مريم جميلة ( مرجريت ماركوس )
مارس 15, 2023دور أبي الكلام آزاد في النهضة التعليمية في الهند
يونيو 23, 2023رجال من التاريخ :
وكتابه بذل المجهود في شرح سنن أبي داؤد
د . محمد أكرم نواز الندوي *
إن تاريخ الهند حافل بنوابغ الرجال العباقرة الذين بذلوا أقصى جهودهم في نشر العلوم الإسلامية والعربية ونشر العلوم الشرقية ، وإن نظرةً خاطفةً في كتاب ” نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر ” للشيخ العلامة عبد الحي الحسني الذي يحتوي على تراجم 4404 من أعيان الهند ورجالها المسلمين المساهمين في مجال العلم هي خير شاهد على إنتاجهم وكثرة من نبغ فيهم ، وقد أصبحت شبه القارة الهندية في العهد الأخير مركزاً كبيراً للحديث النبوي الشريف ، والبارزون منهم الشيخ عبد الحق المحدّث الدهلوي ، والشاه ولي الله الدهلوي صاحب ” حجة الله البالغة ” ، والعلامة عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي ، وغيرهم كثيرين من جهابذة العلم .
ويرجع الفضل بعد هؤلاء المحدثين في العناية بهذا العلم السامي إلى الشيخ أحمد علي السهارنفوري ( 1225هـ/1810م – 1297هـ/1880م ) ، فإنه ركز اهتمامه البالغ عليه ، فعلق على جامع الإمام البخاري وعلى الجوامع والصحاح الأخرى [1] ، ومن أعظم أعماله أنه قام بنشر علم الحديث وطبع كتب الحديث بعناية بالغة ، وزينها بالحواشي المفيدة ، وخاصةً ” صحيح البخاري ” ، إلا خمسة أجزاء أخيرة فأكملها بأمر منه الشيخ محمد قاسم النانوتوي ، رئيس دار العلوم ديوبند [2] ، وقد بقي مشتغلاً بتصحيح ” صحيح البخاري ” زهاء عشر سنوات ، وبذل جهداً جهيداً في التعليق عليه ، وعلق المحدّث السهارنفوري الحواشي على ” جامع الترمذي ” ، و ” مشكاة المصابيح ” أيضاً [3] ، ونبغ بعده رجال كثيرون آخرون أنجبتهم المدرسة ، ومن أبرز هؤلاء :
ومنهم محمد يحيى الكاندهلوي ( 1287/1334هـ – 1871/ 1916م ) [4] ، ومن آثاره ” لامع الدراري ” ، ومنهم المفتي ظفر أحمد التهانوي ( 1310 – 1394هـ ) صاحب ” إعلاء السنن ” في علم الحديث [5] ، ومنهم أشفاق الرحمن الكاندهلوي ( 1309 – 1377هـ ) صاحب ” الطيب الشذي شرح جامع الترمذي ” ، و ” كشف المغطأ عن رجال الموطأ ” ، و ” شرح شمائل الترمذي ” ما إليها ، ومنهم محمد إدريس الكاندهلوي ( 1317/1394هـ –1899/1974م ) صاحب ” التعليق الصبيح على مشكاة المصابيح ” وغير ذلك [6] ، ومنهم محمد زكريا الكاندهلوي ( 1315/ 1402هـ – 1898/1982م ) صاحب المؤلفات الكثيرة في علم الحديث ، ومن أبرزها : ” أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك ” ، ومنهم المحدِّث الكبير محمد يوسف الكاندهلوي ( 1335/1386هـ – 1917/1965م ) الرئيس الثاني لجماعة الدعوة والتبليغ في الهند ، ومن آثاره ” أماني الأحبار في شرح معاني الآثار للإمام أبي جعفر الطحاوي ” ، ومنهم عاشق إلهي البلند شهري ( 1343 – 1422هـ ) ، ومن آثاره ” العناقيد الغالية من الأسانيد العالية ” ، و ” مجاني الأثمار من شرح معاني الآثار ” باللغة العربية في ” شرح معاني الآثار ” للإمام الطحاوي [7] ، ومنهم محمد أيوب السهارنبوري المظاهري ( 1318/1407هـ – 1900/1986م ) الذي ألف ” تراجم الأحبار من رجال شرح معاني الآثار ” [8] ، ومنهم محمد يونس الجونفوري ( من مواليد 1355هـ/1937م ) إن جميع مؤلفاته العربية في صورة المسودات ، وهي على قيد الطبع سوى كتابين ألفهما بالأردية .
