دار العلوم ندوة العلماء وعلماؤها وإنجازاتها

المؤرخ عمر فروخ وديوانه : فجر وشفق
أكتوبر 17, 2022
تأثير إشكاليات الترجمة على ترجمة النصوص الدينية
نوفمبر 5, 2022
المؤرخ عمر فروخ وديوانه : فجر وشفق
أكتوبر 17, 2022
تأثير إشكاليات الترجمة على ترجمة النصوص الدينية
نوفمبر 5, 2022

في شعر الشيخ محمد بن حسين اليماني

دراسات وأبحاث :

دار العلوم ندوة العلماء وعلماؤها وإنجازاتها

في شعر الشيخ محمد بن حسين اليماني

( 1273هـ – 1344هـ )

د . سعيد بن مخاشن *

ولد العالم الجليل ، ذو القدر الحفيل ، المحدث  الكبير الأديب الأريب الشاعر المطبوع وحيد عصره وفريد مصره الشيخ محمد بن حسين اليماني الساعدي الخزرجي الأنصاري عام ألف ومأتين وثلاثة وسبعين تقربياً ببلدة حُديدة اليمن [1] في أسرة عريقة تميزت بالدين والفقه والأدب ، وكان أبوه حسين بن محسن اليماني من كبار المحدثين في عصره .

اسمه الكامل :

محمد بن حسين بن محسن بن محمد بن مهدي بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن عثمان بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن حسين بن إبراهيم بن إدريس بن تقي الدين بن سبيع بن عامر بن غبشة بن ثعلبة بن غبشة بن عوف بن مالك بن عمر بن كعب بن الخزرج بن قيس بن سعد بن عبادة بن دلهم بن حارثة بن خزام بن خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة الخزرجي الأنصاري [2] .

حليته وأولاده :

كان الشيخ محمد بن حسين اليماني يتمتع بحظ عظيم من نبل الخلق ، حسن السمت ، رحب الصدر ، دماثة الطبع ، إرهاف الحس والذهن ، تواضع النفس ، حلو الحديث وما إلى ذلك من الشيم الحميدة . ويقول الشيخ أبو الحسن الندوي : ” كان الشيخ محمد بن حسين اليماني عربياً بأخلاقه وأوصافه ، إذا نطق باللغة الأردية يغلب عليها طابع العربية . وكان صبيح الوجه ، بهيج الطلعة ، قصير القامة ، كثير العيال ، وله عدة زوجات ، من أبنائه : الشيخ خليل بن محمد ، والشيخ عبد الرحمن ، والشيخ حبيب الرحمن ، والشيخ عبيد بن  محمد أستاذ الكلية الحميدية ببوفال ، والذي نال شهادةً فخريةً لخدمة اللغة العربية من رئيس جمهورية الهند ، والذي توفي قبل عدة سنوات ، وأخي وزميلي الشيخ حسين بن محمد ، وأخواه الأصغران : محسن وحسن ” [3] .

شيوخه :

إن الشيخ محمد بن حسين اليماني تلمذ عند عديد من أساطين العلم في البلاد العربية والهندية ، وعلى رأسهم :

-والده حسين بن محسن اليماني ، درس الشيخ محمد بن حسين على يديه بعض رسائل النحو والفقه الشافعي .

-عمه الأكبر الشيخ محمد بن محسن اليماني .

-الشيخ زين العابدين ، وقرأ عليه الفقه والحديث .

-المولوي عبدالله البلغرامي نائب قاضي بوفال ، وأخذ عنه بعض رسائل النحو والمنطق والفقه والأصول .

-مولانا عبد الحق بن محمد بن أعظم الكابلي ، وقرأ عليه بعض رسائل المنطق .

-مولانا يوسف علي الغوباموي ، وأخذ عنه بعض الكتب الدراسية في الفقه والأصول والحكمة والعروض والقافية .

-المفتي عبد القيوم بن عبد الحي البكري البرهانوي ، ودرس على يديه المجلد الأول من ” صحيح البخاري ” ، وبعض من ” الجامع الصغير ” ، وأجازه بما قرأ إجازةً خاصةً .

-مولانا يوسف بن عبد القيوم نجل المفتي عبد القيوم بن عبد الحي ، وقرأ عليه مسند الإمام أحمد ، وأوليات الشيخ محمد سعيد سنبل وإجازات والده وجده ، فأجازه برواية ذلك عنه .

