ندوة العلماء في مرآة التاريخ !

مسئولية المسلمين في العالم اليوم !
يونيو 2, 2021
شهادة الخالق بعظمة الإنسان !
يوليو 31, 2021
مسئولية المسلمين في العالم اليوم !
يونيو 2, 2021
شهادة الخالق بعظمة الإنسان !
يوليو 31, 2021

الافتتاحية :            بسم الله الرحمن الرحيم

ندوة العلماء في مرآة التاريخ !

اجتاز تاريخنا الحاضر حوادث عديدة ذات أهمية لوفيات العاملين في رحاب ندوة العلماء ، والمشتغلين بتيسير التعليم والتربية والحفاظ على التراث العلمي المصون في أمهات الكتب التاريخية في مكتبات ندوة العلماء وكلياتها ، فأول حادث هو ارتحال مفاجئ للأستاذ السيد محمد حمزة الحسني الندوي في نهاية شهر رمضان المنصرم 1442هـ ، رغم أن المعالجات الطبية والإشراف على صحته ظل مستمراً من جميع الجهات المسئولة عن ندوة العلماء ، إلا أن الله سبحانه آثر أن يرتحل إلى رحمته ويعيش في إشرافه ، وذلك في آخر أيام أسبوع رمضان 1442هـ ، الذي هو أسبوع العتق من النيران ، وبعد ذلك تتابعت وفيات المسئولين والمشرفين على شئون التعليم والتربية في ندوة العلماء ، فكان ارتحال الدكتور أطهر حسين المشرف على إدارة المالية لندوة العلماء في الأسبوع الأخير من شهر رمضان    1442هـ ، وارتحال مدير مكتبة كلية اللغة العربية وآدابها بدارالعلوم ، الأستاذ رئيس الشاكري الندوي ، ثم وفاة حرم الشيخ شمس الحق الندوي رئيس تحرير صحيفة ” تعمير حيات ” الأردوية وأستاذ دارالعلوم لندوة العلماء .

ومن هنا تجمعت الهموم والأحزان للوفيات المذكورة أعلاه ، وكنا كذلك إذ فوجئنا أمس مع نهاية صلاة الجمعة 15/ شوال 1442هـ بوفاة أديب دارالعلوم وعميد كلية اللغة العربية الدكتور   نذر الحفيظ الندوي الأزهري ، الذي بدأ دراسته الأساسية في دارالعلوم لندوة العلماء من عام 1955م من القرن المنصرم ، ودرس من أوله إلى نهاية المراحل الأدبية حتى أرسلته الجامعة إلى مصر للدراسة في الأزهر وتوابعه ، وقد يسر الله سبحانه أمره لمربينا العلامة الكبير السيد الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي إرسال بعثة أدبية إلى جمهورية مصر للاطلاع على الحركات العلمية فيها والاستفادة منها في المراحل الأدبية لمناهج ندوة العلماء ، فكنت أنا والأستاذ محمد واضح رشيد الحسني الندوي من المستفيدين من هذه الرحلة وتجاربها العلمية والأدبية في وضع بعض الترتيبات لمناهج ندوة العلماء الأدبية في مدارس ندوة العلماء وفروعها .

وقد كان ذلك في نهاية العشرة السابعة للقرن المنصرم  1978م ، وقد عشنا في دار ضيافة الأزهر الشريف لمدة شهر ونصف ، وتجولنا في جامعات الجمهورية المصرية ومؤسساتها الأدبية ، والتقينا الشخصيات الأدبية المعروفة فيها ، فكان كل ذلك باعثاً على زيادة المعلومات الأدبية التاريخية والاطلاع على الآثار العلمية والثقافية في أكثر أنحاء ومدن مصر في ذلك الحين .

ونحن وإن كنا في ضيافة الأزهر لكن الشيخ عبد النور الندوي الأزهري ( رحمه الله تعالى ) والأستاذ نذر الحفيظ الندوي الأزهري ( رحمه الله تعالى ) كانا يساعداننا في الاستفادة من هذه الرحلة الأدبية ، وطالما يرافقاننا إلى زيارة الآثار التاريخية والشخصيات العلمية البارزة في ذلك الحين ، ويشيران إلى الأمكنة والأدباء المعروفين في ذلك ، ويأخذان لنا مواعيد للزيارة والاستفادة وإفادتهم بتاريخ ندوة العلماء ومناهجها الأدبية والتعليمية والثقافية والصحافية وما إلى ذلك ، حتى تمكننا بتعريف ندوة العلماء وأهدافها العلمية والأدبية من إحياء اللغة العربية كتابةً وصحافةً ونطقاً وإملاءً ، ذلك لكي يتم لنا ما في كتاب الله تعالى الذي أنزله على خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم من إعجاز بياني ، وسحر أدبي ، وسعة من المعاني والمفاهيم لا يكاد يدركها من لم يذق هذه اللغة العظيمة بطعمها اللذيذ الدائم ، من التعبير الطبيعي الخالص .

