بعض علماء اللغة العربية في الهند كما عرفتهم

المحدث محمد مشاهد السلهتي وعلم الحديث
يوليو 3, 2024
المحدث محمد مشاهد السلهتي وعلم الحديث
يوليو 3, 2024

رجال من التاريخ :

بعض علماء اللغة العربية في الهند كما عرفتهم

الباحث :  الأخ حسيب الرحمن *

تعد اللغة العربية من أشهر اللغات العالمية انتشاراً وتوسعاً في العالم ، وتعتبر إحدى اللغات المعتمدة في الأمم المتحدة ، كما أنها من اللغات التي ظلت محافظةً على قواعدها اللغوية حتى هذا الوقت ؛ لأنها لغة الإسلام والمسلمين والقرآن الكريم ، كما أن الثقافة العربية غنية جداً بالعديد من المؤلفات ، سواء الأدبية ، أو العلمية ، أو غيرها ، والتي كتبت بلغة عربية فصيحة ، ويصل العدد الإجمالي لحروف اللغة العربية إلى ثمانية وعشرين حرفاً .

تمتد أهمية اللغة العربية إلى العلاقة الوطيدة بينها وبين الثقافة والهوية الخاصة بالشعوب ، فهي وسيلة التواصل بينهم ، وهي التي تعبر عن تفكير الأمم ، والوسيلة الأولى في نشر ثقافات الأمم المختلفة حول العالم ، وبما أن اللغة العربية هي المسؤولة عن كل هذہ الأمور ، فهي إذاً التي تشكل هوية الأمة الثقافية التي تميزها عن باقي الأمم .

تمتاز اللغة العربية الفصحى من بين لغات العالم الكبرى بتاريخها الطويل المتصل ، وثروتها الفكرية والأدبية ، وحضارتها التي وصلت قديم الإنسانية بحديثها ، ورابطتها التي لا تنفصم بالكتاب المقدس ، ودين يزيد معتنقوه عن خمس سكان العالم .

قد أصبحت اللغة العربية اللغة العالمية الأولى في مختلف العلوم والفنون في عصر ازدهار الحضارة العربية الإسلامية ، منذ القرن الثالث الهجري ، وإن عالميتها ظهرت واضحةً عندما كانت البعثات العلمية في مختلف الأقطار الأوروبية تؤم مراكز الإشعاع الثقافي ، في قرطبة ، وإشبيلية ، وغرناطة  ، وفارس والقيروان وغيرها من مراكز العلم ، للدراسة في مختلف العلوم والفنون باللغة العربية ؛ لغة التدريس والبحث ، ولغة المصادر العلمية .

هناك عدد ملموس من العلماء والأدباء الذين أدوا دوراً بارزاً في تطوير اللغة العربية في البنغال من غلام مصطفى الحنفي البردواني الذي يُعد من العلماء المشهورين في الفنون الحكمية والشعراء المجيدين للعربية ، والقاضي فضل الرحمن البردواني الذي يُعتبر أحد العلماء المبرزين ، و ( مولانا أبو الكلام ) أحمد بن خير الدين الكلكتوي ، وأبو محفوظ الكريم المعصومي الذي يعد من العلماء المتبحرين في علوم العربية والحديث والتفسير والتاريخ ، وله إنتاجات كثيرة ، ولطف الحق المرشد آبادي ، وهو عالم ومفكر إسلامي وكاتب وأديب وشاعر عربي وغيرهم ، وفيما يلي نظرة عابرة على  العلماء والأدباء الذين لهم إسهامات في تطوير اللغة العربية في البنغال الغربية بإيجاز :

(1) الشيخ عبيد الله الميدني فوري :

كان الشيخ الفاضل عبيد الله بن أمين الدين الشهابي الصديقي الجيتوي الميدني فوري أحد الأفاضل المشهورين في عصره ، وُلد بجيتوا من أعمال ميدني فور في إقليم بنغاله ، وكان يعرف اللغات الإنكليزية والفارسية والبنغالية وسنسكريت مع مهارته في اللغة العربية .

له مصنفات ممتعة ، منها : طراز الأزهار في سير الفلاسفة الكبار ، وتشحيذ الإدراك في حقيقة حركة الأرض ووجود الأفلاك ، ودراية الأدب في لسان العرب ، ومفتاح الأدب في علمي النحو والصرف وديوان الشعر [1] .

(2) السيد المفتي عميم الإحسان المجددي :

وهو الشيخ الفاضل السيد عميم الإحسان بن المولوي الحكيم السيد أبو العظيم عبد المنان من السادات الزيدية الحسينية ، ويصل نسبه إلى زيد الشهيد بن زين العابدين بن سيدنا الحسين رضي الله عنه ، وُلد عام 1911م في مونغير ( Munger ) ، كان والده قد توطن في مدينة كلكته ، لذلك ربي عميم الإحسان وترعرع فيها .

