فصاحبنا وُلد وبقي على فطرة الله التي خلقها وهو ممن أسلم وحسن إسلامه وثبت وهاجر في الله وجاهد فيه حق جهاده وضحّى بتضحيات كثيرة في سبيل الدين الحنيف وترك أشياء كثيرةً وأموراً عديدةً لله ، فعوّض الله له وهداه إلى صراط مستقيم وجعله قدوةً لطلبة العلوم الشرعية والمهاجرين في سبيل هذا الدين القيم ، وجعل مسكنه في حياته وبعد مماته في خير أرض من الدنيا وأحبها إلى الله تعالى ورسوله وعند جميع الناس كلهم ، وهي مصدر الإيمان ومنتهاه كما قال النبي عليه السلام : ” إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها ” ( أخرجه ابن ماجه وصحّحه الألباني ) ، واستحق شيخنا بفضل من الله أن تحصل له شفاعة نبينا يوم القيامة بإذن الله صلوات ربي وسلامه عليه ، ” من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل . فإني أشهد لمن مات بها ”          ( أخرجه ابن ماجه وصحّحه الألباني ) .

وقد صدق بعض العلماء : ” من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة ” ، وطلب العلم لا يأتى براحة الأجساد ، بل لابد فيه من سهر الليالي وإتعاب الجسد ، ومن ظن أن العلم يأتي في يوم وليلة أو في سنة أو في عشر سنوات ، أو ظن أنه بقراءته لكتاب أو كتابين أنه سيصبح شيخاً للإسلام والمسلمين فهو مخطئ في ظنه هذا .

فالله أسأل أن يتقبل حسناته ويتجاوز عن سيئاته ويجعل الجنة مثواه وينفع بعلومه النافعة الأمة الإسلامية ، ويجعله ذخراً للأخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . وصلى الله على نبينا محمد وبارك وسلم ، والحمد لله رب العلمين .

* عضو هيئة التدريس بجامعة دار السلام ، عمرآباد – الهند .