المنهج البلاغي في التفسير وأعلامه إشارة خاصة إلى تفسير الكشاف للزمخشري
نوفمبر 10, 2020إسهام الصحابة في إنماء الأدب العربي
ديسمبر 15, 2020دراسات وأبحاث :
مشكلات اللاجئين ( عبر العالم )
في ضوء الكتاب والسنة
الأستاذ محمد شريف الزمان *
اللاجئ هو عبارة عن امرئ أجبر على ترك بلاده ، وهو غير قادر على العودة إلى بلاده في المستقبل ، عادة يهرب الناس إلى مخيم اللاجئين أو مركز مدني من بلد مجاور لطلب اللجوء والحماية والمساعدة . ولكن اختلف المحققون في تعريف اللجوء واللاجئ ، وهو يختلف باختلاف مستعمليه ، وباختلاف المناطق الجغرافية والمعاهدات . أذكر هنا عدة تعريفات كي يتضح المفهوم .
التعريف الأول : اللاجئ هو ” كل إنسان تتعرض حياته أو سلامته البدنية أو حريته للخطر ، خرقاً لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وعندئذ يكون لنا الحق في طلب الملجأ ” [1] .
التعريف الثاني : اللاجئ هو كل شخص هجر موطنه الأصلي ، أو أبعد عنه بوسائل التخويف ، فلجأ إلى إقليم دولة أخرى طلباً للحماية أو لحرمانه من العودة إلى وطنه الأصلي ” [2] .
اللجوء ، في الميثاق الوطني الفلسطيني :
يعتبر الميثاق الوطني الفلسطيني اللاجئ الفلسطيني بأنه : ” المواطن العربي الذي كان يعيش ويقيم إقامةً عاديةً في فلسطين عام 1948م ، سواء أكان ممن أخرج منها ، أم بقي فيها ، وكل من ولد لأب عربي فلسطيني قبل ذلك التاريخ داخل فلسطين أو ولد بعد ذلك التاريخ داخل فلسطين أوخارجها ” [3] .
نظرة عامة على اللجوء واللاجئ وتاريخه :
إن أول اللجوء واللاجئ قد حدث في العالم كله في زمن يعقوب عليه السلام كما يفهم من سورة يوسف ، وهذه القصة مذكورة في القرآن الكريم والتوراة معاً ، ومع ذلك فإن التوراة قد حرفت ، ولكن هناك فرقاً بينهما ، على ما جاء في القرآن الكريم ، قد دعا يوسف عليه السلام عترته إلى مصر فذهبت إلى مصر ، وهذا أول اللجوء في تاريخ العالم ، ويقول مشيال ربوبورت : ” إن أول اللاجئين في التاريخ البشري هم أولاد أرض كنعان ، الذين دفع بهم عام الجدب والمجاعة إلى اللجوء إلى أرض مصر ” وهذا أمر يظهر على الناس ، ذلك أن اللجوء يمكن أن يكون سياسياً بسبب الاضطهاد السياسي من النظام الحاكم ، ويمكن أن يكون دينياً بسبب الاضطهاد القائم على أسباب دينية في بلده الأم ، ويمكن أن يكون لجوءاً إنسانياً بسبب الحروب أو النزاعات الاثنية أو العرقية .
