من وحي الحرب على غزة ( الحلقة الثانية الأخيرة )

الآلهة الكاذبة وعاقبة الكفار
مايو 4, 2024
إبراهيم عليه السلام وبيت الله الحرام
يونيو 4, 2024
الآلهة الكاذبة وعاقبة الكفار
مايو 4, 2024
إبراهيم عليه السلام وبيت الله الحرام
يونيو 4, 2024

التوجيه الإسلامي :
من وحي الحرب على غزة
( الحلقة الثانية الأخيرة )
بقلم : الدكتور غريب جمعة 
انتهينا من قول البروفيسور ” جيلوم ” فيما يتعلق بما جاء في التوراه فماذا كان من أمر السيد المسيح ورجال الدين المسيحي من بعده مع هؤلاء اليهود ؟ استمع إلى هذه الكلمات التي تشبه الرعد المرعب المتوعد ، والتي تنذر بخراب أورشليم : ها هو ذا ملكوت الله ينزع منكم ويُعطي أمة تؤتي ثماره .. إن العشارين والزواني سيسبقونكم إلى ملكوت الله ، وأما بنو الملكوت فيلقون خارجاً ( إنجيل متى الفصل /21 الفقرات / 43 – 45 ) .
يا أورشليم .. يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين ! كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحها ولم تريدوا ها هوذا بيتكم يترك خراباً .
وقد تحقق ما وعدهم به عليه السلام .
وبعد أن عرفنا ما قاله السيد المسيح لأولئك الخراف الضالة ( كما وصفهم ) بقوله : ” بعثت إلى خراف بني إسرائيل الضالة ” . بعد أن عرفنا ذلك ، هيا بنا ننظر إلى ما قاله رجال الدين المسيحي من بعده ممن عقلوا كلامه في العصر الحديث ، وقالوا كلمة الحق غير عابئين بوعد اليهود ولا بوعيدهم . ومنهم الآب ” متى المسكين ” ، يقول ذلك الرجل الجرئ : ” كافة مواعيد الله للشعب اليهودي قد تحولت من وعود أرضية إلى وعود سماوية روحية بمجيئ المسيح عليه السلام وصعوده إلى السماء . فمطالبتهم اليوم بوطن أرضي ومحاولتهم بالسلاح أو بالغدر الحصول على هذا الوطن ليس في الواقع تتميماً للوعود القديمة ، ولكنه تحدِّ لحكم الله عليهم ومحاولة بشرية يائسة مجنونة للخروج من تحت غضب الله ولعنته كما أن مساعدات حكومات الدول الغربية لاغتصاب هذه الحقوق التي سلبها الله منهم ثم حمايتهم للعودة إلى وطنهم بالسلاح هو اشتراك في التحدي لله ودخول خائب محزن تحت نفس الغضب واللعنة على بني إسرائيل .
قصة لقاء هرتزل بقداسة بابا روما رأس الكنيسة وصاحب الكلمة الحاسمة عام 1904مــ : يرجع الفضل في ظهور الصهيونية إلى الوجود وإعلانها على الملأ إلى الصحفي الهنجاري ” ثيودور هرتزل ” وإن كان قد سبقه البعض إلى الحديث الخافت عنها مثل ( جمعية أحباء صهيون ) وغيرها .
ولكن هرتزل تفوق على الجميع حينما عقد مؤتمره في مدينة بال في سويسرا عام 1897م ونجح في إنشاء الصندوق الصهيوني الوطني عام 1901م لدفع الأموال لشراء الأراضي الفلسطينية من السلطان العثماني الذي رفض ذلك وطرد هرتزل من حضرته بسبب هذا العرض – ولكن هرتزل – بمؤازرته الصهيونية العالمية – لم يهدأ فاستطاع أن يستميل إليه الوزير البريطاني ” سايكس ” وهو أول كاثوليكي يتعاون مع هرتزل . وقد أشار سايكس على هرتزل باسترضاء بابا روما قبل التحرك في هذه الدعوة واستطاع هذا الوزير أن يدبر موعداً للقاء هرتزل مع البابا عن طريق اتصالاته الخاصة .
