مؤشرات جديدة في جائحة ” كورونا “

  أخي القارئ الكريم !
فبراير 21, 2021
شهادة التاريخ لضعف الإنسان !
مارس 31, 2021
  أخي القارئ الكريم !
فبراير 21, 2021
شهادة التاريخ لضعف الإنسان !
مارس 31, 2021

الافتتاحية :            بسم الله الرحمن الرحيم

مؤشرات جديدة في جائحة ” كورونا ”

تؤشر الأنباء المنشورة في الجرائد أن هذه الجائحة التي تغشى العالم البشري منذ مدة لم يأت وقت نهايتها إلى الآن ، ولا تزال تتوسع ساحة الأوبئة والجرائم الخلقية والإنسانية ولا تبشر بعودة الحياة والنشاطات العالمية البناءة السابقة ، ولا توحي إلى قرابة مستقبل هادئ يطمئن فيه الناس ويمارسون النشاطات العلمية والملية والمعاشية السابقة متطلعين إلى حياة الأمن والإيمان والحب والتعاون .

بل الواقع أن الناس قد واجهوه فترةً طويلةً من خلال قلة علم أو عدم الشعور بالمسئولية ، وكانوا يظنون أن هذه اللحظات الوبائية تنتهي في أقرب مدة ، فلما لم تتحقق آمالهم وتوسع الطريق نحو الحرية في قضاء الحياة ، وتضاعف اليأس من استبدال الوباء بالصحة والعافية ، وانقطعت الآمال نحو استقبال فترة الثقة بالحياة المطمئنة وطالت المدة بين اليأس والرجاء ، كثرت تغيرات ذات استغلالات شائنة في الأفراد والجماعات ، وتوسعت الفجوة بين الماضي والمستقبل الموهوم المرجو ، ولم يعد هناك مجتمع إنساني يمثل غاية وجود الإنسان وخلقه في هذا الكون من عبادة الله تعالى والاتصال به بصالح الأعمال التي بينتها الشريعة الإسلامية من خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ( يا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) .

وقد انتهزت لوبيات العداء والبغض فرصةً سانحةً فقربت جماعات ودول المسلمين إلى التعاون معها ، وأنشأت صلات سياسية وقانونية وحاولت تضييق ساحة العالم الإسلامي ، وصرف أبنائه عن الشعور بالمسئوليات التي إذا أدوها كانوا أئمة العالم وقادة الإنسانية نحو الخير والسعادة ، ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ) .

إن نظرةً عامةً على المجتمعات المسلمة اليوم تبعث في النفوس خوفاً مما إذا كنا تحت سخط من الله تعالى أو إذا عشنا في غفلة عن أداء مهمة الحياة على المستوى العالمي ، كعقاب لهذه الأمة التي تناست واجب الدعوة وتبليغ دين الله تعالى إلى جميع العالمين ، وإخراج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة .

هذه هي المسئولية الأساسية التي حمَّلها الله سبحانه على أمة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كخاتم النبيين وآخر المرسلين في أحسن بقعة من العرب العرباء وأعز قبيلة من قريش ، ولكن فترة الجهل عن الدين والغفلة اللافتة عن عبادته والعيش في ظلام من العقيدة ، ونسيان حقيقة الإيمان بالله واليوم الآخر ، سلبت من أولئك الناس قوة اليقين والعقيدة وتركتهم في أوهام وخرافات ووثنيات ومحاربات بين الأُسر والقبائل ، وقد طالت عليهم هذه الفترة المظلمة إلى ما يقارب ستة قرون ، حتى ختمت على قلوبهم القسوة والمعصية لأحكام الله تعالى والبعد عن الإنسانية السليمة ، حتى ذُكر عهدهم بعهد الجهالة والضلالة والخرافات ، والمفاخرات المزورة بين القبائل وبالآباء والأجداد ، الواقع الذي ختم على قلوبهم وأبعدهم عن درب الحق والعدل والخلق الحسن ، وقد أعاد التاريخ ذلك العصر الرهيب اليوم بظهور فتن عالمية رغم توافر المدنية الجذابة في صور حضارية وصناعية ذات جاذبية خلابة ، وإن تأملاً قليلاً في آيات من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يوفر لنا برهاناً ساطعاً على ما نعانيه اليوم من فتن ومحن في مجال الحياة المعاصرة ، وإن بعض نصوص الكتاب والسنة توفر إشارات إلى ظهور فتنة عالمية سرّية عمياء تملأ الناس خوفاً في كل أنحاء العالم عرباً وعجماً ، وتقلب المقاييس والموازين فتجعل الخير شراً والمعروف منكراً ، وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الفتن التي تقلب الموازين والمقاييس فقال : ” بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتن كقطع الليل   المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ” ، وقد أشار الله سبحانه إلى فتنة لا تصيبن الظالمين من المؤمنين خاصةً فقال : ( وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ) سورة الأنفال : الآية 25 .