وجدت في الأزمنة الماضية أحداث كثيرة للجوء ، ولكن لم أذكرها هنا نظراً إلى الاختصار ، لأني أوجز هنا إيجازاً كبيراً ، إن اللجوء حدث في الدين المسيحي لأن المسيحيين قد لجأوا إلى الكنائس هرباً من بطش الإمبراطورية الرومانية ، فأوجدوا قانوناً يسمى بـ ” قانون اللجوء المسيحي ” ، وفي التاريخ الإسلامي نجد حادثة الهجرة من مكة إلى الحبشة ، وهي أول عملية لجوء جماعية دفع إليها المسلمون بسبب الاضطهاد الديني . وقد أمكن التكلم عن ” أول مليون ” من اللاجئين في تاريخ البشرية على إثر حروب الدين التي شهدتها أوروبا في القرن السادس عشر ، التي بدأت عملياً مع طرد الملوك الكاثوليك يهود إسبانيا في 1492م ، هكذا ظهرت موجات اللجوء بعد الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر وبلغ عدد اللاجئين إلى ما فوق 150 ألف فرنسي ” نحو ست في المأة من السكان وهجروا إلى بلدان الجوار ، ثم تلتها موجة جديدة خصوصاً في أوروبا الوسطى والبلقانية مع ثورات منتصف القرن التاسع عشر ” ثورات 1848م ” التي آلت معظمها إلى الفشل وما أردفها ، وقد اضطر مئات الألوف من المسلمين أن يذهبوا إلى القسطنطنية ، هكذا اضطر المسيحيون أن يذهبوا إلى الدول المجاورة كاللاجئين ، ( فالأرقام التي تحصى ما بين 1917م و 1947م كاللاجئين 27 مليون ) وبسبب الحرب العالمية الثانية صار الناس اللاجئين وبلغ عددها أقرب إلى 18 مليوناً ، والصراع الهندي الباكستاني بلغ رقم 14 مليون لاجئ على حدود الدولتين ، والثورة الإيرانية شردت مليوني لاجئ إيراني عبر العالم ، والحرب الأهلية الإسبانية خلفت ثلاث مأة ألف لاجئ ، ارتبط اللجوء والنزوح معاً بالفلسطينيين منذ عام 1948م وهلم جراً ، وانتشروا في بلاد الشام كلها وبالأخص في لبنان [4] ومحمود درويش كان من الفلسطينيين ، وأبحث أخيراً عن اللاجئين الفلسطينيين ومشكلاتهم وصعوباتهم ، فأذكر التحقيقات الأخرى عن اللاجئين . إن منظمة الأمم المتحدة أخذت قرارات عديدةً عن اللجوء ومنها القرار رقم 56/55 الذي في الرابع من الكانون الأول عام 2000م أن اليوم العشرين من حزيران ( يونيو ) من كل سنة يُعتبر يوماً عالمياً للاجئين ، وصرحت الأمم المتحدة ” أن شخصاً واحداً على مستوى العالم من بين كل 122 شخصاً إما أن يكون لاجئاً أو نازحاً داخلياً أو طالب لجوء ” .
اللجوء في القرآن الكريم والسنة النبوية :
إن مصطلح اللجوء لم يرد صراحةً في القرآن الكريم ، وإنما ورد بألفاظ أخرى تشتمل على معنى اللجوء ، وهي ( الاستجارة أي طلب الأمن ، والمستأمن أي طالب الأمن والهجرة . يستعمل العرب بمعنيين خروج أهل البادية إلى المدينة أو الخروج من أرض إلى أرض أخرى ، ابن السبيل هو المسافر الذي انقطع به الطريق ) ، وسأورد هنا بعض الآيات التي وردت في القرآن الكريم حاملةً هذا المعنى ، ومنها :
(1) قوله تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ) [5] .
طريق الاستشهاد : إن الله تعالى يخاطب نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم قائلاً يا محمد : إن يقدم إليك أحد من المشركين ويطلب منك الأمن والأمان فأجره ولا تقتله ، واتل عليهم كلام الله تعالى وأسمعه الأوامر والنواهي ، فإن أبى الإسلام والإيمان ، بعد سماع القرآن ولم يتعظ بالقرآن فخل سبيله حتى يبلغ مكان الأمن والأمان أي يلحق بدار المشركين . فالآية الكريمة تشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الأمان المشركين مع ذلك يجوز القتل والقتال معهم ، وهنا استعمل اللفظ ” استجار ” بمعنى لجأ .
لاحظ ، أيها القاري ! إن الإسلام دين الأمن والأمان ، وقد منع الله تبارك وتعالى عن الجور والظلم والطغيان في كل حالة سواء كانت حالة الأمن والسلام أو كانت الحالة غير ذلك ، لقد كان المشركون أعداء النبي صلى الله عليه وسلم وأعداء المسلمين ، ومع ذلك أمر الله تعالى ليوجره ولا يظلم عليه ، هذا من مكارم الأخلاق التي لا نظير لها في أديان أخرى ، فلهذا جاء المشركون أفواجاً لقبول الإسلام ، انتشر الإسلام في العالم كله لحسن أخلاق الإسلام والمسلمين ، كثير من الناس منتشرون في العالم كله اضطراراً ، وهم يحتاجون إلى المكان وكسب المعاش وتسهيلات الحياة والممات ، فلهذا يجب على كل مسلم أن ينصرهم حسب استطاعته ويعطيهم المكان للعيش فيه بهدوء ، ويسهل لهم كسب المعاش ، حسب استطاعته ، كل إنسان يكون حزيناً حينما يموت أحد من أقربائه سواء كان لاجئاً أو غير لاجئ ، فيجب على كل مسلم أن يساعده في شئون التدفين والتجهيز .