وإذا كان قد غضبنا – وما زلنا – من بابا روما الحالي بندكت السادس بسبب إساءته إلى نبينا صلى الله عليه وسلم في محاضرته وعدم اعتذاره عن تلك الإساءة ، فإن ذلك الغضب لا يمنعنا أن نشيد بموقف البابا ” بيوس العاشر ” في لقائه بهرتزل ، وإليك أخي القارئ خلاصة ما دار في هذا اللقاء الذي يجب أن يعرفه المسيحي قبل المسلم :
دخل هيرتزل على البابا في الموعد المحدد وتوجه إليه بكل استعطاف طالباً مساعدته لعودة اليهود إلى فلسطين ، شاكياً ما يلقاه اليهود في العالم المسيحي من اضطهاد وعداء ضد السامية ، وألح هرتزل على البابا مذكراً إياه بأن الشعب اليهودي لا يزال هو شعب الله المختار !! ( نقول : نعم هو المختار لتضرب عليه الذلة والمسكنة وليبوء بغضب من الله ) . وأنه يرجوه أن يعامل هذا الشعب اليهودي مرةً واحدةً بقول المسيح في الإنجيل ” أحبوا أعداءكم ” وأن يسهل للشعب اليهودي العودة إلى فلسطين ليعيشوا في وطنهم التاريخي بعيدين عن الاضطهاد المسيحي وأنه – أي هرتزل – يعد البابا بأن يعمل على تنصير الشعب اليهودي فور عودته إلى فلسطين التي يتوقف عليها إيمان اليهود بالمسيح الذي لا يزال اليهود في انتظاره . هنا توجه البابا إلى هرتزل بحديث صريح قائلاً : إنكم إذا عدتم إلى فلسطين فسوف تكونون أحد رجلين :
(1) إما يهود مؤمنين بيهوديتكم .
(2) وإما ملحدون .
وإنكم إن كنتم مؤمنين بيهوديتكم فإنكم تعتقدون أن المسيح لن يأتي إلا بإعادة بناء معبد سليمان وأنكم تعلمون أنكم قد أعدتم بناء معبد سليمان في عهد الرومان وجاء المسيح ودلل على نفسه بالمعجزات الكبرى فما زادكم إلا كفراً به واضطهاداً له وحكمتم عليه بالصلب وصلبتموه . وإنني أستغرب منك جرأتك على سيد الكنيسة اليوم ومطالبتك بأن يساعدك على إعادة معبد سليمان من جديد ، وذلك لكي تعلنوا مسيحكم الدجال وتؤكدوا تكذيبكم للمسيح الحقيقي ” .
وإما إن كنتم ملحدين فإننا من باب أولى لن نسهل لكم هذه العودة .
وأما قولكم بأنكم شعب الله المختار فإنكم بعد أن كفرتم بالمسيح وحكمتم عليه بالصلب فإنكم خرجتم عن أنكم شعب الله المختار ، وإنما شعب الله المختار هم نحن الذين آمنوا به ، هذا إذا عدتم إلى فلسطين بدون مساعدتنا وأردتم أن تتنصروا فإنني أعدكم بأن أضع جميع الكنائس والكهنوت تحت تصرفكم لتعميدكم .
وعندئذ ثار هرتزل وخرج عن وداعته التي دخل بها وقال له : بمثل هذه الاضطهادات والمذابح التي يلقاها اليهود في العالم المسيحي تريدون أن ينتصر اليهود !!
فثار عليه البابا وقال : أنتم الذين بدأتمونا بالاضطهاد والمذابح فقد بدأتم باضطهاد المسيح نفسه ثم صلبتموه ، ثم وقف البابا مؤذناً بانتهاء الجلسة العاصفة . وهكذا أخي القارئ رجع هرتزل إلى صديقه الوزير البريطاني سايكس ، وقص عليه فشل اللقاء وقد سجل سايكس ذلك في مذكراته .