هكذا عشنا في مصر وبين أخوينا الأستاذ عبد النور الندوي والأستاذ نذر الحفيظ الندوي ، وكان الأستاذ نذر الحفيظ مشغولاً بإنجاز بعض المناهج الأدبية من جامعة الأزهر الشريف ، فكان الأستاذ عبد النور قد ساعدنا في أكثر المناسبات وفي اللقاءات والمقابلات ، وكان قد تفرغ لذلك أيام وجودنا في مصر ، ولذلك فقد تيسرت لنا زيارات العلماء والأدباء وجامعات العلم والمعرفة ، وتوسعت رحلتنا إلى أكثر مدن مصر العزيزة وجامعاتها ومراكزها العلمية والأدبية .

ونحن إذ نذكر هذا التاريخ بخالص من الإيجاز ووضع النقاط على الحروف ، نكتفي بها في هذه المناسبة الحزينة التي نعيشها اليوم من أجل الوفاة المفاجئة للأستاذ نذر الحفيظ الندوي الأزهري ، وقد ذهبت بنا ذاكرتنا التاريخية القديمة إلى الإشارة نحو المعايشة التي أكرمنا الله تعالى بها في خارج هذه البلاد وفي مصر ذات العلوم والآثار التاريخية الأدبية ، ولا ينبغي في هذه المناسبة الحزينة أن نستزيد على هذه الكلمة القصيرة ، وفيها إشارة إلى حياة ولمحات تاريخية كانت ضمن الفوائد العلمية والمنافع الأدبية التي يسّرها لنا سماحة أستاذنا ومربينا والمشرف على حياتنا العلمية والأدبية العلامة السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي ( رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً ) ، ولا يسعنا أن نتناسى ما منّ به علينا أستاذنا ومربينا سماحة الشيخ السيد محمد الرابع الحسني الندوي ( حفظه الله تعالى ) رئيس ندوة العلماء اليوم ، في هذه المناسبة العلمية والأدبية لزيارة مصر العزيزة من إشارات وتوجيهات لازمة لقضاء وقت علمي وأدبي يكون تاريخاً مشرقاً في حياتنا المستقبلية ، فلولا إشارته على هذه الرحلة الثنانية وتعاونه الكبير لما كان لنا حظ من أي رحلة أدبية أو زيارة مصر العزيزة ، ذات العلاقة الوثيقة بمناهج ندوة العلماء ونشاطها الأدبي الكبير في ساحة العلم والأدب العربي في الهند ، ومن هنا كانت ندوة العلماء منارة العلم والأدب والثقافة والدين في هذه   البلاد ، وقد أنشأ علامة الهند الكبير الشيخ محمد علي المونجيري تأسيس هذه الشجرة الأدبية العلمية المباركة في هذه الأرض المعروفة بالعلوم والآداب والثقافات المنوعة ، فأثمرت شجرته المثمرة التي أسسها بروح من الإخلاص الكامل لله تعالى وطلب رضاه في كل من الدنيا والآخرة ، فهي تمثل الآن قوله تعالى : ( رَبَّنَآ آتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ) . وإننا إذ تحدثنا الآن عن شيئ وجيز من تاريخ ندوة العلماء المشرق اللماع وثمارها ونتاجها الكبير لا يسعنا إلا أن نشكر الله سبحانه وتعالى الذي ألهم مؤسس ندوة العلماء أن تكون هي النبع العظيم لدراسة تلك اللغة العربية المعجزة التي يمثلها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في بلاد العجم مثل    الهند ، وأكتفي بهذا القدر القليل وأرجو الله سبحانه أن يوفق الجميع للاستفادة من هذه الذخائر الثمينة المودعة فيهما ، بإذن من الله تبارك وتعالى .

أقول هذا ، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .

سعيد الأعظمي الندوي

16/شوال/1442هـ

29/مايو/2021م