ندوة العلماء واللغة الإنجليزية

أخلاقيات البحث العلمي
يونيو 23, 2023
التصوّر الذهني في الصناعة النحوية
يونيو 23, 2023
أخلاقيات البحث العلمي
يونيو 23, 2023
التصوّر الذهني في الصناعة النحوية
يونيو 23, 2023

دراسات وأبحاث :

ندوة العلماء واللغة الإنجليزية

الدكتور عبيد الرحمن الندوي *

تعتبر الحرب المكثفة ضد الاستعمار البريطاني من قبل الهنود في عام 1857م نقطة تحول بالنسبة لأهل الهند خاصة للمسلمين حيث تأثروا بنقل السلطة السياسية من أيديهم إلى البريطانيين تأثراً شديداً . وفي عام 1866م أسس الشيخ محمد قاسم النانوتوي وزملاؤه الأوفياء دار العلوم بديوبند لحماية الإسلام من الغزو البريطاني ولاستعادة ما فقدوه عام 1857م ، كانت مقررات دار العلوم الدراسية تشمل القرآن والحديث والتفسير والفقه وأصول الفقه ، ولم يكن هناك مجال للموضوعات الحديثة في المنهج .

أسس الأستاذ سيد أحمد خان مدرسة العلوم ( الكلية المحمدية الأنجلو الشرقية في عليكرة ) لتعليم العلوم الاجتماعية والعلوم العامة ، بينما بدأت دار العلوم ديوبند تدريس العلوم الدينية وتخريج علماء الإسلام ، قامت مدرسة عليكرة بتدريس اللغة الإنجليزية والمواد الحديثة الأخرى . فأحدثت كلتا النظريتين حالةً خطيرةً في المجتمع الإسلامي ، وكان علماء ديوبند لهم اتجاه خاص في جانب ، وكان خريجو مدرسة عليكره في جانب ، وفي هذه الحالة اعتبرت مدرسة عليكره العلماء متزمتين ورجعيين .

إنشاء ندوة العلماء :

ففكر بعض المسلمين المثقفين في إنشاء مؤسسة تقضي متطلبات تياري العلم كليهما ، اجتمع لهذا الغرض كل من فضيلة الشيخ محمد علي المونكيري ، والشيخ مولانا محمود الحسن ، وسماحة الشيخ أشرف علي التهانوي ، ومولانا لطف الله العليجري ، ومولانا سليمان الفلواروي ، ومولانا حبيب الرحمن خان الشيرواني وغيرهم في كانبور عام 1310هـ/ 1892م ، وأسسوا ندوة العلماء ، لكناؤ ، الهند . وتم تعيين المونكيري رحمه الله في هذا كأول رئيس لها ، وكان يعتقد أن التعليم الحديث والتعليم التقليدي يجب دراستهما معاً ، وبصرف النظر عن هذا هناك حاجة لإصلاح مناهج المدارس الدينية .

بعد انتشار شهرة ندوة العلماء في الهند وخارجها ، تم عقد الاجتماع الأول في مدرسة فيض عام 22 – 24 أبريل 1894م وحضر فيه المسلمون من جميع الطوائف والجماعات الإسلامية المختلفة تقريباً مع وضع خلافاتهم الداخلية جانباً . من الواضح أن مقر ندوة العلماء الرئيسي كان في كانبور حتى عام 1897هـ/ 1315هـ ، ثم نقل إلى لكناؤ في 2 سبتمبر 1898م .

يعد إصلاح مناهج المدارس الدينية أحد الأهداف الرئيسية لندوة العلماء ، فقد لعبت دوراً مهماً في تحسين مناهج المدارس الدينية ، في كل اجتماع وكل خطاب وكل مجلة من مجلة ندوة العلماء كان هناك الكثير من التركيز على المناهج الحديثة . أدرك أعضاء ندوة العلماء واختبروا أنه من المستحيل إدخال منهج مُعدَّل دون إنشاء دار العلوم الجديدة ، لذلك أسسوا دار العلوم في مبنى خاتون منزل ، غولا غنج لكناؤ ، الهند . بدأت الصفوف الابتدائية من 26/ سبتمبر 1998م . وقد حضر السيد أحمد خان بدعوة من العلامة شبلي النعماني رحمه الله في جلسة عقدت في 3/ يناير 1910م ، في قاعة دار العلوم التي لم يتم بناؤها آنذاك . وقد رُحّب مدير صحيفة ” المنار ” العلامة رشيد رضا 6/ أبريل 1912م في نفس القاعة . انتقلت دار العلوم من خاتون منزل إلى هذا المبنى غير المكتمل .