الوثيقه التي وزعها اليهود الأرثوذكس : وهل سمعت عن الوثيقة التي وزعها اليهود الأرثوذكس ؟
إنها وثيقة وزعت بمعرفة هؤلاء اليهود في مدينة ( فنس ) بولاية ( نيويورك ) ومنها وزعت إلى جميع أنحاء العالم وقد نشرتها جريدة الشرق الأوسط في عددها الصادر بتاريخ 9/7/1985م . ونضيف إلى ما تقدم بعض ما جاء في تللك الوثيقة وهو :
” إن الشعب اليهودي ودولة إسرائيل شيئان مختلفان ومتعارضان لأن الديانة اليهودية والتوراة قد حرمت على الشعب اليهودي أن تكون له دولة خاصة به ، وإن الخالق قد أعطاهم مملكةً قبل آلاف السنين ثم أخذها منهم وشتت شملهم ، لأنهم أثموا وعليهم انتظار مشيئة الرب ببعث المسيح وبعدها فقد يجمع الخالق شملهم دون أي تدخل إنساني ” .
وأكدت الوثيقة أنه لا علاقة لدولة إسرائيل باليهود وليس لها الحق بأن تنطق وتتكلم باسم إسرائيل ، وأن تسمية دولة إسرائيل هي تسمية خاطئة وأن اليهود الحقيقيين لن يعترفوا أبداً بدولة إسرائيل . كما كشفت رسالة طبيب موجهة إلى هذه المجموعة عن الممارسات الإرهابية واللاإنسانية من قبل الكيان الصهيوني ضد عرب فلسطين وحتى ضد اليهود الذين لم يولدوا من أم يهودية .
وإذا كان هذا ما قاله السيد المسيح وأتباعه فلماذا هذا التأييد الأمريكي لدولة إسرائيل في المحافل الدولية ؟ حتى إن الدكتور حسن ظاظا يصور ذلك بعبارته البليغه فيقول : وعدت أتذكر الغراميات المتبادلة الآن بين هؤلاء الناس اليهود وبين الولايات المتحدة الأمريكية وأسأل نفسي : أي حب هذا الذي انغرس في قلب السياسة الأمريكية وفي عينيها للصهيونية حتى أعماها عن مصالحها الأكيدة في القارتين الكبيرتين في العالم ، وهما آسيا وأفريقيا وعن صداقتها في بقية قارات العالم فوقفت تنفذ ما تريده إسرائيل وتتصدى بالنقض ( الفيتو ) لكل ما تجمع عليه دول العالم إذا كانت المعشوقة الجميلة غير راضية عنه حتى ولو كان هذا الدلال يهدد سلام العالم تهديداً مباشراً !! هل تأكدت أمريكا من متانة هذا الحب وما تحلم به من إخلاص ووفاء ؟ إذا كان حب الله تعالى قد سقط من قلوب أولئك الناس فهل يبقى الحب الأمريكي ” .
ونضيف ما جاء في كتاب ” أمريكا وإسرائيل ” للسياسي المخضرم والعالم الجليل الدكتور / محمد معروف الدواليبي ونحن نختار – بتصرف – منه ما يحقق المطلوب . يقول الرجل : يذكر الباحثون الأسباب لهذا التأييد والتدليل الأمريكي لإسرائيل وهي :
(1) قوة الضغط اليهودي الموجود في أمريكا أو ما يسمى ” باللوبي اليهودي ” ( لوبي : جماعة تضغط على مجلس الشيوخ للتأثير عليه ) .
(2) نظرة أمريكا إلى إسرائيل على أنها امتداد للديمقراطية والحضارة الغربية .
(3) مصالح أمريكا من وجود إسرائيل .
فلنناقش – بإيجاز – كل سبب على حدة :
(أ) أصوات اليهود في الانتخابات الأمريكية وهي ليست ذات تأثير قوي حيث إن عدد اليهود بأمريكا لا يتجاوز سبعة ملايين من أصل 250 مليون نسمة .
(ب) إمكانيات اليهود المالية والاقتصادية ، وهي ليست ذات تأثير خطير ، وإنما تأتي قوتهم بالقياس إلى قلة عددهم من عنصريتهم الطاغية بالإضافة إلى عملهم كيد واحدة ، وقد تجمعوا حول المستر ” هنري فورد ” كالزنابير ليدمروا صناعة السيارات التي أنشأها ، ولكنه انتصر عليهم وأودع تجربته معهم في كتاب بعنوان : ” اليهودي العالمي ” المشكلة الأولى التي تواجه العالم ، وقد قام بتعريبه الأستاذ/ خيري حماد .
