(2) الإسلام في عيون الغرب للبروفيسور عبد الرحيم القدوائي
أبريل 28, 2025(4) المحدث محمد يونس الجونفوري وجهوده في الحديث وعلومه دراسة تاريخية وصفية تحليلية
أبريل 28, 2025(2) العلامة الشيخ مجاهد الإسلام القاسمي : الفقيه الألمعي ، والقاضي الحكيم
بقلم الأستاذ الدكتور محمد رحمة الله حافظ الندوي
” لو قامت الحكومة الإسلامية لبلغ القاضي مجاهد الإسلام القاسمي أعلى منصب القضاء فيها ” هذا ما قاله العالم الكبير ، والمحقق الشهير ، ومحدث الديار الهندية الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي رحمه الله ، وكان العلامة الإمام السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله يقول : ” من حسن حظ هيئة الأحوال الشخصية لمسلمي الهند أن الله قيض لها شخصيةً نابغةً ، وعالماً مدبراً ، وفقيهاً حكيماً مثل الشيخ القاضي مجاهد الإسلام القاسمي ، وهو بمنزلة ثروة قيمة لمسلمين الهند ” .
هاتان الشهادتان كافيتان لبيان فضل ومكانة القاضي مجاهد الإسلام القاسمي لدى الخاصة والعامة ، فلا شك أنه كان رجلاً في أمة ، وأمةً في رجل ، جمع الله فيه من المواهب القيادية والخصائص الريادية ، والمزايا العلمية التي قلما توجد في شخصية علمية ، وعاش الشيخ القاسمي حياته قاضياً ، بل رئيس القضاة في الإمارة الشرعية بولاية بهار وأريسه وجارخند ( الهند ) ، وعمل بإخلاص النية ، وطهارة السريرة حتى جعل الله له القبول في أرجاء الهند ، فوفقه لإنشاء مجمع الفقه الإسلامي لعموم الهند ، وهو منبر فقهي للاجتهاد والدراية في القضايا المستجدة ، ولا يزال يعمل باستمرار وفقاً للمناهج التي رسمها القاضي القاسمي رحمه الله ، كما أنشأ القاضي القاسمي المجلس الملي لعموم الهند في مجال السياسة ، وله دور بارز ملموس في السياسات البرلمانية والإقليمية ، وفي آخر حياته انتخب رئيساً لهيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعموم الهند ، فكان قائداً محنكاً ، ورائداً حكيماً ، ظل يقود الأمة الهندية بالحكمة والجراءة إلى آخر نفس من حياته .
وهذا ، وله إنجازات في مجال التصنيف والتأليف ، وفي مجال تصنيف الرجال وكوادر الدعوة والإصلاح ، وفي مجال إصلاح المجتمعات الإنسانية ، وفي مجال إنشاء المعهد العالي للقضاء والإفتاء ، وهي جوانب مشرقة لحياته ، فكانت الحاجة ماسةً إلى التعريف بهذه الشخصية العبقرية بالعربية ، فنهض لهذا العمل الجليل المؤلف والمحقق الأستاذ الدكتورمحمد رحمة الله حافظ الندوي ( نزيل الدوحة ، قطر ) لتأليف هذه الوثيقة العلمية والتاريخية ، فأدى حقها وأوفاها ، وقد قرَّظ عمله هذا علماء العرب والعجم الذين ازدان بكلماتهم هذا الكتاب ، يقول الشيخ نظام يعقوبي العباسي الشافعي البحريني : جزى الله أخانا المؤلف الفاضل خير الجزاء على هذا الجهد التوثيقي المهم ، ومن ترجم عالماً فكأنما أحياه من قبره ، وقديماً قيل : فالذكر للإنسان عمر ثان ، ويكتب الشيخ بدر الحسن القاسمي : هذا الكتاب بأسلوب شيق وتوثيق علمي مطلوب ، وصاحب الكتاب يستحق كل ثناء وتقدير على تأليف هذا الكتاب القيم ، وهو صاحب خبرة في التأليف ، ويقول الشيخ خالد سيف الله الرحماني : إنني كفرد من أفراد أسرة الشيخ القاسمي أشكر المؤلف وأبتهل إلى الله تعالى أن يتقبل منه هذا الجهد المبارك وينفع به البلاد والعباد .
قصة الكتاب كما يحكيها مؤلفه ، وهي أن أسرة المؤلف ظلت مرتبطةً بالقاضي القاسمي ، فكان المؤلف له علاقة قوية بالشيخ القاسمي ، وكانت له توجيهات ونصائح في مواصلة الدراسة والتعليم ، وقد نقل مقالاً له زمن دراسته في دار العلوم لندوة العلماء ، إلى العربية باسم : سد الذرائع : مبحث مهم في أصول الفقه الإسلامي ، فطبع في مجلة البعث الإسلامي ، فتوطدت العلاقة ، وانتقلت إلى حب وشفقة منه ، حتى رافق المؤلف القاضي القاسمي في حله وترحاله ، واستفاد من درره ومرجانه ، وكان اقتراح عم المؤلف الشيخ محمد قاسم المظفر فوري ، ووصيته بإعداد سفر عظيم حول أعمال وجود القاضي القاسمي رحمه الله ، فجاء هذا الكتاب تحقيقاً لأغراض دينية خالصة ، وطُبع الكتاب من دارالقلم دمشق 1445هـ .
اشتمل الكتاب على ثلاث مائة صفحة من القطع الكبير ، تحدث الباحث أولاً عن ولاية بهار وتاريخها الصحيح ، ثم ذكر السيرة الذاتية وحياته العلمية والعملية ، وتناول في الباب الثاني أعمال القاضي التجديدية وخدماته المشرقة ، ثم ذكر المؤلف في الباب الثالث مآثره العلمية ، وأوسمته وجوائزه ، ومع ذلك يوجد ملحق خاص بتراجم كبار العلماء من معاصري الشيخ القاسمي ، وذكر المؤلف في آخر الكتاب قائمة مراجعه ومصادره التي استفاد منها وانتقى منها المواد ، وهي تدل على جهده المضني ، وسعيه الدؤوب ، وعمله المرهق ، فنحن إذ نكتب هذه الكلمة إشادةً بذكر الكتاب ومؤلفه ، ونهنئه حفظه الله تعالى على إنجاز هذا المشروع العلمي الجليل ، ندعو الله تعالى أن يوفقه لما يحب ويرضاه ، ويجعل آخرته خيراً من الأولى .