-القاضي محمد بن عبد العزيز  المجهلي شهري ، ودرس على يديه من   ” صحيح البخاري ” و ” بلوغ المرام ” ، وقد أجازه بكل ما تجوز له روايته وتصح عنه درايته .

-الشيخ عبد الله بن إدريس السنوسي الحسني الفاسي ، وقد أجازه الشيخ بروايته عن الشيخ عبد الغني بن أبي سعيد العمري الدهلوي المهاجر عن الشيخ محمد عابد بن أحمد علي السندي صاحب ” حصر الشارد ” [4] .

نشاطاته العلمية :

لما استكمل الشيخ محمد بن حسين اليماني حظه من العلوم وتزود بالمعارف ، أفاد القوم مدةً طويلةً في مختلف المراكز العلمية ، وتولى التدريس في مدرسة والده ، كما تولى التدريس بدار العلوم لندوة العلماء فاشتغل الناس عليه وانتفعوا به . يقول الشيخ أبو الحسن علي الندوي عن الشيخ اليماني أنه كان : ” عالماً كبيراً ومدرساً صاحب مؤلفات عديدة ، وله ميل شديد إلى الأدب والشعر ، وكان بصيراً بفن العروض والقوافي ، كاتباً أديباً ، وشاعراً قديراً ، وظل مشتغلاً بتدريس الأدب العربي مدةً طويلةً في دار العلوم ندوة العلماء ، كما شغل منصب شيخ الحديث فيها مدةً من الزمن ” [5] .

تلاميذه :

إن قائمة الطلبة الذين درسوا على يديه مختلف العلوم ومتنوع الفنون طويلة ، والذين أصبحوا فيما بعد سواد عين البلاد وشموس آفاقها بلا انتقاد ، ودارت على رؤوسهم رحى التدريس ، وبذلوا لكل من يأتيه كل نفيس ، وأكتفي بذكر نجله الشيخ خليل بن محمد اليماني ، والشيخ عبد الحي الحسني الندوي مؤلف نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر الذي درس على يديه ” الوافي بعلمي العروض والقوافي ، مع شرحه الصغير للدمنهوري ، والمقامات للحريري ، وديوان المتنبي ، وكتاب الحماسة ، والمعلقات السبع ” وغيرها .

رحلاته :

إن الشيخ محمد بن حسين اليماني شدَّ حزيمه إلى مدن شاسعة داخل الهند وخارجها لأداء الحج والزيارة ولاستقاء العلوم والمعارف ولمآرب أخرى ، منها : الحرمين الشريفين ، الشارقة ، عمان ، لكناؤ – الهند ، بوفال – الهند وما إلى ذلك .

رحلته إلى الهند :

” كان العلامة حسين بن محسن الأنصاري ، والد الشيخ محمد ابن حسين اليماني الأنصاري ، قدم أولاً من حديدة اليمن إلى بوفال ، وذلك في أيام ” سكندر بيغم ” سنة 1862م ، وأقام ببوفال سنتين ، ثم رجع إلى وطنه . وقدم مرةً ثانيةً في أيام شاه جهان بيغم ، ورجع إلى وطنه بعد أربع سنوات ، وكان ذلك في عهد العالم الهندي الجليل والمؤلف الكبير الأمير السيد صديق حسن خان ، الذي كان عالماً ضليعاً بصيراً بخصائص الرجال مقدراً لهم ، وكان قد لقي الشيخ حسين بن محسن أثناء إقامته بالحجاز ، وتأثر به كثيراً بما رأى فيه من الذكاء النادر ، والذاكرة القوية ، والقدرة الفائقة على تدريس الحديث الشريف ، والاطلاع الواسع على علوم الحديث ، ثم لأن إسناده في الحديث إسناد قليل الوسائط ، وهو يعتبر ميزةً يفتخر بها علماء الحديث ، وأعجب به إعجاباً كبيراً ، وأخذ منه إجازةً في الحديث واستدعاه إلى بوفال .

قدم الشيخ حسين بن محسن بوفال سنة 1879م وتديّرها ، وكان إماماً في فن الحديث ، ومثالاً رائعاً للمحدثين القدامى ، الذين تتحدث كتب السير والتراجم عن حفظهم وسعة اطلاعهم مما يبعث على العجب ، وانتهت إليه رئاسة تدريس الحديث في الهند ” [6] . وكان الشيخ محمد بن حسين رافق أباه وهو شاب من اليمن إلى بوفال [7] .