بدأت نشاطات دار العلوم ، فقدمت الموضوعات الدينية مع الموضوعات الحديثة ، وانتشرت شهرتها ليس في الهند فحسب ، ولكن أيضاً في الخارج في وقت قصير جداً . لعب الأعضاء المؤسسون لندوة العلماء دوراً بناءً في تأسيس الندوة وتنميتها وازدهارها ، كما بذلوا جهودهم القصوى في تقليل الخلافات الداخلية بين مختلف الفئات وإعادة السلام في المجتمع من خلال هذا المجلس .

أهداف ندوة العلماء الأساسية :

  1. إجراء الإصلاحات والتعديلات الأساسية بعيدة المدى في مناهج المدارس في ضوء المبادئ الإسلامية والشريعة التي يمكن أن تقضي مقتضيات العصر .
  2. تكوين علماء راسخين في تعاليم القرآن والسنة مع الاطلاع على الأفكار الجديدة وكذلك يمكنهم مواكبة الزمن والشعور بظروف المجتمع .
  3. تقليل الخلافات الداخلية بين المسلمين وإبقاء الأخوة الإسلامية بينهم واتخاذهم تحت رصيف واحد .
  4. نشر التعاليم الإسلامية خاصةً لتعريف أهل البلاد بفضائلها وقيمها .

بذل فضيلة الشيخ السيد محمد علي المونكيري قصارى جهده لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه ، فكتب مقالات وأبحاثاً في الصحف عن حاجة ندوة العلماء وسلط الضوء على أهدافها ، لتوعية الناس بأهدافها وأغراضها ، تم إرسال وفد برئاسة الشيخ مشتاق علي النكينوي إلى أنحاء مختلفة من الهند برسائل الشيخ المونكيري رحمه الله . وزاروا ديوبند ، ورامفور ، وباتنا ، ونكينه ، ونجيب آباد ، وإتاوا ، وعليكره ، وجهانسي ، وبهوفال وممبئ . وصل الوفد إلى عليكره والتقى العلامة شبلي النعماني وقدم خطته . وكان الشيخ النعماني آنذاك مدرساً في الكلية المحمدية الأنجلو الشرقية ، عليكره . وبصرف النظر عن المدارس الهندية شاهد الشيخ سقوط مدارس إيطاليا ( روما ) ومصر والشام وشاهد مستوى التعليم المتدهور ، كان يبدو أنه وجد تحقيق حلمه وضماد جروحه في أهداف ندوة العلماء ، فأبدى موافقته ووافق تماماً مع أهداف ندوة العلماء .

وصل الوفد برئاسة الشيخ مشتاق علي النكينوي من ممبئ إلى جدة ( مكة والمدينة ) ، وعرّف النكينوي ندوة العلماء في الحجاز لأول مرة . وعرض الشيخ النكينوي أهداف ندوة العلماء وغاياتها على علماء المدينة المنورة ، قبل علماء الحجاز ضرورتها وأهميتها بقبول حسن ، وعرضوا أهداف ندوة العلماء على علماء المدينة المنورة أيضاً ، والتقوا بالحاج إمداد الله المهاجر المكي رحمه الله خلال هذه الزيارة في الحجاز وقدّموا عليه جميع الوثائق والإجراءات المكتوبة ، فأعرب عن سعادته البالغة ووقع أيضاً على المستندات . اسمحوا لي أيضاً أن أؤكد أن دعاء فريد العصر الشيخ فضل الرحمن غنج المرادآبادي وشيخ العرب والعجم الحاج إمداد الله المهاجر المكي الصالح ما زال ولا يزال لندوة العلماء من البداية إلى الوقت الحاضر .

أنجبت ندوة العلماء مئات من العلماء والمصلحين والمفكرين والكتاب المشهورين في جميع العالم ، هذه هي جامعة ندوة العلماء أولى الجامعات التي بذلت عنايةً كبيرةً باللغة العربية وآدابها في شبه القارة الهندية نظراً إلى أنها لغة القرآن والسنة ، فقد أعدت مقرراتها الدراسية بنفسها ، وقبل مقرراتها الدراسية عدد كبير من المدارس الدينية داخل الهند وخارجها ، لا يمكن تجاهل إنجازات خريجي ندوة العلماء في اللغة العربية وآدابها .

