البلاغة والإعراب والبيان في القرآن الكريم ( أول سورتي الزمر وغافر )
نوفمبر 10, 2020مخطَطَ عمليّ للانتفاضة الإسلامية
ديسمبر 15, 2020التوجيه الإسلامي :
مؤامرات ، لقطع صلة العرب بالإسلام ، عبر التاريخ وخيبتها
بقلم الإمام العلامة السيد أبوالحسن علي الحسني الندوي ( رحمه الله )
تعريب : الأستاذ واضح رشيد الحسني الندوي ( رحمه الله )
حكمة الله في اختيار العرب لحمل الرسالة :
اختار الله العرب للدعوة الإسلامية والقيادة الأولى لها ، من بين الأمم الأخرى في العالم ، وقد قال عن بني إسرائيل أولاً : ( وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ ) [1] . وقال عن النبي العربي صلى الله عليه وسلم : ( ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) [2] .
وقد امتاز العرب بخصائص تفردوا بها بين الأمم ، وتجلت حكمة الله في اختيارهم للدعوة الأولى إلى الإسلام [3] ، وأثبت العرب الأولون حكمة هذا الاختيار بفهمهم العميق لطبيعة الإسلام وإساغتهم الكاملة لتعاليمه ، وتجردهم النادر عن كل ما ينافيها ، وحماستهم – المنقطعة النظير – في نشر الإسلام ، وتفانيهم الغريب في إعلاء كلمته ، ورفع شأنه ، وأمانتهم الدقيقة في حفظ روحه ونفسيته ، ونجاحهم المدهش في تسخير القلوب والعقول لقبول عقيدته وثقافته .
عقد الله بين العرب والإسلام للأبد ، وربط مصير أحدهما بالآخر ، فلا عز للعرب إلا بالإسلام ، ولا يظهر الإسلام في مظهره الصحيح إلا إذا قاد العرب ركبه وحملوا مشعله ، وقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على بقاء هذا الرباط الوثيق المقدس بين العرب والإسلام ، فجعل جزيرة العرب مركز الإسلام الدائم وعاصمته الخالدة ، وحرص على سلامة هذا المركز ، وهدوئه وشدة تمسكه بالإسلام ، لأن العاصمة يجب أن تكون بعيدةً عن كل تشويش ، وعن كل فوضى ، وعن كل صراع ، فشرع لذلك أحكاماً بعيدة النتائج واسعة المدى ، وأوصى لذلك وصايا حكيمةً دقيقةً ، وأخذ لذلك من أصحابه وأمته عهوداً ومواثيق ، وذكرت ذلك أم المومنين عائشة رضي الله عنها فقالت : كان آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : لا يترك بجريزة العرب دينان [4] .
إن المحاولات لقطع صلة العرب بالإسلام وإعادتهم إلى الجاهلية الأولى ، والمؤامرات المستمرة لتحقيق هذا الهدف ، ليست بأمر جديد في التاريخ ، فقد كان قبول جزيرة العرب – التي كانت تمتاز من بين الشعوب المعاصرة بقوة الإرادة والشكيمة ، والعمل والفروسية وشمائل أخرى مع وجود مساوئ خلقية ومواطن ضعف – لدين يقوم على أساس عقيدة التوحيد ، وحملهم رسالته بحماس واعتزاز والتحرر من عبودية الإنسان ( سواء كانوا حكاماً أو قادةً دينيين ، أو رؤساء القبائل والأسر ) خطراً وتحدياً كبيراً لجميع الدول المحيطة بالمنطقة والحكومات القائمة .
ولم تمض على وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا مدة يسيرة إلا واكتسحت الجزء الشرقي من الجريزة العربية ، موجة من الردة ، وإنكار فرضية الزكاة – الركن الأساسي من أركان الإسلام – أو الإباء من دفعها إلى بيت المال ، ثم ظهور المتنبئين في عدد ملحوظ [5] ، كل ذلك كان محنةً واختباراً لدين – لم تمض على نشوئه مدة طويلة – لا يوجد له نظير في تاريخ الأديان ، وقليل من الناس بحثوا عوامل هذه الفتنة ودرسوا خطورتها ، وانعكاساتها ، والقوى المتسترة وراءها ، وعلاقاتها الداخلية والخارجية ، ولم ينل هذا الموضوع الاهتمام اللائق من الباحثين ، وقد أشار إلى هذا الجانب بعض المؤرخين والباحثين في العصر الحاضر ، وأدركوا وجود توجيه من اليهود والنصارى وتخطيطهم في هذه الفتنة ، فقد شعروا بأنهم لم يستطيعوا أن يخلفوا أي أثر على الجزيرة العربية في المدة الطويلة التي سنحت لهم [6] وانتشر الإسلام في فترة قصيرة ، وساد الجريزة العربية بكاملها ، وأصبح دينها الذي يُتبع ، وكان هذا الإقبال عليه مبعث خطر للحكومة البيزنطية والساسانية المجاورتين أيضاً ، فحاول أعداء الإسلام والحاسدون استغلال فتنة الردة وتشجيعها [7] .
