(1) محاضرات في تاريخ الأدب العربي
يناير 9, 2023الأدب والإسلام وأعلام الأدب الإسلامي للشيخ الدكتور سعيد الأعظمي الندوي
يناير 14, 2024(2) تاريخ ندوة العلماء باللغة العربية للدكتور محمد أكرم الندوي
وصلت إلى مكتب مجلة البعث الإسلامي هذه الوثيقة التاريخية المعروفة بتاريخ ندوة العلماء باللغة العربية للأستاذ الدكتور محمد أكرم الندوي ( نزيل أكسفورد ، المملكة المتحدة ) ، وذلك في مجلدين ، يغطي 1250 صفحة ، قام بطبعه مركز الوراق للتراث ، الكويت ، ودار البشائر الإسلامية ، بيروت ، لبنان في حلة قشيبة جميلة ، تسر الناظرين .
يتحلى جيد الكتاب بمقدمة مسهبة للعلامة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي ( رئيس ندوة العلماء ) أطال الله بقاءه ، كما كتب الأستاذ محمد بن ناصر العجمي من الكويت ، تقديماً لهذا الكتاب التاريخي ، وأثنى على جهود المؤلف الكريم ثناءً بالغاً ، قال فيه :
أنـــــعِــــــــم بـــــــسِفــــر باهر الأضواء وبـــــه تـــــجــلت ندوة العلماء
صرح عـــــظــــــيــم قد تسامى قدره مثل النجوم يضـيئ والجوزاء
ولــــــقـــــد تـــــكـــــرم عـــالم متألق فيها تخرج مع ذوي الأضواء
جـــــهـــــد كــــبــــير مثل بحر زاخر فيه اللآلئ قد دنـــت للــرائي
ولـــــقــــــد حوى تـــاريـخ تأسيس لها ومؤسسيها السادة الــــخبراء
مع ذكر ما قد صنـفوا أو ألــــــفوا وجهودهم في الــعــلم والإفتاء
فــــــجـــــزاه رب الـعرش خير جزائه مادام فــــيــــنــــا نـدوة العلماء
هذا التبريك والتهنئة الشعرية هي نداء كل من له علاقة بندوة العلماء من الصغار والكبار ، والمتخرجين القدامى والجدد ، والكتاب حاجة الساعة التي كان عُشاقه في انتظاره وترقبه ، وكان محبوه في لهفة وشوق إلى قراءته ودراسته ، وحينما وصل الكتاب إلى رحاب ندوة العلماء ، فكان لها صدى كبير، وكل دعا للمؤلف الكريم بالتوفيق والسداد وإنجاز أمثال هذه المشاريع العلمية .
ولا يخفى على كل من له أدنى معرفة بتاريخ المحدِّثات المسلمات عبر العصور أن الشيخ الدكتور محمد أكرم الندوي قد ألف أسفاراً ضخاماً حول تراجم النساء في الحديث النبوي الشريف ، وذلك في 43 مجلداً ، ولم ننته – نحن القراء – من دراسته حتى فاجأتنا هذه الوثيقة التاريخية التي حيرت الطلاب والأساتذة بجامعة ندوة العلماء، وقد صدرت للأستاذ محمد أكرم الندوي كتب علمية ومؤلفات نافعة من دار القلم حول تراجم العلامة شبلي النعماني ، والعلامة السيد سليمان الندوي ، والإمام أبي الحسن علي الحسني الندوي ، وترجمة كتاب بستان المحدثين من الفارسية إلى العربية ، ودَع ذكر الرحلات التي يقوم بها ، ويدوِّن تفاصيلها ، وهي مطبوعة ، وأثبات الأسانيد الحديثية وغيرها من الأعمال .
يشتمل هذا الكتاب على خمسة عشر باباً ، ويبتدئ الكتاب من تمهيد ، وهو الهند في العهد الإسلامي وعهد الاستعمار البريطاني ، ثم كان الباب الأول حول تأسيس ندوة العلماء ، فتحدث فيه عن فكرة ندوة العلماء ، وعن أعلام أثروا في الفكرة الجديدة أمثال الشيخ فضل الرحمن الكنج المراد آبادي ، والعلامة عبد الحي الفرنغي محلي ، والشيخ إمداد الله المهاجر المكي ، ثم تحدث عن إنشاء ندوة العلماء ، وأثبت بوثيقة تاريخية أن إنشاءها كان في شعبان 1309هـ ، الموافق 1892م في مدرسة فيض عام بكانفور في حفلها للمتخرجين ، ثم ذكر المؤلف العلماء الذين حضروا هذا الحفل ، ووافقوا على إنشاء ندوة العلماء ، وذكر تراجم الأعلام المؤسسين لها ، ثم مقومات حركة ندوة العلماء ، وهي ثلاثة : إصلاح المجتمع ، التوسط والاعتدال ، وتطوير المنهاج التعليمي .