فاز علماء ندوة العلماء بمكانة مرموقة في مجالات التربية والصحافة والوحدة الوطنية والإصلاحات الاجتماعية بعلمهم وفضلهم ، وعلى سبيل المثال يعد مؤلف العلامة السيد سليمان الندوي ” سيرة النبي ” من دائرة المعارف تذكارياً . كما تذكر خدمات الإمام السيد أبي الحسن علي الحسنى الندوي الدينية المرموقة في مجال اللغة العربية وآدابها دائماً .

ندوة العلماء في مجال الصحافة الهادفة :

لعبت ندوة العلماء دوراً مهماً في تطوير الصحافة ، فهي تنشر مجلات علميةً باللغات الأردية والعربية والإنجليزية والهندية . بدأت ” الندوة ”  ( شهرياً ) منذ 1904م – 1916م ، ثم 1940م – 1945م ، و ” البعث الإسلامي ” ( شهرياً ) منذ 1955م ، و ” الرائد ” ( النصف الشهرية ) منذ 1995م ، و ” تعمير حيات ” ( النصف الشهرية ) منذ 1963م ، والجريدة الهندية ” سجا راهي (सच्चा राही  ) ” منذ 2002م ، والجريدة الإنجليزية     ( The Fragrance of East ) التي تساعد المعلمين والطلاب على الاطلاع على الاتجاهات والقضايا الجديدة وترشد إلى العقائد والعلوم الإسلامية .

يمكن القول بدون أي مبالغة أن دار العلوم ندوة العلماء هي المؤسسة الوحيدة التي لا تزال تصدر منها المجلات والصحف بأربع لغات : العربية والأردية والإنجليزية والهندية .

كان الأعضاء المؤسسون لندوة العلماء أصحاب بصيرة عميقة وتقوى واجتهاد ، فشعروا بأنه لا يمكن أن يكون يتخرج علماء كبار حتى يحدث تغيير جذري في المقررات الدراسية ، فشملوا بهذه المناسبة المواد الجديدة مع العلوم الإسلامية لكي يقدر الطلاب على مواجهة تحديات العصر . وكذلك أكدوا على الإتقان في اللغة العربية وآدابها لأنه لا يمكن دراسة المصدر الأصلي للعلوم الإسلامية بدون مهارة فيها . نجحت ندوة العلماء في رفع الخلافات الداخلية وإبقاء الأخوة الإسلامية بين المسلمين إلى حد كبير . يأتي إلى هذه الجامعة الطلاب المنتمون إلى مدارس فكرية مختلفة لإرواء عطشهم العلمي .

اللغة الإنجليزية في مقررات دار العلوم :

كان الهدف الرئيسي لندوة العلماء منذ البداية هو تخريج علماء يمكنهم رفض التفسير الخاطئ للأوامر القرآنية من قبل المستشرقين وغزو الغرب مع إبطال التفاسير الباطلة للعلماء المسلمين المتأثرين بالغرب ، تولى أعضاء ندوة العلماء وخاصةً الشيخ محمد علي المونكيري والعلامة شبلي النعماني مسئولية إدخال اللغة الإنجليزية في مقررات دار العلوم الدراسية وقدموها في الصفوف الابتدائية في عام 1901م ، وقد تم تشكيل الهيكل الإداري لندوة العلماء في ثلاثة أقسام في عام 1905م ، مثل : (1) مكتب التسجيل ، وقد تم انتخاب الشيخ السيد عبد الحي الحسني مسجلاً ، (2) مكتب المالية وأصبح المنشي احتشام على الكاكوري أمين شؤون الأموال ، (3) ومكتب الشؤون التعليمية وقد تم اختيار العلامة شبلي النعماني لمسؤولية الشؤون التعليمية .

في أبريل 1905م ، بعد أن أصبح العلامة شبلي النعماني أمين التعليم في الندوة ، جعل اللغة الإنجليزية مادةً إلزاميةً في المناهج الدراسية بناءً على توجيهات أعضاء آخرين من ندوة العلماء . وجعل الطلاب يجتهدون في تعلم اللغة الإنجليزية بكل نشاط ورغبة ، ترجم الشيخ     عبد الباري الندوي كُتب الفلسفة الحديثة لبار كلي وهيوم (Berkeley Hume  ) إلى اللغة العربية ، وكتَب أيضًا بحثاً باللغة الإنجليزية في المعجزة ، وسافر الشيخ زين العابدين وأحمد الله إلى أمريكا ولندن متواليين ، وقاما بخدمات الإسلام هناك . في الواقع أراد العلامة شبلي النعماني أن يعطي اللغة الإنجليزية مكانةً مهمةً في المناهج الدراسية بحيث يمكن إنتاج الكبار من العلماء المدربين المهرة في الإلهيات ، المطلعين على الاتجاهات الفكرية باللغة الإنجليزية . لا داعي للقول أن ندوة العلماء قد أنتجت جماعةً كبيرةً من العلماء في اللغة الإنجليزية ، ثم أدخلت اللغة الهندية والسنسكريتية أيضاً في مقررات دار العلوم . في البداية ، كان الدافع الأساسي هو الرغبة في الدفاع عن الإسلام حيث كان الآريون يهاجمون الإسلام علانيةً في ذلك الوقت . وليتمكنوا من مواجهة الضعف الأيديولوجي الهندوسي ونشر الإسلام في المجتمعات الهندوسية .

