مناسك الحج : أسرار ومنافع
يوليو 9, 2025هل يتضامن العالم الإسلامي أو يتفرج صامتاً ؟
أغسطس 31, 2025أخي القارئ ! بسم الله الرحمن الرحيم
هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم
كل إنسان يتمني حياةً سعيدةً ، ويبتغي راحةً أبديةً ، ويبذل لها جهوداً مضنيةً ، ومساعي مرهقةً ، ويجمع لها من الرياش والأثاث ، كما يستقطب الأدوات والإمكانيات ، ويعتقد أنه ينال بذلك بغيته ومرامه ، ولا يفشل في غايته وهدفه ، لكنه يخيب في حياته ، ولا تتحقق أمنيته ، ويشعر بقلق بالغ ، واضطراب شديد ، فلا يهنأ له عيش ، ولا يمرأ له طعام ولا شراب ، فهو في قصره يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، ويتقلب على أحر من الجمر ، ثم ينكشف أمامه أن اللذة الدنيوية ، والراحة القلبية ليست في الوسائل والأسباب المادية ، بل في شيئ آخر ، وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى : ( بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ ، بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا ، بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ) [ النمل : 66 ] .
فالسعادة الحقيقة لا تكمن في الملذات الدنيوية ، ولا تختفي في الوسائل المادية ، بل تتصل بالقلب والفؤاد ، وكلما وجد القلب غذاءه وبلغته ، انطبع أثره على جميع أجزاء البدن ، وارتسمت على وجه الإنسان مخايل الابتسامة الحقيقية ، ووجد هذا الإنسان في هذه الدنيا طمأنينة الجنة وسعادتها ، وقد شهد التاريخ الإسلامي كثيراً من عباد الله الصالحين الذين عاشوا في الدنيا مرتاحي البال ، مطمئني القلب ، لم يكدر صفو حياتهم المنغصات ، ولم يرنق ماء وجوههم علائق الدنيا وزخارفها ، فلم يهابوا من السلطات ، ولم يرتعدوا من الحكومات ، فكان الملوك والأمراء أمامهم كالأقزام ، وكانوا يرددون من دون خوف ولا خجل : ما يصنع بي الأعداء ، إن جنتي في صدري ، ومن لم يدخل جنة الدنيا ، لم يدخل جنة الآخرة .
فلن ينال المرء هذه السعادة الدائمة في حطام الدنيا وسفساف الأمور ، ولا ينال هذه اللذة الحلوة في الموائد الفاخرة ، والألبسة المزركشة ، بل إن اللذة التي يسر بها القلب ، وتطيب بها النفس ، ويلتذ بها الروح ، وتقر بها العين هي الحب الإلهي ، والإيمان المتغلغل في أحشاء القلوب ، فإنه إكسير الحياة ، وبلسم للجروح ، ومرهم للقروح ، فإذا حظي به المرء هانت عليه كل مصيبة ، وصغرت في عينيه الدنيا ، وما أحسن قول الشاعر ابن الفارض :
على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له فيه نصيب ولا سهم
كتبها بيمينه
مدير تحرير المجلة
6/ محرم 1447هـ