إلى نظام عالمي جديد

(2) ” مناظر أحسن الكيلاني حياته ومآثره ” للأستاذ جنيد أحمد القاسمي
يونيو 4, 2024
(2) ” مناظر أحسن الكيلاني حياته ومآثره ” للأستاذ جنيد أحمد القاسمي
يونيو 4, 2024

قراءة في كتاب :
إلى نظام عالمي جديد
بقلم : الدكتور ح . محبوب علي خان 
يعتبر هذا الكتاب من أهم ما كتب وألف الأستاذ محمد واضح رشيد الحسني الندوي رئيس تحرير صحيفة ” الرائد ” ورئيس الشئون التعليمية لندوة العلماء سابقاً ، قد طُبع هذا الكتاب القيم من المجمع الإسلامي العلمي ، لكناؤ ، الهند ، في عام 2007م ، وتحدث المؤلف في هذا الكتاب حول الغزو الفكري الغربي للمجتمعات العربية والإسلامية ، وقد قام المؤلف بدراسة تحليلية موسعة ومقارنة دقيقة بين الحضارتين الغربية والإسلامية ، ويعتبر هذا الكتاب مجموعةً طيّبةً من المقالات التي نشرها المؤلف في صحيفة الرائد ومجلة البعث الإسلامي تعميماً للفائدة .
ينقسم الكتاب إلى بابين : الباب الأول يشتمل على خمسة فصول ، يصوّر واقع الحضارة الغربية ، والاستعمار والتبشير والاستغلال الاقتصادي والتزوير الفكري تصويراً واقعياً كأنك تراه وتشاهده بأم عينك ، فالفصل الأول يبحث حول ” تناقضات واقع العالم الغربي ” ، والثاني يركز على مبدأ حضارة الغرب للهدم والإرهاب ، وهي بؤرة حرمان وشقاء ، والثالث يحكي انحراف العلم والثقافة ، والرابع يكشف عن نفسية الغرب للتلاعب بالمصطلحات ، وأما الفصل الخامس فهو يتحدث حول أخطر موضوع جاء بمتاعب وويلات للإنسان المعاصر ، وهو ” وسائل الغزو الفكري والاقتصادي ” .
والباب الثاني للكتاب ينقسم إلى فصلين مهمين أحدهما : ” إلى نظام عالمي جديد ” ، يسلط الأضواء فيه الكاتب على مواقف واستراتيجيات الإنسان الغربي والشرقي ، ويتقدم بالإسلام كبديل ومنقذ وحلّ لتلك الأزمات والمشاكل التي يواجهها العالم المعاصر . وأخيراً يتقدم في الفصل الثاني بسؤال إيجابي إقراري ” لماذا لا يجرب العالم الإسلام ؟ ” بكل كفاءة ولباقة وارتياح واعتدال ، بعد تبيان من الأدلة والشواهد والتجارب الواقعية التي اختبرها الرجل المثقف العاقل المفكر في كل بلد .
فبعد تحليل علمي وبحث موضوعي مدلل ومستفيض توصل المؤلف إلى نتائج هامة ، وهي أن الخروج من مأزق الغرب لا يمكن إلا بالرجوع إلى رسالة الإسلام وتشكيل مجتمع إسلامي واللجوء إلى نظام عالمي جديد ( A New World Order ) كبديل أحسن ، وما هو إلا النظام الإسلامي الذي ينبني على أساس : التوحيد الخالص والعدل والمساواة واحترام البشرية جمعاء ، فأصبح الكتاب مرجعاً هاماً ومصدراً أساسياً ومأخذاً مهماً ونبراساً للدارسين والباحثين في هذا الموضوع .
وقد بذل المؤلف جهوداً مضنيةً لجمع المواد وبصفة خاصة اقتطف مواد إنجليزية من الكتب والصحف الإنجليزية التي كتبتها أقلام المستشرقين ، وطالع تقارير صحفية موثوقاً بها واستفاد منها كاملةً واستخرج النتائج التي بنى عليها نتائج هذا الكتاب . ومما يزيد الكتاب أهميةً أن المؤلف تأثر بأفكار الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي وعاش مع مؤلفاته العديدة البارزة أثناء إعداد هذا الكتاب .
من أبرز الخصائص والسمات التي لمسناها خلال الدراسة لهذه المقالات هي :
أسلوب العرض والنقد والتحليل علمي وموضوعي ، يتسم بالهدوء والاتزان ، مبني على الدراسة العميقة لتاريخ الحضارة الغربية وثقافتها ، وفلسفتها المادية ، والاطلاع المباشر على التيارات الأدبية والفكرية الحديثة ، والأنشطة السياسية ، والحركات الهدامة ، الموجودة في الغرب ، فوراء كل لفظ وثائق ، ومستندات وشهادات من تاريخ الغرب نفسه .
يتدفق الدافع الإيماني القوي والغيرة الدينية من كل سطر ، بل من كل لفظ ، لا شك أن الخلفية التاريخية لأسرة المؤلف والبيئة التي نشأ فيها ، وترعرع ، والتوجيهات التربوية التي تلقاها ، والظروف القاسية التي شاهدها والحس المرهف الذي يملكه عاملاً قوياً في كتابة هذه المقالات ، هي الاستنارة بنور القرآن وهديه ، وهي التي تمنح الكاتب قوة الاستدلال والميزان الصحيح للنقد والتقويم فيأتي المؤلف في عرض الوقائع والأحداث بأسلوب تحليلي جديد وطريف .
الميزة البارزة لهذا الكتاب بأنه يفضح العالم الغربي من جميع جوانبه ، ويزيح الستار الكثيف الذي أسدلته الدعاية الغربية على وجه الغرب القبيح الكالح والذي يعتبر أكثر خطراً وأشد ظلاماً من القرون الوسطى لدرجة أن الإنسان في هذا العصر المتحضر يكاد يشعر بأنه يعيش في عصر الغابات ويواجه عهد الرق والعبودية ، فيغلب عليه اليأس ويكاد يقطع رجاءه من مستقبل الإنسانية .