ومن بين أبرز هؤلاء العباقرة الذين تخرجوا في مدرسة مظاهر العلوم بسهارنفور ، محدثنا الكبير الشيخ خليل أحمد بن شاه مجيد علي ابن شاه أحمد علي السهارنفوري الذي كرس جل حياته في خدمة الحديث النبوي الشريف ، وهو الذي نحن سنتحدث عنه بوجه خاص في هذا المقال المتواضع .
ولد الشيخ خليل أحمد في أواخر صفر سنة 1269هـ الموافق أوائل ديسمبر 1852م في قرية ” نانوته ” من مديرية سهارنفور ، وفي عام 1285هـ/1869م بدأت دروس دورة الحديث لأول مرة في مدرسة مظاهر العلوم [9] ، وانتهى من دورة الحديث في سنة 1286هـ/1869م ، والتحق بعد ذلك بقسم الفنون ، وانتهى من هذا القسم بالمدرسة في 1288هـ/1871م ، وتولى مهمة التدريس بعد تكميله العلوم المتداولة بها على منصب مدرس مساعد ، وبعد عدة أشهر توجه إلى الشيخ فيض الحسن الأديب الذي كان آنذاك أستاذاً في جامعة لاهور وتلقى الأدب العربي تحت رعايته [10] .
وبعد العودة من الحج ( الأول ) لم يتوجه إلى ” بوفال ” ، فأقام بوطنه أياماً ، وتعين مدرساً في المدرسة الإسلامية بـ ” سكندرآباد ” من أعمال بلند شهر في شهر جمادى الأولى 1294هـ/مايو 1877م [11] ، ثم رحل إلى مدينة ” بهاولفور ” للاشتغال بالتدريس في 1295هـ/يونيو 1878م ، ودرّس بـ ” بهاولفور ” أكثر من 11 سنة ، ثم غادرها في ذي القعدة 1306هـ الموافق يوليو 1889م ، وتوجه إلى الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي [12] . وفي سنة 1306هـ/1889م بعثه الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي إلى القيام بالتدريس في مدرسة مصباح العلوم بـ ” بريلي ” [13] وأقام بها سنتين تقريبا [14] .
وانتقل إلى دار العلوم بديوبند على أمر من الشيخ الكنكوهي ، فعُيِّن مدرساً بها في سنة 1308هـ/1891م وبقي هناك ست سنوات [15] ، ودرَّس بها ” صحيح مسلم ” ، و ” توضيح التلويح ” ، والجزئين الأخيرين من ” الهداية ” ، وكتباً في الأدب العربي ، وفي أثناء هذه الفترة قرأ الشيخ حسين أحمد المدني عليه ” تلخيص المفتاح ” [16] .
ولما تولى الشيخ الكنكوهي مسؤولية الإشراف على مدرسة مظاهر علوم بسهارنبور في التاسع من ربيع الثاني 1314هـ/ 16 من سبتمبر 1896م ، أمره شيخه الكنكوهي أن يتولى رئاسة هيئة التدريس بالمدرسة في الخامس من جمادى الأخرى [17] سنة 1314هـ/ 10 من نوفمبر 1896م وكان عمره 45 سنةً ، وكان مدير المدرسة مولانا عنايت إلهي آنذاك [18] .