(2) قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَىۤ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فَعِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) [6] .
طريق الاستدلال : إن الله تعالى أمر المؤمنين بإعطاء الأمن والأمان لمن اعتزلهم ولم يقاتلهم ، وسبب النزول يوضح هذا المعنى ، ” فقد روي أن مرداس بن نهيك رضي الله عنه وهو رجل من أهل فدك ، قد أسلم ولم يسلم من قومه غيره ، فذهبت سرية الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قومه ، وأميرهم غالب بن فضالة ، فذهب القوم وبقي مرداس ، لثقته بإسلامه ، فلما رأى الخيل ألجأ غنمه إلى عاقل من الجبل ، فلما تلاحقوا وكبروا كبر فنزل وقال : لا إله إلا الله مؤمناً بها وملتجئاً إليها ، فقتله أسامة بن زيد ثم ساق غنمه ، فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد وجداً شديداً ، وقال : قتلتموه إرادة ما معه ، ثم قرأ الآية ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَىۤ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً ) فقال أسامة : يا رسول الله ! استغفر لي ، فقال : كيف ؟ وقد تلا لا إله إلا الله ؟! فقال أسامة : فما زال يعيدها حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ ثم استغفر لي ، وقال : أعتق رقبةً [7] .
سبب النزول والآية الكريمة تدل على أنه لا يجوز لمسلم أن يقتل أحداً من خلال الشكوك والشبهات ، وفي جانب آخر لعل هذا الرجل إذا كان خادعاً فيضر المسلمين ، ولكن مع ذلك هدد الله تعالى المسلمين بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم مالوا إلى مال الغنيمة ، وهم رغبوا إلى متاع الدنيا ، فالله تبارك وتعالى قال : ” عِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ” فلا تميلوا إلى متاع الدنيا هل أنتم نسيتم أنكم كنتم كذلك قبلُ ، أي أنكم كنتم مشركين ومستحقو القتل ، فالله تبارك وتعالى أحسن إليكم وفضل عليكم لقبول الإسلام ، وقال في موضع آخر : ” وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا ” أي أنكم واقفون على طرف من النار فالله تبارك وتعالى أنقذكم منها ، فلا تميلوا إلى القتل بغير عمد .
اللجوء في الأحاديث النبوية :
وردت أحاديث كثيرة أباحت منح اللجوء لمن التجأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم ، ومن تلك الأحاديث ما يأتي :
(1) عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال : ” ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن وما في هذه الصحيفة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا ، فمن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه عدلاً ولا صرفاً ، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلماً ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه عدلاً ولا صرفاً . . . . [8] .
طريق الاستدلال : دل هذا الحديث على حرمة المدينة ، مما يقتضي عدم التعرض لغير المسلمين فيها من أهل الذمة ، وهذا ما يعرف بالأمان ، قال الحافظ في الفتح : ” ذمة المسلمين واحدة أي أمانهم صحيح ، فإذا أمن الكافر فيحرم التعرض لأحد منهم [9] .
(2) ذهبت أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره ، فسلمت عليه ، فقال : من هذه ؟ فقلت : أنا أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها ، فقال مرحباً بأم هانئ ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات متلحفاً في ثوب واحد ، فقلت : يا رسول الله ! زعم ابن أمي على أنه قاتل رجلاً قد أجرته ، فلان ابن هبيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ [10] .
أسباب اللجوء في الشريعة الإسلامية :
الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام : فمن لم يتمكن من إقامة شعائر دينه وجب عليه أن يخرج مهاجراً إلى دار الإسلام ، وقد دل على ذلك قوله تعالى : ( وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِى ٱلأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) [11] .
الخروج من المكان الذي عمته البدعة : وقد تدل على ذلك آية من القرآن الكريم ( وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ ) فقد دلت الآية الكريمة على حرمة مخالطة الظالمين الذين يبتدعون في الدين واعتزال مجالستهم .
الخوف من الأذية في المال ، فإن حرمة المسلم كحرمة دمه : الفرار من الأذية في البدن ، فإذا خشي الإنسان على نفسه ، فقد أذن الله له في الخروج إلى مكان يشعر فيه بالأمان ، ولقد كان أول من عمل بذلك إبراهيم عليه السلام قال الله تعالى حكايةً عنه ” وَقَالَ إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّى سَيَهْدِينِ ” .
الخروج من الأرض التي فيها وباء : فقد رخص الله تعالى بالخروج منها [12] .
أسباب اللجوء في القانون الدولي :
وردت في اتفاقية الأمم المتحدة بخصوص اللاجئين عام 1951م وبروتوكول الأمم المتحدة بشأن الملجأ الإقليمي عام 1967م الأسباب الداعية لقبول اللاجئ ، وهي على النحو التالي :
(1) الخوف : ويقصد بالخوف ما كان ناتجاً عن التعرض للتعذيب والاضطهاد ، وهو حالة نفسية تستدعي من اللاجئ الهروب إلى مكان يشعر فيه الأمان .
(2) الاضطهاد : وهو ما كان ناتجاً عن التعرض والتهديد للحياة والحرية ، وانتهاك حقوق الإنسان التي نصت عليها الإعلانات والمواثيق الدولية .
(3) التمييز : وهو يطلق على الاختلاف في المعاملة ، والحقوق والفرض ، مما يولد شعوراً بعدم الأمان .
(4) العرق : ويطلق على الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة تشكل أقلية ضمن مجموعة من السكان .
(5) الدين : وهو المعتقد الذي يعتنقه الإنسان ، والحرية الدينية مكفولة وفق الإعلانات والوثائق الدولية .
(6) الانتماء : يكون الانتماء سبباً من أسباب اللجوء ، إذا انعدمت الثقة في ولاء تلك الفئة أو ذلك النظام السياسي الحاكم ، مما يعرض للملاحقة والاضطهاد .
(7) الرأي السياسي : وهو ناتج عن اعتناق آراء سياسية مخالفة لما يعتقده النظام السياسي الحاكم ، مما يؤدي إلى الخوف من الاضطهاد ، إلا أن ذلك الخوف لا بد أن يكون له ما يبرره من انتهاكات فعلية كالسجن أو التضييق .
صعوبات اللاجئين :
يعيش اللاجئون في مخيماتهم عيشةً قسريةً ، ولايعيشون عيشةً مرضيةً ، وهم يفقدون في كل وقت ضرورات الحياة مثلاً :
(1) الإقامة في أمكنة متعددة : يعيش اللاجئون في أمكنة متعددة وهم لايستطيعون أن يقيموا دائماً في مكان واحد بل يهجرون مكاناً اضطراراً ، وكانت مخيماتهم كالسجون ، وقد قضت أشهرهم في طلب اللجوء ، ريثما يرسل أحد إلى مخيم آخر ، ويفرق بينه وبين أقربائه ولا يسمحه أن يتصل مع أحد بالهاتف أو بأي جهاز كهربائي .
(2) الفقر والجوع : ليست هنا ذريعة للمعاش ، ولا يستطيع أحد أن يكسب يكتسب المال لأنهم محبوسون في مخيماتهم فيوزع هنا الطعام بالطابور في أوقات معينة ، ومن فاته الطابور ينام بلا عشاء ، ولا يستطيع أحد أن يخرج من هذا المكان بغير إذن ، فإنه يحتاج للخروج إلى إذن مسبق ، كما قال الشاعر :
طردوه من كل المرافيء أخذوا حبيبته الصغيرة
ثم قالوا أنت لاجيء ! [13]
(3) الحجرة الضيقة ومكان الضيق : كثير من اللاجئين يبيتون في غرفة واحدة يبلغ عددهم إلى عشرين شخصاً ، ودورات المياه والحمامات المتاحة لا تكفي للعدد الذي يربو عن مأتي شخص في مقر شديد التحصين ، كما قال الشاعر :
وضعوا على فمه السلاسل ربطوا يديه بصخرة الموتى
وقالوا : أنت قاتل ! [14]
(4) الموت والترحيل : فقد مات كثير من اللاجئين في مخيماتهم بسبب الظلم والاضطهاد والجور والتعنيف ، مثلاً قال الشاعر :
يا دامي العينين ، والكفين !
