وجداننا كل شيئ بعدكم عدم

عَلَم من أعلام التاريخ
نوفمبر 19, 2023
نَشِيدُ الوَداع
نوفمبر 19, 2023
عَلَم من أعلام التاريخ
نوفمبر 19, 2023
نَشِيدُ الوَداع
نوفمبر 19, 2023

شخصية مثالية فقدناها :

وجداننا كل شيئ بعدكم عدم

بقلم : الأخ السيد محمد عفان *

من له شغف بالأدب العربي والإسلامي ، وميل إلى الصحافة الإسلامية ، وهو لا يعرف شيخنا السيد محمد الرابع ؟ من الذي لديه همة للوصول إلى المجد ، وعزيمة في اكتساب الخير ، ورغبة في الصلاح ، وهو لا يعرف شيخنا السيد محمد الرابع ؟

كان شيخنا محمد الرابع الحسني الندوي رحمه الله أحد أفذاذ العلماء الربانيين ، والأدباء الإسلاميين ، الذين أنجبتهم الأمة الإسلامية الهندية في القرن العشرين الميلادي ، وقد جمع الله في شخصيته من الفضائل والمواهب ما لم تجتمع عامةً في شخصية واحدة .

ليس  على  الله  بمستنكر        أن يجمع العالم في واحد

نشأ الشيخ في بيئة كانت هوايتها التاريخ ، وكتابة التراجم والسيرة ، وكانت صلته الوطيدة وحبه وهيامه بالأدب العربي منذ عهد الصبا ، وعشق الصبا شديد ، إلى جانب دراسته الواعية الناقدة ، وتتبع الأخبار والتعرف على خصائص اللغة العربية وآدابها ، والإعجاب بالشعر الجيد ، والنثر القوي ، والتذوق بالتعبير الجميل البديع والتشبيه البليغ ، والحرص الشديد على محاكاة البلغاء ، ومكّنه كل ذلك من الاقتدار على البيان ، والتعبير والتملك على الثروة اللغوية المتنوعة ، فسخر الشيخ الندوي جميع ما يملكه من الملكات الأدبية والبيانية لخدمة الدين والدعوة والإرشاد ، فإنه ليس بفارس جديد في هذا المجال ، وانما رُضع بلبان العلم والأدب .

قام الشيخ بإعداد كتب دراسية وغير دراسية قيمة ، من أبرزها    ” الأدب العربي بين عرض ونقد ” . إن تأليف هذا الكتاب كان حلماً حلم به سماحة الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي ، ولكن قام أستاذنا محمد الرابع بتأليفه تحقيقاً لأمنية شيخه ، وسداً للفراغ الذي كان في المناهج الدراسية للأدب العربي .

وهذا الكتاب لا يبحث عن كل صغير وكبير ، ولا يستوعب كل مبحث من التفصيل ، بل إنه مختصر جامع في فن الأدب العربي ، وهذا المختصر أكثر جمعاً واستيعاباً لأهم ما تجب معرفته عن دور الأدب العربي في مختلف أدواره مع بيان الخصائص البارزة الفنية لرجاله ونصوصهم الأدبية . فقسم المؤلف هذا الكتاب إلى ثلاثة أقسام ، وهي :

(1) حقيقة الأدب

(2) التحليل والنقد

(3) النماذج الأدبية لمختلف أدوار الأدب العربي مع الإشارة إلى قيمتها الفنية ومكانة أصحابها الأدبية

إن لهذا الكتاب أهميةً كبيرةً في مجال الأدب العربي عامةً ، وفي النقد الأدبي خاصةً . ويمتاز هذا الكتاب بلغته السلسة ، وأسلوبه السهل المؤثر الذي يسيغه القارئ العام ، ومنهج استدلاله سهل الفهم ومقنع مع كونه علمياً وتحقيقياً . كان الأسلوب في الكتاب ليناً سائغاً ميسوراً خالياً من التكلف والتصنع ، جاذباً للقلوب بسحره وجماله وتأثيره . كان الشيخ يحاول أن يؤثر في قلوب القارئين أيما تأثير بلهجته الصافية ، ولسانه البليغ الصريح ، وفكرته النيرة ، ومثل هذا الأسلوب لا يقدر عليه إلا كاتب بارع ، بصير بحلو البيان ومره ، وذو اطلاع واسع على علم النفس .

رحمه الله رحمةً واسعةً ، وأغدق عليه شآبيب رحمته .


* طالب السنة الرابعة من العالية بدار العلوم لندوة العلماء .