وقام الشيخ خليل أحمد بخدمات تدريسية بمدرسة مظاهرِ العلوم لمدة 31 سنة من 1314هـ/1896م إلى 1344هـ/1926م ، ومن أهم الكتب التي درّسها هو خلال هذه المدة هي ” تفسير البيضاوي ” ، و ” الهداية ” ، و ” نور الأنوار ” ، و ” مشكاة المصابيح ” ، و ” موطأ الإمام مالك ” ، و ” صحيح البخاري ” ، و ” سنن أبي داؤد ” ، و ” جامع الترمذي ” ، و ” صحيح مسلم ” ، و ” صحيح البخاري ” وغيرها من الكتب الأدبية والإسلامية [19] .
وفي 9 من جمادى الأخرى 1323هـ/ 10 من أغسطس 1905م توفي الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي ، وفي نفس السنة في أواخر شوال الموافق ديسمبر 1905م زار الشيخ خليل أحمد الحجاز لأداء مناسك الحج والعمرة للمرة الثالثة ، وأثناء هذه الرحلة للحجاز ألقى دروس الحديث في بداية سنة 1324هـ/1906م في الحرم المدني حوالي 15 يوماً ، وأجازه خلال نفس الزيارة مفتي الشافعية الشيخ سيد أحمد البرزنجي أن يروي عنه بكل ما يجوز له روايته من جميع كتب الحديث وجميع الفنون المعقولة والمنقولة وفروعها وأصولها مشافهة ومكاتبة [20] .
وتولى مسؤولية رئاسة المدرسة في شوال 1335هـ الموافق أكتوبر 1917م ، وفي 17 من ربيع الثاني 1336هـ/30 من يناير 1918م تم انتخابه عضواً للمجلس الاستشاري للمدرسة ورئيسه [21] .
لقد زار شيخنا هذا الحجاز لأداء مناسك الحج والعمرة سبع مرات ، فسافر في شوال 1344هـ/ مايو 1926م للمرة السابعة والنهائية ، وبقي بالمدينة المنورة مؤبداً حتى توفي يوم الأربعاء 15 من ربيع الثاني 1346هـ الموافق 11 من أكتوبر 1927م ، ودفن في البقيع [22] . تغمده الله بغفرانه وأسكنه بحبوحة جنانه .
” بذل المجهود في شرح سنن أبي داؤد ” :
من أهم مآثره العلمية ” بذل المجهود في شرح سنن أبي داؤد ” الذي طُبع أولاً في خمس مجلدات طبعة حجرية عدة مرات ولكن الآن طُبع هذا الشرح في عشرين مجلداً ، والآن بذل الشيخ تقي الدين الندوي المظاهري جهده الكبير في خدمة هذا الكتاب بإخراجه أحسن إخراج .
ولقد قام بشرح ” سنن أبي داؤد ” كثيرٌ من العلماء السلف والخلف ، وكانت مساهمة علماء الهند في خدمة هذا الكتاب وشرحه مساهمةً ملحوظةً ، كشأنهم في خدمة علم الحديث عامةً ، وخدمة الصحاح الستة خاصةً ، فجاء الإمام المحدِّث خليل أحمد بشرح يحتاج إليه كل من حاول تدريس الكتاب من حل الأغراض ، وشرح الألفاظ ، واستنباط فقه الحديث من مواضعه ، والكلام الملخص المنقح في الرجال ، وشرح المتن بما تطمئن به القلوب . وكان الشيخ خليل أحمد يتمنى أن يكتب الشرح منذ شبابه ، ولما بلغ الشيخ أربعاً وستين سنةً ، وذلك في سنة 1335هـ/1916م ، وفق شيخنا أن يبدأ هذا العمل المبارك .