وفاته :

انتقل الشيخ محمد بن  الحسين اليماني إلى رحمة الله غرة ذي الحجة سنة أربع وأربعين وثلاث مأة وألف في بوفال ودفن بها [8] .

مآثره :

إن للشيخ محمد بن حسين اليماني شديد المحبة للعلم ومطالعته وتصنيفه وتأليفه ، فخلف مآثر قيمة ومصنفات نافعة ومؤلفات ممتعة تدل على رسوخ قدمه وعلو كعبه وطول باعه في مختلف العلوم ، وهي فيما يلي :

-المورد الصافي من علمي العروض والقوافي .

-الطراز الموشى بفوائد الإنشاء .

-النور الساطع المقتبس من محاسن البدر الطالع .

-تحذير أهل الإيمان من الكذب والظن والبهتان .

نموذج من نثره :

مما لا شك فيه أن الشيخ محمد بن حسين اليماني يستهوي القلوب ويملك الشعور بنثره لأنه يزين كلامه بجمال العبارة ومتانة اللفظ ، ووضاحة المعنى ورشاقة الأسلوب ، ويجرده عن الغريب والتعقيد والإطراء . واستهل الشيخ اليماني رحمه الله كتابه ” المورد الصافي من علمي العروض والقوافي ” بهذه الكلمات :

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدك اللهم على إحسانك الكامل الوافر ، ونشكرك على إنعامك المديد المتواتر ، ونصلي ونسلم على سيدنا ومولانا محمد نقطة دائرة الوجود ، الشفيع المشفع في المقام المحمود ، خير من هاجر إلى طيبة من العروض ، فتشرفت بمقدمه الشريف سائر العروض ، وعلى آله الكرام من اقترنت أنسابهم بنسبه الشريف ، وصحابته الأعلام من اتصلت أسبابهم بسببه المنيف ، الضاربين قوافي المشركين لتأسيس قواعد الدين المتين .

وبعد فيقول العبد الفقير إلى رحمة الملك الجليل محمد بن حسين الأنصاري السعدي الخزرجي اليماني أبو خليل : إني كنت في أيام الطلب لتحصيل علوم الأدب جمعت أنموذجاً في علمي العروض والقوافي وسميته بـ ” المورد الصافي ” ، ثم نسجت عليه العنكبوت لاشتغالي بأسباب القوت إلى أن قدر الله إزاحة الهموم بتعلقي في مدرسة أشرف العلوم فانتهزت فرصة من الزمان بل سُويعة من الماءان حين خفت عليه الضياع من تلك الرقاع فحررته في الطروس ، ورتبته بترتيب مأنوس ، وبعد إتمام أرقامه ، وحسن وضعه في بدئه وختامه ، في ظل من أنامت الأنام في ظلها ، وأمنت الرعايا في حوزة عدلها ، العامرة بهمتها مدارس العلوم المنطوق منها والمفهوم بعزم سامي سماء النجوم الرئيسة المكرمة بل الملكة المحترمة من ألبست الدنيا جمالاً وجددت لأهلها أمالاً ، وفاقت السحب جواداً ، فسارت بأخبار مكارمها الركبان أغواراً ونجوداً سمية مؤّرث الملك داراً ، من بنت في سماء المكرمات داراً . شعر : كفها السحب في السخاوة جودا غمرتنا بوبلها الهتان ، وبنت من مفاخر المجد بيتاً ، فلهذا سمت بشاهجهان خلد الله ملكها وحماها ، وكفها طوارق الحدثان ، وغب أن رتبته على مقدمة وخمسة فصول وتتمة وخاتمة ، أهديتها لحضرتها السعيدة ، وشرفته بالمثول في أعتابها المشيدة ، لأني نسجتها ، أعني رسالتي هذه ، لأداء شكر نعمتها ، وألفتها لتخليد ذكرها الجميل بهمتها ، فإن حظي بالقبول فهو غاية المنى والسؤل ، وبالله التوفيق وهو الهادي لأقوم الطريق ” [9] .

درر من قلائد قصائده :

كان الشيخ محمد بن حسين اليماني الأنصاري شاعراً موهوباً قد روض قريحته على القريض ، وأدام النظر فيه ففاضت قصائد رائعة عديدة بمناسبات متنوعة ، وكان يعبر فيها كل ما يجيش في قلبه الصافي من المشاعر والانفعالات . إن قصائد الشيخ اليماني وأبياتها تمتاز بقلة التكلف وسهولة الألفاظ وغزارة المعاني وروائع الجمال وبدائع الخيال وميسورة الفهم لدى جميع الناس .