إنَّ اللغة الإنجليزية تتمتع بسعة الآفاق أيضاً ، تحتل اللغة الإنجليزية مكانةً مهمةً للغاية في العالم لأسباب عديدة ، فهي ليست لغة البريطانيين فحسب ، بل يتكلم بها كل يوم مليون من الأشخاص في أربع قارات ، وفي الحقيقة أنها تُستخدم على نطاق واسع في مختلف بلدان آسيا وأفريقيا . وهي أيضاً لغة الولايات المتحدة ، يتحدث بها حوالي 260 مليون شخص ، بينما يتحدث 190 و 135 و 140 و 60 مليون شخص باللغة الروسية والأسبانية والألمانية والفرنسية بالترتيب . التحدث باللغة الإنجليزية في العالم حوالي عُشر السكان .

إن اللغة الإنجليزية كلغة ليست مرنةً ومتعددة الجهات فحسب ، بل تتمتع بسعة الآفاق أيضاً ، وتأثير هذه اللغة هو السائد في الشرق وكذلك في الغرب ، اللغة الإنجليزية هي مواد إلزامية في معظم المدارس الثانوية في أوروبا وآسيا وأفريقيا . وقد اختارها العديد من الدول الشرقية كلغة ثانية ، وكلها تضيف بوضوح إلى الاعتقاد بأن اللغة الإنجليزية ستصبح بطبيعة الحال لغة التواصل الوحيدة في العالم . إن مفرداتها الشاملة وبساطتها التصريفية وقواعدها المنطقية والمرنة كلها عوامل مهمة في جعلها لغةً سهلةً وشائعةً بين مختلف الشعوب ، حتى بين السود في العالم ، وهذه تشير إلى أنها ستكون لغةً عالميةً .

كان العلامة السيد أبو الحسن علي الندوي عالماً خبيراً بالأوضاع من جميع النواحي ، فقد أصبح شخصيةً عالميةً ببراعته في العلوم الإسلامية وبصيرته العلمية ، وبالتأكيد كان علماً بارزاً بلا نزاع للعالم الإسلامي . ازدهرت ندوة العلماء تحت وصايته المؤثرة من كل ناحية ، كان يؤمن بالوحدة الوطنية والوئام المجتمعي ، كذلك كان حريصاً وراغباً شديداً في تعزيز اللغة الإنجليزية وتعميم استخدام الإنترنت بين الطلاب أيضاً ، قال الأستاذ شارق علوي رئيس التحرير لمجلة (The Fragrance of East  ) ذات مرة : إن العلامة الندوي كان حريصاً على نشر مجلة باللغة الإنجليزية من ندوة العلماء ، والحمد لله تحققت أمنيته في حياته ، وقال الأستاذ شارق علوي : إنه كلما عرض عليه عدداً جديداً من مجلة (The Fragrance of East  ) فرح وسُر به كثيراً ، وذكّر أيضاً رسالة الشيخ الندوي ، ” استخدام القلم لنشر مشاعر الوئام والأخوة والمحبة الوطنية ” . وبالإضافة إلى ذلك قد تم إنشاء مركز البحوث الإسلامية بناءً على رغبة الشيخ الندوي في عام 1994م ، وإنشاء قسم الصحافة والألسنة في عام 1995م .

قسم اللغة الإنجليزية :

نظراً لأهمية وفائدة اللغة الإنجليزية ، قرر مجلس ندوة العلماء بدء دورة دبلوم اللغة الإنجليزية لمدة عام واحد ، والهدف الرئيسي من هذا القسم هو تدريب الطلاب على أنشطة الدعوة ، ومن المرجو أن يبلغوا التعاليم الإسلامية في جميع أنحاء العالم بعد تكميل دورة دبلوم اللغة الإنجليزية لمدة عام واحد . كذلك يمكن لهم السبق في تحسين مهارات التحدث والتواصل باللغة الإنجليزية ، بما فيها صياغة الرسائل والمناقشات وكتابة الملخصات والمقابلات والمواصلات .