وشرع في هذا الشغل الشاغل له مرات عديدة ، لكن نشاطاته التدريسية المكثفة حالت دونه كلما أراد ، وفي نهاية المطاف بدأ تأليفه في أوائل ربيع الأول 1335هـ/ أواخر ديسمبر 1916م ، وكان قد بلغ من العمر 64 سنة ، وتم شرح الجزء الأول في سلخ ذي القعدة 1335هـ/ 15 من سبتمبر 1917م في ، وأكب على ذلك إلى أن رحل الشيخ خليل أحمد إلى الحجاز في شوال سنة 1344هـ أخذ معه تلميذه النابغ الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي رغبةً في أن يتحقق هذا الأمل المبارك في مرقد الرسول صلوات الله عليه ، وكان إكماله في مهبط الوحي في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم 21 من شعبان 1345هـ/ 23 من فبراير 1927م تحققت أمنيته الكبرى التي غذّاها بدم قلبه فتم الشرح ، وقد كانت مدة تأليفه عشر سنوات وخمسة أشهر وعشرة أيام ، وتم الكتاب في خمسة مجلدات كبار في ألفين من الصفحات بالقطع الكبير ، فكان له يوم عيد ، بل يوم ما جاء عليه يوم هو أكثر فرحاً وسروراً فيه من هذا اليوم ، فعيَّن يوماً ( وذلك يوم الجمعة 23 من شعبان 1345هـ/ 25 من فبراير 1927م ) لضيافة علماء المدينة وأحبائه وأصدقائه ، شكراً لله تعالى وإبداءً لسروره وفرحه ، وصنع أطعمة منوعة على طريقة أهل الحجاز ، وأخبر تلاميذه وأتباعه وأحباءه في الهند بهذا الموعد المبارك ليشاركوه في السرور والشكر [23] .
إن هذا التأليف ليس شرحاً لسنن أبي داؤد فحسب بل يكاد يكون شرحاً لكتب الحديث بأجمعها ، فقد احتوى على دلائل الحنفية وما يعارضها وأجوبتها وعلى تحقيقات نادرة لا يساويه في الاحتواء على المذاهب ودلائلها شرح آخر من الشروح المتداولة في الأوساط العلمية ، ويمتاز بما لابد منه في الشرح من تحقيق أحوال الرواة وصحة الحديث وسقمه وحل المغلقات ، وقد اعتنى المؤلف بوجه خاص بحل أقوال مصنف الكتاب والكتاب خير ما يشار به على من أراد أن يكون عالماً محققاً وناقداً بصيراً بالحديث واسع الاطلاع على المذاهب والتحقيقات . وطُبع الكتاب عدة طبعات ، فطُبعت طبعته الأولى من قسم النشر والتوزيع لمدرسة مظاهر علوم بسهارنبور في حياة الشيخ السهارنبوري [24] ، ثمّ طبع في الإمارات العربية في مركز الشيخ أبي الحسن الندوي ، بعناية تقي الدين المظاهري الندوي ، في ( 14 ) مجلداً ،سنة 1427هـ/2006م .
ميزات هذا الشرح :
والآن نحن نود أن نذكر ميزات هذا الشرح ، فإنما يعرف فضل هذا المجهود العلمي الجليل من باشر تدريس هذا الكتاب مدةً طويلةً فمنها :
- اهتم المؤلف بأقوال الإمام أبي داؤد صاحب الكتاب وكلامه في الرواة أو في إيضاح بعض ما ورد في الحديث اهتماماً كبيراً .
- وقام بجرح وتعديل لجميع الرواة ، والراوي الذي تكرر اسمه ذكر رقم الصفحة التي جاء فيها اسمه لأول مرة .
- قام بتوضيح مذاهب الأئمة الأربعة في كل مسألة ، ثم حكم بين الشارحين فيما اختلفوا فيه .
- وبعد أن قام بتحقيق المذهب الحنفي والإتيان بدلائل كافية في تأييده رد على دلائل المذاهب الأخرى أحسن الرد .
- والروايات التي ذكرها الإمام أبو داؤد تعليقاً أوصلها المحدِّث خليل أحمد إلى أسنادها بواسطة كتب الحديث الأخرى .