(ج) وسائل الإعلام والدعاية الرهيبة والهائلة التي يمتلكها اليهود .
(د) امتلاك اليهود لملفات المرشحين للرئاسة وللمناصب الحساسة وهو سلاح خطير جداً لأنه يكشف عيوب السياسي من حيث مغامراته العاطفية ومعاملاته التجارية والغش فيها ووضعه الاجتماعي والأخلاقي وتعاطيه المخدرات والمسكرات وغيرها .
أما السبب الثاني وهو اعتبار إسرائيل امتداداً للديمقراطية ( أو واحة الديمقراطية ) فقد ثبت كذب هذا الادعاء لأن إسرائيل ليست وحدها التي خطت خطوات في التقدم والحضارة والديمقراطية . أليست العقول العربية والإسلامية تملأ جامعات ومستشفيات ومؤسسات أوروبا وأمريكا .
يقول الحاخام اليهودي ” المر بيرجر ” : لقد أساءت الصهيونية للشعب الأمريكي إساءةً كبيرةً بمحاولاتها الملحة تصوير الشرق الأوسط في عين الأمريكيين بأنه متخلف ورجعي ، وهذا غير صحيح على الإطلاق .
أما السبب الثالث وهو تحقيق مصالح أمريكا من وجود إسرائيل فقد ثبت بأن وجود إسرائيل يكلف أمريكا كثيراً جداً حيث إن معظم دول المنطقة لها علاقات مع أمريكا كالعلاقات الاقتصادية كما أن الشيوعية التي تخشى أمريكا من سيطرتها على المنطقة ثبت أنها مرفوضة لأنها تصطدم بعقيدتها وأخلاقها وجلبت الهزائم والدمار للدول التي اعتنقتها .
ثم يضيف المؤلف العالم : إن هذه الأسباب ليست هي وحدها التي تقف وراء التأييد الأمريكي لإسرائيل ، وإنما هناك سبب هام لم يعطه الباحثون حقه من البحث والتمحيص وهو : الفكر الديني المسيحي .
وهذا الفكر يرى في إقامة دولة إسرائيل تحقيقاً لإرادة الله عز وجل !! ( اسمعوا يا من تلهثون وراء أمريكا وتتمرغون في ترابها وتركعون على أعتابها .. ) .
والمعروف أن المسيحيين عموماً يؤمنون بأسفار العهد القديم ( التوراة ) ويعتبرون العهد الجديد ( الإنجيل ) متمماً لها ، هذا هو إيمان المسيحيين بصفة عامة .
ولكن البروتستانت منهم وهم كثيرون في أمريكا وبريطانيا وما تفرع عنهم من فرق مثل الإنجيليين وأتباع مذهب العصمة ، هؤلاء جميعاً ينفردون بمزيد من التقديس لهذا الكتاب مما يجعلهم يعطفون على قيام دولة اليهود في فلسطين ويعتبرون ذلك تنفيذاً للإرادة الإلهية .
وزعماء الصهيونية الحديثة لا يخفون ذلك ، بل يظهرونه ويذكرونه ويتغنون به ولن أطيل على القارئ بسرد أقوال متعددة وإنما بقول واحد من أكبر زعمائهم هو ” حاييم وايزمان ” أول رئيس لدولة اليهود في فلسطين حيث يقول :
” إن من الأسباب الرئيسية لوعد بلفور هو شعور الشعب البريطاني المتأثر بالتوراة وتغنيه بالشوق الممض إلى أرض التوراة ” ثم يزيد الأمر وضوحاً فيقول : ” أتظنون أن لورد بلفور كان يحابينا حينما منحنا الوعد بإنشاء وطن قومي لنا في فلسطين ؟ كلا ، إن الرجل يستجيب لعاطفة دينية ” ، يتجاوب بها مع تعاليم العهد القديم ، بل إن ” لويد جورج ” رئيس الوزارة البريطانية التي منحت اليهود وعد بلفور يقول :
” نشأت في مدرسة تعلمت فيها تاريخ اليهود أكثر من تاريخ بلادي ، وبمقدوري أن أذكر أسماء جميع ملوك إسرائيل ، ولكني أشك إن كنت أستطيع ذكر أسماء بضعة ملوك من ملوك إنجلترا أو مثل ذلك العدد من ملوك ويلز ” ، وكان هذا الكلام في خطابه أمام الجمعية التاريخية اليهودية .