جادت قريحة الشيخ اليماني عدة قصائد تعبر عن منزلة          ندوة العلماء وعلمائها ودورها الريادي في نشر العلوم الإسلامية والمعارف الدينية واللغة العربية بشكل خاص ، من بينها هذه القصيدة التالية التي أنشدها في ندوة العلماء سنة 1320م مشيداً بإنجازاتها ومآثرها :

دعـــــاهـــــا إذا غــــنــــت على الروضة الغنا  فإنا وجدنا في الــــــمـــــغـــــانـي لها مغنى

وقولا لحادي العيس فــــلــــــيـــحمد السرى  فإنا ســـــــــمــــعــــــنا في الأغاني لها لحنا

وقولا لــــــغــــــزلان الــــــــنــــــقـــــاء لــك البقا  لقد طـــــبـــتــما عيشا بعيش هو الأهنى

ولا تــــسألا غـــــيـــــر الــــصـبا عن صبابتي  فــــــــعــــنـها رويت اللطف لطفا له معنى

سرت وعليل الطرف لا يـــعــــرف الكرى  ومــــــــهـــــــــجـــتــه حرى وقتب له مضنى

ومــــا اشــــتــــــاق لا والله للـــــمـــدح ناظري  ولا لغزال الــــــــريـــــــم والـــــغــادة الرعنا

ولا نــــظــــــرت عــــــيــــــنــــي إلـى ما يسرها  ولا شاهــــــدت في الـــــربع جـــلاله يغنى

رعى الله ذات الطوق كم حركت هـوى  وكـــــم بـــذلت صوتا وكم أخـذت منا

وســـاق صــــبـــيــــح الـــــوجـــــه راق صبوحه  كما راق ماء الحسن في الروضة الغنا

أتاني بها صـــــرفـــــا وأومـــــــى بــــــطــــرفــه  فـــــقـــــــلـــــت لــــه بـــالله مــــن هـذه زدنـا

فــــــمــــــــا الـــــراح إلا الروح عـــــنـد بزوغها  فعجل بها صــــــرفــــا ودع فــــرجــها عنا

شــــــربــــــنــــــا على ذكر الــحــبـيب مدامة  سكرنا بها من قــــبـــل أن نعرف الدنا

لها الكأس بدر وهـــــي شـــــمـــس يديرها  هلال وكم يبدو  إذا مـــــزجــــت معنى

وفـــــائـــــــلــــــة مــــــا بـــــــال قــــــلــــبـــك مولع  بــعالمها الأعلى ورفــــــرفــــــــهـــا الأسـنى

وحــــــتــــــــــام تــــــــسعــــى لابـــــتــــنــاء معالم  من العلم قد أسهرت في حوزها الجفنا

لــــعـــــمـــــــرك مــــــن يــــســـعى لنيل فضائل  فـــــقـــــد حــــارب الدنيا ومات بها حزنا

يــــــــرى شــــــربـــــه فــــــيـــــها ســـراباً وعقله  عـــــــقـــــــــالا لـــــــمــــــا يـبغي وقوته وهنا

فـــــــقــــــــلت دعــــــيـــــنـي من حديث خرافة  فإنا أناس نعشق الــــــمـــجــــــد مذ كنا

لـــــنــــــــــا أنـــــــفـــــس تـــــأبـي الهوى وترتقي  إلى الـــــمــنهج الأعلى ولم تطلب الأدنى

لنا ســـــلــــــف ســــــــاروا عـــــلى خــير شرعة  ونـــــحـــــــــن عــــلـــــى آثـار شرعهم سرنا

ولا خــــيـــــــر في الــــدنـــــيــا إذا لم تجد بها  حــــبـــــيــــبـا وتجني من جداك بها عدنا

ولا خــــــيــــــــر فــــــيـــــــــمن يجمع المال للغنا  فـــــــأوزاره تــــــبــــــقـــــى وصــــاحبه يفنى

ولـــــيـــس الـــــغـــــــنى إلا الـــتــعــفف والتقى  ومـــــأثـــــرة تــــــــنــــمــي ومكرمة تجنى [10]

وأنشد الشيخ اليماني قصيدةً رائعة سنة 1334هـ بندوة العلماء :