لقد كان من التدبير الإلهي ومعجزة من معجزات هذا الدين ودليلاً على صلاحيته للخلود والانتشار في العالم ، أن قيض الله تعالى لمواجهة هذه الفتنة ، خليفة الرسول الأول أبا بكر الصديق رضي الله عنه الذي لا يوجد له نظير في التاريخ المحفوظ لأي دين وعقيدة ، ولا يوجد له مثيل في خلفاء الرسل ( سلام الله عليهم جميعاً ) فقد أبدى صموده وقوته وعزمه وثباته في مقاومة هذا الخطر ، وقد انعكست عواطفه وأحاسيسه القلبية في هذا الأمر ونفسيته في قوله :
” أينقص الدين وأنا حي ” ، إنه أخمد هذه الشَرارة ، ودفن هذه الفتنة في مهدها ، وعادت الجزيرة العربية والأمة العربية إلى الوحدة العقدية والعلمية والفكرية ، التي كانت عليها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ودخلت هذه الفتنة في مجاهل التاريخ ، وأصبحت حديث خرافة وأسطورة ، وقد بيّن أبو هريرة رضي الله عنه هذه الحقيقة في أسلوب قوي واضح .
عن أبي الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال [8] :
” والله الذي لا إله إلا هو ، لو لا أن أبا بكر استخلف ما عبد الله ، ثم قال الثانية ، ثم قال الثالثة ” .
لا نشاهد في التاريخ الإسلامي بعد فتنة الردة خطراً أكبر على الجزيرة العربية والبلدان المجاورة ، والأماكن المقدسة ، من الحروب الصليبية ، وزحف القوى الغربية إلى فلسطين والقدس ، والتي بدأت في أواخر القرن الخامس الهجري 490هـ ، وانتهت في أواخر القرن السادس الهجري 583هـ – 1187م ، وتفيد دراسة التاريخ لذلك العصر ، بأن الهدف الرئيسي لهذه الحروب أو الزحف الصليبي الذي اشتركت فيه جميع القوى الغربية المسيحية ، لم تكن لمجرد السيطرة على المسجد الأقصى وفلسطين وحدها ، بل كان هدفها أوسع منها ، إنه كان الاستيلاء على الحرمين الشريفين ، فقد صدرت من لسان قادة هذه الحروب ، تصريحات تكشف عن نوايا هؤلاء القادة الخبيثة وأبعاد هذه الحملة ، ولا يستطيع قلم مسلم غيور أن ينقل هذه الكلمات ، ومما كان يزيد الطين بلة أن فلسطين والشام والدول المجاورة لم تكن في موقف قوة يمكنها أن تواجه هذه القوة المجتمعة لأوربا ، والصليبيين ، يقول المؤرخ الإنجليزي الشهير ، استانلي لين بول :
” دخل الجنود الصليبييون في البلاد ، كما يدخل مسمار في الخشب المنخور ، وبدا للناظر كأنهم يجعلون جذر الإسلام هباءاً منثوراً [9] .
وقد قيض الله لمواجهة هذا الوضع وتخييب هذه المحاولة الدنسة ، وطرد المعتدين ، ليس من الشام وفلسطين وحدها ، بل لتأمين سلامة الجزيرة العربية بكاملها ، وحفظها ، الملك العادل نور الدين الزنكي الذي اضطلع بهذه المسئولية العظيمة ، إنه كان يرى نفسه مأموراً من الله تعالى لدحر الصليبيين واستعادة بيت المقدس ، ويعد هذا العمل أكبر عبادة وأعظم وسيلة للتقرب إلى الله ، ففرض على الدولة المسيحية مهابته وورعه لغاراته المتواصلة ، وحاصر الصليبيين من جانبين بعد إخراجهم من مصر .
ولكن القدر المحتوم لإلحاق الهزيمة الأخيرة ، كتب لقائد جيوشه السلطان صلاح الدين الأيوبي [10] فقد توفي السلطان نور الدين في عام 569هـ – 1174م ، وتولى هذه المسئولية العظيمة السلطان صلاح الدين الأيوبي .
