حقائق مذهلة عن اعتناق الإسلام في البلدان الغربية
فبراير 21, 2021برنامج زوم وتفاعلاته في النشاطات التعليمية
مايو 3, 2021صور وأوضاع :
وسائل التواصل الاجتماعي : كيف يمكن استخدامها ؟
محمد فرمان الندوي
” القلم أحد اللسانين ” :
هذا مَثل جرى به لسان العربية منذ الزمن القديم ، وكان لسان الإنسان ثانيهما ، وكثيراً ما يستعمل العرب هذا اللسان الثاني ، فإنهم كانوا عرباً أقحاحاً ، وقد زخرت الثروة اللغوية بالشعر الجاهلي ، وهم يعتبرون الآخرين عجماً ، لا ينطقون ولا يفصحون عما في ضمايرهم ، وقد عبر الشاعر زهير بن أبي سلمى عنه في شعره قائلاً :
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
وكان القلم في ذلك الزمان قليلاً نادراً ، فالذين يعرفون الكتابة كانوا يعدون على الأصابع ، فلم يظهر من النثر الفني إلا الأمثال والأسجاع والخطب والوصايا والأخبار ، وكانت قوة ذاكرتهم محكمةً ، ينقلون التراث من أفواههم وألسنتهم إلى الآخرين ، وقد دونت المؤلفات العلمية والدواوين الشعرية حينما بزغت شمس الإسلام ، وتم تطعيم الحضارة الإسلامية بالثقافات الأجنبية ، فكان هناك كتاب وأدباء ومترسلون وخطباء وذوو أساليب علمية ، أثروا المكتبة بإنتاجاتهم ومؤلفاتهم .
بلبلة الفكر أو صياغة آراء بناءة :
وقد توسع القلم والكتابة ، حتى وُجدت الصحافة العربية ، وأدت الصحافة العربية دوراً هاماً في نقل الآراء والأحداث ، وتبادل الاتجاهات والأفكار ، وهي صحافة مطبوعة ، فكانت لها أنواع وألوان من صحافة سنوية ، ونصف سنوية ، ودورية ، وشهرية ، ونصف شهرية ، وأسبوعية ويومية ، أكب الناس على قراءتها والاستفادة منها لترقية مستوى حياتهم ، ومواكبة العصر الحضاري ، وقد اعتبر بعض المثقفين الصحافة جزءاً رابعاً من الجمهورية ، وقد قال وليم William : ” إذا كان نظام الملاحة في البحار في القرن التاسع عشر ، ونظام الصواريخ والقنابل في القرن العشرين الميلادي ، فيُرجى أن وسائل الإعلام تكون لها جولة وصولة الآن في السياسة العالمية ، فمن يمتلك بهذا النظام كان العالم كله تحت أمره ونهيه ” .
ثم اخترعت الصحافة الإلكترونية في القرن العشرين الميلادي ، وذاع وشاع في كل بلد أو قرية ، وحينما كان العالم يتقدم ويزدهر إلى القرن الحادي والعشرين رأى أشكالاً حديثةً من الكتابة والنطق ، وهي تؤثر أيما تأثير في المجتمعات الإنسانية ، فكان العالم في القرن العشرين في صورة قرية أو بلد (Global Village ) ، لكن تحول في القرن الحادي والعشرين إلى يد كل إنسان ، ومتناول كل رجل أو أنثى ، فيمكن الآن بلبلة الفكرة وتشويش الأذهان في جانب ، وفي جانب آخر بناء فكرة ، وصياغة رأي صالح في دقيقة أو ثانية ، وما أن ضغط زر من طرف حتى ارتج صوته في طرف آخر .
ثورة إعلامية في العالم الإنساني :
رأى العالم الإنساني عجائب مدهشةً في عالم أجهزة الإعلام في هذا القرن الحادي والعشرين ، ومن هذه الأجهزة الإعلامية وسائل التواصل الاجتماعي : من الواتساب والفيسبوك والتيوتر وانستغرام وغيرها ، فهذه الآلات برئية من كل عيب ، وتعرف بآلة صماء ، يستطيع الإنسان أن يستخدمها في صالح الإنسانية وضدها ، وقد استعملت القوى الاستعمارية هذه الوسائل لهدم قصر الإسلام ، وبذر الشكوك والشبهات في أذهان الناس ، فما من قناة ولا من مجموعة إلا وقد نشرت الفحشاء بكل وقاحة عبر هذه الوسائل ، وقد كانت هذه الاتجاهات تنشر قديماً بأسلوب الكناية والتعريض ، فازداد الأمر اليوم خطورةً وشدةً ، فالحاجة ماسة إلى استخدام هذه الوسائل في إنجازات بريئة لإزالة المنكرات ورد كل تساؤل يُثار ضد الإسلام والمسلمين .