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
ولا زرد السلاسل ! نيرون مات ولم تمت روما . . .
بعينيها تقاتل !
وحبوب سنبلة تموت
ستملأ الوادي سنابل . . . . !
(5) العنف : الذي تمارسه الجماعات المسلحة في المخيمات ، والنساء معرضات للتحرش الجنسي خاصةً .
(6) تجارة البشر : في الأمكنة التي يسكن فيها اللاجئون يباع البشر ويشترى كمتاع آخر ، خاصةً تباع وتشترى النساء ويُرسلن في الفنادق للرقص والزنا ويُكرهن لهذا العمل .
(7) تغيير المناخ : يشعر اللاجئون صعوبةً هامةً بسبب تغيير المناخ . مثلاً الانهيارات البنائية والأمطار الغريزة وسيلان المياه في مخيماتهم .
(8) العقوبات القانونية والاجتماعية : كثير من اللاجئين يحاولون عبر الحدود بمعاونة المهربين فيأخذهم الشرطيون ويعاقبونهم عقاباً شديداً .
(9) العقوبات الجنسية : المهربون يعاقبون اللاجئين عقاباً جنسياً بعد الوصول إلى البلاد المضيفة .
(10) الغرق في البحر : يسافر اللاجئون في البحر بالسفينة ، وهم مزدحمون في السفينة ، فربما يغرق معظمهم بظلم عساكر الأمن على الحدود .
الخاتمة :
العيش في المنفى وحياة اللاجئين مترادفان لدى محمود درويش لأن المرء يسكن في الحالتين كلتيهما خارج بلاده ، ولكن المنفى نوعان عنده ، المنفى المتدرج والمنفى الخارجي ، واللجوء ليس له نوع ، بل اللاجئون يعيشون في خارج بلادهم ، فالصعوبات والمشكلات التي توجد في حياة المنفى هي التي توجد في حياة اللاجئين .
المصادر والمراجع :
- لسان العرب ابن منظور 1152
- القاموس المحيط ، للفيروزآبادي
- أبو هيف ، علي صادق ، قانون الدول العام ، ص 249
- الغانم ، محمد حافظ ، مبادئ قانون الدول العام ، ص 549
- دائرة شؤون اللاجئين ، منظمة التحرير الفلسطينية
- الاقتصادية ، جريدة العرب الاقتصادية الدولية ، 22 أغسطس 2016 ، اللجوء حول العالم ” يعيد تشكيل الجغرافيا ” محمد طيغوري من الرباط
- سورة التوبة ، آية 6
- سورة النساء ، آية 94
- السيوطي ، جلال الدين ، لباب النقول في أسباب النزول ، ص 104
- صحيح البخاري ، كتاب الحج باب حرم المدينة
- العسقلاني ، أحمد بن علي الحجر ، فتح القدير شرح صحيح البخاري
- سورة النساء ، آية 100
- الأبطح ، سعيد ، اللاجئون في المفهوم الإسلامي
- أوراق الزيتون ، محمود درويش ، ص 20
* قسم اللغة العربية وآدابها ، مالده ، جامعة غوربنغا ، الهند Sarif742148@gmail.com .
[1] أبو هيف ، علي صادق ، القانون الدولي العام ، ص 249 .
[2] الغانم ، محمد حافظ ، مبادئ القانون الدولي العام ، ص 549 .
[3] دائرة شئون اللاجئين ، منظمة التحرير الفلسطينية ( www.plors.org ) .
[4] الاقتصادية ، جريدة العرب الاقتصادية الدولية 22 أغسطس 2016 ، اللجوء حول العالم ” تاريخ ” يعيد تشكيل الجغرافيا محمد طيفورى من الرباط .
[5] سورة توبة ، آية 6 .
[6] سورة النساء ، آية 94 .
[7] السيوطى ، جلال الدين ، لباب النقول في أسباب النزول ، ص 104 .
[8] أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الحج باب حرم المدينة .
[9] العسقلاني : أحمد بن علي الحجر ، فتح الباري شرح صحيح البخاري .
[10] أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الصلاة ، باب الصلاة في الثوب الواحد متلحفاً به .
[11] سورة النساء ، آية 100 .
[12] الأبطح ، سعيد ، اللاجئون في المفهوم الإسلامي .
[13] أوراق الزيتون نحن إنسان ، ص 20 .
[14] المرجع السابق .