- والروايات التي وردت بالإيجاز في هذا الكتاب أشار إلى الكتب التي وردت فيها بالتفصيل .
- وقام بتقديم حل كاف ومقنع لــ ” قال أبو داؤد ” .
- واعتبر أقوال المتقدمين والسلف مصدر جميع أقواله ، وتجنب المخترعات والمحدثات كل التجنب .
- اهتم بأقوال الإمام أبي داؤد وكلامه في الرواة أو في إيضاح بعض ما ورد في الحديث بالغ الاهتمام .
- اهتم بتصحيح نسخ السنن المختلفة ، ويراه القارئ مثالاً في ” باب افتتاح الصلاة ” في حديث أبي حميد الساعدي .
- اهتم بتخريج التعليقات والفحص عنها اهتماماً بالغاً في كتب أخرى وذكرها ، وإذا لم ينجح في ذلك بعد التتبع صرح بذلك من غير تردد .
- قام بتطبيق الروايات بالترجمة ، وقد ظهرت في ذلك دقة فهمه وطول تأمله .
- حكم في ما اختلف فيه الشُرّاح بما شرح الله له صدره ، وفتح عليه ، وتكلم بكلام فصل يثلج الصدر ويحل العقدة .
- إن معظم الكتب التي ألفت في الهند في شرح كتب الحديث ، أو في إثبات المذهب الحنفي ، أو في مسألة خلافية ، كان يغلب عليها في العهد الأخير الأسلوب الكلامي والاستدلال العقلي ، وتكثر فيها اللطائف العلمية ، ويقل فيها الكلام على الرواة والجرح والتعديل وعلل الحديث وطبقاته وما إلى ذلك من المباحث المتعلقة بالحديث الشريف . أما هذا الشرح فيمتاز بأنه كتب على نهج المشتغلين بالحديث والباحثين فيه وكبار الشراح الذين تلقت الأمة شروحهم بقبول عام . وقد استفاد المؤلف في هذا الشرح من تحقيقات شيخه الإمام المحدِّث مولانا رشيد أحمد الكنكوهي التي وردت أثناء دروسه ، وضبطها وقيدها تلميذه النابغة الشيخ محمد يحيى الكاندهلوي ، وكان من خصائصه أنه يتحرز بقدر الإمكان عن نسبة الخطأ إلى الراوي ، وإذا التجأ إليه الشراح ولم يجدوا في ذلك سبيلاً رجّح الشيخ العلامة تأويل ذلك بما يسيغه الفهم .
- لطائف الاستنباط التي يتضمنها هذا الشرح ويجدها القارئ منثورة في هذا الكتاب .
- ومن المباحث اللطيفة التي ظهرت فيها سلامة فكر المؤلف واطلاعه الواسع على كتب الحديث مسألة القسامة ، ويزول بكلامه اختلاف الروايات .
- ظهر جهد المؤلف وإمعانه في المواضيع المهمة لهذا الكتاب : أحاديث الفتن والملاحم ، وقد اجتهد في تعيين هذه الفتن التي أشير إليها في هذه الأحاديث ، واهتم بترجيح الراجح ، وعين بعضها باجتهاده واستقصائه ، ويرى القارئ مثالاً له في شرح كلام قتادة حيث جاء في الكتاب : ” وكان قتادة يضعه على الردة التي في زمن أبي بكر على أقذاء ، يقول : ” قذى وهدنة ” ، يقول : صلح على دخن : على ضغائن ” . وقد أشار في شرح حديثه إلى فتنة الشريف حسين بن علي ، فليراجع ذلك في حديث عبد الله بن عمر الذي جاء فيه : ” ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع [25] ، وذكر ذلك في تفصيل ووضوح . ويظهر في كلامه في مثل هذه المناسبات ثقته بتحقيقه وجزمه بما توصل إليه في البحث والتأمل ، ولا يغلب عليه التواضع والتردد ، فيبعث هذا الجزم والثقة واليقين في نفس القارئ .