وكان السلطان صلاح الدين الأيوبي معجزةً من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقةً ، وبرهاناً ساطعاً على صدق الإسلام وخلوده ، وجديراً بأن يدعو له كل مسلم ويعترف بفضله ومنه ، ولعله وُلد ليتم هذا العمل الجليل ، فقد كان السلطان صلاح الدين ولوعاً بالجهاد كثير الاهتمام به ، فكان الجهاد لذة عيشه ، وغذاء روحه وطيب نفسه ، وقد بلغت غيرته وحميته الدينية كل مبلغ .
ويقدر ذلك من موقفه الذي وقفه إزاء ملوك الدول الأوربية والقادة المنهزمين في معركة حطين ، فلما عرض هؤلاء عليه أجلسهم بجانبه وأكرمهم ، لكن لما دخل ريجي نالد ( Raginold ) في الخيمة : قال له السلطان : اسمع ، إني نذرت لقتلك مرتين ، مرةً عندما أبديتَ نيتك للإغارة على مكة المكرمة والمدينة المنورة المقدستين ، ثم لما هجمت على قافلة الحجاج [11] وسل السلطان صلاح الدين سيفه من غمده وقال : ها أنا أنتصر لمحمد صلى الله عليه وسلم وضرب عنقه ، وبهذا المنظر أخذت الملوك والقادة الآخرين رعدة ، فقال لهم : لا ، ليس من عادة الملوك أن يقتلوا الملوك ، أما هذا فقد تخطى الحدود ، فجرى ما جرى [12] .
ويقول القاضي ابن شداد : ” كان رحمه الله عنده من القدس أمر عظيم لا تحمله الجبال ” [13] .
” وثارت ثائرة أوربا بعد فتح بيت المقدس وهزيمة حطين وفشل الصليبيين الذريع ، فتكالبت أوربا بأسرها على بلد صغير مثل الشام ، بجنودها المجندة ، وملوكها الكبار وفرسانها البواسل وقوادها الشجعان ، مثل قيصر ، وفريدرك ، ورتشرد قلب الأسد ، وملوك إنجلترا ، وفرنسا ، وصقلية ، والنمسا ، ويوغندي ، وفلاندرز ، وأمرائها ، ولم يقم في وجههم إلا السلطان صلاح الدين ، وأقاربه وعدة من خلفائه ، ينافحون عن الإسلام ويحمون ذمار المسلمين ، ويقاتلون عن العالم الإسلامي كله .
وأخيراً تم الصلح بين الفريقين الذين قد نالت منهما الحروب الدامية المتواصلة التي دامت خمسة أعوام نيلاً كبيراً في الرملة ، سنة 1192م ، وبقي بيت المقدس والمدن والقلاع التي فتحها المسلمون تحت أيديهم ، إلا ولاية بعكة الصغيرة التي يحكمها الصليبيون ، وظل صلاح الدين سلطان سائر البلاد وصاحب الأمر والنهي فيها ، وتم على يده العمل الذي تولى مسئولية إنجازه ، وبعبارة أصح : قبضه الله له ، وفوضه إليه .
وبعد أن قام بواجبه المقدس أحسن قيام ، ولم يحصن الشام وفلسطين والجزيرة العربية وحدها من خطر العبودية للصليبيين بل حصن العالم الإسلامي كله ، استأثر الله بابن الإسلام البار في 28/ من صفر 589هـ ، وكان سلطاناً زاهداً عابداً ومجاهداً ، فلما توفي لم يخلف من المال ما يكفي لتكفينه ، وقد أحضره وزيره وكاتبه القاضي الفاضل من وجه حل عرفه ، ولم تجب عليه الزكاة في حياته ، لأنه لم يوفر من ماله ما يوجب عليه الزكاة [14] .
إن صد الهجوم الصليبي والصيهوني العسكري أو الفكري أو اللاديني ، على أي بلد إسلامي فضلاً عن الجزيرة العربية أو الأماكن المقدسة ، والحفاظ على الأماكن المقدسة ، واستعادة المسجد الأقصى ، وسيادة الإسلام وإعادة العهد الذهبي له ، يتطلب هذه السيرة والسلوك ، وهذه العزيمة والقوة الإيمانية ، ولكن العالم العربي يفتقر إليها اليوم ، وهي مطلوبة ، لكنها مفقودة ، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً .
واجهت جزيرة العرب ، والأماكن المقدسة الخطر الثالث في تاريخ الإسلام وتاريخ العرب عند ما قام شريف مكة الحسين بن علي بثورة ضد الخلافة العثمانية ، والدولة التركية ، وانضم إلى الحلفاء ، وكاد أن يستولي الحلفاء على جزيرة العرب ، والأماكن المقدسة ، ويفرضوا عليها نفوذهم وسيادتهم فيكون لهم الحكم في الشئون الاعتقادية والفكرية فيها ، ولكن قامت لمعارضة هذه الخطوة حركة عارمة في العالم الإسلامي وخاصةً في شبه القارة الهندية باسم حركة الخلافة ، واستطاعت هذه الحركة بقوتها وشعبيتها أن تحذر الحلفاء وتردعهم من هذا الإجراء الأثيم ، ومن جهة أخرى غرست هذه الحركة في نفوس المسلمين في الهند بصفة خاصة والملة الإسلامية بصفة عامة ، رد فعل عنيف لا يوجد له نظير في مناطق شاسعة ومدة طويلة ، ليس ضد الاحتلال الغربي فحسب ، بل ضد الحضارة الغربية ، والمنهج الغربي للحضارة ، وقد قيض الله لهذه الحركة على صعيد الهند زعماء أمثال شيخ الهند محمود الحسن الديوبندي ، والشيخ عبد الباري الفرنجي محلي ، وشيخ الإسلام السيد حسين أحمد المدني ، والمفتي كفايت الله ، ورئيس الأحرار محمد علي جوهر ، وزعيم الهند الكبير أبو الكلام آزاد ، قادة وزعماء ، وخطباء وأصحاب أقلام ، ومجاهدين ، وجنوداً نفخوا في الجيل المسلم الجديد حياةً جديدةً ، وسموَّ الفكر ، وكراهية الاستعمار الغربي ، والحضارة الغربية ، وروح الثورة عليها ، وفي الوقت نفسه انشغل الحلفاء بالحربين الكونيتين والقضايا الداخلية الأخرى ، لم تسنح لهم بها فرصة لاتخاذ إجراء عسكري كبير أو فرض سلطة سياسية أو إدارية ، ولم تسمح لهم ظروفهم بذلك ، فاكتفوا بفرض النفوذ الفكري والتعليمي والحضاري واستغلال هذه الدول سياسياً واقتصادياً .
ولكن الحادث الأسوأ والإجراء الأخطر الذي اتخذته الدول الغربية وخاصةً بريطانيا هو قيام إسرائيل واحتلالها للمساحة الكبرى من أرض فلسطين ، واستيلاؤها على المسجد الأقصى ، والذي يبعث على قلق دائم ويسبب شقاءاً مستمراً ليس في العالم العربي ، بل في العالم الإسلامي كله ، وينذر بأخطار ، ويثير مخاوف بعيدة المدى ، ويشكل خطراً دائماً لسلامة المنطقة ، وترجع المسئولية الكبرى لهذه المحنة إلى جامعة الدول العربية ، ثم الدول العربية في المنطقة ، التي لم تدرك هذه المؤامرة الخطيرة ، ولم تفهم نوايا الدول الكبرى السيئة من ورائها وما ترمي إليه إسرائيل واليهودية ، والصهيونية العالمية ، وما هي أهدافها ومخططاتها ، ولم تحط بوخامة هذه الحادثة وملابساتها وانعكاساتها ونتائجها السيئة [15] .
إن هذه الظروف التي يمر بها العالم العربي ، والوضع الناشئ من هذا الاحتلال ووجود إسرائيل والأخطار الناشئة من وجودها ، تقتضي رجلاً مؤمناً ومجاهداً غيوراً ، وقائداً مخلصاً يمثل دور البطل الناصر لدين الله السلطان صلاح الدين الأيوبي ، ويتبع خطواته ، إنه ليس عمل المحترفين السياسين ، وأدعياء القومية العربية ، وقد قال أحد المؤرخين الفضلاء والشاعر العربي خير الدين الزركلي مخاطباً للأمة الإسلامية وفلسطين قبل عدة سنوات ، ويصدق قوله على الظروف الراهنة :
هاتي صلاح الدين ثــــانـــــيــــة فــينا
وجــــدِّدي حـــطـيــن أو شـبه حــطينا [16]
إن الوضع السائد اليوم يدل على أن الصليبيين واليهود والصيهونيين غيروا استراتيجيتهم في ضوء تجاربهم الماضية ، فبدلاً من فتح الدول العربية المجاورة عنوةً بصورة مباشرة ، اتخذوا استراتيجية تسخير دعاة القومية العربية وخاصةً المرتبطين بالبعث العربي ، والمغرمين به ، وهيأوا لهم فرصاً ليصنعوا منهم أبطالاً يُغري بهم المسلمون وخاصةً الفلسطينيون ، ويفتنون بإعلانهم أنهم سيحررون فلسطين ، وبذلك يكسبون ودهم وتأييدهم ، وتتاح لهم فرصة التوغل إلى مركز الإسلام ، وتحصل قوة لتغيير الذهن العربي ثقافياً وفكرياً وإعادتهم إلى الجاهلية الأولى ويضعفوا الكيان الديني ويزحزحوا العقيدة ، وإذا أمكن يعيدوهم إلى الجاهلية العربية [17] ، وهو الحلم الذي يراود قادة الدول الغربية المسيحية واليهودية منذ قرون .
