Test
أغسطس 2, 2021(2) جهود الكتاب المصريين في تطوير أدب السيرة النبوية
سبتمبر 4, 2021إصدارات حديثة :
(1) صيد القراءة للأستاذ محمد نعمان الدين الندوي
محمد فرمان الندوي
صدر كتاب علمي وأدبي ( صيد القراءة للأستاذ الأديب محمد نعمان الدين الندوي ) من مؤسسة الهداية للدراسات والبحوث الإسلامية ، جامعة الهداية ، جيفور ( الهند ) لصاحبها الشيخ فضل الرحيم المجددي الندوي أمير جامعة الهداية ، وهو حصيلة دراسات طويلة ، وعصارة تجارب واسعة ، وانتقاء درر ولآلي من كتب ومؤلفات أكب المؤلف على قراءتها خلال ثلاثين عاماً ، فهو عسل مصفى ، وليس هو كل ما قرأه خلال هذه المدة ، بل هو غيض من فيض دراساته . ازدان جيده بمقدمة الأديب الأريب الأستاذ نور عالم خليل الأميني المرحوم ( رئيس تحرير مجلة الداعي ، بالجامعة الإسلامية دار العلوم ، ديوبند سابقاً ) فإنه أشاد بهذا الجهد العلمي والأدبي قائلاً : ” فهذا الكتاب الذي هو بين يدينا باسم ( صيد القراءة ) جمع فيه المؤلف خلاصةً مصطفاةً من حصائد دراسته لكثير من الكتب والجرائد والمجلات ، التي وقع عليها اختياره ، لأنها حلت في عينيه ولذت في قلبه ، وطابت بها نفسه ، فاضطرته أن يسجلها في دفتر ليرجع إليها متى شاء ، ويعيها ويستفيد منها كمادة فكرية أو مدد لغوي أو رافد تعبيري ، أو مصدر معلومي أو ثروة حكيمة ” . ( من مقدمة الكتاب ) .
يشتمل الكتاب على ثمانية عناوين رئيسية : العلم والعلماء ، الأدب والأدباء ، الشعر والشعراء ، العربية والعرب ، العزاء والمعزون ، تعبيرات رائعة ، الدر المنثور ، التماثل والتقارب ، ويغطي حوالي خمس مأة صفحة .
ولعل المؤلف استخرج اسم الكتاب من شعر الإمام الشافعي رحمه الله تعالى حيث يقول :
العلم صيد والـــكــتابـــة قــيد
قيِّد صيودك بالحبال الواثقـة
فالكتابة تجعل العلم محفوظاً في الدفاتر والكراريس ، فكأن العلم كان صيداً ، لكن الكتابة قيدته وضبطته ، فلا يمكن أن يتخلص هذا العلم من ذاكرة القارئ ، وجرت العادة من قديم الزمان أن أهل العلم يكتبون ويسجلون خلال دراساتهم ومطالعاتهم خلاصة الكتاب ، ومقتطفات علميةً وأدبيةً ، وأقوالاً حكيمةً ، وأمثالاً رائعةً ، وتعبيرات جميلةً ، ومفردات عصريةً ، فإنها تكون مساعدةً في إنشاء الذوق الأدبي ، ومعواناً على إعداد المقالات ، وقال أحد الأدباء : ” الجمل الرائعة والتعبيرات الجميلة تراث الطلبة الدراسين ” ، يعني إذا قرأ الطالب عبارةً رشيقةً أو جملةً بديعةً أو شعراً رائعاً ثم حفظه في ذهنه ، واستعمله خلال كتاباته العلمية والأدبية بتصرف وتعديل فلا يكون ذلك سرقةً علميةً ، بل هو ميراث علمي ورثه الطالب من الكبار .
نتحف القراء الكرام بهذه المناسبة بعدة مقطوعات حتى يتمتعوا بهذا الاختيار النفيس :
(1) قال أبو الحسن الماوردي وهو يذ كر أهمية الحفظ : حرف في قلبك خير من ألف في كتبك ، وقالوا : لا خير في علم لا يعبر معك الوادي ولا يعمر به النادي ( أدب الدنيا والدين : 1/44 ) .
