الشيخ سعيد الكرياسني : رجل في أمة
سبتمبر 2, 2024بأقلام الشباب :
نجم تألق ثم هوى
( الأخ نجم الحق في ذمة الله )
بقلم الأخ محمد مزمل حسين *
سمعنا خبراً عزّ على النفوس مسمعه ، وأثّر في القلوب موقعه ، خبراً كادت له القلوب تطير ، والعقول تطيش ، والنفوس تطيح ، خبراً أخرج الصدور ، وأحلّ البكاء ، وحرّم البصر ، وأطار السكون والطمأنينة ، وقد أتى الدهر بما هد الأصلاب ، فالقلب دهش ، والبنان يرتعش . وهو نعى الأخ الكريم والصديق الحميم نجم الحق طالب السنة الثالثة من الشريعة بدار العلوم لندوة العلماء لكناؤ ، والتحاقه بجوار ربه مساء 16/ ربيع الثاني 1446هـ المصادف 20 أكتوبر 2024م في مستشفى بلرامبور بمدينة لكناؤ ، وكان قد أصيب بالحمى الشديدة منذ أيام ، تزايد المرض حتى اشتد وأغمي عليه ليلة يوم الأحد في الساعة العاشرة ، فذهب به زملاؤه إلى مستشفى إيدين أولاً ، ثم مستشفى إيرا ، وكلية الطب للكناؤ ثم مستشفى بلرامبور ، ولم يألوا جهداً في علاجه ، لكن لم تزل تتدهور صحته تدهوراً ملحوظاً ولم يكتب له البرء الكامل ، وقد أشار الأطباء الإخصاييون إلى أنه لا رجاء في حياته . وكنا نبكي دموعاً . حتى وافته المنية بعد صلاة العصر فإنا لله وإنا إليه راجعون .
كان الأخ من مديرية فورنيا بولاية بهار ( الهند ) ولد عام 1998م ، وتلقى دروسه الابتدائية في كتاب قريته ، وحفظ القرآن الكريم في مدرسة دار العلوم بأمور ، ثم اتجه إلى الجامعة الشهيرة دار العلوم ديوبند رغبةً في الالتحاق بقسم التجويد ، ولم يلبث هناك إلا بضعة أشهر ، ثم انتقل إلى مدرسة بغجرات ، ثم دار التعليم والصنعة DTS Kanpur ، واصل دراسته رغم ظروفه القاسية حتى التحق بدار العلوم لندوة العلماء في بداية هذه السنة .
كان الأخ نجم الحق طالباً مثالياً مجتهداً مغامراً في سبيل العلم ، لا يبذل أوقاته في اللهو واللعب هنا وهناك ، وكان يضع هدفه أمام عينه ، لا يرده راد ولا يصرفه عن غايته شيئ ، وكان من صفاته البارزة أنه كان يتلو القرآن الكريم بصوت عذب رخيم ، فقد اصطفاه الأساتذة وقربوه إليهم وأثنوا عليه . وكان محبباً لدى الجميع ومحترماً في أوساط الأساتذة والطلاب على السواء ، وقد أكرمه الله بالخلق الحسن وصفة التواضع والتوكل والاحتساب .
وشيعت جنازته يوم الثلاثاء في مشهد رهيب في ولايته بهار ، شارك فيه آلاف من أهل القرى وأهل العلم والفكر ، وكتب عنه أكثر طلاب رواقه وأحسنوا ، وأقيمت له حفلة تأبين وعزاء في نفس تلك الليلة في رحاب دار العلوم بقاعة معهد القرآن بعد العشاء مباشرةً ثم حفلة تأبين يوم الخميس برئاسة الدكتور محمد فرمان الندوي شهدها عدد كبير من الطلاب والمحبين له ، وقدموا فيها ما قدموا ، وذكروا ما ذكروا من صفاته البارزة وميزاته المميزة .
رحمه الله رحمةً واسعةً ، وصفح عنه زلاته وأسكنه فسيح جناته وأمطر عليه شآبيب رحمته .
* قسم التخصص في الأدب العربي بدار العلوم لندوة العلماء .