إنه لمخطط رهيب ودقيق ، خفي وعميق ، يحتاج فهمه إلى ذكاء ، وحس مرهف ، وبصيرة نافذة من رجال العالم العربي والعالم الإسلامي ، وفراسة إيمانية كذلك ، كما يحتاج إلى معرفة واسعة ودراسة عميقة للتاريخ ، وفق الله في هذا الوضع الخطير الحاسم قادتنا الدينيين والزعماء السياسيين ، وقادة الفكر والمسئولين عن الإعلام ، وأصحاب النفوذ وأصحاب القلم وعلى الأخص الشباب المتحمسين ، ويلهمهم الهمة والسداد ، والفهم السليم ليدركوا خطورة وعمق المؤامرات المسيحية الغربية وأعداء الإسلام والمثقفين المعادين والمفكرين الإسرائيليين ، ويتفطنوا لها ، ويحترزوا عن الوقوع في فخهم ، ويجعلوا هذه الآية نبراساً لهم .
( وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِى خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً ) [18] .
[1] الدخان ، الآية : 32 .
[2] الأنعام ، الآية : 124 .
[3] راجع ” السيرة النبوية ” للمؤلف لماذا بعث النبي صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب ؟ ص 42 – 55 ، الطبعة الثامنة طبع دار الشروق جدة .
[4] رواه أحمد في ” المسند ” والطبراني في ” الأوسط ” ، وجاء في المؤطا للإمام مالك : ” ألا لا يبقين دينان بأرض العرب ” .
[5] أمثال مسيلمة الكذاب ، وأسود العنسي ، وطليحة ، وسجاح ، ولقيط بن مالك الأزدي .
[6] اعترف بذلك المؤلف المسيحي المعروف بتحامله على الإسلام Sir William Muir في كتابه ” حياة محمد “Life of Mohammad, London, London 1885 V I.I
[7] للتفصيل راجع كتاب ” أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية في القرون الأولى الهجري ” للدكتور جميل عبد الله المصري ، طبع المدينة المنورة ، ص : 174 – 180 .
[8] البداية والنهاية ، لابن كثير ، ج 6 ، ص : 305 .
[9] راجع دائرة المعارف البريطانية ، ج 6 ، ص 627 ، المقال بعنوان Crusodes .
[10] كان اسم والد السلطان صلاح الدين أيوب ، وإليه تنسب أسرته ، وكان السلطان وأسرته من الأكراد ، وقد أنجبت هذه الأسرة في مختلف العصور مجاهدين ودعاة ، وربانيين ، وقد أباد مآت ألوف من أفراد هذه القبيلة ، القائد العراقي صدام حسين بالأسلحة الكيمياوية ، القنابل .
[11] وأضاف إلى ذلك ابن شداد ، إنه لما غدر بالقافلة ناشدوا الله والصلح الذي بينه وبين المسلمين ، فقال : قولوا لمحمدكم يخلصكم ، فلما بلغه رحمه الله ، نذر أنه متى أظفره الله به قتله بنفسه ، ص 127 .
[12] السلطان صلاح الدين ، ص 188 .
[13] النوادر السلطانية .
[14] النوادر السلطانية ، ص 5 – 10 .
[15] راجع بروتوكولات صيهون ، واليهودية العالمية هنري فوردHenry Ford .
[16] المعركة الحاسمة التي انتصر فيها صلاح الدين على أوربا وفتح القدس .
[17] يخشى أن ما حدث في الكويت يحدث في الحجاز المقدس – لا قدر الله – فتنصب فيها تماثيل صدام حسين ، – وقد بلغ عددها إلى مآت وألوف في العراق – وتنشأ نوادي ومجامع بأسماء أبي جهل وأبي لهب وعنترة العبسي ، وحاتم الطائي ، ويرفع الحظر على شرب الخمر ، كما هو السائد في الكويت والعراق ، وتتحذ إجراءات ضد شعائر الإسلام ، ويساء إلى الأماكن المقدسة ، والمساجد العامة ، كما يشاهد في الكويت والعراق .
[18] سورة الأعراف ، الآية : 58 .