وجاء فيما رواه البخاري رضي الله عنه عن عروة عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : ” أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة ، فقال : هل ترون ما أرى ؟ قالوا : لا ! قال : فإني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر ” .

وإن ما يعيشه المسلمون بوجه خاص في عهدهم الحاضر لا يخلو عن هذه الفتنة العمياء التي قلبت موازين الحياة وبدأ الناس     ولا سيما المسلمين ، يعيشون حياة خوف وذعر من جائحة كورونا ، وما يليها من أوبئة أخرى ، ولكنهم لا يغيرون أحوالهم التي طرأت عليهم بعد ذلك بالدعاء والضراعة إلى الله تعالى ، ويزعمون أنها كارثة طارئة تزول ، ولا يفكرون في المعاصي التي تعيش فيهم من غير قصد ، ولا يحبون أن يتدبروا في هذه الحالة السيئة التي تحيط بهم والظروف الشاذة التي تنذرهم من عواقب وخيمة إذا لم يتوبوا إلى الله تعالى ولم يروا أي حاجة نحو العودة إلى السعادة المفقودة والرحمة المستترة ، ولم يخطر ببالهم وسيلة الدعاء والاستغفار ، وظلوا يعيشون كما تعودوه في حياتهم المعاصرة ، فلا مناص من إنذار سماوي وإرهاب إلهي للإنسان التائه الذي يقضي لحظاته الغالية في توافه الأمور والغفلة الشديدة عن أداء واجبه نحو ربه العظيم الذي خلقه فسواه فعدله ، وخلع عليه لباس الزينة والجمال ، إن هذا الواقع المعاش مبعث إنذار كبير لهذه الأمة التي جعلها الله سبحانه خير أمة للناس وأخرجها لتمثيل ذلك النموذج العالي الذي يربطها بتلك المهمة العظيمة التي تعتبر أساس الحياة الإنسانية في العالم البشري على طول الخط ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ) .

ومن هنا نستطيع أن نقدر نزاهة هذه الأمة وصفاء نواياها على طول الخط الذي قُدر لها أن تجتازه بغاية من اليسر واللين والسهولة ما دامت متمسكةً بهذا الأساس المتين الوحيد ، وما كانت سائرةً على درب هذا الأساس المتين الذي يميز كل من يتمسك به في جميع الأحوال والأوضاع ويدخل في عضوية هذه الأمة الخالدة الباقية إلى يوم الدين ويُعتبر فرداً فريداً لهذه الأمة التي سماها الله تعالى خير أمة أخرجت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولذلك فكل إنسان لم يسعد بأن يكون من أفراد هذه الأمة الخيرة العظيمة حُرم سعادة الدين والدنيا بمعناها الواقعي الأصلي ، كما هو المشاهد اليوم وفي كل عصر وزمان سواء من قبل الإسلام أو بعده إلى عالمنا المعاصر .

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .

سعيد الأعظمي الندوي

11/جمادى الأولى/1442هـ

27/ديسمبر/2020م

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قمة العلاء الخليجية

ونظراً إلى جائحة كورونا فيروس عقد مجلس التعاون الخليجي دورته الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي كقمة العلاء الخليجية وذلك على دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في 5/ من شهر يناير الجاري الذي أمر بعقدها لدراسة إمكانيات للتعاون المشترك والتطلع إلى بناء المستقبل البنّاء المشرق على تركيز طموحات الشعب والشباب الخليجي والعمل المشترك على استعادة النمو الاقتصادي ولا سيما بعد الجائحة الصحية التي أثرت على جميع النشاطات الحيوية في دول الخليج بوجه خاص ودول العالم عامةً ، وقد تعرض المجلس لاستئناف مفاوضات التجارة الحرة وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول الصديقة المتعاونة على بناء مستقبل لامع لجميع سكان الدول شعوباً وحكاماً ، وذلك هو الطريق الأوحد للتوصل إلى الهدف المنشود .