خطوات أولية في بناء الملَكة التفسيرية

الدعوة الإسلامية : ألم يعلم بأن الله يرى الدكتور أشرف شعبان أبو أحمد  ذات ليلة بينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتفقد أحوال الرعية ليطمئن عليهم ، سمع سيدةً تقول لابنتها : يا بنية ! اخلطي اللبن بالماء . فقالت الابنة : يا أماه ! إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى عن خلط اللبن بالماء . فقالت الأم : إن أمير المؤمنين لا يرانا . فقالت الابنة : إذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) لا يرانا ، فإن رب عمر يرانا . ولم يكن عمر غائباً كما ظنت أمها ، بل كان حاضراً يسمع وينصت ، وسر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهذا الحديث ، وبعث ابنه عاصم في الصباح ليخطب هذه الابنة ، إن الفتاة لم ترض بغش اللبن بالرغم من علمها بأن عين أمير المؤمنين لن تراها ، وتعلم أن الله يراها ، فاستحيت من الله أن يراها على معصية ، فكانت أهلاً لتكون زوجةً لابن ثاني الخلفاء الراشدين ، وجدةً لخامس الخلفاء الراشدين ، فقد علمت بفطرتها وهي طفلة أن الله يراها في كل وقت في السر والعلن ، فصدقت القول بالعمل ، وأصبحت تراقب الله في كل أفعالها ، فأبت أن ترضي مخلوقاً في معصية الله ، حتى لو كانت أمها . إن كان عمر لا يرانا ، فإن رب عمر يرانا ، ضع مكان عمر من شئت من المسئولين ، وولاة الأمر ، وتفقد نفسك ، وحاسبها على هذا المبدأ ، وسيتبين لك أننا في كثير من أمورنا لا نتعامل إلا مع عمر ، ولا نقيم وزناً لرب عمر رضي الله عنه . وعن نافع قال : خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له ، ووضعوا سفرةً لهم ، فمر بهم راعي غنم فسلم ، فقال ابن عمر : هلم يا راعي ، هلم فأصب من هذه السفرة . فقال الراعي له : إني صائم . فقال ابن عمر : أتصوم في هذا اليوم الحار الشديد سمومه ، وأنت في الجبال ترعى الغنم ؟ فقال : أي والله أبادر أيامي الخالية . فقال له ابن عمر ، وهو يريد أن يختبر ورعه : فهل لك أن تبيعنا شاةً من غنمك ، فنعطيك ثمنها ، ونعطيك من لحمها فتفطر عليه ؟ فقال الرعي : إنها ليست لي ، إنها غنم سيدي . فقال ابن عمر : فما عسى سيدك فاعلاً ، إذ تفقدها فقلت : أكلها الذئب ؟ فولى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول : فأين الله ؟ فهذا عبد من عباد الله ، يرعى الغنم في الجبال الموحشة الخالية ، لكنه يعرف كيف يتعامل العبد مع ربه ، فهو يراقب الله الذي يسمعه ويراه ، ولا تخفى عليه خافية ، ولذا فهو لا يحب أن يراه الله في موقف ريبة ، ومن أجل ذلك قال : فأين الله لما طلب منه ابن عمر ، على سبيل الاختبار ، بيع شاة ، ولما قدم ابن عمر إلى المدينة بعث إلى مولاه ، فاشترى منه الغنم والراعي ، فأعتق الراعي ووهب له الغنم ، مكافأةً له . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بمراقبة الله وخشيته ، فقال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ” اعبد الله كأنك تراه ” وحين سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان قال صلى الله عليه وسلم : ” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ” ، في هذا الحديث حقيقة وعظة وعبرة ، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، فليتنا نفهم مراده ، ونعمل بمدلوله ، وهو يترجم بكل واقعية ، حقيقة إيمانية ، أن الله يرانا وهو على كل شيئ رقيب ، وبكل شيئ محيط ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، يعلم ما نخفي وما نعلن ، وما يخفى على الله من شيئ في الأرض ولا في السماء ، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ، ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ، إنه بكل شيئ عليم . فيا من ترتكب معصية ، كبرت أم صغرت ، عظم شأنها أم قل ، وقد تكون في مشهد مقزز ، تشمئز منه النفوس ، وتنظره العيون شزراً ، ألا تستحي أن يراك الله ، بينما تستحي إن يراك أحد كائناً من كان ، في وضع مخز أو موقف محرج أو مظهر غير لائق ، أو تقع أمامه في خطأ ما يحسب عليك ، وقد يحاسبك عليه ، بل تحرص أشد الحرص ، على أن يراك فيما تحب أن يراك عليه ، ألا تستحي من الله أن يراك وأنت هكذا ، فلو عبدنا الله حق عبادته ،كأننا نراه ، فإن لم نكن نراه فهو يرانا ، واضعين نصب أعيننا ، قوله تعالى : ( أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) [ البلد : 7 ] وقوله : ( أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ ) [ العلق : 14 ] ، وقوله : ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ) [ الزخرف : 80 ] موقنين بأن علينا حفظة يحصون أعمالنا لنحاسب عليها ، كما في قوله : ( إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [ المائدة : 105 ] ، وقوله : ( لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى ) [ النجم : 31 ] ، وقوله عز وجل : ( وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَا لِهَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) [ الكهف : 49 ] ، فيا من توسوس له نفسه بمعصية ، فسألها : ألا يرانى الله ! ألا يعلم ما أرتكبه ! ألم يجازيني على ما أفعل ! فاستحى أن يراه الله هكذا ، وزجرته نفسه وعاد لرشده ، لتغير حالنا كثيراً عما هو عليه ، ولكن للأسف تلك الحقيقة يعلمها الكثير منا ولا ينتفعون بعلمهم ، فتجد من لا يقدر أن يفعل معصية أمام الناس ، ويفعلها في خلوته أمام الله ، كما لو كان الله سبحانه وتعالى أهون عليه من الناس ، ولتكون خشيته من الناس عنده ، أعظم من خشيته لله سبحانه وتعالى . ومن الأمثلة على هؤلاء : نوابنا في المجالس النيابية الذي يمثلون فيها رأي وصوت الشعب تحت قبة البرلمان ، وهم من وضع الناس فيهم الثقة ، وحملوا أحلامهم ليضعوها بين أيديهم ، راجين فيهم الأمل ، حالمين بتغير أحوالهم ، مصدقين وعودهم ، لكنهم في أول جلسة لهم على الكرسي ، انتهى دور الناخبين بالنسبة لهم ، بل وأصبحوا مصدر إزعاج وثرثرة لهم ، وقد فتنهم بريق السلطة وصولجانها ، وغرَّهم سلطان المال ورونقه ، فأخذوا على عاتقهم جمع أقصى ما يستطيعون جمعه قبل أن تنتهي المدة ، خشية ألا تتكرر الفرصة مرة أخرى ، ودخلوا في مزايدة على الشرف والضمير ، تخافت صوتهم الذي كان يصيح بحق الناس ، وعلا صوتهم بالضلال ، وأصبحوا ممن يكرسون القانون لخدمة الطغاة ، هؤلاء ألم يضعوا أنفسهم أمام الحقيقة الناصعة الوضوح ، وهي أن العليم الخبير الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض والسماء ، يراهم ويشهد ما يفعلون ، وسيجازيهم على فعلتهم عاجلاً أم أجلاً . قال تعالى : ( لَّهُمْ عَذَابٌ فِى ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ ) [ الرعد : 34 ] ، وقال : ( وَكَذٰلِكَ نَجْزِى مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ ) [ طه : 127 ] . ومنهم أيضاً من يصل بالمكر والخديعة والاحتيال إلى منصب ليس أهلاً له ، ومن تسلق السلم الوظيفي على أكتاف من يستحق الترقي ، وقد أخذ حقاً ليس له ، طامعاً في أن يزيد نفوذه وماله على حساب من يستحق ، ومن أسند له أمر ، وهو ليس أهلاً له ، وهناك من هو أحق به منه ، ألا يعلم أن الله يرى ؟ فمهما جلس يبرر لنفسه أو يدعي الكفاءة أو الاستحقاق ، فإنه يخدع نفسه ، وهذا الخداع لن يستمر طويلاً ، لأن الله سيريه دائماً الحقيقة أمامه تشير له بالجهل والعجز ، أمام مواقف بسيطة ، فيطارده الفشل والضيق ، وقتها سيتمنى راحة البال التي ينعم بها من سلب منه هذا الحق ، هؤلاء الذي قال فيهم عليه الصلاة والسلام ، عندما جاءه أعرابي قائلاً : متى الساعة ؟ فقال : ” فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ” ، قال : كيف إضاعتها ، قال : ” إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ” . ومنهم الغاش لأبناء بلده ولأسرته وللمقربين له ومن قبل ومن بعد لنفسه ، ألم يعلم من غش في صغيرة أو كبيرة من الأمور ، ولم يتب ، قال فيهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : ” من غشنا ليس منا ” وقال : ” أيما راع غش رعيته فهو في النار ” ، وإن لم يره أحد أو غفلت عنه أعين المراقبين له أو زاغ هو عن مراقبتهم له ، فإن الله يرى وعينه لا تغفل ولا تسهو ، وقال عليه الصلاة والسلام : ” من استرعاه الله رعيةً ثم لم يحطها بنصحه ألا حرم الله عليه الجنة ” . ومنهم من يبخس الناس أشياءهم ولا يوف بالكيل والميزان ، أي ميزان ، ميزان الحق ، ميزان العدل ، ميزان الكيل ذاته أو غيرهم ، ألا يعلم أن الله يرى ؟ وأن هذه الجرامات التي يسلبها من حقوق الناس ، ويظن أنها تزيد أمواله أو أموال من نصره ظلماً ، هي حرام وإن اختلطت بالحلال ، وكيف يرضى لأنفسه ولأولاده أكل الحرام ، قال عليه الصلاة والسلام : ” كل لحم نبت من حرام ، فالنار أولى به ” ، وقال : ” من اقتطع حق امرئ مسلم فقد أوجب الله عليه النار وحرم عليه الجنة ” ، ما ذنب زوجته أن تدخل النار لأنه أطعمها من حرام ، وما ذنب ابنه أن يدخل النار لأن لحمه نبت من حرام ، إن ما يطعمهم به ، يقذف بهم إلى النار ، ويطعم لحمهم الذي نبت من حرام نار جهنم ، وليعلم أنه لن يفلت من عدالة الله ، فكما أخذ من حقوق الناس في الدنيا سيأخذون من حسناته أو يأخذ من سيئاتهم في الآخرة ، ولكن هل هذا سيكفي لوفاء حقوقهم ؟ عسى الله ألا يمهله إلى هذا اليوم ، ويلهمه التوبة قبل فوات أوانها ، قال تعالى : ( يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) [ التحريم : 6 ] . ومنهم من يخرج سعياً وراء شهوة الفرج ، وقد يكون الله قد كفلها له بالمتعة الحلال ، فقد يكون متزوجاً ، من زوجة صالحة ، لكن نفسه الدنيئة تدفعه وراء شهوة حيوانية ، فيفعل ما يفعل ، ويعود زاهياً بنفسه ، ماذا لو أراد الله ، أن يريه سوءة ما فعل ، فيجلسه مع نفسه ، فإذا به ينظر ليجد أمامه صورة واضحة ، يشهد فيها كل ما فعل في الخفاء ، بتفاصيله مجسداً أمام عينه ، لقد أصبح على نفسه شاهد عيان ، هل سأل نفسه ماذا لو انكشفت حقيقتي لزوجتي وأولادي ، هل أستطيع مواجهتهم وهم يفترضون في كل شيئ حسن ؟ هل وصلت لهذه الدرجة من الوضاعة بحيث أضعهم في هذا الموقف ؟ وإذا كان يخشى من رؤية زوجته وأولاده ، وهم لم يروه ، ألا يخشى الله وهو يراه ، بل والأبشع من ذلك أن تظن به الظنون ، أن يرى زوجته ، وقد حلت محله ، لتفعل ما يفعله ، فهل يحتمل هذا أي رجل مهما بلغ من سوء الخلق ؟ إلا إن كان ديوثاً ، ماذا يفعل والشكوك تساوره ، والظنون تكاد تقضي عليه ، وهو يحصي كل مرة ارتكب فيها هذا الجرم الذي يندى له الجبين ، وهل كانت زوجته تفعل ما يفعل في غفلة منه ، وهو يسعى مطمئناً يلهث لإشباع غريزته ؟ ومنهم من تمتد يده الآثمة إلى حقوق الناس ، ولا يلقي بالاً ، لأثر ما اقترفته يداه من المعصية ، بدأ ممن تمتد يده إلى حافظة موظف بسيط ، ظل يكدح ويشقى طوال الشهر ، منتظراً هذا اليوم الذي يأخذ فيه ثمار جهده ، ليدخل على أبنائه حاملاً إليهم الفرحة والسرور حتى لو بالقليل ، فتمتد يد هذا السارق لتنتزع ليس فقط أمواله ولكن فرحته هو وأسرته ، وتبدلها حزناً وشجوناً ، فيظل يفكر المسكين فيما يفعل حتى يخرج من محنته ، ربما يستدين ويضيق المعيشة على أبنائه ، وهذا اللص ينعم بالحرام ، لا يفكر في نتيجة جريمته ، ترى هل يفلت من الله وهو المطلع عليه ؟ ووصولاً إلى لصوص من نوع آخر لصوص يمتلكون مناصب مرموقة ، يستغلونها كي تنتهي بهم إلى ثروة ضخمة ، ومنهم رجال الأعمال الذين عز عليهم التعب والشقاء ، واستطالوا مشوار الكفاح فاستحلوا الحرام ، ومنهم باعة الوهم والأحلام الكاذبة ومستغلو الأزمات وفاقة الناس ليثروا عليها ، وتخيلوا بأنهم أفلتوا بما فعلوا بحيل قانونية أو بمغادرة البلاد ، ألا يعلموا أن الله يرى ؟ وهو مجازيهم على فعلتهم ، إنه القانون الإلهي الذي ليس فيه نقض أو استئناف ولا يخضع للمماطلة . ومنهم من يستأمنه أخ له على بيته وأبنائه وأمواله ، ويتركهم في رعايته ، فتسول له نفسه الضعيفة ، أن يستحل الحرام ويستبيح لنفسه ما ليس من حقه ، ويتملكه الطمع ، ويستجيب لهوى نفسه الأمارة بالسوء ، فتمتد يده إلى هذه الأمانة ، ألا يعلم أن الله يرى ؟ يراه وهو يحل نفسه من ضميره ، ويتخلى عن مروءته ، ليستبيح مال أخيه أو بيته ، وهو من ذهب مطمئناً واثقاً في أخ راجياً فيه حفظ غيبته ، مطمئناً على ولده ، تاركاً له أباً يعوضه ومربياً يأخذ بيده إلى الأمان ، فما هو سوى لص يلتهم حقه ويخون الأمانة . ومنهم من ينهى عبداً إذا صلى أو صام أو زكا أو حج بيت الله الحرام ، ومن ينهى عبداً عن إقامة شعائر الإسلام على نفسه وأسرته ووطنه . ومثله من يمنع الداعية من الدعوة ، والمجاهد في سبيل الله من الجهاد ، ومن ينهى عباد الله عن طاعة الله ، وصد عن سبيله ، أرأيت إن كان هذا الناهي على ضلالة ، وفي جهالة ، ألم يعلم أن الله يرى ما يفعل ، ويبصر ما يعمل ، ويحصي أقواله ، ويكتب أفعاله ، ويعلم أحواله ، أيحسب أن لم يره أحد . ومنهم من قتل مؤمناً لئلا يقول ربي الله ، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسولي ، والإسلام ديني ، والقرآن دستوري ، ألم يعلم من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ، وقد حرم الله قتل النفس إلا بالحق ، وأين الحق في ذلك ؟ قال تعالى : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ ) [ الإسراء : 33 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : ” من أعان على قتل أدمي ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة وقد كتب على وجهه آيس من رحمة الله ” ، وقال : ” من نظر إلى امرئ نظرة يخيفه بها بغير حق أخافه الله يوم القيامة ” ، وقال : ” من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه ” ، وقال : ” من حمل علينا السلاح فليس منا ” ، فيا من لوثت أو لطخت يدك بدم بريئ قتلته تحت التعذيب أو تحت وطأة الإكراه للاعتراف على شيئ لم يفعله ، يا من لفقت تهمة لهذا أو ذاك من المواطنين الأبرياء ، يا من تقتل دون أن يهتز لك جفن ، وترجع فتضع رأسك على وسادتك ، وتذهب في نوم وأحلام ، ويا من تشعر باللذة في زيادة عدد ضحاياك كل يوم ، ولا تبالي بتوسلاتهم أو صراخهم ، يا من ترتكب مثل هذه الجرائم بوحشية ، يهون الموت بجانبها ، فيصبح رحمة لكرامة الرجال المذبوحة ، وأعراض النساء المنتهكة ، وهيبة الكهول الضائعة ، وبراءة الأطفال المشردة ، ألم يعلم هؤلاء القتلة ممن يرتوون من سفك دماء العباد ، أن الله يرى ؟ ماذا سيقولون لربهم يوم تسود وجوههم ؟ أفلا يعلمون أن أول ما يقضى فيه يوم القيامة الدماء لماذا سفكت ؟ فليتدبروا أمرهم يوم يرون سوءة ما فعلوا نصب أعينهم ، هذا إذا أمهلهم الله إلى هذا اليوم ، فربما جاء الحساب أسرع مما يتخيلون ، وربما استجاب الله لدعاء ضحاياهم ، التي تصرخ من ظلم العباد ، مستغيثة برب العباد ، مطالبةً بالثأر فيريهم يوما لم ينتظروه . ومنهم من يلعب القمار أو الميسر ، ويتلاعب بقوت أبنائه ، ويجارى أصدقاء السوء ، الذين يدفعونه إلى المعصية ، ألم يعلم بأن الله يراه وهو يحرم أبناءه من الضروريات ، ليقامر بما له من مال ، هل انعدمت من نفسه المروءة والرحمة؟ لتحل محلها الأنانية ، وحب الذات والقسوة ، وامتلكه الطمع إلى هذا الحد ؟ فلينظر إلى أين سيؤول به هذا ؟ هل سيكون مصيره السجن ؟ أم سيلقى به إلى طريق لا يرى له نهاية ؟ فلتخجل من نفسك يا رجل ، أفلا تستحي من الله ؟ فلتستجمع إرادتك ، وتجاهد نفسك ، ولتستعن بالله ، ربما كتب لك النجاة مما أنت فيه ، واستطعت التغلب على هوى نفسك ، فلا تقل أن الوقت فات كي تقلع عن هذا الإدمان ، فلم يفت الوقت ، دائماً يفتح الله باب التوبة والرحمة أمام العباد ، فلتقف ببابه مستغفراً عسى أن تكون فرصتك في حياة جديدة ، وثق أنك ستشعر فيها بلذة أكبر ، في بسمة أطفالك وإحساسك بإسعادهم واحترامهم لك ، وسيغمرك حبهم بالدفء والرضا ، وسيخرجك من إدمانك لهذه المعصية ، وقتها فقط ستجد اللذة الحقيقية . ومنهم من إذا حدث كذب بل ويحلف على الكذب ، وإذا اؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف ، ومن أنيط به الحكم بين الناس بالعدل وإقامته بينهم ، فلم يقمه لهوى في نفسه أو لمطمع خاص به ، والراشي والمرتشي ، والمرابي ، والمرائي ، ومن يشتغل بالسحر ، ومن يؤذي جاره أو زميله أو غيرهما من المسلمين ، ويقطع رحماً وصله الله ، ومن يتتبع بنظره عورات الناس ، متفحصاً وممحصاً حرماتهم ، ولا يغض بصره عنهم ، ومنهم كل هماز لماز مشاء بنميمة وكل مغتاب ، وكل لعان وقاذف للمحصنات ، ومن يشهد بهتاناً وزرواً ليغتصب حق آخر لنفسه أو لغيره ، أو يزيف ويزور لاستقطاع ما يمتلكه الغير ، ومن يأكل مال اليتيم أو يظلم أرملة ، أو من هو عاق لوالديه ، أو يتحدث عن جهل ، ومن تكبر وطغى وبغى وبطش وسلب ونهب وفسق ، دون أن يخشى أو يتحرج ، ويفعل ما يفعل من سائر الموبقات والمعاصي ، كل هؤلاء ألم يعلموا أن الله يراهم جميعاً وأفراداً ، هل دعا كل منهم نفسه لوقفة تأمل قبل أن يرفع يده ليرتكب جريمةً . فإلى كل العاصين الغافلين ، عليكم وعلينا أن نعي هذه الحقيقة الواضحة أن الله يرى . يرانا في جميع أحوالنا ، يرى ما نفعله في السر والعلن ، فلا يأخذنا الغرور والكبر والحاجة أو تدفعنا أنفسنا إلى ارتكاب المعصية ، فلنجاهدها ولنراقب الله في أفعالنا ، ولنستعد ليوم سيؤتى فيه بشهود ، لن نستطيع تكذيبهم ، أو ترويضهم أو حملهم على ما نريد ، إنهم أعضاؤنا وكافة جوارحنا التي ستشهد علينا ، يوم لا تطاوعنا ألسنتنا أن ندعي فيه شيئاً ، وستشهد على قولنا السوء والإثم والزور والبهتان ، وستشهد أيدينا على أخذنا ما ليس لنا ، وبطوننا على أكلنا الحرام ، وأرجلنا على خطانا نحو المعصية ، قال تعالى : ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) [ النور : 24 ] ، يوم لا يفكر أي منا إلا في النجاة بنفسه ، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، ولا ينفع أحدنا الآخر ، لا أب ولا ابن ولا زوجة ، ( يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) [ عبس : 34 – 37 ] ، قال عز وجل : ( وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) [ البقرة : 281 ] ، فإلى الله الرجعى ، قال تعالى : ( إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ ) [ العلق : 8 ] ، وإليه يرجع الصالح والطالح ، والطائع والعاصي ، والمحق والمبطل ، والخير والشر ، والغني والفقير ، ألا إلى الله تصير الأمور ، فلتستعدوا لهذا اليوم ، فما زالت الفرصة قائمةً أمامنا ، لننجو بأنفسنا ، عسى الله أن يتغمدنا بصفحه وغفرانه ، فلنقترب جميعاً منه ، خائفين عقابه ، مستغفرين ذنوبنا ، راجين رحمته ، أم على قلوب أقفالها ؟ أم لم يحن وقت طلب المغفرة والتوبة ؟ أم هو الأمن من عقاب الله ؟!
يناير 14, 2024
حقيقة الإيمان بنبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم
مارس 3, 2024
الدعوة الإسلامية : ألم يعلم بأن الله يرى الدكتور أشرف شعبان أبو أحمد  ذات ليلة بينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتفقد أحوال الرعية ليطمئن عليهم ، سمع سيدةً تقول لابنتها : يا بنية ! اخلطي اللبن بالماء . فقالت الابنة : يا أماه ! إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى عن خلط اللبن بالماء . فقالت الأم : إن أمير المؤمنين لا يرانا . فقالت الابنة : إذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) لا يرانا ، فإن رب عمر يرانا . ولم يكن عمر غائباً كما ظنت أمها ، بل كان حاضراً يسمع وينصت ، وسر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهذا الحديث ، وبعث ابنه عاصم في الصباح ليخطب هذه الابنة ، إن الفتاة لم ترض بغش اللبن بالرغم من علمها بأن عين أمير المؤمنين لن تراها ، وتعلم أن الله يراها ، فاستحيت من الله أن يراها على معصية ، فكانت أهلاً لتكون زوجةً لابن ثاني الخلفاء الراشدين ، وجدةً لخامس الخلفاء الراشدين ، فقد علمت بفطرتها وهي طفلة أن الله يراها في كل وقت في السر والعلن ، فصدقت القول بالعمل ، وأصبحت تراقب الله في كل أفعالها ، فأبت أن ترضي مخلوقاً في معصية الله ، حتى لو كانت أمها . إن كان عمر لا يرانا ، فإن رب عمر يرانا ، ضع مكان عمر من شئت من المسئولين ، وولاة الأمر ، وتفقد نفسك ، وحاسبها على هذا المبدأ ، وسيتبين لك أننا في كثير من أمورنا لا نتعامل إلا مع عمر ، ولا نقيم وزناً لرب عمر رضي الله عنه . وعن نافع قال : خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له ، ووضعوا سفرةً لهم ، فمر بهم راعي غنم فسلم ، فقال ابن عمر : هلم يا راعي ، هلم فأصب من هذه السفرة . فقال الراعي له : إني صائم . فقال ابن عمر : أتصوم في هذا اليوم الحار الشديد سمومه ، وأنت في الجبال ترعى الغنم ؟ فقال : أي والله أبادر أيامي الخالية . فقال له ابن عمر ، وهو يريد أن يختبر ورعه : فهل لك أن تبيعنا شاةً من غنمك ، فنعطيك ثمنها ، ونعطيك من لحمها فتفطر عليه ؟ فقال الرعي : إنها ليست لي ، إنها غنم سيدي . فقال ابن عمر : فما عسى سيدك فاعلاً ، إذ تفقدها فقلت : أكلها الذئب ؟ فولى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول : فأين الله ؟ فهذا عبد من عباد الله ، يرعى الغنم في الجبال الموحشة الخالية ، لكنه يعرف كيف يتعامل العبد مع ربه ، فهو يراقب الله الذي يسمعه ويراه ، ولا تخفى عليه خافية ، ولذا فهو لا يحب أن يراه الله في موقف ريبة ، ومن أجل ذلك قال : فأين الله لما طلب منه ابن عمر ، على سبيل الاختبار ، بيع شاة ، ولما قدم ابن عمر إلى المدينة بعث إلى مولاه ، فاشترى منه الغنم والراعي ، فأعتق الراعي ووهب له الغنم ، مكافأةً له . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بمراقبة الله وخشيته ، فقال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ” اعبد الله كأنك تراه ” وحين سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان قال صلى الله عليه وسلم : ” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ” ، في هذا الحديث حقيقة وعظة وعبرة ، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، فليتنا نفهم مراده ، ونعمل بمدلوله ، وهو يترجم بكل واقعية ، حقيقة إيمانية ، أن الله يرانا وهو على كل شيئ رقيب ، وبكل شيئ محيط ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، يعلم ما نخفي وما نعلن ، وما يخفى على الله من شيئ في الأرض ولا في السماء ، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ، ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ، إنه بكل شيئ عليم . فيا من ترتكب معصية ، كبرت أم صغرت ، عظم شأنها أم قل ، وقد تكون في مشهد مقزز ، تشمئز منه النفوس ، وتنظره العيون شزراً ، ألا تستحي أن يراك الله ، بينما تستحي إن يراك أحد كائناً من كان ، في وضع مخز أو موقف محرج أو مظهر غير لائق ، أو تقع أمامه في خطأ ما يحسب عليك ، وقد يحاسبك عليه ، بل تحرص أشد الحرص ، على أن يراك فيما تحب أن يراك عليه ، ألا تستحي من الله أن يراك وأنت هكذا ، فلو عبدنا الله حق عبادته ،كأننا نراه ، فإن لم نكن نراه فهو يرانا ، واضعين نصب أعيننا ، قوله تعالى : ( أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) [ البلد : 7 ] وقوله : ( أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ ) [ العلق : 14 ] ، وقوله : ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ) [ الزخرف : 80 ] موقنين بأن علينا حفظة يحصون أعمالنا لنحاسب عليها ، كما في قوله : ( إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [ المائدة : 105 ] ، وقوله : ( لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى ) [ النجم : 31 ] ، وقوله عز وجل : ( وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَا لِهَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) [ الكهف : 49 ] ، فيا من توسوس له نفسه بمعصية ، فسألها : ألا يرانى الله ! ألا يعلم ما أرتكبه ! ألم يجازيني على ما أفعل ! فاستحى أن يراه الله هكذا ، وزجرته نفسه وعاد لرشده ، لتغير حالنا كثيراً عما هو عليه ، ولكن للأسف تلك الحقيقة يعلمها الكثير منا ولا ينتفعون بعلمهم ، فتجد من لا يقدر أن يفعل معصية أمام الناس ، ويفعلها في خلوته أمام الله ، كما لو كان الله سبحانه وتعالى أهون عليه من الناس ، ولتكون خشيته من الناس عنده ، أعظم من خشيته لله سبحانه وتعالى . ومن الأمثلة على هؤلاء : نوابنا في المجالس النيابية الذي يمثلون فيها رأي وصوت الشعب تحت قبة البرلمان ، وهم من وضع الناس فيهم الثقة ، وحملوا أحلامهم ليضعوها بين أيديهم ، راجين فيهم الأمل ، حالمين بتغير أحوالهم ، مصدقين وعودهم ، لكنهم في أول جلسة لهم على الكرسي ، انتهى دور الناخبين بالنسبة لهم ، بل وأصبحوا مصدر إزعاج وثرثرة لهم ، وقد فتنهم بريق السلطة وصولجانها ، وغرَّهم سلطان المال ورونقه ، فأخذوا على عاتقهم جمع أقصى ما يستطيعون جمعه قبل أن تنتهي المدة ، خشية ألا تتكرر الفرصة مرة أخرى ، ودخلوا في مزايدة على الشرف والضمير ، تخافت صوتهم الذي كان يصيح بحق الناس ، وعلا صوتهم بالضلال ، وأصبحوا ممن يكرسون القانون لخدمة الطغاة ، هؤلاء ألم يضعوا أنفسهم أمام الحقيقة الناصعة الوضوح ، وهي أن العليم الخبير الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض والسماء ، يراهم ويشهد ما يفعلون ، وسيجازيهم على فعلتهم عاجلاً أم أجلاً . قال تعالى : ( لَّهُمْ عَذَابٌ فِى ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ ) [ الرعد : 34 ] ، وقال : ( وَكَذٰلِكَ نَجْزِى مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ ) [ طه : 127 ] . ومنهم أيضاً من يصل بالمكر والخديعة والاحتيال إلى منصب ليس أهلاً له ، ومن تسلق السلم الوظيفي على أكتاف من يستحق الترقي ، وقد أخذ حقاً ليس له ، طامعاً في أن يزيد نفوذه وماله على حساب من يستحق ، ومن أسند له أمر ، وهو ليس أهلاً له ، وهناك من هو أحق به منه ، ألا يعلم أن الله يرى ؟ فمهما جلس يبرر لنفسه أو يدعي الكفاءة أو الاستحقاق ، فإنه يخدع نفسه ، وهذا الخداع لن يستمر طويلاً ، لأن الله سيريه دائماً الحقيقة أمامه تشير له بالجهل والعجز ، أمام مواقف بسيطة ، فيطارده الفشل والضيق ، وقتها سيتمنى راحة البال التي ينعم بها من سلب منه هذا الحق ، هؤلاء الذي قال فيهم عليه الصلاة والسلام ، عندما جاءه أعرابي قائلاً : متى الساعة ؟ فقال : ” فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ” ، قال : كيف إضاعتها ، قال : ” إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ” . ومنهم الغاش لأبناء بلده ولأسرته وللمقربين له ومن قبل ومن بعد لنفسه ، ألم يعلم من غش في صغيرة أو كبيرة من الأمور ، ولم يتب ، قال فيهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : ” من غشنا ليس منا ” وقال : ” أيما راع غش رعيته فهو في النار ” ، وإن لم يره أحد أو غفلت عنه أعين المراقبين له أو زاغ هو عن مراقبتهم له ، فإن الله يرى وعينه لا تغفل ولا تسهو ، وقال عليه الصلاة والسلام : ” من استرعاه الله رعيةً ثم لم يحطها بنصحه ألا حرم الله عليه الجنة ” . ومنهم من يبخس الناس أشياءهم ولا يوف بالكيل والميزان ، أي ميزان ، ميزان الحق ، ميزان العدل ، ميزان الكيل ذاته أو غيرهم ، ألا يعلم أن الله يرى ؟ وأن هذه الجرامات التي يسلبها من حقوق الناس ، ويظن أنها تزيد أمواله أو أموال من نصره ظلماً ، هي حرام وإن اختلطت بالحلال ، وكيف يرضى لأنفسه ولأولاده أكل الحرام ، قال عليه الصلاة والسلام : ” كل لحم نبت من حرام ، فالنار أولى به ” ، وقال : ” من اقتطع حق امرئ مسلم فقد أوجب الله عليه النار وحرم عليه الجنة ” ، ما ذنب زوجته أن تدخل النار لأنه أطعمها من حرام ، وما ذنب ابنه أن يدخل النار لأن لحمه نبت من حرام ، إن ما يطعمهم به ، يقذف بهم إلى النار ، ويطعم لحمهم الذي نبت من حرام نار جهنم ، وليعلم أنه لن يفلت من عدالة الله ، فكما أخذ من حقوق الناس في الدنيا سيأخذون من حسناته أو يأخذ من سيئاتهم في الآخرة ، ولكن هل هذا سيكفي لوفاء حقوقهم ؟ عسى الله ألا يمهله إلى هذا اليوم ، ويلهمه التوبة قبل فوات أوانها ، قال تعالى : ( يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) [ التحريم : 6 ] . ومنهم من يخرج سعياً وراء شهوة الفرج ، وقد يكون الله قد كفلها له بالمتعة الحلال ، فقد يكون متزوجاً ، من زوجة صالحة ، لكن نفسه الدنيئة تدفعه وراء شهوة حيوانية ، فيفعل ما يفعل ، ويعود زاهياً بنفسه ، ماذا لو أراد الله ، أن يريه سوءة ما فعل ، فيجلسه مع نفسه ، فإذا به ينظر ليجد أمامه صورة واضحة ، يشهد فيها كل ما فعل في الخفاء ، بتفاصيله مجسداً أمام عينه ، لقد أصبح على نفسه شاهد عيان ، هل سأل نفسه ماذا لو انكشفت حقيقتي لزوجتي وأولادي ، هل أستطيع مواجهتهم وهم يفترضون في كل شيئ حسن ؟ هل وصلت لهذه الدرجة من الوضاعة بحيث أضعهم في هذا الموقف ؟ وإذا كان يخشى من رؤية زوجته وأولاده ، وهم لم يروه ، ألا يخشى الله وهو يراه ، بل والأبشع من ذلك أن تظن به الظنون ، أن يرى زوجته ، وقد حلت محله ، لتفعل ما يفعله ، فهل يحتمل هذا أي رجل مهما بلغ من سوء الخلق ؟ إلا إن كان ديوثاً ، ماذا يفعل والشكوك تساوره ، والظنون تكاد تقضي عليه ، وهو يحصي كل مرة ارتكب فيها هذا الجرم الذي يندى له الجبين ، وهل كانت زوجته تفعل ما يفعل في غفلة منه ، وهو يسعى مطمئناً يلهث لإشباع غريزته ؟ ومنهم من تمتد يده الآثمة إلى حقوق الناس ، ولا يلقي بالاً ، لأثر ما اقترفته يداه من المعصية ، بدأ ممن تمتد يده إلى حافظة موظف بسيط ، ظل يكدح ويشقى طوال الشهر ، منتظراً هذا اليوم الذي يأخذ فيه ثمار جهده ، ليدخل على أبنائه حاملاً إليهم الفرحة والسرور حتى لو بالقليل ، فتمتد يد هذا السارق لتنتزع ليس فقط أمواله ولكن فرحته هو وأسرته ، وتبدلها حزناً وشجوناً ، فيظل يفكر المسكين فيما يفعل حتى يخرج من محنته ، ربما يستدين ويضيق المعيشة على أبنائه ، وهذا اللص ينعم بالحرام ، لا يفكر في نتيجة جريمته ، ترى هل يفلت من الله وهو المطلع عليه ؟ ووصولاً إلى لصوص من نوع آخر لصوص يمتلكون مناصب مرموقة ، يستغلونها كي تنتهي بهم إلى ثروة ضخمة ، ومنهم رجال الأعمال الذين عز عليهم التعب والشقاء ، واستطالوا مشوار الكفاح فاستحلوا الحرام ، ومنهم باعة الوهم والأحلام الكاذبة ومستغلو الأزمات وفاقة الناس ليثروا عليها ، وتخيلوا بأنهم أفلتوا بما فعلوا بحيل قانونية أو بمغادرة البلاد ، ألا يعلموا أن الله يرى ؟ وهو مجازيهم على فعلتهم ، إنه القانون الإلهي الذي ليس فيه نقض أو استئناف ولا يخضع للمماطلة . ومنهم من يستأمنه أخ له على بيته وأبنائه وأمواله ، ويتركهم في رعايته ، فتسول له نفسه الضعيفة ، أن يستحل الحرام ويستبيح لنفسه ما ليس من حقه ، ويتملكه الطمع ، ويستجيب لهوى نفسه الأمارة بالسوء ، فتمتد يده إلى هذه الأمانة ، ألا يعلم أن الله يرى ؟ يراه وهو يحل نفسه من ضميره ، ويتخلى عن مروءته ، ليستبيح مال أخيه أو بيته ، وهو من ذهب مطمئناً واثقاً في أخ راجياً فيه حفظ غيبته ، مطمئناً على ولده ، تاركاً له أباً يعوضه ومربياً يأخذ بيده إلى الأمان ، فما هو سوى لص يلتهم حقه ويخون الأمانة . ومنهم من ينهى عبداً إذا صلى أو صام أو زكا أو حج بيت الله الحرام ، ومن ينهى عبداً عن إقامة شعائر الإسلام على نفسه وأسرته ووطنه . ومثله من يمنع الداعية من الدعوة ، والمجاهد في سبيل الله من الجهاد ، ومن ينهى عباد الله عن طاعة الله ، وصد عن سبيله ، أرأيت إن كان هذا الناهي على ضلالة ، وفي جهالة ، ألم يعلم أن الله يرى ما يفعل ، ويبصر ما يعمل ، ويحصي أقواله ، ويكتب أفعاله ، ويعلم أحواله ، أيحسب أن لم يره أحد . ومنهم من قتل مؤمناً لئلا يقول ربي الله ، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسولي ، والإسلام ديني ، والقرآن دستوري ، ألم يعلم من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ، وقد حرم الله قتل النفس إلا بالحق ، وأين الحق في ذلك ؟ قال تعالى : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ ) [ الإسراء : 33 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : ” من أعان على قتل أدمي ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة وقد كتب على وجهه آيس من رحمة الله ” ، وقال : ” من نظر إلى امرئ نظرة يخيفه بها بغير حق أخافه الله يوم القيامة ” ، وقال : ” من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه ” ، وقال : ” من حمل علينا السلاح فليس منا ” ، فيا من لوثت أو لطخت يدك بدم بريئ قتلته تحت التعذيب أو تحت وطأة الإكراه للاعتراف على شيئ لم يفعله ، يا من لفقت تهمة لهذا أو ذاك من المواطنين الأبرياء ، يا من تقتل دون أن يهتز لك جفن ، وترجع فتضع رأسك على وسادتك ، وتذهب في نوم وأحلام ، ويا من تشعر باللذة في زيادة عدد ضحاياك كل يوم ، ولا تبالي بتوسلاتهم أو صراخهم ، يا من ترتكب مثل هذه الجرائم بوحشية ، يهون الموت بجانبها ، فيصبح رحمة لكرامة الرجال المذبوحة ، وأعراض النساء المنتهكة ، وهيبة الكهول الضائعة ، وبراءة الأطفال المشردة ، ألم يعلم هؤلاء القتلة ممن يرتوون من سفك دماء العباد ، أن الله يرى ؟ ماذا سيقولون لربهم يوم تسود وجوههم ؟ أفلا يعلمون أن أول ما يقضى فيه يوم القيامة الدماء لماذا سفكت ؟ فليتدبروا أمرهم يوم يرون سوءة ما فعلوا نصب أعينهم ، هذا إذا أمهلهم الله إلى هذا اليوم ، فربما جاء الحساب أسرع مما يتخيلون ، وربما استجاب الله لدعاء ضحاياهم ، التي تصرخ من ظلم العباد ، مستغيثة برب العباد ، مطالبةً بالثأر فيريهم يوما لم ينتظروه . ومنهم من يلعب القمار أو الميسر ، ويتلاعب بقوت أبنائه ، ويجارى أصدقاء السوء ، الذين يدفعونه إلى المعصية ، ألم يعلم بأن الله يراه وهو يحرم أبناءه من الضروريات ، ليقامر بما له من مال ، هل انعدمت من نفسه المروءة والرحمة؟ لتحل محلها الأنانية ، وحب الذات والقسوة ، وامتلكه الطمع إلى هذا الحد ؟ فلينظر إلى أين سيؤول به هذا ؟ هل سيكون مصيره السجن ؟ أم سيلقى به إلى طريق لا يرى له نهاية ؟ فلتخجل من نفسك يا رجل ، أفلا تستحي من الله ؟ فلتستجمع إرادتك ، وتجاهد نفسك ، ولتستعن بالله ، ربما كتب لك النجاة مما أنت فيه ، واستطعت التغلب على هوى نفسك ، فلا تقل أن الوقت فات كي تقلع عن هذا الإدمان ، فلم يفت الوقت ، دائماً يفتح الله باب التوبة والرحمة أمام العباد ، فلتقف ببابه مستغفراً عسى أن تكون فرصتك في حياة جديدة ، وثق أنك ستشعر فيها بلذة أكبر ، في بسمة أطفالك وإحساسك بإسعادهم واحترامهم لك ، وسيغمرك حبهم بالدفء والرضا ، وسيخرجك من إدمانك لهذه المعصية ، وقتها فقط ستجد اللذة الحقيقية . ومنهم من إذا حدث كذب بل ويحلف على الكذب ، وإذا اؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف ، ومن أنيط به الحكم بين الناس بالعدل وإقامته بينهم ، فلم يقمه لهوى في نفسه أو لمطمع خاص به ، والراشي والمرتشي ، والمرابي ، والمرائي ، ومن يشتغل بالسحر ، ومن يؤذي جاره أو زميله أو غيرهما من المسلمين ، ويقطع رحماً وصله الله ، ومن يتتبع بنظره عورات الناس ، متفحصاً وممحصاً حرماتهم ، ولا يغض بصره عنهم ، ومنهم كل هماز لماز مشاء بنميمة وكل مغتاب ، وكل لعان وقاذف للمحصنات ، ومن يشهد بهتاناً وزرواً ليغتصب حق آخر لنفسه أو لغيره ، أو يزيف ويزور لاستقطاع ما يمتلكه الغير ، ومن يأكل مال اليتيم أو يظلم أرملة ، أو من هو عاق لوالديه ، أو يتحدث عن جهل ، ومن تكبر وطغى وبغى وبطش وسلب ونهب وفسق ، دون أن يخشى أو يتحرج ، ويفعل ما يفعل من سائر الموبقات والمعاصي ، كل هؤلاء ألم يعلموا أن الله يراهم جميعاً وأفراداً ، هل دعا كل منهم نفسه لوقفة تأمل قبل أن يرفع يده ليرتكب جريمةً . فإلى كل العاصين الغافلين ، عليكم وعلينا أن نعي هذه الحقيقة الواضحة أن الله يرى . يرانا في جميع أحوالنا ، يرى ما نفعله في السر والعلن ، فلا يأخذنا الغرور والكبر والحاجة أو تدفعنا أنفسنا إلى ارتكاب المعصية ، فلنجاهدها ولنراقب الله في أفعالنا ، ولنستعد ليوم سيؤتى فيه بشهود ، لن نستطيع تكذيبهم ، أو ترويضهم أو حملهم على ما نريد ، إنهم أعضاؤنا وكافة جوارحنا التي ستشهد علينا ، يوم لا تطاوعنا ألسنتنا أن ندعي فيه شيئاً ، وستشهد على قولنا السوء والإثم والزور والبهتان ، وستشهد أيدينا على أخذنا ما ليس لنا ، وبطوننا على أكلنا الحرام ، وأرجلنا على خطانا نحو المعصية ، قال تعالى : ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) [ النور : 24 ] ، يوم لا يفكر أي منا إلا في النجاة بنفسه ، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، ولا ينفع أحدنا الآخر ، لا أب ولا ابن ولا زوجة ، ( يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) [ عبس : 34 – 37 ] ، قال عز وجل : ( وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) [ البقرة : 281 ] ، فإلى الله الرجعى ، قال تعالى : ( إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ ) [ العلق : 8 ] ، وإليه يرجع الصالح والطالح ، والطائع والعاصي ، والمحق والمبطل ، والخير والشر ، والغني والفقير ، ألا إلى الله تصير الأمور ، فلتستعدوا لهذا اليوم ، فما زالت الفرصة قائمةً أمامنا ، لننجو بأنفسنا ، عسى الله أن يتغمدنا بصفحه وغفرانه ، فلنقترب جميعاً منه ، خائفين عقابه ، مستغفرين ذنوبنا ، راجين رحمته ، أم على قلوب أقفالها ؟ أم لم يحن وقت طلب المغفرة والتوبة ؟ أم هو الأمن من عقاب الله ؟!
يناير 14, 2024
حقيقة الإيمان بنبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم
مارس 3, 2024