أقيم الحفل الافتتاحي في 3 سبتمبر 2018م ، قد رأسه العلامة السيد محمد الرابع الحسني الندوي رئيس ندوة العلماء ورئيس مجلس قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعموم الهند سابقاً ، قال العلامة في خطابه الرئاسي : ” المسلمون هم أقلية في العالم ، ونشعر منذ البداية بأن بذل العنايات بالأقلية أقل دائماً من الأغلبية . العلم هو العامل الأكثر انتشاراً في العالم اليوم ، فهو الدعامة التي من خلالها حققت البلدان المتقدمة التأثير والتميز والتقدم والصعود في كل مجال من مجالات الحياة . وقلة العلم هو السبب الرئيسي لضعف المسلمين في كل مجال ” .

كل بلد سواء كانت ألمانيا أو فرنسا ، إنجلترا أو دول أخرى ، يفضل سكانها لغتهم على غير لغتهم ، وحكم البريطانيون الهند لفترة طويلة ، وجعلوا اللغة الإنجليزية لغة الهند ، يفهم المثقفون حتى اليوم اللغة الإنجليزية فهماً جيداً ، ولا يقدرون على فهم الأردية أو العربية ولا يقدرون على فهم التعاليم الإسلامية ، لذلك ومن المهم أن يتعلم العلماء اللغة الإنجليزية جيداً ويتقنوا فيها لتبليغ رسالات الإسلام الحقيقية بسهولة ، قال العلامة مضيفاً : ” على الرغم من تضمين اللغة الإنجليزية في مناهج ندوة العلماء ، إلا أننا يجب علينا أن ننتج خبراء اللغة الإنجليزية حتى يقدروا على تقديم صورة الإسلام الحقيقية أمام العالم بأفضل طريقة ممكنة ، ومن الواضح أنه مستحيل بدون معرفة اللغة الإنجليزية العميقة التامة ” .

كما قال رئيس الشؤون التعليمية لندوة العلماء سابقاً فضيلة الشيخ محمد واضح رشيد الندوي في خطابته المثيرة للفكر : ” لم يزل الإسلام يواجه الغزوات الفكرية منذ العصور القديمة من قبل المستشرقين حتى أطلقوا الاتهامات والشكوك حول القرآن والحديث والسيرة النبوية أيضاً ، ولكن علماءنا لم يقدروا على الدفاع عنها بسبب جهلهم بلغاتهم ، لذا يجب على علماء الإسلام أن يتعلموا اللغات السائدة في العالم حتى يستطيعوا إجابة أعداء الإسلام بلغاتهم وأساليبهم ” .

وركز مدير جامعة ندوة العلماء سعادة الدكتور سعيد الأعظمي الندوي على تعلم اللغة الإنجليزية ، وقال : ” إن اللغة الإنجليزية أصبحت اليوم لغة الدعوة ، ويجب على علماء الإسلام الكرام تعلمها ، وإدراك مزاياها وعيوبها ، والعلماء ورثة الأنبياء ، لذا يجب عليهم هذه المسؤولية الكبيرة ويجب أن يستعدوا لهذا الأمر ، وكنا نشعر بحاجة إلى فتح قسم خاص للغة الإنجليزية منذ فترة طويلة ، والحمد لله لقد نجحنا في غايتنا اليوم ، نرجو نتائج حسنةً من هذا القسم الجديد ” .

وبحمد لله تم إنشاء قسم اللغة الإنجليزية تحت إشراف فضيلة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوى في 2018م ، وسعادة الدكتور محمد أسلم الصديقي هو المسئول عن هذا القسم ، ومما يجدر بالذكر هو أن جميع مدرسي اللغة الإنجليزية في دار العلوم لندوة العلماء تقريباً من خريجي جامعة ندوة العلماء . تم تسليط الضوء في كتاب (Role of Nadwatul Ulama in the Field of English Literature  ) بشكل مفصل حول خدمات فضلاء ندوة العلماء في نشر وترويج اللغة الإنجليزية وهو من مؤلفات كاتب هذه السطور . والحمد لله أولاً وآخراً .


* أستاذ بكلية اللغة العربية وآدابها بدار العلوم ندوة العلماء ، لكناؤ ( الهند ) .