يا سعد كرِّر حديثا صار أعــذبه  من أصدق القول لا ما قيل أكذبه

أهد الـــمــــسامع حليا من فــرائده  فإنه الــــــــدر والـــــــــداريـــة يــــرغـبه

بالله لا تــــهــــــده إلا أخـــــا ثــــــقـــة  مهذب طــــــــبـــــــعــــــه قد راق متربه

ما كل جيد نــــظـــيـم الدر حليته  ما كل من ينشد الأشــــعار تطربه

وصن بديع المعاني عن سوى فطن  صافي السجية حر حين تـــنــــســــبه

فإنه أنفس  الأشـــــيــــــاء يــضن به  من كان في الذروة العلياء منصبه

أليس مــــعــــنـاه قد سار الزمان به  سير الصبا وذووه عنه تـــكـــــتــــبه

والبدر في أفــــقـه ما شام منه سنا  إلا سرى نـــــــحـــــــوه للــــنــــور يرقبه

لا تعجبن  فــــهـــــذي نـدوة العلماء  سارت وعيسهم للــــقـــــلــــب تـجذبه

ساروا وقلبي فــــيــــهــــم واجب وله  يريد سيرا فلولا الذئب يـــــعـــــقــــبه

ساروا لبونا ســـتارا طاب مقدمهم  فيها وهان من المقصود أصـــــعــــبـه

أتوا يقودهم شــــهـــــم أبــــو شــرف  من نسل عبد مناف فـــــــاق منصبه

الــسيــد الندب عبد الحي ناظمها  أجل شخص فنون العلم مــــــشـــربه

فتى أرى قــــدره أهـــلا لكل على  لم يسع إلا لمجد طاب مـــــذهـــبــه [11]

نضحت قريحة الشيخ اليماني قصيدةً عند ذهاب أعضاء الندوة إلى ” مدراس ” سنة 1335هـ للاحتفال :

شكت بلسان الــــحال طول جفاها  نادت ولكن من يـجيب نـــــداهــــا

وشدت إلـــى مـدراس أمراس رحلها  لتبلغ منهم ما يـــــــزيـــــــل عـــــــناها

وجــــاءت إلـــيهم تستعيث من الأولى  جفوها ولم يـــــعـــــنـــوا برفع بناها

ولم يكملوا ما قد بقي غير كامل ولــــــم يــــــعـــــبـأوا بالطالبين ولاها

ولم يجهدوا فيها لــــتـــتــمــيــمها فقد شكت بلسان الحال طول جفاها

عسى أهل مدراس ومن حل قريبهم أولي همة عليا تــــــشـــــيـــد سماها

فيا ندوة  قد كدر الدهر صـــفوها وطال عليها كـــــــربـــــهـــا وعناها

خـــلـيلي لم يبق الجفاء لــــناظــــــري  بكــــاء فـــــهــــل عين تعبر بكاها

فأبـــــكــــى مـن هجر طويل وغربة  بدار متى أدعو أجــــــاب صـــــداها

أحاط بها الإفلاس من كل جانب  فطلابها من لـــــــومـــــهـــا وصداها

يصيحون فــــيــــــهـــا كـل يوم وليلة  جياعا وأظمأهم شــــديــد صداها

فـــــــيـا أهل دين الله قوموا فبادروا  لنصر عباد الله من عــــــلــــــــماهــا

فجاؤوا إلــى مدراس يستنجدونهم  يقودهم ابن الـــــوصــــــي وطــــاهــا

يقودهم حــــبــــــر نـــــبــــيـــل مــعـظم  وذلك عــــبــــد الـــــحـي بدر سماها

فــــــتــــــى هــمه التقوى وهمة نفسه  أنافت على مـــــــريـــــخــهـا وسهاها

فتى قد جــــنــــى من كل فن ثماره  وحاز مــــــن الــــــعـــــلـيا رفيع ذراها

قريب إلى أهـــــل الــشـــريعة والتقى  بعيد بمن يــــــهـــــــدي يــغـير هداها

عــــــفــــيـــف عن الأمـــوال إلا بحقها  يــــرى زهـــرة الدنيا يـــــطير هباها [12]

أنشد الشيخ اليماني قصيدة سنة 1336هـ عند الذهاب إلى ناغفور للاحتفال السنوي :