وقد كان السياسي البريطاني الشهير ” ونستون تشرشل ” رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية يعتبر نفسه صهيونياً أصيلاً وأنه يصلي بحرارة لتحقيق أماني الصهيونية العظيمة .
ذلك غيض من فيض من أثر الفكر الديني المسيحي على بريطانيا التي تولت كبر الكارثة وما تلاها من عناء وبلاء ليس على فلسطين وحدها ، بل على منطقة الشرق العربي ( الذي سلبوا عروبته حينما وصفوه بالشرق الأوسط ) ، وذلك حينما كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني .
والآن جاء دور الحديث عن تأثير هذا الفكر على أمريكا وساستها ، ولتعلم أيها القارئ أن أكثر رؤساء أمريكا البروتستانت ومعهم المسيحيون ولا سيما الإنجيليون منهم وأتباع مذهب العصمة يؤمنون أقوى الإيمان بنبوءات التوراة ويستخدمون هذه النبوءات لتعزيز وجود اليهود في فلسطين ، لأن الشعب اليهودي في عقيدتهم ” شعب الله ” .
وتأييداً لعودة اليهود إلى فلسطين عقد رجال الدين المسيحي الأمريكان مؤتمراً في عام 1945م أي قبل حلول الكارثة تقدم فيه خمسة آلاف قسيس !! بمذكرة إلى الرئيس الأمريكي وقتها ويدعى ( هاري ترومان ) يطالبونه فيها بالعمل على فتح أبواب فلسطين أمام اليهود للهجرة إليها دون قيد أو شرط .
وإليك نموذجاً واحداً من أقوال عديدة لواحد من رجال الدين المسيحي ، ويدعى القس ( جيري فالويل ) صديق الرئيس الأمريكي السابق ( رونالد ريجان ) ومناحم بيجين وإسحاق شامير ، وله برنامج تليفزيوني بعنوان ” ساعة مع الإنجيل ” تبثه 392 قناة تلفزيونية و 500 محطة إذاعية كل أسبوع ، وهو من أتباع مذهب العصمة المؤيدين لإسرائيل ، وهذا المذهب يتبعه عشرون مليوناً من الأمريكان . يقول هذا القس : إن إسرائيل اليوم هي إسرائيل الله التي وعد بإنشائها على تلة جبل صهيون ” ويهدد الأمريكان وينذرهم قائلاً : ” إن اليهودي هو بؤبؤ عيني الله ، ومن يؤذي اليهودي كأنه يضع إصبعه في عين الله ” ، ( نقول : أعمى الله بصرك وبصيرتك ) ، أما القس ( كرال ماكانتاير ) وهو بروتستانتي أيضاً فإنه يؤيد ما حدث عام 1967م من هزيمة للعرب أمام إسرائيل مستشهد بالكتاب المقدس حيث يقول : ” على من يؤمن منا بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله أن يَهُبَّ الآن لمساعدة جيراننا اليهود فما أعطاهم الله يحق لهم أن يتملكوه ولا يجوز أن يقايضوا على الأرض التي اكتسبوها ” .
وإذا تركنا رجال الدين وذهبنا إلى رجال السياسة الذين غالباً ما يكون تأثير الدين عليهم أقل من رجال الدين ، لكننا سنرى عجباً عند الرؤساء والساسة الأمريكان ، وإليك نماذج لبعض أقوالهم وإن زادت عن نماذج أقوال رجال الدين لأن الساسة هم أصحاب القرار .