وقد ثبت جلياً أن وسائل الإعلام الاجتماعي ( Social Media ) أرخص الإعلام الإلكتروني ، لا تحسب له الميزانيات ولا تنفق عليه الدولارات ، وكثيراً ما يستخدمها الناس في هذا الزمان ، فهي في استعمال كل رجل صباح مساء ليل نهار ، وكل إنسان يمكن أن يرد على أي تساؤل وُجِّه من قبل المناوئين للإسلام في نفس الوقت ، فيقرأ الناس في جانب التساؤل والشبهة المفترضة ، وفي جانب آخر يقرأون الرد المقنع والحل الناجع للقضية .
الناس بين مؤيد ورافض :
لا حاجة بهذه المناسبة إلى أن نناقش في هذا الزمان عن حل هذا الإعلام وحرمته ، فقد تقدم الأمر أكثر من هذا ، وقد سجل التاريخ أن هذه الآليات الحديثة حينما اخترعت وتكدست الأسواق بماكيناتها ، صدرت فتاوى وقضايا ، ونشرت اتفاقيات ووثائق عن استعمالها ، وعدم استعمالها ، فكان هناك موقفان متناقضان : موقف الرفض والإنكار ، وموقف القبول والاستسلام ، وتوزعت البلدان والدول بين هذا وذاك ، فالناس بين منكر ورافض ، ومؤيد وراض ، ثم ظهر هناك موقف ثالث ، وهو موقف : ” خذ ما صفا ودع ما كدر ” ، وهو موقف معتدل متزن للعالم الإنساني ، وهو يتفق وشريعة الإسلام ، فإن الله عز وجل علمنا هذا الاتزان في القرآن الكريم بقوله : رَبَّنَآ آتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ( البقرة : 201 ) ، ويكفي لمعرفة هذه المواقف الثلاثة دراسة كتاب سماحة الإمام الندوي باسم : الصراع بين الفكرة والإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية . وهو موضوع تاريخي ، كشف الكتاب عن حقائق وأرقام يجعل الإنسان حيراناً .
كان الإعلام والتبليغ من وظائف كل نبي بُعث إلى هذا الكون ، فكان الأنبياء من لدن آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يخاطبون الناس بهذين الصنفين من الكلام : اللسان والقلم ، وكانت ألسنتهم تنطلق بأمور لها صميم علاقة بالمعاش والمعاد ، وكانت صحفهم وكتبهم المنزله تتضمن الكلمات الربانية ، فكان الناس يقرأونها ، ويقتبسون منها الهداية والنور ، وقد استخدم سيدنا سليمان عليه السلام طريقة الرسالة إلى ملكة سبأ وهي بلقيس ، واختار لإرسالها طيراً من طيور سلطنته باسم هدهد ، ذكر الله ذلك في سورة النحل ، ( النحل : 29 ) ، وكان أهل مكة يختارون طريقاً لإبلاغ الكلام إلى كل صغير وكبير ، وهو الصعود على جبل الصفا ، فيجتمع الناس في سفح الجبل ، ويخاطبهم خطيب بما بدا له من أمر أو رأي أو مشورة ، ولم يتحاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته عن هذه الطريقة المعمول بها ، بل اختار هذه الطريقة القديمة لدعوة الناس إلى الله تعالى ، وقد انتهز النبي صلى الله عليه وسلم الأسواق والاجتماعات أمثال سوق عكاظ وذي المجنة ومهرجانات منى ، واختار طريق إرسال الرسل والكتب إلى الملوك والأمراء ، فلا مانع في الإسلام عن اختيار أساليب إيجابية وطرق مؤيدة لصالح الدعوة إلى الله تعالى ، بقوله تعالى : قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ ( الأعراف : 32 ) .
أمور لابد من مراعاتها :
كثر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الزمان ، وأصبحت حاجة كل إنسان ، صغيراً كان أو كبيراً ، فلا يمكن أن تكون هناك حواجز وعوايق لاستخدامها ، لكن الإنسانية والمروءة تتطلبان أن يكون الإنسان مفتاحاً للخير ، ومغلاقاً للشر ، وقد اتخد المستخدمون منهجاً وسطاً لاستعمالها ، وهي أن تكون الكتابة قصيرةً ، ومكتوبةً في لغات متعددة ، ولا تتعرض هذه الكتابة للأمور الخلافية ، ولا تؤمئ إلى نحلة أو ملة أو ديانة خاصة ، فإذا كان الأمر على هذا المنوال كانت النتيجة على ما يرام ، قال الله تعالى : يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ( الحجرات : 6 ) .