دعاني من هوى سعدي دعاني فداعي الشوق للندوى دعاني

دعــــانــــي أن أقول مقال صدق حقيق أن يفوه به جـــــنـــــانـــي

بأن الله لا يــــــــخـــــــفــــى عـليه خفي حيث كان بلا تــــواني

فأوجب في الزكاة على ذويها حقوقا ليس يحصرها لساني

ونــــــدوتــــــنا غدت علقا نفيسا تحلت بالبيان وبالـــــــمــــــعاني

وقد شدت إلــــى نكبور تبغى ندى من أهل ثروتها يدانــــــي

تحث السير نــــــحـــوهم سريعا إليهم تمتطي  ظهر الأمــــاني

أنادي عيسهم عـــــوجوا لداري فقالوا لا إلى دار الـــــــتــــهاني

ومعهم جملة الـــــعلــــــماء حثوا ركائبهم لتشييد الــــــــمباني

بوعظ يصدع الصخـرات حقا ونصح كالمثالث والـــــــمثاني

يقودهم فتى من آل طـــــــاهــــا كريم ماله في الــــــناس ثاني

بعبد الحي يسمى طاب أصلا وفــــــــرعــــــا لا يــدانيه مداني

ذكي أربــــــــحـــــــي ألــــــمـــعي فـــــــريــــد فاق بالشم الحسان

تراه دائما طلق الــــــــمـــــــــحــيا لذي الحاجات من قاص ودان [13]

وأنشد الشيخ اليماني قصيدةً مهنئاً بولادة الرشيد عبد العلي سنة 1310هـ :

ســــــر قـــلـبي بذلك الـــــمـــــولـــــود لــــــــصـــــــــفـــي خــل وفـي ودود

فــــــــاضــــــــل كـــــامـــــل تقي نقي ســـــعــــــــيـــد عاقل لبيب مجيد

هــــــذه الــــــغانـيات أطـــــــربن بــالـ ــــــدف وباللحن والغنا والنشيد

كل حــــــوراء نـــــــاظــرات بطرف  كعيون الــــــمـــــها وطرف غيد

كــــــســــــهــــام أهــدابها راشقات  وتقد الـــــــــقــــــلـوب قبل الجلود

بقدود كأنها غـــــــصـــــــن الـــــبــا ن تـــر نـــــــحـــــن للمحب العميد

ذات فــــــــرع كــــــأنــــتها اللـيل إذ  يسجو على قلب عاشــق معمود

حسبي الله كم أقاسي صــعابـــا  من هواها ولـــــم أنــل مقصودي

فـــــــلـــــــذا رمــت أن أخلص نفسي  بمديحي لـــــســبـط خير الوجود

فلعلي أرجو الـــــــــنــــــــجاة بمدحي  لأهل الــــــــــكـــساء أهل الجود

قام في منبر القلوب خـــــــطـــــــيـــبا  فسرى طــــيــب نشره في جلودي

جدد العهد بالـــــــســـــرور وأضحى  يـــــــتـــــــجـــلى بكل سعد جديد

هي بشرى لـــــــســــــيـــدي ذي نجار  بشرته بـــنجله الـــــــــمـــــــــولـــــود

كـــــــــوكـــــب لاح في سـماء علاء  درة رصــــــــعــــــــــت بــــعقد فريد

مــــــــســــــــتــــهــلا أتى فكان هلالا  قد رأينا كـــــــمــــــــاله يوم عيد

غـــــــــيـــــر بــــــدع إذا سما وهو طفل  فهو من عنصر الكـرام الصيد

كل يوم عــــــــــلاهــــــــم في ازديـــــاد  للـــمـــعالي ومجدهم في الصعود

فــــــــهــــــــنـــــيـــــئا لك الــــبــشارة عبد  الحي بـــالقادم الكريم الرشيد

أبـــــــــد الله عــــــــــمــــــــــره وحــــمــــاه  وحــــــــــبـــــــــاه بـــــــــحـــــلة التأييد

لم يـــــــــزل ســـــيـــــدا حلــيما رشيدا  فهو جزء من الـــــــحلــيم الرشيد

بـــــــــدر ســــــــــعــــــــد لأجل ذا أرخـوه  بدر تـــــــم بـــــــدى بـــوقــت سعود [14]

فاضت قريحته قصيدةً ثم أرسلها إلى الشيخ عبد الحي من بوفال سنة 1340هـ :

كتــــــبت كـــتابا بالسلام وبالود    وبالـــمسك والكافور والعطر والنّد

وعـــفرته بالزعفران كــــــــرامـــــة    لــــــــــمـــا فيه من ذكر الأحبة والود