أولاً : حينما قدَّم ( إيدي جاكسون ) الرئيس الأمريكي السابق ( ترومان ) الذي كان له أكبر دور في إنجاح قرار مجلس الأمن بتقسيم فلسطين إلى دولتين : يهودية وعربية ، والذي سارع إلى الاعتراف بإسرائيل بعد دقائق من إعلانها قيام دولتها . نقول حينما قدمه جاكسون إلى جمع من اليهود في معبد يهودي لاهوتي أنه الرجل الذي ساعد على خلق إسرائيل ، رد عليه ترومان قائلاً :
” ماذا تعني بقولك ساعد على خلق إسرائيل ؟ إنني قورش ، إنني قورش ، وقورش إمبراطور فارسي حكم إيران في القرن الخامس قبل الميلاد ، وساعد اليهود على عودتهم إلى فلسطين بعد السبي البابلي الذي كانوا فيه . ولم ينس اليهود لترومان شهامته ونبله – بالنسبة لهم حين اعترف بإسرائيل بعد دقائق من قيامها في 15 مايو عام 1948م ، فتوجه إليه وفد من اليهود يتقدمه أكبر الحاخامات ليشكره ” وقد قال له : ” إن الله وضعك في رحم أمك لتولد إسرائيل على يديك من جديد بعد ألفي عام ” .
ثانياً : حينما زار الرئيس الأمريكي كارتر إسرائيل وألقى خطاباً أمام الكنيست في مارس 1979م جاء فيه : إن علاقة أمريكا بإسرائيل أكثر من مجرد علاقة خاصة ، لقد كانت ولا تزال علاقة فريدة وهي علاقة لا يمكن تقويضها لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأمريكي نفسه .
ثالثاً : عملية صيد الديك الرومي !!
ليس هذا العنوان يا صاحبي طرفة من الطرائف ، بل إنه كان رمزاً لمعارك يونيو 1967م .
لقد شاركت القوات الأمريكية في هذا العدوان حيث انطلقت تلك القوات من قاعدتي ( رامشتاين ) بألمانيا الغربية ، و ( إيرهيفورد ) في بريطانيا ، ثم اجتمعت المعدات والعناصر الأمريكية في قاعدة ( مورون ) بأسبانيا وقامت شركة ( ايروتك ) بإعطاء غطاء الهوية .
ولقد حددت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية خطة العدوان بضربة جوية ساحقة ، واختراق بالمدرعات ورمزت لمعارك يونيو 1967م بعبارة ” صيد الديك الرومي ” ، كما نسمع عن المسميات التي يعطونها لعملياتهم الوحشية والإجرامية في العراق وغيرها ، ونسأل الله النصر للمجاهدين المخلصين الصابرين .
لقد كشفت الدراسة الحديثة عن بعض أسرار عدوان يونيو 1967م الذي جلب أسوأ هزيمة للعرب في التاريخ الحديث وما خفي كان أعظم .
والوثائق التي تتضمن تفاصيل هذا العدوان موجودة في ملفات مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأمريكية ومكتبة الرئيس الأمريكي الهالك ( ليندون جونسون ) رئيس أمريكا أثناء العدوان والذي كان أول رئيس أمريكي تجاوز القول إلى العمل أكثر من غيره فأجاز للأمريكان تزويد إسرائيل بالمعدات العسكرية مباشرة .
رابعاً : يقول الرئيس الأمريكي السابق ( رونالد ريجان ) مخاطباً اليهود : ” أعود إلى أنبيائكم الأقدمين في العهد القديم وعلامات اقتراب مَجُّدون ، ( مجدون : هي معركة فاصلة بين الخير والشر في الفكر اليهودي ) فأجدني أتساءل : هل نحن الجيل الذي سيشهد تلك الواقعة ؟ ولا أدري إذا ما كنت قد لا حظت مؤخراً أياً من النبوءات ولكنها بالتأكيد تصنف الأزمان التي نعيشها ” ( ونقول : جزى الله ملك الموت عنا كل خير فقد حرمه متعة المشاهدة وأراح الناس منه ) .
خامساً : أما السيناتور ( روحوجيمس ) سيناتور إيدرا أو يمكن أن تطلق عليه سيناتور ” البركة ” ( بفتح الباء ) إن شئت فيقول ( فض الله فاه ) .