تناول المؤلف في الباب الثاني تأسيس دار العلوم التابعة لندوة العلماء إلى نهاية عهد محمد علي المونكيري ، وذكر في الباب الثالث عهد الشيخ مسيح الزمان الشاهجهانفوري وخليل الرحمن السهارنفوري ، والباب الرابع يتحدث عن عهد الشيخ عبد الحي الحسني والسيد محمد علي حسن خان ، وهو عهد الهدوء والاستقرار ، والباب الخامس يتحدث عن عهد الدكتور عبد العلي الحسني ، وهو عهد التطور والانفتاح ، والباب السادس وهو عهد الرقي والازدهار ، وهو عهد الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي ، هذا العهد يغطي أربعين سنةً من المساحة الزمنية ، ثم جاء عهد الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي وهو عهد التوسع والانتشار ، كما ذكر المؤلف في الباب الثامن أقسام دار العلوم : التعليم ، والإفتاء والدعوة والتربية ، والباب التاسع يتحدث عن ندوة العلماء والفنون التي عنيت بها والمقررات الدراسية ، والباب العاشر يتحدث عن الكتابة والتأليف في ضوء المجلات العربية والمجلات غير العربية ، والمجامع العلمية الإسلامية أمثال دار المصنفين ، والمجمع الإسلامي العلمي .
أما الجزء الثاني للكتاب فهو الباب الحادي عشر : تأليف علماء الندوة في مختلف الموضوعات ، والباب الثاني عشر : العرب وندوة العلماء ، والباب الثالث عشر : أسانيد ندوة العلماء ، والباب الرابع عشر : الأربعون الندويات المتباينات ، الباب الخامس عشر : دور الندوة في عالمنا المعاصر ، ثم الخاتمة والمصادر والمراجع ، هذا خلاصة الكتاب بإيجاز .
يتجلى من دراسة الكتاب عدة مزايا ، وهي على ما يأتي :
(1) هذا الكتاب أول كتاب تاريخي باللغة العربية ، لم يكتب مثل هذا الإسهاب والتفصيل أي كتاب على حد علمي باللغة العربية ، كما ألفه صاحبه ، وإن كانت هناك مجاميع مقالات ، ووريقات مبعثرة ، ودراسات جامعية غير متحلية بالطباعة، فأول من قام بتعريف حركة ندوة العلماء باللغة العربية هم الإمام السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي ، والشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي والشيخ السيد محمد واضح رشيد الحسني الندوي ، والشيخ الدكتور سعيد الأعظمي الندوي ، فإن لهؤلاء المشائخ كتباً مختصرةً ومتوسطةً أمثال : ندوة العلماء : فكرتها ، منهاجها وأعلامها للشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي ، وندوة العلماء : حركتها ، دعوتها وأبعادها للشيخ سعيد الأعظمي الندوي ، وندوة العلماء في الدراسات الإسلامية والأدب العربي للأستاذ الدكتور قطب الدين الندوي ( دهلي ) .
(2) هذا الكتاب يستوعب تاريخ ندوة العلماء إلى يومنا هذا ، وقد ألف تاريخ ندوة العلماء في مجلدين باللغة الأردية كل من الشيخ إسحاق جليس الندوي والشيخ شمس تبريز خان ، لكن هذين المجلدين إلى عهد الدكتور عبد العلي الحسني ، فهذا الكتاب يُطلع القارئ على تاريخ ندوة العلماء بكامله .
(3) تتجمل صفحات هذا الكتاب بالمصادر الأصيلة ، إنه استفاد مباشرةً من تقارير سنوية لندوة العلماء ، وهي أوثق مصدر في تدوين تاريخ ندوة العلماء ، وقد نشرت صور فوتوغرافية لبعض التقارير حتى يكون القراء على بينة من الأمر ، ولا شك أن الشيخ أكرم الندوي صاحب البيت ، و ” صاحب البيت أدرى بما فيه ” .
(4) يزدان الكتاب بصور الكتاب والشخصيات والأعلام الذين مضوا من قبل ، حتى صور المباني والأروقة والمكتبة العامة والمسجد الجامع مع الإشارة إلى ذكر تاريخها ، وهو أحسن طريق للوصول إلى مغزى الكتاب .
(5) انتشر في هذا العصر في العالم العربي بوجه خاص اعتناء بالأسانيد ومشايخ الحديث الشريف ، والمؤلف يدرك أهمية الموضوع ، فإنه خصص باباً كاملاً لبيان أسانيد مشايخ ندوة العلماء ، حتى يمكن الاستفادة من هذه السلسلة الحديثية الذهبية .
على كل ، يعتبر الكتاب وثيقةً تاريخيةً من وثائق العلم والمعرفة ، وخدمةً كبيرةً لندوة العلماء والمنتمين إليها ، وكنزاً ثميناً في المكتبات الإسلامية ، ونحن إذ نهنئ الأستاذ الدكتور محمد أكرم الندوي ( حفظه الله ورعاه ) من أعماق قلوبنا ، ندعو الله تعالى أن يسبغ عليه لباس القبول ، ويجعله مصدراً مهماً من مصادر تاريخ ندوة العلماء ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .