الأسرة الحسنية ، والدعوة إلى الله تعالى !

تعالوا نستقبل العام الجديد !
أغسطس 28, 2022
هل يتجرد الإنسان عن لباس الإنسانية ؟!
أكتوبر 17, 2022
تعالوا نستقبل العام الجديد !
أغسطس 28, 2022
هل يتجرد الإنسان عن لباس الإنسانية ؟!
أكتوبر 17, 2022

الافتتاحية :           بسم الله الرحمن الرحيم

الأسرة الحسنية ، والدعوة إلى الله تعالى !

هذا العالم البشري الذي نعيش فيه اليوم ويملؤه الإنسان بنشاطه العملي في مجالات كثيرة منوعة ، يتميز بوجود ابن آدم الذي يقوم بأدوار كثيرة من العمل والعقيدة ، وكانت أمة الإسلام ذات قيادة إيجابية من الدعوة إلى الله سبحانه ، والتقرب إليه بواسطة من رسالة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي ختم الله تعالى عليه النبوة وأكرمه بتبليغ دعوة الإسلام إلى العالم كله ، حتى يوم القيامة ، فليس بعد ذلك أمام المسلمين دين ولا عقيدة ، وليست له غاية إلا أن يعرف خالقه الذي منحه منصب القيادة العالمية وفتح له الطريق إلى معرفة الخالق الله العظيم الذي يخضع له كل ما في السماوات والأرض من علم وعمل وقوة ونشاط ، ويستمر ذلك إلى أن تقوم الساعة ويُنفخ في الصور .

هذا العالم البشري الذي يملؤه كل نوع من الخلق وأكرم الله تعالى الإنسان بالخضوع لكل ما جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم من عقيدة ورسالة سماوية تشمل صلاحه وصلاح كل ما يعود إليه هي مسئولية إنسانية جسيمة ، وهي مسئولية الدين القيم ، كما قد قال الله تعالى : ( وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَواةَ وَذٰلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ ) ( البينة : 5 ) .

لقد كان فقيدنا المرحوم أخونا الشيخ السيد محمود الحسني أحد أعضاء أسرة ( شيخنا العظيم سماحة العلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي ) من الشباب الدعاة والكتاب الإسلاميين ، ممن درسوا في جامعة ندوة العلماء ، واستفادوا من تربية الأسرة ومن مربيها سماحة العلامة الندوي والعلامة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي ، ولقد قام الراحل الكريم بشئون التعليم وتوجيه الشباب المسلم والمعايشة مع دعاة الدين الإسلامي الكبار المخلصين ، وقد رافق هؤلاء الدعاة واستفاد من مجالسهم الخاصة والعامة ، فأكرمه الله تعالى بأداء واجب الدعوة إلى الله تعالى والإسهام في جميع نشاطات علماء ودعاة الأسرة بأحسن وجه ، حتى كان ثقتهم في الأعمال الدينية العلمية والنشاطات الدعوية وكان يساعدهم في جميع الأمور الحيوية من كتابة المقالات الدعوية والبحث عن مصادر العلم والدعوة في تاريخ الدعاة المخلصين والعلماء الكبار ، الواقع الذي بلغ به إلى مصاف المؤلفين والعاملين في مجال العلم والدعوة .

كان يقوم بجميع هذه الأعمال والإسهام بالعمل الديني في هذا المجال إذ فوجئ بانحراف في الصحة ومرض شديد ألجأه إلى مراجعة الأطباء الحذاق الذين أشاروا له بالدخول في المستشفى وساعده في ذلك أفراد الأسرة وأدخل أحد المستشفيات في البلد حيث اهتم بعلاجه أطباؤه ، وساعده في العلاج صاحب المستشفى واهتم به اهتماماًكبيراً حتى تغير حاله بالعلاج مع الدعاء الذي كان يهتم به أصحاب الأسرة وعلماؤها وأعضاؤها ، فكان يُرجى شفاؤه ، ولكن الله سبحانه أراد أن يتقبل عمله ويدخله في جنات ونعيم .

كان الفقيد من أسرة الداعية الكبير والعالم الجليل السيد أحمد الشهيد الذي ينتمي إليه علامة الهند والداعية العظيم والكاتب الإسلامي الشهير العلامة الكبير السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي ( رحمه الله تعالى ) ، وقد أكرمه الله تعالى باتباع وظيفة الدعوة والعمل لتبليغها إلى المجتمعات الإنسانية ، وقد وُفق إلى ذلك بما كان قدره الله له ، وكان يُرجى أن يخرج من المستشفى بشفاء وكان يتزايد الأمل في ذلك مع مر الأيام والليالي ، ولكن الله سبحانه قد كتب أن يستجيب نداءه صباح يوم الجمعة الثالث عشر من شهر محرم عام 1444 من الهجرة ، واليوم الثاني عشر من شهر أغسطس لعام 2022 الميلادي ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

كان الراحل الكريم من أسرة العلامة الكبير شيخنا وإمامنا السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي كما أشرت إلى ذلك ، ولم يكن شيخنا كعامة العلماء والدعاة الذين ينظرون إلى المسلمين من خلال التاريخ العالمي ، ولم يكن في إطار التقليد العام في كتابة وشرح تاريخ الأمم الإسلامية ، ولكنه كان ينظر إلى المسلمين من خلال تاريخهم الماضي في الفترة الأولى من تاريخ الإسلام ، يقول في مقدمة كتابه ” ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ” :

” إن الله سبحانه وتعالى ألهمني وشرح صدري لأن أكتب في موضوع ( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) كأن المسلمين هم العامل العالمي المؤثر في مجاري الأمور في العالم كله ليس في بقعة جغرافية محدودة أو منطقة سياسية خاصة ، هل المسلمون حقاً في وضع أن يقال : إن العالم قد خسر شيئاً بتقهقرهم وبتخلفهم عن مجال القيادة العالمية ” .

وفي ضوء هذه السطور القليلة ينفتح أمامنا مجال واسع للقيادة العالمية التي تحدث عنها شيخنا الكبير في أول كتاب ألفه ، ليوم كان العالم الإسلامي يبحث علاجاً للأدواء التي كانت منتشرةً بين أصحاب العلم والدعوة ، وكانوا يعتقدون أن انحطاط المسلمين قد يكون أحد العوامل فيما خسره العالم من نعمة العلم والدعوة في مكان دون مكان ، فلفت العالم الكبير والداعية إلى الله العلامة الندوي ( رحمه الله تعالى ) أنظار الدعاة وأصحاب العلم والتاريخ إلى حقيقة هذه الخسارة وبين مسارها في ضوء العلم والتاريخ الإسلامي العظيم .

وقد استفاد العالم الإسلامي بكامله ، وأمة الإسلام بأجمعها من خلال هذه النظرة التاريخية الجليلة ، وحدث تغير في النظرات القديمة المحدودة وحول ما خسره العالم من القيم الإيمانية الشاملة ، وارتجع العالم الإسلامي إلى هذه الحقيقة التي تحدث عنها شيخنا الكبير العلامة الندوي في أول ما ألفه حول الدعوة إلى الله ودور المسلمين في إزالة ما أصاب أمة الإسلام من خسارة ومن ضعف ونظرة محدودة في تاريخ الدعوة إلى الله ومعرفة حقيقة الإسلام .

لقد كان السيد محمود الحسني أحد أعضاء هذه الأسرة الحسنية التي بناها العلامة السيد أحمد الشهيد وزينها علامة الدعوة والفكر الإسلامي سماحة العلامة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي الذي عرفه العالم الإسلامي بكامله شرقاً وغرباً وعرفته القارات العالمية كلها بدعوته ومؤلفاته العظيمة في مكتبة الإسلام ودعوته وفكرته الإنسانية العامة .

ونحن إذ نتحدث عن هذه الأسرة الكريمة الدعوية يشرفنا أن نصرح بأن جميع أعضائها الكرام من أولئك العلماء والدعاة الذين شرفهم الله بالعمل الإسلامي الخالص والقيام بالدعوة إلى الله تعالى وإحياء ما قد تناساه المسلمون اليوم من شرفية الإسلام وتغطيته حياة المسلمين بنور الشريعة الإسلامية وإشراقة الإيمان ، قد وفقهم الله تعالى لدعوة الناس جميعاً إلى الإسلام الذي يدوم بنوره وكماله وتمام نعمته وودوامها بتوفيق من الله تعالى من خلال هذا الدين الكامل الذي تحدث عنه الله تعالى بغاية من الصراحة والبلاغة والإعجاز ، فقال في كتابه العظيم : ( ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأِسْلاَمَ دِيناً ) .

سعيد الأعظمي الندوي

14/1/1444هـ

13/8/2022م