كان كثير التأليف والتصنيف بالإضافة إلى الدرس والتدريس والإفتاء ، وله أكثر من مائة مؤلف فى اللغات الثلاث العربية والفارسية والأردية ، وقد طبع نصف مؤلفاته ، ومن أهم مؤلفاته : إتحاف الأشراف بحاشية الكشاف ( مطبوع ) ، والإحسان الساري بتوضيح تفاسير صحيح البخاري ، والتنوير في أصول التفسير ، وفقه السنن والآثار ( مطبوع ) ، وجامع جوامع الكلم وفهرست كنز العمال ومقدمة سنن أبي داؤد          ( مطبوع ) ومقدمة مراسيل أبي داؤد وميزان الأخبار وتحفة الأخبار وتلخيص المراسيل وأسماء المدلسين والمختلطين والإفصاح من نور الإيضاح [2] .

(3) الشيخ عباس علي :

كان الشيخ عباس أحد كبار العلماء البارزين في ولاية البنغال الغربية ، وُلد في قرية إيجا خالي بمنطقة مرشد آباد عام  1887م في أسرة شريفة دينية .

له تصانيف عديدة مهمة منها :  نور الإيمان ( في الشعر ) ، طريق النجاة ، سراج الإيمان ، تعليم الصلاة ، تسهيل علم الفرائض ، تعليم الإسلام ، نور الإيمان الجديد ، أحكام الحج والفتاوى الضرورية [3] .

(4) الشيخ عبد الستار الرحماني :

كان مولانا عبد الستار الرحماني من الشخصيات الأدبية المتميزة في شمال البنغال ، وكان عالماً ذائع الصيت في اللغة العربية والعلوم الإسلامية خاصة الأدب العربي الحديث ، ومصلحاً اجتماعياً ومعلماً ، وُلد في كربونا أه حي مالدا عام 1917م [4] .

(5) العلامة عبد الرحمن الكاشغري :

ولد العلامة عبد الرحمن الكاشغري في كاشغر عاصمة تركستان عام 1912م . كان محباً للعلم منذ نعومة الأظفار فخرج من بلده طلباً للعلم ، وعمره إحدى عشرة سنة فوصل إلى أفغانستان ثم رحل من أفغانستان إلى الهند فوصل بدخشتان قريبة من فيض آباد ، وظل يتعلم في دار العلوم ندوة العلماء منذ عام 1922م إلى عام 1930م وتخرج فيها عام 1931م ، واشتغل بالتدريس فيها ، وخلال تلك الفترة أخذ شهادة البكالوريوس من جامعة لكناؤ وشهادة القراءات السبع في ” المدرسة الفرقانية ” . وأصبح محاضراً في قسم الفقه وأصوله فى المدرسة العالية بكلكته عام 1938م .

كانت للعلامة يد طولى في اللغة العربية والأدب العربي بالإضافة إلى تضلعه في الفقه وأصوله والحديث والتفسير ، إنه أخرج ديواناً لشعره أيام إقامته في دار العلوم لندوة العلماء باسم ” الزهرات ” . وله ديوانان آخران أحدهما ” الشذرات ” والآخر ” العبرات ” .

ومن مؤلفاته : محك النقد ، وكتاب الأسد وكناه وكتاب الذئب وكناه للصغاني ، ونظام الأسد في أسماء الأسد للسيوطي ، إنه قام بتحقيق هذه الكتب ولم تطبع حتى الآن ، وله قاموس مزدوج من اللغة العربية إلى الأردية [5] .

(6) الشيخ مسلم الرحماني :

يُعد مسلم الرحماني من الشخصيات المميزة العربية في شمال البنغال ، فكان خطيباً ومعلماً عاماً شهيراً ، ولد في بيرنا غار ، كليا تشاك في منطقة مالدا عام 1909م .

درس اللغة العربية والدراسات الإسلامية لمدة ستين عاماً ، بصرف النظر عن هذا كان متحدثاً شعبياً في العلوم الإسلامية في شمال البنغال ، قام بتوعية الجماهير بأهمية التعليم وكذلك التربية الإسلامية من خلال خطبه ، كما دعا إلى إنشاء مدرسة إسلامية أو جامعة فتم إنشاء العديد من المدارس الدينية في مالدا وأوتار وداكشين ديناجبور من خلال مشاركته المباشرة وغير المباشرة [6] .

وسوى هؤلاء العلماء الأعلام هناك فهرس طويل للذين قاموا بخدمة اللغة العربية والأدب العربي بالإضافة إلى العلوم الإسلامية العربية ، إذا أخذنا تراجم أولئك الأعلام ومآثرهم لطال بحثنا إلى حدٍ ممل .

* قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة لكناؤ ، لكناؤ ، الهند .

[1] الحسني عبد الحي : الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام ( الجزء الثامن ) مكتبة دارعرفات ، دائرة الشيخ علم الله ،رائي بريلي ، الهند ، ص 321 – 322 .

[2] عبد الستار مولانا ، تاريخ مدرسة عالية ( 1781م – 1959م ) ، ج 2 ، ينغ بريس 7 كيلاش كهوشن لين ، دهاكه ،ص 177 .

[3] المصدر السابق ، ص 202 .

[4] المصدر السابق ، ص 198 – 199 .

[5] المصدر السابق ، ص 198 .

[6] المصدر السابق ، ص 198 – 199 .