(2) قال الطنطاوي وهو يبين الفرق بين العلم والأدب : كان علماؤنا يفرقون بين العلم والأدب ، فالعلم تخصص وتعمق في علم واحد ، والأدب أخذ من كل شيئ بطرف ، فكان معنى كلمة الأديب كمعنى كلمة المثقف فكرياً الآن ( ذكريات : 7/101 ) .
(3) يذكر المؤلف في باب الشعر والشعراء هذه المقولات الشائعة :
(1) زهير إذا رغب (2) والنابغة إذا رهب (3) والأعشى إذا طرب (4) وعنترة إذا غضب (5) وامرؤ القيس إذا ركب ( عربی ادب كی تاريخ ، للدكتور عبد الحليم الندوي : 169 ) .
(4) ينقل المؤلف تعبيرات عن معان ومفاهيم : تعبير عن اللصوق : أحاط به إحاطة السوار بالمعصم ، وأحاط به إحاطة الشعاع بالمصباح المتقد .
وتعبير عن وصول الحق إلى نصابه : عاد الأمر إلى نصابه ، وطلعت الشمس من مطلعها ، والآن أخذ القوس باريها ، وعادت النبال إلى النزعة ، ورجع الحق إلى مستقره ( صيد القراءة : 110 ) .
(5) ويذكر المؤلف وجه تسمية البريد بالبريد : البريد كلمة عربية الأصل مشتقة من البردة أي العباءة ، لأن الرسل الذين كانوا يحملون الرسائل من بلد إلى بلد آخر ، كان عليهم أن يلبسوا بردة حمراء للدلالة عليهم ، والبريد هو الرسول الذي يحمل الرسائل ( صيد القرا ءة : 248 ) .
(6) الباب الأخير هو التماثل والتقارب أي مثل عربي يماثله مثل أردي ، وهو جهد علمي وأدبي خاصة للطلاب الذين يعرفون الأردية مثل : ( جيسی كرنی و يسی بهرنی ) : ( كما تدين تدان ، أنت تحصد كما زرعت ) ( ہر چيز ميں ٹانگ اڑاتے ہيں ) : يدسون أنفسهم في كل شيئ ، ( پالا مار ليا ) : حاز قصب السبق ، ( شنيدہ كے بود مانند ديده ) ( ليس الخبر كالمعاينة ) .
فالعنوانان الأخيران من هذا الكتاب طويلان بالنسبة إلى العناوين الأخرى ، وقد جمع المؤلف في عنوان الدر المنثور كثيراً من لآلي الحكم للعلماء والمفكرين وأصحاب الذوق السليم ، وهو يشتمل على 270 صفحة .
ولا شك أن عملية الاختيار يدل على الذوق السليم اللطيف ، وقديماً قال الأدباء : يعرف الإنسان بحسن اختياره ، إن هذا الاختيار الجميل يدل على حسن ذوق المؤلف ، وسليقتة اللغوية ، وسعيه الدؤوب في الاستفادة من أمهات الكتب ، وقد طبعت مؤلفات أخرى حول الموضوع ، لكن هذا الكتاب جاء أكثر شمولية وإحاطة للتعبيرات الجميلة والجمل البديعة .
هذا ، وقد تم افتتاح هذا الكتاب في رحاب ندوة العلماء ، لكناؤ ، بيد أستاذنا الجليل سعادة الدكتور سعيد الأعظمي الندوي ( رئيس تحرير مجلة البعث الإسلامي ، ومدير دار العلوم لندوة العلماء ) فإنه حينما وقع بصره على هذا الكتاب هنأ المؤلف على تقديم هذا الكتاب الإنشائي الجليل ، والإنجاز العلمي والأدبي ، وبارك له بالخير والبركة ، وقال بهذه المناسبة وقد حضرها نخبة من أساتذة الدار : توصل الباحثون أن هناك أربع ذرائع لتعلم أي لغة : السماع ، النطق ، القراءة والكتابة ، وقد ألف المعنيون بهذا الموضوع مؤلفات وكتباً ، ومن بين هذه الكتب هذا الكتاب الأدبي الذي ألفه الأستاذ محمد نعمان الدين الندوي ، وهي عصارة ثلاثين عاماً من دراساته العلمية والأدبية ، كما يجد أساتذة اللغة العربية وطلابها في هذا الكتاب بغيتهم المنشودة ، وزادهم العلمي المشبع .