ملخص القول أن مدرسة مظاهر العلوم قد أنجبت عباقرةً من العلماء الإسلاميين والنوابغ من المحدثين الذين يشار إليهم بالبنان ، واعترف بفضلهم العلماء في العالم الإسلامي كله ، ونظراً لإحرازاتها الدينية والعلمية والفكرية والأدبية التي حققتها المدرسة عبر العصور أثنى عليها أعلام العالم الإسلامي إطراء الثناء والتقدير واعترفوا بخدمات جليلة قام بها خريجوها ، منهم سماحة العلامة والمفكر الإسلامي الشيخ أبو الحسن علي الندوي ، والعلامة المحدّث المحقق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، وسماحة العلامة أحمد بن عبد العزيز آل مبارك رئيس القضاء الشرعي بأبو ظبي ( سابقاً ) ، وسماحة الشيخ عبد الله العلي المحمود رئيس مركز الدعوة الإسلامية بالشارجة ( سابقاً ) ، وفضيلة الدكتور عبد المنعم النمر وزير الأوقاف وشؤون الأزهر بمصر ( سابقاً ) ، وفضيلة الدكتور كامل سلامة الدقس رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة [26] .
* أستاذ مساعد ، مركز الدراسات العربية والإفريقية ، جامعة جواهر لال نهرو ، نيو دلهي ، الهند .
[1] محمد زكريا الكاندهلوي ، ” تاريخ مظاهر ” ، 1/40 – 42 ، المجلد الأول ، كتب خانه ، إشاعت العلوم ، محله مفتي ، سهارنبور ، أترابراديش ، الهند ، 1392هـ .
[2] محمد زكريا الكاندهلوي ، مقدمة ” أوجز المسـالك إلـى موطأ مالك ” ، ( الباب الثالث ، الفائدة الثالثة فـي ســـلســلة أسانيد المؤلف ) ، 1/154 ؛ محمد شاهد السهارنبوري ، ” علماءِ مظاہر علوم سہارنپور اور انكی علمی وتصنيفی خدمات ” ، 1/83 ، المجلد الأول ، مكتبه يادكارِ شيخ ، سهارنبور ،أترابراديش ، الهند ، الطبعة الثانية ، 2005م .
[3] مناظر أحسن الكيلاني ، ” سوانح قاسمي ” ، ( هـ 1 ) ، ص 1/262 ؛ محمد شاهد السهارنبوري ، ” علماءِ مظاہر علوم سہارنپور اور انكی علمی وتصنيفی خدمات ” ، 1/95 ؛ محمد زكريا الكاندهلوي ، مقدمة ” أوجز المسالك إلى موطأ مالك ” ، ( الباب الثالث ، الفائدة الثالثة في سلسلة أسانيد المؤلف ) ، 1/154 .
[4] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 206 ، المكتبة الخليلية ، سهارنبور ، أترابراديش ، الهند ، الطبعة الثانية ، 1411هـ .
[5] محمد شاهد الســـــهارنبوري ، ” علماءِ مظاہر علوم سہارنپور اور انكی علمی وتصنيفی خدمات ” ، 3/289 ؛ عبد الشكور الترمذي ، ” تذكرة الظفر ” ، ص 202 ، مطبوعات علمي كماليه ، فيصل آباد ، باكستان ، الطبعة الأولى ، 1977م .
[6] محمد مياں الصديقي ، ” تذكره مولانا محمد إدريس كاندهلوي ” ، ص 82 ، ” تذكره مولانا محمد إدريس كاندهلوي ” ، المكتبه العثمانيه ، الجامعه الأشرفيه ، لاهور ، 1977م .
[7] محمد شاهد السهارنبوري ، ” علماءِ مظاہر علوم سہارنپور اور انكی علمی وتصنيفی خدمات ” ، 4/156 .