” أعتقد أن أسباب البركة في أمريكا عبر السنين أننا أكرمنا اليهود الذين لجأوا إلى هذه البلاد وبورك فينا لأننا اعترفنا بحق إسرائيل في الأرض ” .
سادساً : يقول ( بريجنسكي ) مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس كارتر : ” إن على العرب أن يفهموا أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية علاقات حميمية مبنية على التراث التاريخي والروحي الذي يتعزز باستمرار بواسطة النشاط السياسي لليهود الأمريكين بينما العلاقات الأمريكية العربية لا تحتوي أياً من هذه العوامل ” .
وحسبنا يا صاحبي هذه الأقوال حتى لا نطيل على القارئ والذي نهدف إليه – كما قلنا في بداية هذه الدراسة – أن نتعرف على قضايانا تعرفاً علمياً حتى نحسن عرضها على الناس وأن نسلك أرشد السبل لحلها وأن نتعرف على عدونا ومن يناصره تعرفاً صحيحاً حتى نعرف كيف نتعامل معه وأن نعدله ما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل ولا تكون مواجهتنا له بالقنابل الكلامية والصواريخ الإعلامية فنحصد المر والعلقم في عالم لا يعرف إلا لغة القوة وفعل القوة . . . القوة فقط .
وتأمل ما يقوله اللورد ( كارنجتون وزير خارجية بريطانيا السابق في حديث صحفي لجريدة ” الجزيرة ” السعودية : ” إن العالم الغربي لم يفهم حتى الآن !! القضية الفلسطينية على النحو السليم ” .
وبعد …
فهذه يا صاحبي خلاصة مركزة لدحض الأكذوبة الكبرى والفرية العظمى في التاريخ الحديث ، وهي ثمرة لجولة واسعة بين الكتب أعان الله عليها وفتح بها – وقد أردت بهذا التركيز والاختصار أن تكون في متناول القارئ العادي الذي تثقله أعباء الحياة فلا يستطيع متابعة الموضوع لتشعب طرقه وتعرج مسالكه وضيق دروبه وكثرة منعطفاته ، أما القارئ الباحث الصبور على ذلك فنأمل ألا يستدرك علينا – إلا إذا صحح خطأ – بسبب هذا الاختصار .
وتنتهي بنا هذه الخلاصة إلى ما يلي :
أولاً : أن وعد الله لنسل إبراهيم عليه السلام وليس لنسل إسحاق عليه السلام .
ثانياً : أن نسل إبراهيم يشمل كلا من إسماعيل وإسحاق وأن إسماعيل هو الولد البكر وأن الإرث في شريعة التوراة هو للولد البكر إسماعيل وأنساله العرب الإسماعيليين ، ولو فرضنا جدلاً أن نسل إسحاق يشارك نسل إسماعيل في الإرث فإنه بما اقترفه من المعاصي قد سقط من عين الله وباء بغضبه كما أخبر الرب موسى حينما ألح عليه : ” وأنت أيضاً لم تدخلها ولا أخوك ، وقل لهم لا تصعدوا ولا تحاربوا فإنني لست معكم بعد اليوم ” .
ثالثاً : تأكد لنا أن نسل إبراهيم إنما يشمل كلاً من إسماعيل وإسحاق ، ولا يمكن أن يشمل أبداً وايزمان ، وبن جوريون وجولدامائير ، وأشكول ، وشاريت ، وشامير ، وشارون وجميع من هم من الأشكناز وشعوب الخزر وغيرهم ممن ليسوا من نسل إسماعيل ولا إسحاق ولا إسرائيل من قريب أو بعيد ، وإنما هم مستعمرون حاقدون يزورون النصوص لتكون مستعمراتهم من النيل إلى الفرات لينتقموا من مصر التي استعبدتهم أولاً ومن العراق ( بابل ) ثانياً فقد سلطها الرب عليهم لإفسادهم في الأرض وعتوهم وعلوهم وسوء أدبهم مع الله تبارك وتعالى .
ونسأل الله أن ينصر المجاهدين الصابرين نصراً عزيزاً .