إلى قمر الدنيا إلى غاية الــــمــــنـى    إلى عند من لا عنده بعض ما عندي

إلى الفاضل النحرير والعالم الذي  يسمى بــــــعـبد الحي  يا لك من عبد

هو ابــــــن رسول الله وابـــــن وصيه    وابن الحسين السبط واســطة العقد

عـــــــلــــيــهم سلام الله ما ذر شارق    وما سح ودق في خـــــمـــــــائـل من ورد

سلام علـــــــيــــــهــم كلما لاح بارق    وما غنت الــــــــورقـــا عــلى ورق الرند

سلام عــــــليهم كلما هبت  الصبا  وما جاءت الأخبار منهم إلى عــــنـدي

سلام عـــــلــــى عــبـد العلي وصنوه [15]  علي [16] ومن يأوي إليهم عــــــلـــــــى بعد

سلام مـــــــحـــب قـــلبته يد الـــنــوى    من الـــــــشـــــوق في نار مـــسعرة الوقد

فــــو الله ما طابت حياتي بعدكم    تــــــرى أنــــــتــم طابت حياتكم بعدي

حرام علي النوم حـــــــتـــــى أراكـم          ولو كنت في الفردوس أو جنة الخلد [17]

أنشد الشيخ اليماني قصيدةً مهنئاً بولادة حسن المثنى بن عبد العلي سلمهما الله تعالى سنة 1339هـ :

حسن المثنى دمت تـــــرقــــى في العلى  درجا رقـــاها والداك وجــــــدكا

ولدتـــــك واضــــــحـــة الجبين وأصلها فرع السماء به تـــــــعــالى قدركا

عبد العلي أبوك نجل السيد المنطيق عبد الــــــــحـــــــــي جدك قد زكا

مـــن عـــصـبة قرشية نالوا الـــــــعلــــى  بالمــصطفى المختار يعلو مجدكا

فافـــــــخـــــــر على هام السماك برتبة جلت وفاقت في الورى أن تدركا

فلذا الـــــــــغــــــواني بالأغاني  أطربت والـورق قد صدحت بعالى مدحك

فاسلم ودم في نــــــــعـــــــمــــــــة وسلامة  ورغــــــيد عيش مع أبيك وجدكا [18]


* أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها ، جامعة مولانا أزاد الأردية الوطنية ، البريد الإلكتروني : sayeed_makhashin@yahoo.com

[1] دكتور يوسف مرعسيلي : نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر ، بيروت – لبنان ، دار المعرفة ، الجزء الأول ، 1427هـ – 2006م ، ص 1143 .

[2] صديق بن الحسن القنوجي : أبجد العلوم ، الطبعة الأولى ، لاهور ، المكتبة القدسية ، الجزء الثالث ، 1403هـ – 1983م ، ص 211 .

[3] أبو الحسن على الحسني الندوي : شخصيات وكتب ، الطبعة الأولى ، دمشق ، دار القلم ، 1410هـ – 1990م ، ص 77 .

[4] دكتور يوسف مرعسيلي : نثر الجواهر  والدرر في علماء القرن الرابع عشر ، ص 1144 .

[5] أبو الحسن على الحسني الندوي : شخصيات وكتب ، ص 77 .

[6] المصدر السابق : ص 76 .

[7] المصدر السابق : ص 77 .

[8] محمد علي جماز : معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م ، الطبعة الأولى ، بيروت – لبنان ، دار الكتب العلمية ، الجزء الخامس ، 1424هـ – 2002م ، ص 258 .

[9] محمد بن حسين بن محسن اليماني : المورد الصافي من علمي العروض والقوافي ، بوفال ، المطبع الشاهجاني ، 1316هـ ، ص 2 ، 3 .

[10] عبد الحي الحسني : الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام ، الطبعة الأولى ، بيروت – لبنان ، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزء الثامن ، 1420هـ – 1999م ، ص 1339 .

[11] المصدر السابق : ص 1340 .

[12] المصدر السابق : ص 1341 .

[13] نفس المصدر .

[14] نفس المصدر .

[15] الدكتور السيد عبد العلي الحسني النجل الأكبر للشيخ عبد الحي .

[16] علي أبي الحسين النجل الأصغر للشيخ عبد الحي .

[17] عبد الحي الحسني : الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام ، ص 1342 .

[18] المصدر السابق : ص 1343 .