[8] محمد أيوب السهارنبوري الطبيب ، ” تراجم الأحبار من رجال شرح معاني الآثار ” ؛ محمد شاهد السهارنبوري ، ” تذكره دانشورانِ سہارنپور ” ، ص 368 – 370 .
[9] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 42 ؛ محمد ثاني حسني ، ” حيات خليل ” ، ص 71 – 83 .
[10] محمد زكريا الكاندهلوي ، ” تاريخِ مظاهر ” ، 1/19 و 21 – 22 ؛ محمد عاشـق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 40 – 42 و 68 ؛ محمد ثاني حسني ، ” حياتِ خليل ” ، ص 89 – 92 .
[11] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 119 .
[12] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 121 – 125 ؛ محمد ثاني الحسني ، ” حيات خليل ” ، 132 – 133 .
[13] كان الحافظ محمد جعفر خان من ســــــكان حي ” بازار كلان ” ( السوق الكبير ) بمدينة ” بريلي ” ، ويتجر الثياب ، بايع الشيخ عبد الغني المجددي المتوفي 1298هـ ، بقي يساهم في تنمية مدرسة مصباح العلوم بسعة الصدر . ( محمد ثاني الحسني ، ” حياتِ خليل ” ، ( هـ 2 ) ، ص 150 ) .
[14] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 155 – 156 .
[15] محمد عاشــــــــق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 161 – 162 و 177 – 178 ؛ محمد ثاني الحسني ، ” حيات خليل ” ، ص 156 – 157 .
[16] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” حيات خليل ” ، ص 158 – 160 ، ” حياتِ خليل ” ، المجلد الأول ، مطبوعه : تنوير بريس ، لكناؤ ، الهند ، 1976م .
[17] بموجب ” تاريخ مظاهر ” ( لمحمد زكريا الكاندهلوي ) ، 1/72 – 73 تولى مولانا خليل أحمد رئاسة هيئة التدريس بـمدرسة مظاهر علوم في 5 من جمادى الأخرى السنة المذكورة ، وبموجب تذكرة الخليل ص 189 – 190في 8 من جمادى الأخرى السنة المذكورة .
[18] محمد عاشـــــــــق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 69 و 79 – 80 و 189 – 190 ؛ محمد زكريا الكاندهلوي ، ” تاريخِ مظاهر ” ، 1/65 و 72 – 73 ؛ محمد ثاني الحسني ، ” حياتِ خليل ” ، ص 175 .
[19] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 190 و 195 – 196 ؛ محمد ثاني الحسني ، ” حيات خليل ” ، ص 179 – 180 .
[20] محمد ثاني الحسني ، ” حيات خليل ” ، ص 87 و 199 – 201 .
[21] ” عالمِ اسلام كا مركزی اداره جامعہ مظاہرعلوم سہارنپور ” لمحمد شاهد سهارنبوري ، ” جامعه مظاهــر علوم نمبر ” ، ص 22 ، أكتوبر – ديسمبر ، 2005 .
[22] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 351 و 426 ؛ محمد زكريا الكاندهلوي ، ” تاريخِ مظاهر ” ، 2/63 – 64 .
[23] محمد عاشق إلهي الميرثي ، ” تذكرة الخليل ” ، ص 271 – 273 .
[24] محمد شاهد السهارنبوري ، ” علماءِ مظاہر علوم سہارنپور اور انكی علمی وتصنيفی خدمات ” ، 3/71 .
[25] انظر : ” بذل المجهود في حل سنن أبي داؤد ” ، لخليل أحمد السهارنبوري ، كتاب الفتن والملاحم ( 12/270 – 277 ) .
[26] أبو الحسن علي الندوي ،” المسلمون في الهند ” ، ص 105 و 106 ؛ محمد شاهد السهارنبوري ، ” علماءِ مظاہر علوم سہارنپور اور انكی علمی وتصنيفی خدمات ” ، 1/181 – 182 ؛ تعريف موجز عن جامعة مظاهر علوم ، ص 12 – 16 .