الدعوة الإسلامية :

خطوات أولية في بناء الملَكة التفسيرية

الدكتور عبد الصمد امزيان *

لتأسيس ملكة تفسيرية ، لا بد من الوقوف على محطات معتمدة بغية تنمية مهارات الفهم والنظر المؤهلة لهذا التأسيس ، وهي خطوات كثيرة ، لكن هذه الدراسة هي محاولة لاختصار وذكر الأهم منها ، وسأبسطها في ما يأتي :

قبل التعامل مع النص القرآني :

أول ما يلزم لمن يسعى إلى تحصيل ملكة التفسير ، هي ذاك الاستعداد النفسي والعقلي ، وهذا مقصد من مقاصد حصول الملكة ، فضلاً عن تلك التهيئة الخلقية ، المتمثلة في النية الصادقة ، لأن الأعمال مقرونة بنياتها [1] ، ثم التوكل على الله عز وجل ، والسعي نحو نيل الإخلاص ، لا طلباً لشهرة ولا لرياء ، وأن يتصف من يرنو لها بالآداب والقيم والشروط المؤهلة له لصعود هذا المرقى العظيم ، والتي تحدث عنها أهل العلم في تصانيفهم [2] ، بدءاً بسلامة المعتقد لما له من أثر بليغ في نفسية صاحبه ، لأن فساده قد يقوده إلى تحريف معاني الآيات وليّ أعناقها عن غير المراد منها ، لهذا نجد الإمام أبا طالب الطبري في أوائل تفسيره يقول : ” القول في أدوات المفسر : اعلم أن من شرطه صحة الاعتقاد أولاً ولزوم سنة الدين ، فإن من كان مغموصاً عليه في دينه لا يُؤتمن على الدنيا ، فكيف على الدين ، ثم لا يُؤتمن من الدين على الإِخبار عن عالِم فكيف يُؤتمن في الإخبار عن أسرار الله تعالى ، ولأنه لا يؤمن إن كان متهماً بالإلحاد أن يبغيَ الفتنة ويُغِر الناس بليِه وخداعه كدأب الباطنية وغلاة الرافضة ، وإن كان متهماً بهوى لم يُؤمن أن يحمله هواه على ما يُوافق بدعته كدأب القدرية ” [3] . فمن تبع هواه نصرةً لمذهبه زاغ عن الجادة القويمة ، كدأب الروافض والمعتزلة والخوارج ونحوهم ، كيف بمن سيؤول القرآن الكريم وليس سليم المعتقد ، ذا خلق حسن مبني على الصدق ، و ” اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي ولا يظهر له أسراره ، وفي قلبه بدعة ، أو كبر ، أو هوى ، أو حب الدنيا ، أو وهو مُصر على ذنب ، أو غير متحقق بالإيمان . وهذه كلها حُجب وموانع بعضها آكد من بعض ، وفي هذا المعنى قوله تعالى :  ( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ) [ الأعراف : 146 ] ، قال سفيان بن عيينة رحمه الله [4] : ” يقول أنزع عنهم فهم القرآن ” . أخرجه ابن أبي    حاتم ” [5] .

من الخطوات الأخرى التأسيسية لهذه الملكة التي لزم الحرص عليها : التزود العلمي الرصين قبل الخوض في تفسير الآيات ، وأعني بذلك الإلمام بالعلوم اللازمة ، التي تؤهل لفهم المعاني القرآنية ، وفي طليعتها علوم الآلة كعلم التجويد والقراءات ، وأصول التفسير ، وعلوم اللغة العربية ، وأصول الفقه ، وغيرها ، وهذان الأخيران مما يبسط لنا سبل الوصول إلى الكشف عن معاني الآيات ، ويتيح لنا اكتساب ملكة مع الدربة ، وقد اعتبر أبو يعقوب السكاكي رحمه الله هذين العلمين مما يضبط به علم التفسير ، فقال : ” ولله در شأن التنزيل لا يتأمل العالم آية من آياته إلا أدرك لطائف لا تسع الحصر ولا تظنن الآية مقصورةً على ما ذكرت ، فلعل ما تركت أكثر مما ذكرت ، لأن المقصود لم يكن إلا مجرد الإرشاد لكيفية اجتناء ثمرات علمي المعاني والبيان ، وأن لا علم في باب التفسير بعد علم الأصول أقرأ منهما على المرء لمراد الله تعالى من كلامه ، ولا أعون على تعاطي تأويل مشتبهاته ، ولا أنفع في درك لطائف نكته وأسراره ، ولا أكشف للقناع عن وجه إعجازه هو الذي يوفي كلام رب العزة من البلاغة حقه ويصون له في مظان التأويل ماءه ورونقه ” [6] .

فهذه الفنون هي المساعدة على بيان المراد من كلام الله عز وجل ، فهي آيات المفسر وأدوات اشتغاله العلمية ، خصوصاً علوم القرآن ، وفي هذا يقول ابن أبي الدنيا رحمه الله [7] : ” وعلوم القرآن وما يستنبط منه بحر لا ساحل له ، فهذه العلوم التي هي كالآية للمفسر ، لايكون مفسراً إلا بتحصيلها ” [8] ، ودونها يكون الفهم سقيماً ، فلا يتصور أن يدرك أحد هذه المعاني وهو بمنأى عن علوم اللغة العربية مثلاً كالنحو والصرف والبلاغة ، أو لا معرفة له بأصول التفسير ، ولا علم الناسخ والمنسوخ مثلاً ، وقد قال أبو عبدالرحمن رحمه الله : ” مرَّ علي رضي الله عنه على قاض ، فقال له : أتعرف الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا ، قال : هلكت وأهلكت ” [9] ، فإذا كانت معرفة هذا العلم إلزاماً للقضاء ، والجهل به هلاكاً له حسب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فكيف بمن يشتغل بعلم جليل كالتفسير ؟ ” فمن فسر بدونها – أي هذه العلوم – كان مفسراً بالرأي المنهي عنه ، وإذا فسر مع حُصولها ، لم يكن مفسراً بالرأي المنهي     عنه ” [10] ، ولا يعتقد بناء الملكة التفسيرية أيضاً بلا هذه الآليات ، وقد حصرها الإمام السيوطي رحمه الله في خمسة عشر علماً فقال : ” يجوز تفسيره لمن كان جامعاً للعلوم التي يحتاج المفسر إليها ، هي خمسة عشر علماً ” [11] ، فعد منها ما سبق الإشارة إليه ، بالإضافة إلى علم الاشتقاق ، وعلم المعاني ، والبيان ، والبديع ، وعلم الموهبة ، وهلم جراً .

مما يساعد على تحصيل الملكة أيضاً ، ومن الخطوات التي لها أهميتها البالغة ؛ كثرة النظر في كتب التفسير والالتصاق بها ، والتمعن فيها ، بدءاً بالمختصرات ؛ كتفسير الجلالين رحمة الله على صاحبيه ، وصفوة التفاسير للصابوني رحمه الله ، انتهاءً بالمطولات ؛ كتفسير الإمام الطبري ، والقرطبي ، وابن كثير وغيرهم رحمهم الله ، فإنه يجلي للمطالع كيف تعامل أهل العلم مع الآيات القرآنية ، ويبين المسالك التي اعتمدوها في الفهم ، وهذا مما يُذكي قريحة القارئ ، ويوسع مدارك الفهم .

أثناء النظر في النص القرآني :

في المحطة الثانية من محطات تكوين الملَكة التفسيرية ، وأثناء التعامل مع الآيات القرآنية ، لابد من حسن الإعداد الأولي ، فبدايةً يحدد الآيات التي سيطبق عليها هذه الخطوات ، ويستحسن لو تحصر في عشر ، اقتفاءً بأثر الصحابة رضوان الله عليهم ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً ، قال : ” كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات ، لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن ” [12] .

ثم ينظر بعد تحديدها في سبب ورود هذه الآيات ،  التي يرنو فهم معانيها ، لأن لمعرفة سبب النزول فوائد جمة ، قال الإمام الواحدي رحمه الله : ” لا يمكن تعبير الآية ، دون الوقوف على قصتها ، وبيان نزولها ” [13] .

فلعل آية من القرآن الكريم قد يفهم منها في ظاهرها معنى ، وإذا أمعنا النظر في سبب نزولها تبين لنا المعنى الحقيقي على خلاف ما فهم أول الأمر ، وقد تحدث العلماء [14] عن فوائد هذا العلم فذكروا منها : بيان المراد لارتباطه بسبب النزول ، جاء في مقدمة أصول التفسير : ” معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية ، فإن العلم بالسبب يورث العلم     بالمسبب ” [15] ، إلى جانب تخصيص العام ، وبيان المشكل ، ودفع التعارض ، وهذا من أهم ما يفهم به القرآن الكريم ، لهذا نجد الإمام القشيري رحمه الله ، يقول : ” بيان سبب النزول طريق قوي من فهم معاني الكتاب العزيز ، وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا ” [16] . ولابن دقيق العيد رحمه الله قول يشبهه يقول فيه : ” بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن ” [17] .

ومثاله : أنه لما نزل قوله تعالى : ( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ آل عمران : 188 ] أشكل على بعض الصحابة فهمها ، ومنهم مروان بن الحكم الذي فهم منها فهماً خاطئاً ، فقال : ” لئن كان كل امرئ فرح بما أوتيَ وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً ، لتعذبن أجمعون ؟ ” ، فبين له ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنه أن المقصود من الآية ، وأنها نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيئ فكتموه إياه وأخبروه بغيره ، وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه [18] ، والأثر في الصحيحين .

ثم السعي لشرح الآيات وتفكيك معانيها لغوياً ، وشرح مفرداتها الواضحة ، الواحدة تلو الأخرى ، وهو مأخذ من مآخذ التفسير كما أشار الزركشي رحمه الله [19] ، لأن ” القرآن نزل بلسان العرب على الجملة ، فطلب فهمه إنما يكون من هذا الطريق خاصةً ، لأن الله تعالى يقول :     ( إنّا أنْزلنَاهُ قُرآناً عَرَبياً ) [ يوسف : 2 ] ، وقال : ( بِلِسَانٍ عَرَبي مُبِين ) [ الشعراء : 195 ] . فمن أراد تفهمه ، فمن جهة لسان العرب يُفهم ، ولا سبيل إلى تطلب فهمه من غير هذه الجهة ” [20] ، فإن فهم المعنى اللغوي الصرف للآية سهل فهم المعنى الإجمالي لمقطع قرآني بعدها ، وعدم فهم مفردة قرآنية قد يؤثر على فهم الآية كلها ، فهذا ابن عباس رضي الله عنه ترجمان القرآن يقول  : ” كنت لا أدري ما ( فاطر السماوات والأرض ) حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ، أي : أنا ابتدأتها ” [21] .

وهنا تبرز ضرورة علوم اللغة التي سبق الإشارة إليها ، وأنها أول ما يلزم العناية به لتكوين الملكة المنشودة ، ولا يحل من غيرها الخوض في شيئ من القرآن ، فقد نقل الإمام السيوطي رحمه الله عن مجاهد رحمه الله قال : ” لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب ” [22] ، بل توعد الإمام مالك رحمه الله من يفعل ذلك ، فقال : ” لا أوتي برجل يفسر كتاب الله غيرُ عالم بلغات العرب إلا جعلته نِكالاً ” [23] .

ثم بعد تبسيط معاني المفردات القرآنية البارزة ، نسعى لفهم المقطع القرآني فهماً عاماً ومجملاً ، استناداً على ما استقر عندنا من معاني ، وهذا هو ديدن الصحابة رضوان الله عليهم وهم الذين شهدوا التنزيل ، فكانوا يفسرون الآيات ويسعون لفهم مدلولها المجمل ، ومنهم كتاب الصحابة كعمر رضي الله عنه ، روى أنس بن مالك رضي الله عنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : ( فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً . وَعِنَباً وَقَضْباً . وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً . وَحَدَآئِقَ غُلْباً . وَفَاكِهَةً وَأَبّاً ) [ عبس : 27 – 31 ] ، قال : ” فكل هذا قد عرفناه ، فما الأب ؟ ” ثم نقض عصاً في يده ، فقال : ” هذا لعمر الله التكلف اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ” [24] ، وزاد القرطبي في تفسيره للآية : ” اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب ، وما لا فدعوه ” [25] .

ولتعزيز ما توصل إليه من كشف لمعاني الآيات ، يجب الرجوع إلى التفسير بالمأثور ، وذاك لأن الملم بالعلوم الشرعية والحافظ لآي القرآن ، ليجد قرائن ، وآيات متشابهات بها قد يفسر بعضها ببعض ، وإلا فبأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة منها ، ثم تفسير الصحابة من الرعيل الأول لها ، لأنهم هم من شهدوا التنزيل ، وهم أعلم بالقرآن من غيرهم ، وأعلم بواقعه ، وأسباب نزوله ، ومكيه ومدنيه ، وناسخه ومنسوخه .

وفي الختام لزم تقويم هذه النتائج المتوصل إليها ، والتأكد من هذه التأويلات من خلال الرجوع إلى كلام أئمة التفسير وترجيحاتهم في كتبهم وأسفارهم ، لأن في هذه المرحلة يقوم الباحث ما جمعه من معارف فيصحح ما كان خاطئاً ، ويدعم ما أصاب فيه .

ثم إن مع الدربة والممارسة على آيات معينة ، وكثرة الإمعان في كتب التفسير ، واتباع هذه الخطوات السالفة الذكر ، لينمي – لا محالة – في الدارس ملكة التفسير تدريجياً ، بتأسيسه فهماً سليماً لآي القرآن الكريم ولعل هذا الذي دعا إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله : ” إلا فهماً يُعطيه الله رجلاً في القرآن ” [26] ، وإن من مقاصد التفسير هذه الدربة المنشودة ” ، فالتفسير شرح مراد الله من القرآن ليفهمه من لم يصل ذوقه وإدراكه إلى فهم دقائق العربية ، وليعتاد بممارسة ذلك فهم كلام العرب وأساليبهم من تلقاء نفسه ” [27] .

* أستاذ ، وباحث في الدراسات الإسلامية ، وزارة التربية والتكوين – المغرب .

[1] أصله حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ” إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ” . رواه البخاري في صحيحه ، تحقيق محمد زهير بن ناصر ، دار طوق النجاة ، الطبعة الأولى سنة 1422هـ ، باب : كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الجزء 1 ، الصفحة 6 ، الرقم 1 .

[2] لقد أفرد العلماء في مصنفاتهم مباحث للحديث عن آداب المفسر وشروطه التي لا غنى له عنها ، وأوصلها بعضهم إلى عشرين شرطاً ونيفاً ، وعدوا من الآداب مثل ذلك ، ينظر مثلاً : الإتقان في علوم القرآن ، لجلال الدين السيوطي ( ج 4 ، ص 200 ) ، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ( ص 340 فما بعدها ) ، ومدخل إلى التفسير وعلوم القرآن ( ص 74 ) .

1 جلال الدين السيوطي ، الإتقان في علوم القرآن ، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، نشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، الطبعة 1394هـ ، الجزء 4 ، الصفحة 200 .

2 هو أبو محمد الهلالي ابن أبي عمران ميمون مولى محمد بن مزاحم ، الإمام الكبير ، وحافظ العصر ، شيخ الإسلام ، الكوفي ، ثم الحجازي ، من أعلام الحديث والتفسير ، حافظاً ثقةً ، واسع العلم كبير القدر ، قال عنه الإمام الشافعي : لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز . ( سير أعلام النبلاء ، لشمس الدين الذهبي ، دار الحديث القاهرة ، طبعة 1427هـ ، الجزء 7 ، الصفحة 414 ، الأعلام ، لخير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ، الطبعة الخامسة عشر ، سنة 2002م ، الجزء 3 ، الصفحة 105 ) .

3 الإتقان في علوم القرآن ، الجزء 4 ، الصفحة 216 ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ، تحقيق : أسعد محمد الطيب ، مكتبة نزار مصطفى الباز ، المملكة العربية السعودية ، الطبعة الثالثة ، سنة 1419هـ ، الجزء 5 ، الصفحة 1567 ، الرقم : 8982 .

[6] أبو يعقوب السكاكي ، مفتاح العلوم ، ضبط وتعليق : نعيم زرزور ، دار الكتب العلمية ببيروت ، الطبعة الثانية ، سنة 1407هـ ، الجزء 1 ، الصفحة 421 .

[7] هو أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد ، القريشي ، حافظ للحديث ، له تصانيف عدة ، منها : ” مكارم الأخلاق ” و ” ذم الملاهي ” و ” العقل وفضله ” ، وغيرها . ( الأعلام ، للزركلي ، الجزء 4 ، الصفحة 118 ) .

[8] الإتقان في علوم القرآن ، الجزء 4 ، الصفحة 216 .

[9] وفي هذا الباب آثار كثيرة مماثلة لقولة علي رضي الله عنه ، تبرز قيمة هذا العلم ، وتبين أنه من العلوم التي لايستغن عنها ، ينظر : الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ، لابن حزم ، تحقيق : عبد الغفار البنداري ، دار الكتب العلمية ببيروت ، الطبعة الأولى ، سنة 1406هـ ، الجزء 1 ، الصفحة 5 و 6 .

[10] من كلام ابن أبي الدنيا رحمه الله ، انظر : الإتقان في علوم القرآن ، الجزء 4 ، الصفحة 216 .

[11] الإتقان في علوم القرآن ، الجزء 4 ، الصفحة 216 .

[12] أحمد بن حنبل ، في مسنده ، تحقيق شعيب الأرنؤوط ، وعادل مرشد ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الأولى ، سنة 2001م ، الجزء 38 ، الصفحة 467 .

[13] أبو الحسن الواحدي ، أسباب النزول ، تخريج وتدقيق : عصام بن عبد المحسن الحميدان ، دار الإصلاح بالدمام ، الطبعة 2 ، سنة 1412هـ ، الصفحة 8 .

[14] ينظر مثلاً : أسباب النزول للواحدي ، العجاب في بيان الأسباب لابن حجر العسقلاني ، لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي وغيرها ، فقد أفردوا فصولاً للحديث عن فوائد هذا العلم .

[15] ابن تيمية ، مقدمة في أصول التفسير ، دار مكتبة الحياة ببيروت ، الطبعة 1490هـ ، الصفحة 16 .

[16] الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، تحقيق : أبو الفضل محمد إبراهيم ، الطبعة الأولى سنة 1376هـ ، دار إحياء الكتب العربية ، الجزء 1 ، الصفحة 22 .

[17] الإتقان في علوم القرآن ، الجزء 1 ، الصفحة 108 .

[18] الإمام البخاري ، في صحيحه ، باب : لايحسبن الذين يفرحون بما أتوا ، الجزء 6 ، الصفحة 40 ، الرقم : 4568 ، الإمام مسلم في صحيحه ، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ببيروت ، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، الجزء 4 ، الصفحة 2143 ، الرقم : 2778 .

[19] البرهان في علوم القرآن ، الجزء 4 ، الصفحة 207 .

[20] الشاطبي ، الموافقات ، تحقيق : أبو عبيدة مشهور ، دار ابن عفان ، الطبعة الأولى سنة 1997م ، الجزء 2 ، الصفحة 102 .

[21] أبو عبد الله القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، تحقيق : أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش ، دار الكتب المصرية ، الطبعة الثانية ، سنة 1964م ، الجزء 14 ، الصفحة 319 .

[22] الإتقان في علوم القرآن ، الجزء 4 ، الصفحة 213 .

[23] البرهان في علوم القرآن ، الجزء 1 ، الصفحة 292 .

[24] أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، المستدرك على الصحيحين ، تحقيق : مصطفى        عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ببيروت ، الطبعة الأولى ، سنة 1411هـ ، الجزء 2 ، الصفحة 559 ، الرقم : 3897 ، وقال : هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه .

[25] الجامع لأحكام القرآن ، الجزء 19 ، الصفحة 223 .

[26] صحيح البخاري ، باب : فكاك الأسير ، الجزء 4 ، الصفحة 69 ، الرقم : 3047 .

[27] أليس الصبح بقريب ، الصفحة 160 .